ماذا جرى في لقاء صدام حسين ورامسفيلد...
نص المحضر:
في بداية الحديث كان الرئيس صدام يبدو هادئا للغاية , ربما كان قد فوجئ بأن ضيفه هو رامسفيلد , إلا أنه لم يبدو عليه أي توتر عصبي.
الحوار:/
رامسفيلد:لقد جئت للقائك لأتفاوض معك حول الموقف فالعراق , لقد أجرينا اتصالات مع بعض من أنصارك داخل وخارج العراق , وقد نصحونا بأن نستمع إليك وأن القرار الأول والأخرير أنت من تحدده كما يقولون.
صدام حسين:وماذا تريدون؟
لقد احتلت قواتكم ارض العراق الأبي , وأسقطتم نظام الحكم دون سند من شرعية , واعتديتم على سيادة بلد حر مستقل ذي سيادة , وارتكبتم جرائم سيسجلها التاريخ ليكون شاهدا على حضارتكم المخصبة بالدماء , فماذا تريدون بعد كل ذلك ؟
رامسفيلديحاول أن يكتم غيظه): لا داعي للخوض في الماضي لقد جئت خصيصا لأعرض عليك عرضا واضحا ومحددا , وأريد أن أسمع منك إجابة واضحة ومحددة.
صدام حسين)ساخراً):أضنك جئت للاعتذار وإعادة السلطة للعراقيين.
رامسفيلد:ليس هناك ما نعتذر عنه , لقد شكلت خطرا على جيرانك وسعيت لامتلاك أسلحة دمار شامل , ومارست الدكتاتورية على شعبك وكان طبيعيا أن نمد أيدينا لشعب العراق لنخلصه من المخاطر التي واجهته على مدى أكثر من ثلاثة عقود.
صدام حسين:أعرف أنك جاهل بالتاريخ , وأعرف أن رئيسك لا يقل جهلا عنك , ولكن يبدو أنكم ظللتم تكذبون حتى صدقتم أنفسكم , إذا كنت تقصد بجيراننا الكيان الصهيوني فنحن فعلا كنا نشكل خطر ونعد العدة لتحرير أرضنا المغتصبة في فلسطين , وهذه أمنية كل إنسان عربي ومسلم وليس كل عراقي فقط ,فهذه الأرض عربية وشعبها عربي والصهاينة هم الذين احتلوا الأرض وجاءوا إلينا من كل أنحا العالم بمساندتكم أنتم وقوى الاستعمار القديم , أما إذا كنت تقصد الكويت , فأريد أن أسألك : هل انسحبتم من الكويت أم لا؟
رامسفيلد:هذه قضايا أمنيه , ثم أننا بيننا وبين الكويت ودول الخليج الأخرى اتفاقات أمنية.. لقد جئنا بناء على طلب منهم , لحمايتهم من تهديداتك.
صدام حسين:أليس مضحكا أن يؤتمن الذئب على الخراف , إن شعب الكويت شعب عربي , والكويت هي أرض عربية , وأدعوك أن تقرأ التاريخ جيدا , وأن كنت على ثقة أنك لن تستوعبه.
رامسفيلد:دعك من هذا الهراء أنا أعرض عليك ...
صدام حسين: (مقاطعا): قبل أن تعرض علي بضاعتك الفاسدة أنا أسألك: هل وجدتم أسلحة الدمار الشامل فالعراق أم لا ؟
رامسفيلدمرتبكا) : لم نعثر عليها حتى الآن , لكن حتما , لكن حتما سنعثر عليها في يوما ما , هل تنكر أنه كانت لديك نوايا لصناعة قنابل نووية؟
صدام حسين:لم تكن ليدنا أسلحة دمار شامل منذ عام 1991 لقد كنا صادقين ونحن نتحدث مع بعثة التفتيش الدولية , وكنا صادقين في رسائلنا إلى كوفي عنان , وكنتم تعرفون هذه الحقائق , لكنكم كنتم تبحثون عن أية ذرائع كاذبة لاحتلال العراق وإسقاط سلطته الشرعية.
رامسفيلد:لقد استقبلنا العراقيين بسعادة بالغة ورحبوا بنا , وكان السبب هو ممارسات نظامك الدموي على مدى كل هذه السنوات التي حكمت فيها العراق.
صدام حسين: أرجوك يا سيد رامسفيلد .. كفاك كذبا , فأنتم الذين فجرتم شلالات الدماء على أرض العراق العظيم , لقد تأمرتم علينا وجئتم ببعض الخونة ليحتلوا السلطة على أرض العراق العظيم.
رامسفيلد:من أسميتهم بالخونة أخترهم الشعب العراقي بطريقة ديمقراطية وانتخابات نزيهة لم تحدث في ظل حكمكم للبلاد.
صدام حسين: لقد عرفت أنكم جئتم بجوقة الخونة وفي مقدمتهم الطالباني , (ضحك ساخرا) العراق العظيم يحكمه الطالباني والجعفري , ألا يدعو ذلك للسخرية؟!..ثم عن أي انتخابات تتحدث .. هل يجوز أن تجري انتخابات حرة كما تقول في ضل احتلالكم لبلدنا ؟! يا سيد رامسفيلد لقد تعلمنا من التاريد أن المحتل لا يأتي إلا بأعوانه وعملائه و ثم تريد أن تقنعني بأن شعب العراق يتمتع بالحرية والديمقراطية , إنك حقا تهذي..!!
رامسفيلديكتم غيضه بشدة) أنت معزول ولا تعرف حقائق ما يجري فالخارج , إن الشعب العراقي تحرر من ظلمك , ولو رأوك أنت أو أيا من رجالك في الشارع لفتكوا بك ..!!
صدام حسين: وأنا أراهنك إذا استطعت أن تعلن عن مكان وجودك فالعراق , لو علمت المقاومة العراقية لما استطعت أن تخرج حيا , أنني أريد أن أسدي نصيحة إلى رئيسك الغبي , عليك أن تبلغها له وهي أن ينقذ ما تبقى من جنوده , أن الموت يحاصرهم من كل مكان , والتاريخ لن يرحمه.
رامسفيلد:لقد جئت للحديث معك حول عمليات الإرهاب التي يحرض عليها رجالك وينفذونها .. لقد قام رجالك بعملية دنيئة استهدفت سجن أبو غريب , حيث أصابوا وقتلوا أكثر من 50 أمريكيا , كما أنهم قتلوا عددا من المقبوض عليهم بتهم مختلفة إن رجالك يستعينون بالإرهابيين من كل أنحاء العالم وهم يهددون التجربة الديمقراطية فالعراق .
صدام حسين : وما هو المطلوب؟
رامسفيلد:أنا أعرض عليك عرضا واحدا وهو أن يفرج عنك وتختار لنفسك منفى اختياري في أي بلد تشاء بشرط إن تظهر على شاشة التلفزيون لتعلن إدانة الإرهاب , وتطلب رجالك بالكف عن هذه الممارسات.
صدام حسين : وهل حصلت على موافقة رئيسك على هذا العرض؟
رامسفيلد:نعم هذا العرض تم الأتفاق عليه في جلسة تشاوريه شارك فيها الرئيس ونائبه ووزير الخارجية ورئيس جهاز الاستخبارات , وقد كلفت بإبلاغك بهذا العرض . صدام حيسن إنه ثمن بخس.
رامسفيلدبلهفة) ومستعدون أيضا لإشراك عناصر مقربة منك فالحكم.
صدام حسين: وماذا أيضاً.
رامسفيلد: سنقدم لك إعانة مالية محترمة وسوف يحفظ أمنك وأمن أسرتك في البلد الذي ستختاره.
صدام حسين: هل تريد أن تسمع شروطي؟.
رامسفيلد:يا حبذا.
صدام حسين: (بلغة فيها الكثير من الغرور والتعالي): أنا أريد منك أولا أن تحدد لي جدولا زمنيا للانسحاب من العراق , وأن تلتزم به حكومتكم أمام العالم , وأن تبدأوا عملية الانسحاب على الفور .
وأنا أطلب ثانيا .. الإفراج عن كافة المعتقلين العراقيين والعرب في السجون التي أقمتموها أو تلك التي قيدتم فيها حرية عشرات الألوف من شرفاء العراق .
وأطلب ثالثا منكم .. التعهد بتقديم التعويضات الكاملة عن الخسائر المادية التي لحقت بالشعب العراقي من جراء عدوانكم على بلدنا منذ أم المعارك في عام 1991م وحتى اليوم , وأنا أقبل بالاستعانة بلجنة دولية وعربية لتقدر هذه الخسائر.
وأطلب رابعا .. أن تردوا الأموال التي نهبها رجالكم من خزائن العراق ونفطه وخاصة هذا المجرم بيمر وازنامه من الخونة المارقين.
وأطلب خامسا.. إعادة الآثار التي سرقتموها وسلمتموها لمافيا الآثار , فهذه فهذه كنوز لا تقدر بمال الدنيا , لأنها تحمل تاريخ العراق العظيم وحظارته , صحيح أنكم لا تملكون حضارة ولا تاريخ وأن عمر بلدكم لا يتجاوز بضع مئات من السنين , ولكن كل ذلك يجب ألا يبرر سرقاتكم وحقدكم على حضارة وثروات العراق .
وأطلب سادسا .. أن تسلموني أسلحة الدمار الشامل إذا كنتم قد عثرتم عليها وأن تعيدوا إلينا حياة كل الشهداء الذين أزهقت أرواحهم, وأن تردوا شرف الماجدات العراقيات الذي سلبتموه.
رامسفيلد:هل هذا نوع من الصخرية؟
صدام حسين: لا , بل هذه الحقيقة المرة التي تعرفونها .. يا سيد رام فيلد أنتم ارتكبتم أكبر جريمة فالتاريخ ضد بلد عربي مسالم .. لقد التقينا معا فالثمانينات , هل تذكر عروضك؟
رامسفيلد:دعنا من الماضي , نحن بصدد إعادة تقييم موقفنا منكم ومن العديد من القوى التي ناصبتنا العداء في الماضي , نحن قررنا أن نتحاور مع الإسلاميين المعتدلين , وليس لدينا مانع من وصولهم للسلطة عبر صندوق الانتخاب . بل الأهم من ذلك أننا قررنا أن نفتح قنوات للحوار مع منضمات إرهابية مثل حماس والجهاد وحماس الموالي لإيران , وأيضا منضمات أصولية أخرى في العالم كله , بل لدينا مشروع للاتصال بحركة طالبان بأفغانستان لدراسة مشاركتهم فالسلطة مقابل التخلي عن السلاح .
صدام حسين: إذن بدأتم تعيدون النظر في نهجكم الخاطئ .
رامسفيلد:إنه التطور الطبيعي للأمور , نحن نسعى إلى نشر الديمقراطية في كافة البلدان والحركات الخاضعة للاستبداد .
صدام حسين:أفلحتم أن صدقتم , أنا أعرف حقيقة أهدافكم , وإذا كنتم صادقين فعلا فعليكم أن تبدأو فورا الانسحاب من العراق , وعليكم أيضا أن تراجعوا موقفكم الداعم لإسرائيل . إنني أعرف أن رئيسك عنيد ومكابر وليس صادق.
رامسفيلد:إنه رئيس ديمقراطي منتخب , وليس حاكما دمويا مثلك.
صدام حسين : الإرهاب صناعتكم والكذب أسلوبكم .
رامسفيلد:إن هذا العرض هو فرصة تاريخية لكم ,سنفرج عنك .ونتشاور معك في كل ما يخص شؤون الحكم في العراق إذا رفضت هذا العرض فإن الفرصة لن تعوض .
صدام حسين : أنا لا أبحث عن الفرص , ولا أبحث عن طريق لإنقاذ رقبتي من حبل المشنقة التي نصبتموها للعراق بأكمله , لو أردت ذلك لقبلة بالعرض الروسي وأنقذت ولدّي وحفيدي من الشهادة , أنا لا أعرف ما هو مصير أسرتي وبناتي وأحفادي , ولكن ثق أنني مهتم بكل مواطن عراقي وبمستقبل العراق العظيم أكثر من اهتمامي بأسرتي وبنفسي .
لقد سبق أن عرضتم علي قبل ذلك عن طريق رجالكم أن أقر بأن أسلحة الدمار الشامل هربت إلى سوريا وقلتم أن الثمن هو الإفراج عني , فرفضت وها أنا أكرر الرفض مرة أخرى .
رامسفيلد:أنا لا أريد منك رفضا أنا أريد منك التفكير , نحن نعاود تقييم مواقفنا في الوقت الراهن , نحن نريد وقف الدما التي تتدفق من كلا الجانبين , ولذلك يأتي عرضنا من منطق القوة وليس من منطق الضعف .
لقد طلبنا من جلال الطالباني أن يدلي بتصريح ينفي فيه أية نوايا لإعدامكم كبادرة نوايا حسن منا , ونحن لدينا الاستعداد لمراجعة موقفنا كاملا من العملية السياسية فالعراق بأكمله وأن نتحاور معك ومع رجالك في هذا الأمر .
صدام حسين : هل أنتم مستعدون للانسحاب أم لا ؟
رامسفيلد:يمكن أن نبحث أعادة الانتشار , إن قواتنا أعدت العدة للبقاء فترة طويلة هنا يمكن أن ننسحب من المدن والشوارع ولكن سنبقى في القواعد لفترة من الوقت .
صدام حسين : إذا أنتم تريدون عميلا أخر يضاف لهذا الطابور من العملاء , لا ياسيد رامسفيلد .. لا تنسى أنك تتخاطب مع صدام حسين رئيس جمهورية العراق.
رامسفيلد:لكنك خسرت السلطة .
صدام حسين : لم يبقى لي سوى الشرف , والشرف لا يباع ولا يشترى .
رامسفيلد:لكن الحياة لها قيمة لا تقدر .
صدام حسين : لا قيمة للحياة بدون كرامة , وأنتم سلبتم العراق كرامته وعندما دنستم أرضه سوف نستر كرامته , سواء بقي صدام حسين أو أستشهد .
رامسفيلد:أن أنصارك الذين تحاورنا معهم قالوا انك صاحب القرار الأول والأخير , هل كانوا يتوقعون ردة فعلك ؟
صدام حسين : بالقطع هم يعرفون صدام حسين لا يستطيع أن يتراجع على حساب وطنه وكرامته.
رامسفيلد:التاريخ سيحملك مسؤولية الدماء التي تسال في العراق .
صدام حسين :بل التاريخ سيحاكمكم على جرائمكم , لقد حذرتكم من قبل وقلت لكم ستنتحرون على أسوار بغداد , وها أنتم تدفعون الثمن , أرجوك أن تذهب إلى لندن وتقرأ سجلات وزارة الخارجية البريطانية لتعرف بعضا من ملامح كفاح الشعب العراقي في مواجهة أصدقائكم البريطانيين الذين تكررون أخطاءهم وتشركونهم معكم .. الشعب العراقي عنيد ولا يخاف الموت .. والمقاومة أقوى مما تتصورون ولذلك أبشركم بالمزيد .