عن الحرية والزواج والسجون والعزوبية .. - جديد معاوية الرواحي

    • عن الحرية والزواج والسجون والعزوبية .. - جديد معاوية الرواحي


      عن العزوبية والزواج ــ حديث شابٌ عُماني ..





      لا يمكنني الجزم، كما لا يمكن لغيري ــكما أتوقع ــ أن يقررَ أن مسقطَ مدينة صديقة للعازبين. أستعيرُ هذا التركيب مناللغة الإنجليزية التي تقرر أن تجعل كل شيء صحيح سياسياً كما يقولون. المكانالملائم للبيئة يكون صديقاً للبيئة، والمكان الملائم للأطفال يكون صديقاً للأطفالوالمكان الملائم للأمهات الحوامل يكون صديقاً للأمهات الحوامل. تدخلُ عنوةَ الكلمةــ كلمة صديق ــ في الاستخدام وفي الكتابة ومعَ ذلك حتى هذه اللحظة نأتي من مجتمعٍلا تروقُ له كلمة [صديق للبنات] أعني لا يعيبُ ذلك المجتمع، وهذا حقُّ اللغويوالسلوكي، ولكنني أستغربُ فقط من هذا التباين في التركيب.

      &&&



      لا يعيش العازبون عصرَهم الذهبي فيمسقط، والمؤسف في الحياةِ المسقطية مؤخراً حدوث تغيرات اقتصادية شاملة أدَّت إلىتغيير ثقافة العيش، أعني لا يمكنُ الجزم أن المجتمعَ العُماني حتى هذه اللحظة قدأفرزَ ما يمكن تسميتُه بثقافة [العزوبية] فالعازب المتعارف عليه عالميا هو الشابالذي يقررُ عن سبق الإصرار والترصد عدمَ الزواج والعيش [فرداً] لأنَّه يريد ذلك.هُنا في عُمان يعيش العازبون حياتَه لأن عليهم ذلك، فالعزوبية وفق التعريفالعُماني هي فترة مؤقتة قد تطول أو تقصر ولكنها تنتهي بالزواج، ومهما امتدَّت هذهالفترة من النادر للغاية أن تجدَ عُمانيا يناهز الخامسة والثلاثين دون أن يقترنَبمن [يهواها قلبُه وعقله] كما يقولون في تهنئات الجرائد.



      مسقط ليست مدينة [صديقة للعازبين] ولاأقول ذلك من ناحية سياسية، وإنما من ناحية اجتماعية. العازبون محاصرون بصورة نمطيةمزعجة للغاية تجعل من جَميع التجمعات السكَّانية القريبة من مواطنِهم في حالةطوارئ، فالعازب هو مشروع مصيبة كما يعرِّفُه الآباء الذين لديهم فتيات في سنِّالمراهقة، وهو مشروع سرقة كما يعرفه صاحب البيت الذي دفعَ الكثير في شراء الشاشاتالمسطحة، وهو مشروع حادث سيارة بالنسبة للأمِّ صاحبة الأطفال في الخامسة للسادسة.لسببٍ أو لآخر تعود جَميع المصائب التي يتوقعها المجتمع إلى العازبين، وإلىتجمعهم. ومهما أردنا أن نخرجَ الأمر من سياقِه العازبون أنفسهم لديهم التوقعنفسَه، الفارق الوحيد أنهم يرونَ الأمر من الداخل.

      &&&



      لم تعد الحياة كما كانت في السابق. ولاتوجد مؤشرات واضحة أنَّها ستعود. بسبب أوضاع العيش وأسعار النفط العالميةوالاقتصاد وباقي المتغيرات مثل عدد السكان وأسعار الأراضي وأسعار الشقق وأسعارالأيدي العاملة الوافدة والمحلية كلُّ شيء تغيَّر. في السابق العازب المثالي هوالموظف في الحكومة، والآن العازب المثالي هو الموظف في شركة كَبيرة. الصور النمطيةتتبادل أماكنها وتتبدَّل بسرعة مخيفة، والمجتمع يتعايش مع هذا التغيير ببطء شديد.



      أعني بربِّكم من الذي يستطيعُ الآن أنيتزوجَ، وأن يشتري سيارة وأن يبني بيتاً وفوقَ ذلك يشترطُ أن يتزوَّج من إنسانة لاتريد العَمل؟؟؟ هذه الشروط التي كانت ممكنة في الفترة من 1992 إلى 1998 تقريباًأصبحت ضرباً من ضروب المستحيل بسبب الوضع الحالي. الشباب يدركون ذلك ويعرفونَه،والبنات يدركنَ ذلكَ ويعرفنَه بقيت الإشكالية الحقيقية في عددٍ هائلٍ من البشرالذين يعيشون العصرَ السابق بتجلياتِه الجَميلة.

      &&&



      أجريتُ استبانة سريعة غير علمية معمجموعة كبيرة من الأصدقاء الذين يعيشون حياة العزوبية في مسقط. كلُّهم أجابواالإجابة نفسَها: هي فترة مؤقتَّة حتى يمتلكوا الاستطاعة على تأسيس منزلٍ مستقلٍوبالطبع إيجاد زوجة مناسبة.



      من جانبٍ آخر أجريت استبانة سريعة مع صديقينلديهما ابنتان دخلنَ الجامعة مؤخراً ووجدتُ أنَّه ــ رغمَ عدم تجاوزهما الأربعينــ باقيين على الفهم التقليدي السابق، فكرة البنت التي عليها أن تتعلَّم لأن ذلكترف يمكن الاستغناء عنه، أعني ألا يدركُ أنَّ الوضع الحالي ليس كما يتوقع؟؟ أنَّسيجلس واضعا رجلا على رجل منتظرا الشباب الذي سيقفونَ طابوراً لخطبة ابنته التييراها أجملَ كائن في الأرض؟ بربِّك أين تعيش يا صديقي العزيز؟؟؟؟



      كشابٍ عُمانيٍّ أستطيع أن ألمسَالتغيَّر الجذري في عقلية الجيل الحالي. أعني الآن نحن اختلفنا عن السابق ولمن نعدنتشرَّط كما تقول الكلمة العُمانية الدارجة، أصبح الاقتران بالموظفة أمرا لازماًلأنَّ الحياة لا تستقيم بدونِه، وأصبح إيجاد العائلة ذات الشروط السهلة أمرامشجعاً على الاقتران أيضا كما أنَّ اكتشاف العوائل ذات البنات الكثيرات أصبحتمهمَّة يتسامعُ عنها الراغبون في إكمال نصف دينِهم وفي دخول المجتمع من البابالكلاسيكي المُعتاد، أن يكون المرء زوجاً لامرأة هي زوجته أيضا !!!

      &&&

      أكثر ما يمكنني أن أقررَه أن العازبينفي مسقط ليسوا في أحسنِ أيَّامِهم، وكذلك البعبع الشهير باسم [ولي الأمر] الذيأخرج قضايا مفزعة مثل [غلاء المهور] و[تأخر سن الزواج]. أعداد القضايا التي تلجؤفيها بناتٌ عمانياتٌ إلى القضاء من أجل الزواج من شابٍ عُمانيٍّ اختارَه عقلهنوقلبهن كما يقولون في تهنئة الجرائد تزيد، والقانون يسمحُ بذلك وهو خيارٌ أخير بعداستنفاذ كافة الوسائل السلمية لإقناع ولي الأمر العَتيد أن يفكِّر قليلا فياشتراطات العصر الحالي التي لم يعد من ضمن أجندتِها أحلام يقظة مثل [البنت راتبهاحالها] أو [الرجل يتكفَّل بكلِّ شيء] أو [لا أريد امرأة عاملة].



      المجتمع يتغيَّر بسبب وضعِه الاقتصادي ومثلما كنجدَّاتُنا يعملنَ في المزرعِ ويحلبن الشياه ويزرعنَ القت في جلبةٍ صغيرة لايستبعدُ المرء أن تعملَ زوجاتُنا أيضا في المدارس والمستشفيات والشركات لإكمالالحُلم البشري المُعتاد بتكوين عائلة صغيرة، وحفظ النوع البشري أو في حالتِنا حفظالنوع العُماني.










      المصدر : مدونة معاوية الرواحي


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions