"جونو" من جديد يرعب سكان وادي "عدي" - جديد ابن المرار

    • "جونو" من جديد يرعب سكان وادي "عدي" - جديد ابن المرار











      كتب : ابن المرار، محمد سعيد
      الصور بعدسة : خالد سليمان

      ما كاد الأهالي في "وادي عدي" يتناسون ما حدث لهم في أزمة الأمطار التي أطلق عليها "جونو" عام 2007م، حتى عادت الذكريات المرة مع أحداث يوم الجمعة 11 من شهر سبتمبر لعام 2009م، عندما فقد الأهالي فلذات أكبادهم، في الوادي الذي أبتلع الأخضر واليابس بعدما ملئته الأمطار عن بكرة أبيه، نزلنا إلى الوادي وتحدثنا مع الناس من الأهالي الزائرين والوافدين، الذين عبروا عن استيائهم من بعض الجهات المختصة ....
      الناس يتجمهرون على أكتاف "شارع بن عِمير" المطل على "وادي عدي" يشاهدون ما تبقى من "مخلفات الوادي"، وبإصباعه السبابه يشير الشاب طلال بن سعيد الغامري إلى سيارات الشباب التي حملتها مياه الوادي وحطمتها إلى أجزاء صغيرة، ويقول طلال : عندما هطلت مياه الأمطار أمتلئ الوادي فجأة وبسرعة فائقة، لهذا حمل الوادي معه الكثير من الناس بسياراتهم، فلم يشعروا إلا والوادي يملاء المكان بالمياه العكره. ويضيف طلال قائلاً : وبالأمس تجمهرنا عند الوادي لنحاول انقاذ من "علِقَ" في الوادي، ولم يدخر الأهالي جهداً إلا وأضافهُ لإنتشال الضحايا والمركبات من أعماق الوادي .

      وبينما يسرد لنا طلال حكاية الوادي والأهالي ينظم في الحديث سامي بن سعيد الغامري ويقول : في المرة الماضية بادرت شرطة عمان السلطانية بقطع الطريق المؤدي إلى الوداي نهائيًا، والحمد لله لم نشهد حالات وفيات أو جرف، ولكننا في هذه المرة لم يتم قطع الطريق، ولهذا تسبب الوادي في الكثير من الخسائر الفادحة، كما أن الجهات المختصة لم تبذل الجهد المطلوب في مثل هذه المواقف، ولولا جهود المواطنين لفقج الكثير من الأهالي. ويضيف سامي قائلاً : كما أن عناصر الشرطة عندما حضروا إلى الوادي لم يكن بحوزتهم أدوات ومعدات خاصة لمثل هذه المواقف، وكانت معداتهم عادية وتقليدية، وقد بادر أحد المواطنين بسحب رافعة الشرطة التي كاد أن يجرفها الوادي.

      وبينما نحن نتجول في الوادي، شاهدنا مجموعة من الأشخاص وكأنهم يبحثون عن شيء بين الإنقاض، أقتربنا رويداً رويداً وصافحت أحدهم وعرفت بإسمي وبادرت لأسئله عن ما يبحثون عنه في الوادي، فأجاب والدمع في عينه يرقرق وقال : "إبن خالتي مفقود منذ الأمس، ولا أعرف إن كنا سنعثر عليه، وإن عثرنا عليه فهل سيكون من الأحياء؟!".

      مرعاة لمشاعر الأهالي الذين يبحثون بين الأنقاض لم نتمكن من محاورتهم لأنهم يعيشون أجواءً من الحزن والأسى، وهذا ما أكده لنا الشاب يوسف بن سعيد الهادي حيث قال : منذ الأمس ونحن نبحث عن المفقودين، حيث يقول الأهالي أنهم وصولوا إلى "32" مفقود، ولكن شرطة عمان السلطانية أكدت في برنامج هذا الصباح على لسان الملازم محمد بن علي البادي أن المفقودين لم يتجاوز عددهم الستة بينهم عمانيين وأربعة أجانب. وأضاف يوسف قائلاً : كنا نتمنى أن تتواجد مروحيات شرطة عمان السلطانية ولكننا لم نشاهدها إلا صباح اليوم بعد أن حملت مياه الوادي من حملته معها إلى طريق مفقود.

      ومن جانب أخر قال الشاب علي بن سيف الهادي : لم يمنحني صاحب العمل الذي أعمل معه إجازة لأتفادى الوادي، وبعد العديد من المحاولات سمح لي بإجازة خلال الفترة الصباحية من اليوم، على أن أعود للعمل في الساعات المسائية. وأضاف الهادي قائلاً : من المفترض أن تصدر أوامر حكومية بتعطيل العمل في القطاعين الحكومي والخاص مراعاة لأحوال الناس، وحفاظًا على حياتهم. ويضيف الهادي إلى كلامه قائلاً : نحن لا ننكر دور الجهود المبذولة من رجال الشرطة والدفاع المدني فقد أبلوا بلاءً حسنًا خلال الأيام التي هطلت فيها الأمطار، ولكننا نطالب بالمزيد من الكوادر البشرية المهيئة والمؤهلة وخاصة في مثل هذه الظروف التي تعد "ظروف طارئة" وخاصة.

      وبينما نبحث عن بعض الناس لنرصد آرائهم، على الرغم من رفضهم الحوار بسبب الحزن الذي يخيم عليهم، فلا شك أن البحث عن المفقودين قد أنهكهم نفسيًا ومعنويًا، شاهدنا سيارة صغيرة تقودها امرأة ومعها ثلاث بنات لم يتجاوز عمر أكبرهن الـ 15 سنة، فسألنا صاحبة السيارة عن سبب تواجدها في هذا المكان، على الرغم من توجيهات وتحذيرات الجهات المختصة، فقالت أم سيف : كنت ذاهبة إلى التسوق في المركز التجاري، وسمعت من خلال الإذاعة أن الأجواء ستعود وتهطل المزيد من الأمطار فقررت العودة وعدم المجازفة، وخاصة أن بناتي معي. وأضافت أم سيف قائلةً: يؤسفني حقًا فقد بعض الشباب في الوادي، ولهذا على الجميع أخذ الحذر والحيطة والتعاون مع رجال الأمن. وعندما سألنا أم سيف عن رجال الأمن وهل تواجدوا في موقع الحدث؟ قالت : نعم شاهدت الكثير من رجال الدفاع المدني، كما تم قطع الطريق بعد هطول الأمطار، ولكننا نطالب بقطع الطريق قبل سقوط الأمطار بساعات وخاصة مع إمكانية معرفة توقيت هطول الأمطار من خلال مركز الأرصاد الجوية .

      ومن جانب أخر قال الشاب مروان من مسلم المحروقي والذي جاء من المنطقة الداخلية : لقد تعجبت من منظر الوادي والسيارات التي تناثرت على جانبي الوادي وتذكرت ما حدث في مسقط عام 2007 والتي سميت بأمطار "جونو"، ويؤسفني حقًا أن يحدث هذا في العاصمة مرة أخرى. وأضاف المحروقي قائلاً : وإن كان موضوع الوعي مشترك بين المواطن والجهات الحكومية، ولكن على الجهات الحكومية وعلى رأسها الإعلامية وجهاز الشرطة أن يبثوا روح الوعي، والتوجيهات للمواطنين قبل هطول مثل هذه الأمطار بأيام، وخاصة أننا نثق الآن في مراكز الأرصاد الجوية، ولا نضع اللوم الأول والأخير على شرطة عمان السلطانية؛ ولكننا نعول على هذه الجهة الشيء الكثير والكبير.

      وبين ما حدث في عام 2007 وأطلق عليه "جونو"، وبين ما حدث الثاني عشر من شهر يبتمبر من عام 2009 وأطلق عليه الأهالي "جونو الثاني"، نستطيع أن نجزم بأن الأمطار باتت تشكل خطراً يهدد الكثير من المواطنين والمنشأت الحكومية في البلد، ويجب أن تتخذ الجهات المختصة الكثير من الأدوات التي تحد بها من الحوادث التي تقع في مثل هذه المواقف، وإن كانت هذه المواقف نادرة ولا تحدث إلا مرة أو مرتين في العام، ولكن روح المواطن أكبر وأغلى ويجب أن نحافظ عليها مهما كلف الأمر من مبالغ مادية لا تساوي "شهيق" مواطن .

      ومن القصص الحزينة التي تزامنت مع هطول الأمطار محاولة "بريطاني" إنقاذ رجل كبير في السن من المواطنين، في ولاية العامرات، كان الثاني قد لجأ إلى نخلة فحاصرته المياه من كل جهة، فما كان من الأول إلا المجازفة بنفسه لإنقاذ الرجل، ولكن زيادة منسوب المياه بشكل مفاجئ قلبت الموازين رأسًا على عقب، فجرف الوادي "البريطاني" واستطاع هذا الرجل الكبير في السن الخروج من الوادي حيًا يرزق، وتهيب شرطة عمان السلطانية بأخذ الحيطة والحذر لكل المواطنين والمقيمين في السلطنة أثناء هطول الأمطار، وأكدت مصادر من شرطة عمان السلطانية عن وفاة ستة أشخاص في الأمطار الأخيرة أربعة منهم من الأجانب .

      ومن جانب أخر عثرت شرطة عمان السلطانية على "رجل كبير في السن" حاول عبور الوادي، ولكن المياه كانت أقوى فجرفته بسيارته، وأنقطع الاتصال بكبير السن الذي كان يستنجد بإبنه ويتصل به عندما انقطع الإتصال فجأة، ولكن عنياة الله فوق كل شيء، حيث تم العثور على الرجل بعد معاناة شديدة مع مياه الأمطار وكتبت له الحياة من جديد، وتقدم الرجل بخالص الشكر والتقدير لشرطة عمان السلطانية على جهودها المبذولة من أجل إنقاذ أرواح الناس .

      يبدو أن هطول الأمطار أبى إلا ان يرتبط بذاكرتنا بالأحداث المؤسفة والأرواح التي تذهق سدى.. ففي الوقت الذي تتساقط فيه أمطار الخير بعد فترة من الشتاء الجاف الذي لم تشهد فيه ربوع السلطنة ما يطفيء ظمأ أراضيها من الماء.. جاءت الأمطار اخيارا لكن يبدو أن تلهف البعض لرؤيتها والتمتع بطقسها المنعش جعلهم يتناسون ما تحمله هذه الأخيرة من مخاطر لكل من يستهتر بها… يومين من الأمطار فقط تراوحت قوتها بين المتوسطة والخفيفة خلفت ورائها أرقاما مرعبة ما بين حالات وفاة، وإنقاذ، ومفقودين.
      تجدر الإشارة إلى أن أحد المسؤوولين بشرطة عمان السلطانية أشار في مكالمة تلفونية أجرتها معه إذاعة "الواصل" أمس إلى أنه تم تسجيل 6 حالات وفاة في منطقة العامرات نتيجة انجراف السيارات وذلك أثناء محاولة عبورها أحد الأودية. وذكر المصدر أن حالات الوفاة هذه لأربعة وافدين وعمانين وجميعها ترجع إلى التهور وعدم الإلتزام بالقوانين ومحاولة عبور الأودية المليئة بالمياه، دون الإكتراث لتحذيرات الشرطة في عدم عبور مثل هذه الأودية.
      الجدير بالذكر أن محافظة مسقط شهدت بعضا من هذه الحالات فقد احتجز وادي الغزلان بولاية العامرات 7 مركبات بمن فيهم وتم إنقاذ 3 أشخاص هم ركاب مركبة واحدة (امرأتان وطفل) وإنقاذ شخص آخر من قبل أفراد دورية مركز شرطة العامرات كما تمكن رجال الشرطة من إنقاذ امرأة بينما كانت هي وزوجها يحاولان إنقاذ أحد الأشخاص في وادي الغزلان وظل البحث جار عن زوجها حتى كتابة هذا التقرير.

      وكتب الصحفي شريف صلاح :

      وفي ولاية بوشر تمكن رجال الشرطة من إنقاذ ثلاث مركبات تعرضت للانجراف في وادي الأنصب بينما كانوا يحاولون عبور الوادي.كما أدت الأمطار إلى سقوط عمود إنارة بالشارع العام مقابل نادي عمان للسيارات تم على إثرها التعامل مع البلاغ من قبل بلدية مسقط ومركز شرطة الخوض.
      كما أدى جريان وادي عدي إلى احتجاز عدد من المركبات فيه عندما كان سائقوها يحاولون عبور الوادي الذي احتجز أيضا حافلة كانت تقل 30 راكبا إضافة لاحتجاز سائق مركبة أخرى بمنطقة الوطية حيث يبذل رجال الشرطة جهودهم في عمليات الإنقاذ.
      وفي ولاية السيب بالقرب من سد وادي الخوض احتجز 10 أشخاص على قمة أحد الجبال بينما كانوا يقومون بعملية التقاط الصور عندما داهمتهم الأمطار لتبذل تشكيلات شرطة عمان السلطانية مساعيها لإنقاذهم.وفي منطقة الباطنة ورد بلاغ عن احتجاز مركبة بوادي الحزم بولاية الرستاق حيث تمكن رجال الشرطة بمساعدة المواطنين من إنقاذ الأشخاص المحتجزين بداخلها .. وفي ولاية نخل (عين الثوارة) ورد بلاغ عن تساقط 5 من الأعمدة الكهربائية قامت على إثرها عمليات قيادة شرطة منطقة الباطنة ومركز شرطة بركاء وطوارئ الكهرباء بالتعامل مع البلاغ وأداء الواجب.
      وفي ولاية السويق احتجز وادي الغليل بالولاية مجموعة من الأشخاص داخل مركباتهم بينما كانوا يحاولون عبور الوادي وقد تمكن رجال الشرطة بقيادة شرطة الباطنة من إنقاذ الأشخاص المحتجزين.وفي المنطقة الداخلية أدت الأمطار والأودية إلى وفاة شخصين بعد أن جرفهم وادي فنجاء بولاية بدبد حيث تمكن رجال الشرطة بمساعدة المواطنين من انتشال جثتيهما وإنقاذ شخصين آخرين في نفس الوادي.وفي منطقة تنوف بولاية نزوى وقع حادث تصادم بين مركبتين حيث أدى الحادث الذي جاء على ما يبدو لإنعدام الرؤية نتيجة غزارة الأمطار إلى وفاة شخصين. وفي منطقة الظاهرة فقد تمكن رجال الشرطة من إنقاذ شخص احتجزه وادي ضنك داخل مركبته وإنقاذ شخصين آخرين كانا قد فقدا بنفس الوادي فيما كان البحث جاريا عن شخص آخر فقد في وادي حوت بنفس الولاية.وفي ولاية صور بالمنطقة الشرقية ورد بلاغ يفيد أن إحدى المركبات عالقة بالوادي الواقع بالقرب من بلدية صور وبها أشخاص محتجزون حيث تم إنقاذهم من قبل رجال مركز شرطة صور.
      هذا وتهيب شرطة عمان السلطانية بجميع المواطنين والمقيمين بأخذ الحيطة والحذر نتيجة الأحوال الجوية التي تشهدها السلطنة وتحذر قائدي المركبات بعدم المجازفة ودخول الأودية وأصطحاب أسرهم أثناء هطول الأمطار كما تهيب بالصيادين ومرتادي البحر بعدم النزول إلى البحر في هذه الفترة إلا بعد التأكد من انحسار الحالة الجوية.






      ابن المرار، محمد سعيد العدوي
      14،12،2009






      المصدر : مدونة ابن المرار


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions