لماذا يغيب المواطنون عن إدارة المنشآت الصغيرة

    • لماذا يغيب المواطنون عن إدارة المنشآت الصغيرة

      عُمان -

      حيدر بن عبدالرضا اللواتي:



      بالرغم من الأهمية الكبيرة للمنشآت الصغيرة في دعم الاقتصادات المحلية وضرورة أن تكون هذه المؤسسات تدار بأيدي المواطنين للحفاظ على الثروات التي يمكن للشخص أن يجنيها من الأعمال الحرة والمؤسسات الصغيرة، إلا أنه وللأسف الشديد فإن معظم هذه المؤسسات تدار منذ سنوات عديدة بأيد وافدة في دول مجلس التعاون الخليجي نظرا لعزوف أبنائها بالتوجه في إدارة المنشآت الصغيرة التي يمكن لها أن تستقطب آلافا من الذين يبحثون عن العمل في بلدانهم. ولا شك أن وجود الوافدين في تلك المهام ضروري إذا كان المواطن الخليجي لا يحبذ ذلك، ويترك هذه الفرص الذهبية للآخرين، لأن غياب الاثنين (المواطن والوافد) عن تلك المهن يؤدي إلى ارتفاع قيمة السلع والمنتجات والخدمات أحيانا.

      وهناك أمثلة كثيرة لبعض الأنشطة والمنشآت الصغيرة التي تخلى عنها الوافدون في إدارتها نتيجة لبعض القرارات التي صدرت في الأعوام الماضية، أو منعهم من ممارسة العمل بها لأسباب أخرى. فكانت النتيجة أن اضطر المواطن إلى شراء تلك السلعة أو الخدمة بأسعار مضاعفة. وهذا ما أدى إلى قيام وزارة القوى العاملة مؤخرا باصدار قرارات جديدة سمحت بموجبها استقدام القوى العاملة الوافدة للعمل في تلك المهن التي تشكل معظمها منشآت صغيرة. وهذا قرار صائب إذا كان يلبي متطلبات البلد والاقتصاد الوطني وحاجات المواطنين اليومية، ويؤدي إلى انخفاض أسعار التضخم للسلع والخدمات المطلوبة للمجتمع. ولكن الاهتمام بالمنشآت الصعيرة يجب أن يظل نصب أعيننا نتيجة لقدرة هذه المنشآت في امتصاص الفائض من القوى العاملة الخليجية التي تبحث عن فرص للعمل.

      ووفق الإحصاءات التي تنشرها بعض الجهات المعنية في دول المجلس فإن نسبة الوافدين في إدارة المنشآت الصغيرة تتراوح ما بين 70 إلى 100% في بعض المهن، خاصة إذا كانت تلك المهن تتطلب من الشخص تحمل العناء والمشقة وغيرها من الأمور الأخرى. فمثلا في السعودية تمتلك القوى العاملة الوافدة 70% من مشاريع المنشآت الصغيرة من خلال التجارة المستترة التي يقوم بها المواطنون مقابل حصولهم على بعض المبالغ الزهيدة مقارنة بالدخول المرتفعة التي تجنيها القوى العاملة الوافدة من جراء هذه الأعمال. وهذا الأسلوب التجاري ينسحب على بقية المواطنين في دول المجلس الأخرى. وتحتاج عملية تأهيل المواطنين الخليجيين للعمل في المؤسسات الحرة وتشغيل المؤسسات الصغيرة إلى ثقافة تبدأ منذ الصغر، أو من خلال الممارسة المتواصلة ليكسب الشخص القوة الدافعة له للاستمرار في عدة مهن يرفضها الشاب الخليجي في الوقت الحالي. لقد نجحت بعض المحاولات في هذا الصدد خلال السنوات الماضية في تشغيل العمانيين في المؤسسات الحرة، ولكن التجربة لم تكن ناجحة بالصورة التي يتمناها الجميع، حيث ترك العديد منهم هذه المنشآت، فبقيت عبئأ على مؤسسات الدولة. وهذه التجربة واضحة في موضوع إدارة المحلات الصغيرة لبيع الخضار والفواكه في الأسواق التي أنشأتها وخصصتها بلدية مسقط لقيام المواطنين بإدارة المحلات بأنفسهم، وإذا بمعظم تلك الأسواق أصبحت اليوم ينعق فيها الغربان، الأمر الذي يكلف المواطن الذهاب إلى المراكز التجارية الكبيرة للحصول على احتياجاتهم اليومية من الفواكه والخضراوات، والأسماك واللحوم وغيرها من الضروريات الأخرى. وبالطبع فإن المستفيد الأكبر من هذه العملية هم التجار الكبار من الوافدين الذين يمتلكون هذه المراكز والعقارات بأسماء ومشاركة عمانية من خلال التجارة المستترة، مع إعطاء بعض الاهتمام للعنصر الوطني عبر توفير بعض فرص العمل الدنيا للمواطنين، مقابل حصولهم على المزايا والأرباح المضاعفة سنويا. إن دخول الأعداد الجيدة من المواطنين في إدارة المنشآت الصغيرة ما زال محدودا، وفي الوقت نفسه، وفي ضوء المشاريع الكبيرة التي تتبناها المنطقة فإنها ستحتاج إلى مزيد من القوى العاملة الوافدة والخدمات التي تحتاج إليها منشآت القطاع الخاص والأفراد، وأن تدفق الأجانب سوف يستمر إلى المنطقة، الأمر الذي يتطلب تقديم المزيد من جرعات التدريب والتأهيل لتمكين المواطن الخليجي من العمل وإدارة بعض المؤسسات بنفسه. وهنا لا بد لنا أن نتطرق إلى تجارب الدول الآسيوية التي نجحت في الاعتماد على نفسها في إدارة المنشآت الصغيرة الخاصة، مع التركيز على العنصر النسائي الخليجي الذي يمكن له أن يقوم بدور كبيرا في هذه المعادلة، خاصة في إدارة المشاريع التي تناسب المرأة الخليجية من حيث النوع والحجم والقدرات الأخرى. إن المنشآت الصغيرة تمثل نحو 90% من سوق العمل الخليجي، وهذه الأعمال توفر فرص عمل مجدية للكثير من الشباب والشابات في دول المجلس، الأمر الذي يتطلب إلى زيادة طرح الاعلانات عنها في الصحف المحلية وعبر الوسائل التقنية الحديثة المتاحة، بهدف جذب المزيد من الراغبين للدخول فيها، سواء أكانت تدار بدعم حكومي أو من خلال الاستثمار المشترك مع الآخرين الذي سبق لهم الدخول في نفس هذا المجال، وذلك لتشجيعهم للانخراط في سوق العمل. إن المتابع لهذه القضايا يرى أن الساحة الخليجية تحتاج إلى إجراء المزيد من الدراسات في هذه المجالات، وإلا سيظل الموضوع يشغل بال الجميع في إطار الأعداد الكبيرة من الوافدين الذين يأتون إلى المنطقة، ويستغلون الفرص المتاحة في إدارة هذه المنشآت.


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions