الإدارة بين ..النظرية والتطبيق

    • الإدارة بين ..النظرية والتطبيق

      عُمان -

      د.صالح بن علي العبري:



      دائما ما أسمع عند الالتقاء بالجيل أو الرعيل الأول من القيادات الإدارية التي عملت في السبعينيات والثمانينات من القرن الماضي في معظم المؤسسات العامة وما زال البعض موجودا حتى الآن حيث نجدهم عندما يشيدون بشخص يعمل معهم أو كان يعمل بأنه دائما يحضر الساعة السابعة والنصف يأتي مبكرا إلى مؤسسته وهو أول شخص يصل إلى المؤسسة وهو آخر شخص يخرج من المؤسسة التي ينتمي لها، قد تكون نقطة مهمة وحسنة تحسب للموظف بالتزامه بساعات الدوام، لكن التقييم الصحيح بالإضافة لذلك هو مقدار الإنجازات والأعمال التي ينجزها من الناحية الكمية والنوعية والكيفية. فالأعمال هي التي تتحدث عن نفسها في تقييم الموظف صحيح قد يداوم سبع ساعات في اليوم الواحد وهي ساعات العمل اليومي ولكن مقدار إنجازه الحقيقي لا يتعدى نصف ساعة أو ساعة فلا يقاس العمل بمقدار الجلوس والساعات الطوال ولكن بمقدار المخرجات والانجاز وبمقدار الإبداع والتطوير والتجديد للأفضل والأحسن وأين كانت المؤسسة وأين أصبحت ليس بالبهرجة والإشادة ولكن بما هو واقع وفائدته وإفادته واضحة للعيان ويلمسه ويستفيد منه المستهدف من وجود تلك المؤسسة وأكثر ما يوجد هذا السلوك في المؤسسات العامة وليست الخاصة.

      فتجد من أمثاله طوال الساعات يتصفح مواقع الانترنت والجرائد والمجلات أو تبادل الايميلات والرسائل القصيرة المسلية وقد تكون الغرامية أو الجلوس مع أمثاله من الموظفين بالحديث عن زملائه فتجد النميمة مع بعضهم البعض أو مع رؤسائهم مع إبداء المسؤول احيانا آذانا صاغية بل قد يزيد ويثري الموضوع بما يملك من أبيات وكأنهم ينشدون شعر مدح لا ذم وقدح في إخوانهن زملاء العمل وينسى المسؤول أو يتناسى بأنه من المفترض أن يكون أبا للكل وراعيا لهم وهم لديه كأبنائه أو إخوانه الصغار حريص عليهم لا يرضى أن يلحق بهم الأذى أو الإساءة لهم والمفترض منه أن يكف عن مشاركتهم أو يوجه لهم النصح بتقوى الله في إخوانهن ويعلنها بأنه لا يقبل ذلك.

      القيادة الإدارية من المفترض أن تعمل على إتاحة الفرص المتساوية للجميع كونها بمثابة الأب الحاني ليس نسبا ولكن من خلال نسب وصلة المسؤولية فما يتحمله تجاه أبنائه وطموحه بأن يكونوا على أحسن ما يرام فيأخذ بأياديهم ويرفع من روحهم المعنوية ويشملهم بتوجيهه وإرشاده ويعمل على صقلهم وتدريبهم وتأهيلهم لا أن يكون سيفا مسلطا على رقابهم.

      وهناك نوع من القيادات الإدارية غالبا ما يتشدقون بكثرة الأعمال والمشاغل فمشاغلهم وأعمالهم هي في الواقع سراب إلا ما كان فيه فائدة ترجى كرضا مسؤول ومزيد من التقرب لتقريب العوائد المادية والوظيفية والحصول على المغانم الآنية والمنافع الذاتية والمكاسب الشخصية فحلال عليهم حرام على غيرهم يظهرون أنهم الأكفاء في تمثيل المؤسسة يجيدون إيهام الآخرين بعبقريتهم الفذة ورصهم للمصطلحات الغريبة ليوهم من يحدثه بلباقته وحنكته فهو لا ينطق إلا شهدا ولا يعبر إلا بعبرة ولا ينشد إلا بشعر متقن رصين فيه من البلاغة والتشبيهات والمترادفات والوزن ما لا يصل له مخلوق في المؤسسة لا يخطئ فهو دائما معصوم، هو دائما على صواب وحسن تقدير وبعد للأمور، والذكاء والفطنة حاضرة هكذا ينظرون ويوهمون أنفسهم إن وجدوا مقيميهم بلهاء لا يعون ما يعرض عليهم على الرغم إن العمل المنجز هو جهود لآخرين يبذلون الغالي والنفيس بعصارة فكرهم وعقلهم وعرقهم بكل إخلاص لكن من يقطف الثمار ويجني الشهد ويكون في الصورة أمثال هؤلاء المتشدقين الذين ينسبون العمل المتقن لأنفسهم وإن كان به خلل وبلمح البصر يتبرأون منه وينسبونه إلى صاحبه الحقيقي فالتبني حينها ينتهي ولو بأغلظ الأيمان, الصورة مشرقة دائما تجاههم والأخطاء هو ما يرتكبه الآخرون وليسوا هم، هؤلاء كأنهم ملائكة من البشر لا يخطئون ويفعلون ما يؤمرون والآخرون كأنهم شياطين من البشر يفعلون مالا يؤمرون والخطأ هو مسلكهم.

      وأمثال هؤلاء غالبا لا يتركون لمن يحسون ويلمسون وجود قدرات لديهم بإظهار إمكانياتهم إلا بالوقوف ضدهم ومحاربتهم والكيد لهم والتلفيق تارة بكونهم لا يحبون العمل والمشاركة والانجاز وهذا غير صحيح فحب العمل والإخلاص والتفاني في دمائهم وفي ووجدانهم وأفئدتهم وحريصون كل الحرص على المصلحة الوطنية وليس في أجندتهم مصالح شخصية ومنافع ذاتية إلا ما يحفظ ويكفل لهم العيش الكريم في حدوده.

      لا سبيل لإصلاح الحال إلا بإعادة برمجة عقولهم وتغيير أفكارهم من جديد ونظرتهم لأدوارهم ومهامهم بمعرفة مالهم وما عليهم من حقوق تجاه موظفيهم برعايتهم ومساندتهم والوقوف معهم في كل ما يحتاجون له من دعم فهم بمثابة المثل الأعلى والقدوة الصالحة يحفظ حقوقهم ويدافع عنهم في غيابهم.

      فنون الإدارة الحديثة تغيرت وطريقة معاملة العاملين اختلفت في الأساليب والبيئة والظروف وللتقنية دور وللجانب النفسي والرعاية والخدمات المقدمة للأفراد من أجل الإبداع وطريقة الإعداد ليست كما هي عليه سابقا لذا كان لازما مراعاة التقدم والتأقلم معه ومع المستجدات والإدارة أصبحت علما يدرس وفنا يجب أن يتقن فالإدارة هي علم وفن ويؤثر عن الإمام علي بن أبي طالب مقولته الشهيرة علموا أولادكم على غير شاكلتكم فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم ومن هنا فإن القناعات والأساليب المتبعة لإدارة العاملين وبيئة العمل يجب أن تتواكب مع العصر.

      تختلف المؤسسات العامة ونوعية مهامها وأدوارها ولذا قد تشترك في شيء وقد تختلف في أشياء لكن التصور والنظرة عامة وقد تلتقي بعض الخيوط مع بعضها وقد تتجه مسارات متباعدة وقد تتقارب فالفرق في النسبة وليس النوع وقد تتفق مع القيادات الإدارية الحديثة الشابة.


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions