عندما كنتُ في السابعة من العمر، وكنت يومها في الصف الثاني الابتدائي، كنتُ أنظر مع زملائي إلى صورة "السلطان" الموجودة على غلاف كل كتاب مدرسي، البعض يتفنن ويرسم الصورة على كراسة الرسم في "حصة" التربية الفنية التي يُدرسها الأستاذ المصري "عزت".

يومها لم نكن نعرف شيئًا غير الرسم بثلاثة ألوان، الأبيض، والأحمر، والأخضر، نرسم كل لوحة زيتية أو خشبية، بهذه الألوان لا أكثر، ونقلد توقيع السلطان الموجود على العملة الورقية، كنا نشعر بالهوس إلا محدود في حُب السلطان والبلد.

نردد النشيد السلطاني وكأنه أنشودة الحياة الأبدية، ونشاهد الاحتفالات الوطنية التي تعاد على شاشاة التلفاز مئات المرات وكأننا نشاهدها لأول مرة في العمر، لا نأمل أو نتعب من الوقوف لساعات طويلة على قارعة الطريق بانتظار الموكب السامي، وكلنا شغف في لقاء الوالد بسيارته الخضراء المتعارف عليها .

لا أحد كان يتكلم كلامًا ممنوعًا أو خارجًا عن السرب، ليس خوفًا ولكنها الفطرة، أذكر في يوم من الأيام قال أحد زملائي بعفوية الأطفال في وجه الأستاذ " أستاذ من سيأتي بعد السلطان قابوس؟!"، بصوت واحد وكأننا متفقين نحن طلاب الصف "أستغفر الله" لماذا نطقنا بهذه الكلمة لا أعرف؟، ولكنني أعرف أن شيء بداخلنا دفع بهذه الكلمة من أعماق القلب إلى طرف اللسان، يومها ضحك الأستاذ وقال : "بعدين بخبرك"، ولم يخبرنا إلى الآن بالإجابة، كما أننا لم نبادر بالسؤال للمرة الثانية .

واليوم الكل يتكلم في السياسة، والحُكم، والسلطان، والوطن، والشعب، وكأن هذه المواضيع قطع من اللبان نمضغها كيفما شئنا كل يوم وكل حين وكل لحظة، لا أعرف من الغبي؟!، أطفال الماضي الذين استغفروا ربهم أو شباب اليوم الذين تكلموا عن بلدهم بالية غريبة .

ابن المرار .
6ديسمبر2009م


المصدر : مدونة ابن المرار