آن الآن أن نتكلمعلى مدار اكثر من اسابيع ثلاثة كانت الحرب الإسرائيلية على غزة ، ربما كانت نتائجها أعقد من قياسها في هذه المرحلة ، لا أتحدث هنا عن 1315 شهيد ، و أكثر من خمسة آلاف جريح ، لا أتحدث أيضا عن سهم حماس الذي صعد إلى أعلى مؤشر له منذ فترة ليست بالقصيرة، و هذا ظهر جليا في التعاطف العالمي مع غزة .
تأثيرات الحرب من وجهة نظري لها العديد من الأبعاد السياسية على وجه الخصوص ، ليس على الساحة العربية فقط ، لكن على الساحة الاسلامية و الدولية كذلك .
أحاول فقط أن أحلل بعض المواقف من وجهة نظري ، محاولا أن أعرف كيف يمكن أن تسير الامور لو تكرر الأمر مرة أخرى ، و قررت قيادة جيش الاحتلال الاسرائيلي إعادة قصف غزة ، و ربما التوغل البري ( بجد و حقيقي ) هذه المرة . و ليس ذلك التوغل الذي حدث في المناطق المفتوحة ، و الذي حاول فيه الجيش الاسرائيلي استدراج المقاومون خارج مكامنهم ، و هو ما أثبت فشله ، و أثبت بالتبعية نجاح استراتيجية المقاومة الفلسطينية و استعدادها الجيد جدا ، و هو ما ظهر أيضا في أحدث بيانات كتائب القسام ، الجناح العسكري لحركة المقاومة الاسلامية*حماس ، فحسب البيان تقول الكتائب أنها فقدت 48 شهيدا فقط طوال الحرب على غزة .
الموقف الأول الذي أريد إلقاء الضوء عليه ، هو الموقف المصري .
بعيدا عن الحسابات العاطفية ( و هو ما أعتقد أن الأستاذ هيكل حققه في حواره على الجزيرة مع حسين عبدالغني ) ، فإن القيادة المصرية أثبتت و بجدارة عدم استحقاقها لقيادة "الشقيقة الكبرى" ، و للأسف الإعلام المصري أذكى و بشكل غريب تلك النزعة البغيضة ، التي توحي بأن العالم كله يكرهنا ، بداية من سوريا و إيران و بالطبع قطر و "جزيرتها " مرورا بالولايات المتحدة و إسرائيل *الذين ينتهزون الفرصة لدخول مصر الحرب و تدميرها .
هذا الكلام السخيف لم أسمعه مثلا من أسامة سرايا أو من أحد رؤساء تحرير كبريات الصحف القومية في مصر ، لكن سمعته من العديد من الشباب في الشريحة العمرية من 18 ل 24 ، و الذين يتحدثون عن سياسة الرئيس بأنها هي أحكم سياسة من الممكن اتخاذها في هذا الموقف ، و أن مصر قدمت شهداء لفلسطين في حرب 48 و يكفي ما قدمته مصر ، و لتذهب لتقاتل قطر و سوريا و إيران و ليدعوا مصر تنعم بالسلام الذي تحقق في عهد السيد الرئيس .
المشكلة الحقيقية في الموقف المصري ، أن القيادة المصرية أثبتت انعدام رؤيتها الاستراتيجية ، فلمجرد صراع داخلي مع الإخوان المسلمين ، تحاول الحكومة المصرية و بشتى الوسائل أن تسقط حركة حماس في غزة ، الكلام من هآآرتز عن ساركوزي ، و أنا أصدقهم على كل حال ، أكثر من رؤساء تحرير صحفنا في مصر .
و لمجرد ذلك الصراع من طرف واحد بين الرئاسة المصرية و الحركة الأكثر شعبية في مصر ، فإن مصر هي الدولة الوحيدة في العالم ، ليس العالم الحر، و لكن العالم على إطلاقه ، الدولة الوحيدة التي منعت المتظاهرين من التضامن مع غزة ، الدولة الوحيدة التي اعتقلت هذا العدد من المواطنين في تظاهرات التضامن مع غزة كانت مصر .
القيادة المصرية و التي أحب أن أفرق بينها و بين مصر ( و هو الحديث الذي طالما اتهم فيه أدعياء الوطنية معارضيهم بأنهم باتهام الرئيس مبارك بخيانة القضايا العربية و الإقليمية و تقزيم الدور المصري ، فهم يسيئون إلى مصر ، و شعب مصر ، و حضارة مصر ) أثبتت انعدام رؤيتها الاستراتيجية لسبب بسيط آخر ، و هو أنها عندما التفتت للأصدقاء ، التفتت للإسرائيليين ، و لم تضع في حسبانها أن الفلسطينيين من المحتمل أن يكونوا أصدقاء ، ليس بسبب العروبة ولا الإسلام ، على الإطلاق ، لكن لأن المصالح المشتركة تقول أنه يجب أن تكون هناك ورقة ضغط ، فلا يمكن استبعاد نشوب صراع مسلح بين مصر و إسرائيل ، إنها الإيديولوجيا يا عزيزي ، لو استطعت أنت أن تعلن للعالم كله أنك مسالم و ترغب بوجود الدولة العبرية على حدودك لا تتجاوزها ، فالدولة العبرية حدودها في كل أدبياتها ليست هي فلسطين فقط ، لكنها من النيل إلى الفرات كما يعلم الجميع ، لا أعتقد أني أقول كلاما جديدا .
ورقة الضغط التي بيد مصر كان يجب أن تكون المقاومة الفلسطينية ، الآن ، أنا أبيع المقاومة الفلسطينة مع ما أبيع من غاز و سلع إسرائيلية ( الكويز ) ، و بأبخس الأسعار ، على اعتبار أن العدو الحقيقي ليس إسرائيل بالطبع ، و ليس هناك طرف ثالث لاستحقاق العداوة ، إما حماس ، أو إسرائيل . و القيادة في مصر .. اختارت الطرف الخطأ ليكون العدو .
الآن المشهد من وجهة نظري على الساحة المصرية يبدو كالتالي : الحكومة المصرية تعطي الضوء الأخضر ( لا أقول بعلمها بما تدبره إسرائيل ) للعمليات الاسرائيلية بالاستمرار ، ، بسبب الإحجام التام عن أي عمل استثنائي ، إنساني أو تحت أي مسمى آخر ، لمساعدة الإخوة الفلسطينيين في غزة و على الحدود .
إسرائيل تعتبر مصر هي الصديق الحقيقي للدولة العبرية ، و ليفني تؤكد على الشراكة المصرية الإسرائيلية بتصريحاتها المستفزة في باريس ، التي أكدت فيها ان العدو هو حماس و الإخوان المسلمين ، . و عدو عدوي صديقي ، إنها أبسط قواعد السياسة ، إذا أعداء الإخوان المسلمين هم أصدقاء الدولة المصرية .
مصر تستمر في إغلاق المعبر بحجج واهية للغاية ، طبعا الفتح الجزئي للمعبر تحت الضغط الدولي ، ليس سببا لأقول أن مصر أدت ما عليها تجاه القضية الفلسطينية . ثم إنني أتساءل ، أي فلسطينيين هم من سيجيئون لمصر ، يحتلون سيناء ؟؟؟ ، هل هذا كلام عاقل ؟ الحديث لو دار بالعقل و المنطق فسنقول و بوضوح أن الفلسطينيين الذين لم يهاجروا إلى أي دولة (محترمة ) رغم القصف الاسرائيلي و الضغط الداخلي و الحصار الخانق ، لن يأتوا إلى مصر لاستيطان سيناء ، لكن و بافتراض أن الفلسطينيين يكرهون بلدهم و يريدون القدوم إلى بلدنا الخضراء ، هل هذا مبرر لتركهم يقتلون تحت هدير الطائرات و الأسلحة المحرمة دوليا ؟ ، هل هذا مبرر لمنع الدواء و المعونات الانسانية ، تحت أي حجة حتى لو كانت أن تلك هي رغبة الاحتلال ؟؟ ، و هل هذا وقت الخلافات العربية البغيضة ؟ هل من حسابات السياسة أن أمنع دخول المستشفى الميداني القطري من معبر رفح لحسابات السياسة بين مصر و قطر ؟ ، و هل من حسابات السياسة أن أمنع المساعدات التركية و الأطباء الدوليين من المشاركة في إغاثة غزة ، و كأن الموقف الآن يحتمل التأخير ؟*
ثم إنني أتساءل عن وزير الخارجية ، و أعرف عن وزراء الخارجية أنهم دبلوماسيين ، الذي "يردح" في كل مكان لحسن نصر الله و سوريا و إيران ، و يؤكد على دور مصر و موقف مصر .
أيضا أتساءل عن المنطق في أن يقول مبارك في حوار مع التليفزيون المصري أنه لا يمكن إدخال المساعدات إلى غزة لأن اسرائيل "دولة الاحتلال" يجب أن تعرف كل شيء يدخل أو يخرج من المعبر ، ما هذه الرؤية العقيمة للوضع ؟ هل يتحدث مبارك بصفته رئيس مصر الشقيقة الكبرى للعرب ؟ أم يتحدث بصفته الحارس على بوابة غزة المحاصرة كما صوره كاريكاتير نشر في الجارديان أثناء الحرب على غزة .
كما أن عقلي -قاتل الله العقل - لا يستطيع الامتناع عن التفكير في أن هناك تنسيقا و ولو بشكل غير مباشر بين الدولة المصرية و إسرائيل ، فمبارك الذي لم يطالب بوقف إطلاق النار إلا بعدما تصاعدت الاصوات المؤيدة لذلك داخل الحكومة الاسرائيلية ، و قبل الاجتماع الامني الذي يعقده المجلس الأمني المصغر في حكومة الاحتلال ، لا يمكن أن يكون من قبيل الصدفة أن توقف دولة الاحتلال قصفها لغزة من طرف واحد ، فمبارك برأيي حاول أن يوصل للحكومة الاسرائيلية أنه لم يعد هناك داع للمزيد من الاحراج أمام العالم العربي ، و أنه من المفيد لكلا الطرفين (مصر و إسرائيل ) أن يوقف إطلاق النار ، لأن الغضب الشعبي المتنامي لابد و أن يخمد قبل أن تجد الأصوات المطالبة بالتغيير *السياسي الجذري في مصر من يسمع لها داخل دوائر القوى ، خاصة خلال ذلك الوقت المشحون عاطفيا ضد القيادة المصرية ، و الحكومة الاسرائيلية كذلك من وجهة نظرها أنها علمت حماس الدرس ، و كتائب القسام الآن لن تستطيع مهاجمة إسرائيل مرة أخرى ، مع أنني أرى أن ما حدث أنشأ وعيا عاما بأن المشكلة ليست في كتائب القسام و لا صواريخ القسام ، لكنها في العقلية المصرية الاسرائيلية التي ساءها استمرار الحصار أكثر من ذلك بلا أي تأثر ملموس في القاعدة الشعبية لحماس في الداخل الفلسطيني .
القيادة المصرية أيضا رفضت في خضم المعركة أن تستقبل وفد اتحاد علماء المسلمين برئاسة الدكتور يوسف القرضاوي ، و هو ما يهبط كثيرا من أسهمها ، على اعتبار أنها دولة تطالب - أمام العالم - بوقف إطلاق النار .
أقولها و بوضوح ، لقد أثبتت القيادة المصرية أنها لا تستحق قيادة مصر ، لا على المستوى الداخلي كما نعلم *و نشاهد ، و لا السياسة الخارجية كما اضطررنا أن نشاهد في الأيام الأخيرة .
الموقف الفلسطيني الرسمي كان صريحا بشكل غير معتاد ، و لا أستطيع الإضافة على ما قاله أمير قطر كسبب لعدم حضور محمود عباس لقمة الدوحة ، و هو أنه لو حضر ، فسيذبحونه ( من هم ؟ ) من الوريد إلى الوريد .
المواقف تعددت و تباينت ، المواقف العربية بشكل عام يمكن وصفها بالصوتية ، الدول الكبرى أثبتت أنه بالإمكان الاستغناء عن أصواتها ، و هو ما حدث في قمة الدوحة ، أن تتم المطالبة المصرية بمناقشة أحداث غزة على "هامش" قمة الكويت الاقتصادية ، هذه إهانة لدماء الشهداء .
الموقف القطري هو الموقف البارز الذي بإمكاننا الإشارة إليه ، من الواضح أن قطر انتهزت غياب الدول الكبرى لإثبات نفسها قوة وليدة على الساحة العربية ، و هو ما يعني أن قطر تستطيع و لو مؤقتا تحريك الأمور بشكل ما ، كما أنه لا يمكن وصف الدور القطري بالشعبوي ، الموقف من الناحية السياسية ( من وجهة نظري ) صائب بشكل كبير ، كما أنه من الناحية الإنسانية و تبعا للإيديولوجيات المختلفة *، فإنه متوافق مع رغبات الجميع ، لكن لا يمكن التفاؤل كثيرا بالدور القطري ، أو التعويل عليه شعبيا ، فالمطالب الشعبية على افتراض أنها هي التي أدت إلى التحرك القطري *فإنها لم تؤد مطلقا ولا أتصور أنها ستؤدي في المنظور القريب لجعل قطر تغير من مواقفها تجاه القواعد العسكرية الامريكية في الخليج .
الموقف الإيراني لم يتعد الصوت العالي و التبشير بانتهاء الدولة العبرية ، لكنني أعتقد أن الدعم الإيراني لحماس سيزيد في المرحلة المقبلة لإعادة إعمار غزة .
الموقف السعودي الذي ظهر بعد انتهاء العمليات في صورة المليار دولار دعما لغزة ، لا يمكن وصفه بالمناسب لدولة بججم المملكة العربية .
الموقف الليبي الجزائري الذي أرسل المساعدات التي لم تدخل إلى غزة بسبب تعنت الطرف المصري ، كان جيدا إلى حد ما ، هذا بالطبع مقارنة بالبقية الصامتة من الدول العربية .
الموقف المغربي كان متوافقا مع الرغبة الشعبية ، تعطيل الدراسة و السماح بالتظاهرات المليونية ، كان موقفا مناسبا للوضع في المغرب ، و مناسبا لحجم الحركة الاسلامية و توازنات القوى الداخلية في المملكة .
الموقف الموريتاني ايضا كان مناسبا للوضع الشعبي و الغضب المتزايد تجاه الدولة العبرية ، طرد السفير عمل جيد ، خاصة من دولة لا تمتلك الكثير لتقديمه مثل موريتانيا ، طبعا بمناسبة سحب السفير ، ما فعلته فنزويلا و بوليفيا برأيي كان مشاركة إنسانية قمة في التحضر ، كما أنه أيضا يصب في مصالح دول أمريكا اللاتينية المخالفة للسياسة الأمريكية على طول الخط ، و من مخالفة السياسة الأمريكية أيضا إبداء الرفض لإسرائيل ، خاصة في ظل الدعم غير المبرر لإسرائيل من قبل الإدارة الأمريكية المنصرفة .
نأتي للموقف التركي ، و هو ما أريد أن أرفع القبعة له ، فموقف تركيا الرسمي و الشعبي كان على قدر الحدث ، و *بالفعل بإمكاننا القول على تركيا ما لم نقله على بقية الدول العربية أو الإسلامية ، و هو أنه لم يكن في الإمكان أفضل مما كان .
و اسمحوا لي ، ليس بإمكاني أن أتحدث عن الموقف التركي بلا ذكر للإسلاميين في تركيا ، أو حزب العدالة و التنمية الحاكم ، فموقف أردوغان ، رئيس الوزراء التركي ، كان مستغلا لكل قطرة من بحر السياسة التركية ، التي شربوه طوال فترة بقاءهم في السلطة التي استمرت ما يقارب الست سنوات .
استغل الساسة في تركيا كل ما توصلوا إليه من مقدرة سياسية او علاقات دولية لدعم القضية في غزة ، فبحصول تركيا على مقعد غير دائم في مجلس الأمن ، ساهم ذلك في تحريك الموقف هناك ، بالطبع التحرك التركي لم يكن كافيا لاستصدار قرار محترم يساهم في إنقاذ أهل غزة ، لكنني هنا أقارن المواقف ، ولا أقارن نتائج تلك المواقف .
أيضا تحميل إسرائيل المسؤولية كاملة عن كل ما حدث و ما يحدث ، و ظهور أيديولوجية أردوغان عبر تحويل الصراع لصراع عقدي خلال أكثر من تصريح ، و التعامل مع حماس بصفتها جزء لا يتجزأ من الحكومة الفلسطينية عبر تصرياحت قال في بعضها أنه سيوصل مطالب حماس جميعها إلى مجلس الأمن ، و الضغط التركي على الأمم المتحدة لإجبار إسرائيل على الرضوخ للقرار الأممي ، كلها أثبتت بما لا يدع مجالا للشك ، أن الإسلاميين في تركيا لهم من السياسة ما يكفيهم .
التحرك التركي لم يكن على هذا المستوى فحسب ، إرسال المساعدات التي لم تدخلها مصر إلى القطاع كان شكلا من أشكال التحرك ، الوفود التي جاءت إلى القاهرة للمناقشة في سبل حل القضية ، كانت شكلا آخر من أشكال التحرك ، خاصة أن أحد الوفود كان برئاسة أحمد داوود أوغلو ، أحد كبار المفكرين الأتراك ، و المستشار السياسي لرئيس الوزراء رجب طيب أردوغان .
أيضا من أهم أشكال التحرك التركي ، و هو ما يمكن أن يشكل دعما لأردوغان في أي حالة من حالات الضغط الداخلية أو الخارجية ، تلك المظاهرات الشعبية الضخمة التي سيرها العديد من الأحزاب التركية ، أهمها كان حزب السعادة ، الذي عاد ليؤكد على قوته في الساحة الداخلية التركية ، و كان يكفي أن ترى القبضات المرفوعة بحماسة بشعار حزب السعادة لتدرك جيدا أن الحزب ما زالت له سيطرة ليست قليلة على الشارع التركي ، و هو ما أعتبره نوعا من أنواع الثراء الراقي داخل المجتمع التركي ، خاصة مع اعتماد الحزب الراديكالي على الخطاب الطهراني الإسلامي المجرد ، المتوافق مع قلوب الملايين من الأتراك المتصوفين بطبعهم .
المقاطعة الاقتصادية كما يمكننا أن نسميها ، و هي إيقاف التعاملات التجارية بين تركيا و إسرائيل ، كانت شكلا من أشكال الدعم للموقف التركي ، و البلديات التي أعلنت "أخوتها" مع غزة ، كانت شكلا كذلك من أشكال الدعم لغزة و للموقف التركي الذي يتصدره أردوغان .
لا يمكن حقيقة أن أتجاهل بعض الأصوات لإسلاميين يعتقدون أنه بمجرد أن العدالة و التنمية قد خرج من عباءة الإسلاميين الاتراك ، و أن العديد من شباب الحركة الاسلامية في مصر و دول أخرى يعتبرون أن تجربة العدالة و التنمية أحد أكثر التجارب الاسلامية المعاصرة ثراء في الساحة السياسية ، يعتقدون أنه لذلك ، فقد كان يجب على العدالة و التنمية و رئيسه أردوغان أن يقود جيوش الفتح التركي لفلسطين ، و يأتي مطهرا الأرض من دولة إسرائيل ، كم أشفق على مثل هذه العقول ، إن الموقف التركي حقيقة يمثل أرقى موقف اتخذ على الاطلاق تجاه القضية الفلسطينية في الفترة السابقة ، و لكن هناك تساؤل مشروع ، لماذا لم تطرد تركيا السفر الإسرائيلي ، أو تستدعي السفير التركي من تل أبيب ؟
الإجابة من وجهة نظري أنه يجب أن تحافظ تركيا على شعرة معاوية بينها و بين إسرائيل ، فالمفاوضات السورية الإسرائيلية برعاية تركية بدا من الواضح أنها تؤتي ثمارا ، و قد تعلمنا أنه من الصعوبة بمكان ، التعامل مع المشكلات كلها في وقت واحد ، لكن فصل المشكلات و محاولة وضع حلول لكل مشكلة على حدة مع النظرة الشاملة على الوحدة العضوية بين تلك المشكلات ، من أكثر الأسباب نجاعة و نجاحا في حل المشكلات ، و برأيي ، أنه لو كان بإمكاننا حل مشكلة من المشاكل بشكل ما ، و بصفة دائمة ، بالمفاوضات ، كما حدث في طابا مثلا ، فإن هذا سيكون أولى ، هذا لا يعني مطلقا أن تكون نظرتنا إلى المشكلة قاصرة ، و أن نتعامل مع إسرائيل كدولة شرعية ،و أيضا لا يتناقض مع وجود إسرائيل دولة احتلال للأرض الفلسطينية .
الموقف الأوروبي كان جيدا إلى حد كبير ، أؤكد أن من أجمل المظاهر التي لفتت نظري في أساليب الاحتجاج هي الطريقة النرويجية ، فقد توقفت الحافلات في النرويج لدقيقتين احتجاجا على الحرب الاسرائيلية على غزة ، كما أن المظاهرات التي اندلعت في معظم أنحاء أوروبا أثبتت أنه هناك الكثير من المؤيدين للقضية الفلسطينية ، أهم تلك المظاهرات على الاطلاق من وجهة نظري تلك التي كانت في لندن .
الموقف الفرنسي كان فاعلا ، لكن على الخط المصري ، أدان و استنكر القصف الاسرائيلي ، و حاول أن يقدم حلولا عملية باقتراح الخارجية الفرنسية وقف إطلاق النار لثمانية و أربعين ساعة، هذا في بداية العمليات الاسرائيلية ، و هو بهذا يسبق الموقف المصري بنقطة المبادرة الجادة *، الاقتراح قوبل بالرفض طبعا من جهة الاحتلال الاسرائيلي .
هناك موقف أخير يجب أن أعلق عليه ، و سأتنازل عن التعليق عن موقف ثان ، الموقف الأول هو موقف حماس ، و ربما هو أهم المواقف التي يجب تناولها ، لأن حماس كانت المعني الأول من هذه المعركة ، أو على الأقل كانت عنوانها ، و إن بدا فيما بعد أن الشعب مستهدف و ليست حماس .
أما الموقف الذي لن أتناوله على الأقل في هذه المرحلة هو موقف الإخوان المسلمين و وسائلهم في دعم غزة ، و الاستفزاز الذي جعل الأستاذ علي لبن و من قبله المهندس أشرف بدر الدين يرفعان الأحذية في مجلس الشعب في أوجه نواب الحزب الوطني و الحكومة ، و هو ما لا أجد له مبررا إطلاقا .
أما حماس ، فحماس أثبتت بالفعل قدرتها على إدارة الأزمات ، و الشعب الفلسطيني أيضا أثبت معدنه الأصيل ، ما أقصده أنه في خلال تلك المدة من الحرب على غزة ، لم نسمع عن حالة واحدة من حالات الانفلات الامني ، عناصر شهداء الاقصى التزمت مع حماس في صف المقاومة و كانت تنافس المقاومة الاسلامية في اطلاق الصواريخ على الاهداف الاسرائيلية .
كنت أتناقش مع بعض الأصدقاء و الاساتذة *في حوار على الفيس بوك ، عن موقف حماس و خياراتها ، بناء على مقال كتبه الدكتور معتز عبدالفتاح في الأهرام*، مقاييس الانتصار و البدائل المتاحة لحماس ، كلها كانت محور النقاش ، و كنت أعتقد و ما زلت أعتقد أنه لو سنحت هناك فرصة لوقف إطلاق النار بشروط أقل مما أرادته حماس ( فتح المعابر و كسر الحصار على الاقل ) ، فلا يجب لحماس أن ترفضها ، و كان استدلال الدكتور معتز كلام الاستاذ هنية الذي قال فيه أنه حتى لو فنيت غزة و أهلها فلن تتراجع حماس ، بالطبع حماس لم تطبق هذا الكلام ، و أثبتت ان استراتيجيتها قابلة للتغيير ، و أن الكلام العاطفي لتحفيز الناس يختلف عن الفعل على أرض الواقع ، فبعد أن أوقفت إسرائيل القصف من جانب واحد ، استمرت كتائب القسام في قصف إسرائيل لساعات قليلة ، أعتقد أنها كانت مليئة بالمشاورات الداخلية ، حول إمكانية الاستمرار في القصف ، او التوقف ما دام القصف متوقفا ، أو التوقف ووضع شروط ( كسحب كامل للقوات خلال أسبوع ) *لإثبات انتصار المقاومة على الارض و هو القرار الذي اتخذ بالفعل .
أيضا استدلال الدكتور معتز عبدالفتاح حول موقف حماس و مقارنته بغزوة مؤتة ، و موقف خالد بن الوليد (العملي الواقعي المقاصدي البراغماتي ) ، الذي جعل أطفال المدينة يرجمون الجيش العائد بالحجارة ، و ينادونهم بـ يافرار يا فرار ، ، لنظرتهم القاصرة لمقاييس الانتصار في هذا الوقت ، هو ما يقال الآن بالفعل ، عن مقاييس الانتصار .
حماس انتصرت كما انتصر حزب الله ، الصمود انتصار ، و ليس إبادة العدو ، و إسرائيل كانت تدرك ذلك جيدا ، لأن مقاييس انتصارها تعني إبادة حماس ، ثم بدأت أسقف الطموحات بالانخفاض ، و هو ما يعني أن الخاسر هنا هو إسرائيل ، لأنها هي التي تنازلت عن انتصارها .
حماس ستحصل على الأموال لإعادة إعمار غزة ، و الأستاذ هنية في آخر خطاباته قال أن حكومته ستعوض المتضررة منازلهم من القصف الإسرائيلي ، و هو ما يعني عدم انتفاء الدعم المالي لحماس ، من قبل حلفاءها المشتركين .
لا أستطيع القول أن حماس لم تفقد شيئا من هذه الحرب ، نعم مكاسبها تتمثل في شعبيتها التي ازدادت ، و إثبات سيطرتها على القطاع ، و إيجاد مبررات أقوى لاستمرار النموذج المقاوم *، كلها نتائج إيجابية حصلت عليها حماس من الحرب الأخيرة .
الخسائر لا يمكن اعتبارها خسائر بالمعنى المفهوم ، لكن استشهاد القياديين نزار ريان و سعيد صيام ، و استشهاد قائد الشرطة في أول أيام القصف ، كلها تؤثر بشكل ما على الحركة و لو بشكل طفيف . أو على أجهزتها و منها الجهاز الأمني الذي فقد وزير الداخلية و قائد الشرطة .
كما أن الشهيد نزار ريان كان أحد أكثر القادة الذين يمثلون حلقة الوصل بين السياسي و العسكري في حماس ، لذلك فاستشهاده يمثل ضربة للحركة ، لا أشك لحظة أنها ستستطيع امتصاصها كما امتصت الضربات الأقوى فيما سبق .
احب في النهاية أن أشير إلى أن هناك العديد من الكتاب الذين تناولوا قضية غزة بشكل فيه نوع من أنواع الحيادية المطلوبة ، و أهمهم هو روبرت فيسك الذي حمل إسرائيل كل المسؤولية عن الدمار في غزة ، و الذي لم يعف مصر من مسؤوليتها التاريخية ، كما لم يعف الغرب ككل من المسؤولية عن الأزمة .
كما أن الإعلام الفلسطيني ، قناة الاقصى ، و اسلوب كتائب القسام الجديد في المقاومة عبر اختراق شبكات الاذاعة ، يمثل حربا إعلامية غاية في التميز ، و الاعلام الدولي كذلك ، صفحة التعليقات الحرة في الجارديان كانت مفعمة بالحيوية طوال فترة الحرب ، و منها خرجت العديد من الدعوات لمحاسبة إسرائيل، كدعوة لمقاطعتها مثلا ، كما استضافت وجهة النظر الفلسطينية ، بل و المقاومة عبر مقال كتبه باسم نعيم وزير الصحة الفلسطيني ، لا ينفي هذا التفوق الاسرائيلي في مجال الحشد الاعلامي ، هناك العديد من المجموعات التي تدافع عن إسرائيل ، بعضها به مئات الآلاف من الأعضاء ، عموما لهذا بحث منفصل .
ما أريده من هذا ، أن الحرب لم تكن فقط على الصعيد العسكري ، لكنها شملت كل ما يمكن استخدامه في الحروب .
دمتم بخير

المصدر مدونة غريب
تأثيرات الحرب من وجهة نظري لها العديد من الأبعاد السياسية على وجه الخصوص ، ليس على الساحة العربية فقط ، لكن على الساحة الاسلامية و الدولية كذلك .
أحاول فقط أن أحلل بعض المواقف من وجهة نظري ، محاولا أن أعرف كيف يمكن أن تسير الامور لو تكرر الأمر مرة أخرى ، و قررت قيادة جيش الاحتلال الاسرائيلي إعادة قصف غزة ، و ربما التوغل البري ( بجد و حقيقي ) هذه المرة . و ليس ذلك التوغل الذي حدث في المناطق المفتوحة ، و الذي حاول فيه الجيش الاسرائيلي استدراج المقاومون خارج مكامنهم ، و هو ما أثبت فشله ، و أثبت بالتبعية نجاح استراتيجية المقاومة الفلسطينية و استعدادها الجيد جدا ، و هو ما ظهر أيضا في أحدث بيانات كتائب القسام ، الجناح العسكري لحركة المقاومة الاسلامية*حماس ، فحسب البيان تقول الكتائب أنها فقدت 48 شهيدا فقط طوال الحرب على غزة .
الموقف الأول الذي أريد إلقاء الضوء عليه ، هو الموقف المصري .
بعيدا عن الحسابات العاطفية ( و هو ما أعتقد أن الأستاذ هيكل حققه في حواره على الجزيرة مع حسين عبدالغني ) ، فإن القيادة المصرية أثبتت و بجدارة عدم استحقاقها لقيادة "الشقيقة الكبرى" ، و للأسف الإعلام المصري أذكى و بشكل غريب تلك النزعة البغيضة ، التي توحي بأن العالم كله يكرهنا ، بداية من سوريا و إيران و بالطبع قطر و "جزيرتها " مرورا بالولايات المتحدة و إسرائيل *الذين ينتهزون الفرصة لدخول مصر الحرب و تدميرها .
هذا الكلام السخيف لم أسمعه مثلا من أسامة سرايا أو من أحد رؤساء تحرير كبريات الصحف القومية في مصر ، لكن سمعته من العديد من الشباب في الشريحة العمرية من 18 ل 24 ، و الذين يتحدثون عن سياسة الرئيس بأنها هي أحكم سياسة من الممكن اتخاذها في هذا الموقف ، و أن مصر قدمت شهداء لفلسطين في حرب 48 و يكفي ما قدمته مصر ، و لتذهب لتقاتل قطر و سوريا و إيران و ليدعوا مصر تنعم بالسلام الذي تحقق في عهد السيد الرئيس .
المشكلة الحقيقية في الموقف المصري ، أن القيادة المصرية أثبتت انعدام رؤيتها الاستراتيجية ، فلمجرد صراع داخلي مع الإخوان المسلمين ، تحاول الحكومة المصرية و بشتى الوسائل أن تسقط حركة حماس في غزة ، الكلام من هآآرتز عن ساركوزي ، و أنا أصدقهم على كل حال ، أكثر من رؤساء تحرير صحفنا في مصر .
و لمجرد ذلك الصراع من طرف واحد بين الرئاسة المصرية و الحركة الأكثر شعبية في مصر ، فإن مصر هي الدولة الوحيدة في العالم ، ليس العالم الحر، و لكن العالم على إطلاقه ، الدولة الوحيدة التي منعت المتظاهرين من التضامن مع غزة ، الدولة الوحيدة التي اعتقلت هذا العدد من المواطنين في تظاهرات التضامن مع غزة كانت مصر .
القيادة المصرية و التي أحب أن أفرق بينها و بين مصر ( و هو الحديث الذي طالما اتهم فيه أدعياء الوطنية معارضيهم بأنهم باتهام الرئيس مبارك بخيانة القضايا العربية و الإقليمية و تقزيم الدور المصري ، فهم يسيئون إلى مصر ، و شعب مصر ، و حضارة مصر ) أثبتت انعدام رؤيتها الاستراتيجية لسبب بسيط آخر ، و هو أنها عندما التفتت للأصدقاء ، التفتت للإسرائيليين ، و لم تضع في حسبانها أن الفلسطينيين من المحتمل أن يكونوا أصدقاء ، ليس بسبب العروبة ولا الإسلام ، على الإطلاق ، لكن لأن المصالح المشتركة تقول أنه يجب أن تكون هناك ورقة ضغط ، فلا يمكن استبعاد نشوب صراع مسلح بين مصر و إسرائيل ، إنها الإيديولوجيا يا عزيزي ، لو استطعت أنت أن تعلن للعالم كله أنك مسالم و ترغب بوجود الدولة العبرية على حدودك لا تتجاوزها ، فالدولة العبرية حدودها في كل أدبياتها ليست هي فلسطين فقط ، لكنها من النيل إلى الفرات كما يعلم الجميع ، لا أعتقد أني أقول كلاما جديدا .
ورقة الضغط التي بيد مصر كان يجب أن تكون المقاومة الفلسطينية ، الآن ، أنا أبيع المقاومة الفلسطينة مع ما أبيع من غاز و سلع إسرائيلية ( الكويز ) ، و بأبخس الأسعار ، على اعتبار أن العدو الحقيقي ليس إسرائيل بالطبع ، و ليس هناك طرف ثالث لاستحقاق العداوة ، إما حماس ، أو إسرائيل . و القيادة في مصر .. اختارت الطرف الخطأ ليكون العدو .
الآن المشهد من وجهة نظري على الساحة المصرية يبدو كالتالي : الحكومة المصرية تعطي الضوء الأخضر ( لا أقول بعلمها بما تدبره إسرائيل ) للعمليات الاسرائيلية بالاستمرار ، ، بسبب الإحجام التام عن أي عمل استثنائي ، إنساني أو تحت أي مسمى آخر ، لمساعدة الإخوة الفلسطينيين في غزة و على الحدود .
إسرائيل تعتبر مصر هي الصديق الحقيقي للدولة العبرية ، و ليفني تؤكد على الشراكة المصرية الإسرائيلية بتصريحاتها المستفزة في باريس ، التي أكدت فيها ان العدو هو حماس و الإخوان المسلمين ، . و عدو عدوي صديقي ، إنها أبسط قواعد السياسة ، إذا أعداء الإخوان المسلمين هم أصدقاء الدولة المصرية .
مصر تستمر في إغلاق المعبر بحجج واهية للغاية ، طبعا الفتح الجزئي للمعبر تحت الضغط الدولي ، ليس سببا لأقول أن مصر أدت ما عليها تجاه القضية الفلسطينية . ثم إنني أتساءل ، أي فلسطينيين هم من سيجيئون لمصر ، يحتلون سيناء ؟؟؟ ، هل هذا كلام عاقل ؟ الحديث لو دار بالعقل و المنطق فسنقول و بوضوح أن الفلسطينيين الذين لم يهاجروا إلى أي دولة (محترمة ) رغم القصف الاسرائيلي و الضغط الداخلي و الحصار الخانق ، لن يأتوا إلى مصر لاستيطان سيناء ، لكن و بافتراض أن الفلسطينيين يكرهون بلدهم و يريدون القدوم إلى بلدنا الخضراء ، هل هذا مبرر لتركهم يقتلون تحت هدير الطائرات و الأسلحة المحرمة دوليا ؟ ، هل هذا مبرر لمنع الدواء و المعونات الانسانية ، تحت أي حجة حتى لو كانت أن تلك هي رغبة الاحتلال ؟؟ ، و هل هذا وقت الخلافات العربية البغيضة ؟ هل من حسابات السياسة أن أمنع دخول المستشفى الميداني القطري من معبر رفح لحسابات السياسة بين مصر و قطر ؟ ، و هل من حسابات السياسة أن أمنع المساعدات التركية و الأطباء الدوليين من المشاركة في إغاثة غزة ، و كأن الموقف الآن يحتمل التأخير ؟*
ثم إنني أتساءل عن وزير الخارجية ، و أعرف عن وزراء الخارجية أنهم دبلوماسيين ، الذي "يردح" في كل مكان لحسن نصر الله و سوريا و إيران ، و يؤكد على دور مصر و موقف مصر .
أيضا أتساءل عن المنطق في أن يقول مبارك في حوار مع التليفزيون المصري أنه لا يمكن إدخال المساعدات إلى غزة لأن اسرائيل "دولة الاحتلال" يجب أن تعرف كل شيء يدخل أو يخرج من المعبر ، ما هذه الرؤية العقيمة للوضع ؟ هل يتحدث مبارك بصفته رئيس مصر الشقيقة الكبرى للعرب ؟ أم يتحدث بصفته الحارس على بوابة غزة المحاصرة كما صوره كاريكاتير نشر في الجارديان أثناء الحرب على غزة .
كما أن عقلي -قاتل الله العقل - لا يستطيع الامتناع عن التفكير في أن هناك تنسيقا و ولو بشكل غير مباشر بين الدولة المصرية و إسرائيل ، فمبارك الذي لم يطالب بوقف إطلاق النار إلا بعدما تصاعدت الاصوات المؤيدة لذلك داخل الحكومة الاسرائيلية ، و قبل الاجتماع الامني الذي يعقده المجلس الأمني المصغر في حكومة الاحتلال ، لا يمكن أن يكون من قبيل الصدفة أن توقف دولة الاحتلال قصفها لغزة من طرف واحد ، فمبارك برأيي حاول أن يوصل للحكومة الاسرائيلية أنه لم يعد هناك داع للمزيد من الاحراج أمام العالم العربي ، و أنه من المفيد لكلا الطرفين (مصر و إسرائيل ) أن يوقف إطلاق النار ، لأن الغضب الشعبي المتنامي لابد و أن يخمد قبل أن تجد الأصوات المطالبة بالتغيير *السياسي الجذري في مصر من يسمع لها داخل دوائر القوى ، خاصة خلال ذلك الوقت المشحون عاطفيا ضد القيادة المصرية ، و الحكومة الاسرائيلية كذلك من وجهة نظرها أنها علمت حماس الدرس ، و كتائب القسام الآن لن تستطيع مهاجمة إسرائيل مرة أخرى ، مع أنني أرى أن ما حدث أنشأ وعيا عاما بأن المشكلة ليست في كتائب القسام و لا صواريخ القسام ، لكنها في العقلية المصرية الاسرائيلية التي ساءها استمرار الحصار أكثر من ذلك بلا أي تأثر ملموس في القاعدة الشعبية لحماس في الداخل الفلسطيني .
القيادة المصرية أيضا رفضت في خضم المعركة أن تستقبل وفد اتحاد علماء المسلمين برئاسة الدكتور يوسف القرضاوي ، و هو ما يهبط كثيرا من أسهمها ، على اعتبار أنها دولة تطالب - أمام العالم - بوقف إطلاق النار .
أقولها و بوضوح ، لقد أثبتت القيادة المصرية أنها لا تستحق قيادة مصر ، لا على المستوى الداخلي كما نعلم *و نشاهد ، و لا السياسة الخارجية كما اضطررنا أن نشاهد في الأيام الأخيرة .
الموقف الفلسطيني الرسمي كان صريحا بشكل غير معتاد ، و لا أستطيع الإضافة على ما قاله أمير قطر كسبب لعدم حضور محمود عباس لقمة الدوحة ، و هو أنه لو حضر ، فسيذبحونه ( من هم ؟ ) من الوريد إلى الوريد .
المواقف تعددت و تباينت ، المواقف العربية بشكل عام يمكن وصفها بالصوتية ، الدول الكبرى أثبتت أنه بالإمكان الاستغناء عن أصواتها ، و هو ما حدث في قمة الدوحة ، أن تتم المطالبة المصرية بمناقشة أحداث غزة على "هامش" قمة الكويت الاقتصادية ، هذه إهانة لدماء الشهداء .
الموقف القطري هو الموقف البارز الذي بإمكاننا الإشارة إليه ، من الواضح أن قطر انتهزت غياب الدول الكبرى لإثبات نفسها قوة وليدة على الساحة العربية ، و هو ما يعني أن قطر تستطيع و لو مؤقتا تحريك الأمور بشكل ما ، كما أنه لا يمكن وصف الدور القطري بالشعبوي ، الموقف من الناحية السياسية ( من وجهة نظري ) صائب بشكل كبير ، كما أنه من الناحية الإنسانية و تبعا للإيديولوجيات المختلفة *، فإنه متوافق مع رغبات الجميع ، لكن لا يمكن التفاؤل كثيرا بالدور القطري ، أو التعويل عليه شعبيا ، فالمطالب الشعبية على افتراض أنها هي التي أدت إلى التحرك القطري *فإنها لم تؤد مطلقا ولا أتصور أنها ستؤدي في المنظور القريب لجعل قطر تغير من مواقفها تجاه القواعد العسكرية الامريكية في الخليج .
الموقف الإيراني لم يتعد الصوت العالي و التبشير بانتهاء الدولة العبرية ، لكنني أعتقد أن الدعم الإيراني لحماس سيزيد في المرحلة المقبلة لإعادة إعمار غزة .
الموقف السعودي الذي ظهر بعد انتهاء العمليات في صورة المليار دولار دعما لغزة ، لا يمكن وصفه بالمناسب لدولة بججم المملكة العربية .
الموقف الليبي الجزائري الذي أرسل المساعدات التي لم تدخل إلى غزة بسبب تعنت الطرف المصري ، كان جيدا إلى حد ما ، هذا بالطبع مقارنة بالبقية الصامتة من الدول العربية .
الموقف المغربي كان متوافقا مع الرغبة الشعبية ، تعطيل الدراسة و السماح بالتظاهرات المليونية ، كان موقفا مناسبا للوضع في المغرب ، و مناسبا لحجم الحركة الاسلامية و توازنات القوى الداخلية في المملكة .
الموقف الموريتاني ايضا كان مناسبا للوضع الشعبي و الغضب المتزايد تجاه الدولة العبرية ، طرد السفير عمل جيد ، خاصة من دولة لا تمتلك الكثير لتقديمه مثل موريتانيا ، طبعا بمناسبة سحب السفير ، ما فعلته فنزويلا و بوليفيا برأيي كان مشاركة إنسانية قمة في التحضر ، كما أنه أيضا يصب في مصالح دول أمريكا اللاتينية المخالفة للسياسة الأمريكية على طول الخط ، و من مخالفة السياسة الأمريكية أيضا إبداء الرفض لإسرائيل ، خاصة في ظل الدعم غير المبرر لإسرائيل من قبل الإدارة الأمريكية المنصرفة .
نأتي للموقف التركي ، و هو ما أريد أن أرفع القبعة له ، فموقف تركيا الرسمي و الشعبي كان على قدر الحدث ، و *بالفعل بإمكاننا القول على تركيا ما لم نقله على بقية الدول العربية أو الإسلامية ، و هو أنه لم يكن في الإمكان أفضل مما كان .
و اسمحوا لي ، ليس بإمكاني أن أتحدث عن الموقف التركي بلا ذكر للإسلاميين في تركيا ، أو حزب العدالة و التنمية الحاكم ، فموقف أردوغان ، رئيس الوزراء التركي ، كان مستغلا لكل قطرة من بحر السياسة التركية ، التي شربوه طوال فترة بقاءهم في السلطة التي استمرت ما يقارب الست سنوات .
استغل الساسة في تركيا كل ما توصلوا إليه من مقدرة سياسية او علاقات دولية لدعم القضية في غزة ، فبحصول تركيا على مقعد غير دائم في مجلس الأمن ، ساهم ذلك في تحريك الموقف هناك ، بالطبع التحرك التركي لم يكن كافيا لاستصدار قرار محترم يساهم في إنقاذ أهل غزة ، لكنني هنا أقارن المواقف ، ولا أقارن نتائج تلك المواقف .
أيضا تحميل إسرائيل المسؤولية كاملة عن كل ما حدث و ما يحدث ، و ظهور أيديولوجية أردوغان عبر تحويل الصراع لصراع عقدي خلال أكثر من تصريح ، و التعامل مع حماس بصفتها جزء لا يتجزأ من الحكومة الفلسطينية عبر تصرياحت قال في بعضها أنه سيوصل مطالب حماس جميعها إلى مجلس الأمن ، و الضغط التركي على الأمم المتحدة لإجبار إسرائيل على الرضوخ للقرار الأممي ، كلها أثبتت بما لا يدع مجالا للشك ، أن الإسلاميين في تركيا لهم من السياسة ما يكفيهم .
التحرك التركي لم يكن على هذا المستوى فحسب ، إرسال المساعدات التي لم تدخلها مصر إلى القطاع كان شكلا من أشكال التحرك ، الوفود التي جاءت إلى القاهرة للمناقشة في سبل حل القضية ، كانت شكلا آخر من أشكال التحرك ، خاصة أن أحد الوفود كان برئاسة أحمد داوود أوغلو ، أحد كبار المفكرين الأتراك ، و المستشار السياسي لرئيس الوزراء رجب طيب أردوغان .
أيضا من أهم أشكال التحرك التركي ، و هو ما يمكن أن يشكل دعما لأردوغان في أي حالة من حالات الضغط الداخلية أو الخارجية ، تلك المظاهرات الشعبية الضخمة التي سيرها العديد من الأحزاب التركية ، أهمها كان حزب السعادة ، الذي عاد ليؤكد على قوته في الساحة الداخلية التركية ، و كان يكفي أن ترى القبضات المرفوعة بحماسة بشعار حزب السعادة لتدرك جيدا أن الحزب ما زالت له سيطرة ليست قليلة على الشارع التركي ، و هو ما أعتبره نوعا من أنواع الثراء الراقي داخل المجتمع التركي ، خاصة مع اعتماد الحزب الراديكالي على الخطاب الطهراني الإسلامي المجرد ، المتوافق مع قلوب الملايين من الأتراك المتصوفين بطبعهم .
المقاطعة الاقتصادية كما يمكننا أن نسميها ، و هي إيقاف التعاملات التجارية بين تركيا و إسرائيل ، كانت شكلا من أشكال الدعم للموقف التركي ، و البلديات التي أعلنت "أخوتها" مع غزة ، كانت شكلا كذلك من أشكال الدعم لغزة و للموقف التركي الذي يتصدره أردوغان .
لا يمكن حقيقة أن أتجاهل بعض الأصوات لإسلاميين يعتقدون أنه بمجرد أن العدالة و التنمية قد خرج من عباءة الإسلاميين الاتراك ، و أن العديد من شباب الحركة الاسلامية في مصر و دول أخرى يعتبرون أن تجربة العدالة و التنمية أحد أكثر التجارب الاسلامية المعاصرة ثراء في الساحة السياسية ، يعتقدون أنه لذلك ، فقد كان يجب على العدالة و التنمية و رئيسه أردوغان أن يقود جيوش الفتح التركي لفلسطين ، و يأتي مطهرا الأرض من دولة إسرائيل ، كم أشفق على مثل هذه العقول ، إن الموقف التركي حقيقة يمثل أرقى موقف اتخذ على الاطلاق تجاه القضية الفلسطينية في الفترة السابقة ، و لكن هناك تساؤل مشروع ، لماذا لم تطرد تركيا السفر الإسرائيلي ، أو تستدعي السفير التركي من تل أبيب ؟
الإجابة من وجهة نظري أنه يجب أن تحافظ تركيا على شعرة معاوية بينها و بين إسرائيل ، فالمفاوضات السورية الإسرائيلية برعاية تركية بدا من الواضح أنها تؤتي ثمارا ، و قد تعلمنا أنه من الصعوبة بمكان ، التعامل مع المشكلات كلها في وقت واحد ، لكن فصل المشكلات و محاولة وضع حلول لكل مشكلة على حدة مع النظرة الشاملة على الوحدة العضوية بين تلك المشكلات ، من أكثر الأسباب نجاعة و نجاحا في حل المشكلات ، و برأيي ، أنه لو كان بإمكاننا حل مشكلة من المشاكل بشكل ما ، و بصفة دائمة ، بالمفاوضات ، كما حدث في طابا مثلا ، فإن هذا سيكون أولى ، هذا لا يعني مطلقا أن تكون نظرتنا إلى المشكلة قاصرة ، و أن نتعامل مع إسرائيل كدولة شرعية ،و أيضا لا يتناقض مع وجود إسرائيل دولة احتلال للأرض الفلسطينية .
الموقف الأوروبي كان جيدا إلى حد كبير ، أؤكد أن من أجمل المظاهر التي لفتت نظري في أساليب الاحتجاج هي الطريقة النرويجية ، فقد توقفت الحافلات في النرويج لدقيقتين احتجاجا على الحرب الاسرائيلية على غزة ، كما أن المظاهرات التي اندلعت في معظم أنحاء أوروبا أثبتت أنه هناك الكثير من المؤيدين للقضية الفلسطينية ، أهم تلك المظاهرات على الاطلاق من وجهة نظري تلك التي كانت في لندن .
الموقف الفرنسي كان فاعلا ، لكن على الخط المصري ، أدان و استنكر القصف الاسرائيلي ، و حاول أن يقدم حلولا عملية باقتراح الخارجية الفرنسية وقف إطلاق النار لثمانية و أربعين ساعة، هذا في بداية العمليات الاسرائيلية ، و هو بهذا يسبق الموقف المصري بنقطة المبادرة الجادة *، الاقتراح قوبل بالرفض طبعا من جهة الاحتلال الاسرائيلي .
هناك موقف أخير يجب أن أعلق عليه ، و سأتنازل عن التعليق عن موقف ثان ، الموقف الأول هو موقف حماس ، و ربما هو أهم المواقف التي يجب تناولها ، لأن حماس كانت المعني الأول من هذه المعركة ، أو على الأقل كانت عنوانها ، و إن بدا فيما بعد أن الشعب مستهدف و ليست حماس .
أما الموقف الذي لن أتناوله على الأقل في هذه المرحلة هو موقف الإخوان المسلمين و وسائلهم في دعم غزة ، و الاستفزاز الذي جعل الأستاذ علي لبن و من قبله المهندس أشرف بدر الدين يرفعان الأحذية في مجلس الشعب في أوجه نواب الحزب الوطني و الحكومة ، و هو ما لا أجد له مبررا إطلاقا .
أما حماس ، فحماس أثبتت بالفعل قدرتها على إدارة الأزمات ، و الشعب الفلسطيني أيضا أثبت معدنه الأصيل ، ما أقصده أنه في خلال تلك المدة من الحرب على غزة ، لم نسمع عن حالة واحدة من حالات الانفلات الامني ، عناصر شهداء الاقصى التزمت مع حماس في صف المقاومة و كانت تنافس المقاومة الاسلامية في اطلاق الصواريخ على الاهداف الاسرائيلية .
كنت أتناقش مع بعض الأصدقاء و الاساتذة *في حوار على الفيس بوك ، عن موقف حماس و خياراتها ، بناء على مقال كتبه الدكتور معتز عبدالفتاح في الأهرام*، مقاييس الانتصار و البدائل المتاحة لحماس ، كلها كانت محور النقاش ، و كنت أعتقد و ما زلت أعتقد أنه لو سنحت هناك فرصة لوقف إطلاق النار بشروط أقل مما أرادته حماس ( فتح المعابر و كسر الحصار على الاقل ) ، فلا يجب لحماس أن ترفضها ، و كان استدلال الدكتور معتز كلام الاستاذ هنية الذي قال فيه أنه حتى لو فنيت غزة و أهلها فلن تتراجع حماس ، بالطبع حماس لم تطبق هذا الكلام ، و أثبتت ان استراتيجيتها قابلة للتغيير ، و أن الكلام العاطفي لتحفيز الناس يختلف عن الفعل على أرض الواقع ، فبعد أن أوقفت إسرائيل القصف من جانب واحد ، استمرت كتائب القسام في قصف إسرائيل لساعات قليلة ، أعتقد أنها كانت مليئة بالمشاورات الداخلية ، حول إمكانية الاستمرار في القصف ، او التوقف ما دام القصف متوقفا ، أو التوقف ووضع شروط ( كسحب كامل للقوات خلال أسبوع ) *لإثبات انتصار المقاومة على الارض و هو القرار الذي اتخذ بالفعل .
أيضا استدلال الدكتور معتز عبدالفتاح حول موقف حماس و مقارنته بغزوة مؤتة ، و موقف خالد بن الوليد (العملي الواقعي المقاصدي البراغماتي ) ، الذي جعل أطفال المدينة يرجمون الجيش العائد بالحجارة ، و ينادونهم بـ يافرار يا فرار ، ، لنظرتهم القاصرة لمقاييس الانتصار في هذا الوقت ، هو ما يقال الآن بالفعل ، عن مقاييس الانتصار .
حماس انتصرت كما انتصر حزب الله ، الصمود انتصار ، و ليس إبادة العدو ، و إسرائيل كانت تدرك ذلك جيدا ، لأن مقاييس انتصارها تعني إبادة حماس ، ثم بدأت أسقف الطموحات بالانخفاض ، و هو ما يعني أن الخاسر هنا هو إسرائيل ، لأنها هي التي تنازلت عن انتصارها .
حماس ستحصل على الأموال لإعادة إعمار غزة ، و الأستاذ هنية في آخر خطاباته قال أن حكومته ستعوض المتضررة منازلهم من القصف الإسرائيلي ، و هو ما يعني عدم انتفاء الدعم المالي لحماس ، من قبل حلفاءها المشتركين .
لا أستطيع القول أن حماس لم تفقد شيئا من هذه الحرب ، نعم مكاسبها تتمثل في شعبيتها التي ازدادت ، و إثبات سيطرتها على القطاع ، و إيجاد مبررات أقوى لاستمرار النموذج المقاوم *، كلها نتائج إيجابية حصلت عليها حماس من الحرب الأخيرة .
الخسائر لا يمكن اعتبارها خسائر بالمعنى المفهوم ، لكن استشهاد القياديين نزار ريان و سعيد صيام ، و استشهاد قائد الشرطة في أول أيام القصف ، كلها تؤثر بشكل ما على الحركة و لو بشكل طفيف . أو على أجهزتها و منها الجهاز الأمني الذي فقد وزير الداخلية و قائد الشرطة .
كما أن الشهيد نزار ريان كان أحد أكثر القادة الذين يمثلون حلقة الوصل بين السياسي و العسكري في حماس ، لذلك فاستشهاده يمثل ضربة للحركة ، لا أشك لحظة أنها ستستطيع امتصاصها كما امتصت الضربات الأقوى فيما سبق .
احب في النهاية أن أشير إلى أن هناك العديد من الكتاب الذين تناولوا قضية غزة بشكل فيه نوع من أنواع الحيادية المطلوبة ، و أهمهم هو روبرت فيسك الذي حمل إسرائيل كل المسؤولية عن الدمار في غزة ، و الذي لم يعف مصر من مسؤوليتها التاريخية ، كما لم يعف الغرب ككل من المسؤولية عن الأزمة .
كما أن الإعلام الفلسطيني ، قناة الاقصى ، و اسلوب كتائب القسام الجديد في المقاومة عبر اختراق شبكات الاذاعة ، يمثل حربا إعلامية غاية في التميز ، و الاعلام الدولي كذلك ، صفحة التعليقات الحرة في الجارديان كانت مفعمة بالحيوية طوال فترة الحرب ، و منها خرجت العديد من الدعوات لمحاسبة إسرائيل، كدعوة لمقاطعتها مثلا ، كما استضافت وجهة النظر الفلسطينية ، بل و المقاومة عبر مقال كتبه باسم نعيم وزير الصحة الفلسطيني ، لا ينفي هذا التفوق الاسرائيلي في مجال الحشد الاعلامي ، هناك العديد من المجموعات التي تدافع عن إسرائيل ، بعضها به مئات الآلاف من الأعضاء ، عموما لهذا بحث منفصل .
ما أريده من هذا ، أن الحرب لم تكن فقط على الصعيد العسكري ، لكنها شملت كل ما يمكن استخدامه في الحروب .
دمتم بخير
المصدر مدونة غريب
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions