ـ البِيدارْ العبقري ـ - جديد ابن المرار

    • ـ البِيدارْ العبقري ـ - جديد ابن المرار

      كانت البلاد تعيش حالة من الركود الإقتصادي الكبير، ولا مكان للشباب غير الجلوس في البيوت الطينية، أو التسمر أمام دكان الحارة لتبادل أطراف الحديث الملل فلا شيء في البلاد يستحق التحدث عنه. اقترح "حمدان" ذلك الشاب المفعم بالحيوية والنشاط "لعبة مسلية" تملاء على شباب الحارة وقت فراغهم، وتخرجهم من دائرة الملل والرتابة التي يعيشونها .

      مضمون اللعبة أن يجتمع شباب الحارة بعد صلاة المغرب ويتفقون على زيارة أحد كبار السن في الحارة بحجة "صلة الرحم" والقصد مفاجأة صاحب المنزل وتناول وجبة العشاء من منزله كنوع من الدُعابة. وبالفعل بدأ الشباب في هذه اللعبة المسلية بالنسبة لهم، والمزعجة بالنسبة لأهالي الحارة، ومثلما يقول المثل الدارج "إلي ما لاقي حيلة ... يلعب التيلة".

      لم يستطيع رجال الحارة ردع الشباب عن هذه الحركة الغير لائقة أخلاقية، كما أن الشباب وجدوا في هذه اللعبة هدفهم الذي يخرجهم من الحياة المللة بألية مسلية وممتعة للغاية. أكثر من مئة شاب يجتمعون كل يوم بعد صلاة المغرب ويحددون منزل في الحارة لزيارته أو بالأحرى "لمهاجمته" ولا يخرجون من المنزل إلا بعد تناول وجبة العشاء.

      وفي يوم من الأيام قرر الشباب أن "يهجموا" على منزل "البيدار مصبح" والذي تميز بعبقريته الغير طبيعية، فلا يذكر أن "البيدار مصبح" وقع ضحية فخ مثل هذا الفخ الذي ينصبه شباب الحارة مساء كل يوم، وعلى ما يبدوا أن الشباب أختاروا الإختيار الصعب هذه المرة عندما أتفقوا على أن يباغتوا "البيدار مصبح" بعد صلاة المغرب بحجة زيارته والإطمئنان على صحته ولأن يغادرون المنزل إلا بعد تناول وجبة العشاء، وكان عدد الشباب أكثر من مئة شاب .

      لم يكن أهالي الحارة من البخلاء ليمنعوا هذه الظاهرة، ولكنها ظاهرة سيئة ولا تليق بالمجتمع لأنها تسيئ للكثير من المبادئ والقيم الاجتماعية، كما أنها تنمي داخل الشباب ظاهرة "التسول" وإن كان الشباب غرضهم الأول والأخير التسلية لا أكثر ولا أقل .

      استقبل "البيدار مصبح" الشباب في منزله وقد أعدَ لهم طبق مغري جداً من اللبن المحلي المضاف عليه قطع الثوم والفلفل الأخضر، إلى جانب الخبز المحلي المحمر "المرشوش" بالسمن البلدي، كانت وجبة مغرية ولكنها غير آمنة فلا يمكن أن يقع "البيدار مصبح" في فخ مثل هذا ولا بد أن في المسألة لعبة من "وراء الكواليس" .

      شرب "البيدار مصبح" كمية كبيرة من اللبن وأكل الكثير من الخبز أمام أعين الشباب، وبهذا إطمئان الجميع وبدأ في "الهجوم" على الطعام حتى أمتلائت بطونهم وبدأ مفعول "الحْلول" / عبارة عن بذور لشجرة يطلق عليها محليًا "العَرشْ" تصيب الإنسان بالإسهال إذا أكل منها / .

      لم تَسلم دورات مياه مسجد الحارة من طوابير الشباب الذين أصطفوا بإنتظار أدوارهم لتفريغ ما تناوله من بيت "البيدار مصبح"، كما أنتشر بعض الشباب بين نخيل الحارة "ليقضوا حاجتهم" ولم تسلم زاوية من زوايا الحارة من ألغام الشباب التي زرعها لهم "البيدار مصبح" وبعد ثلاثة أيام من العذاب تخلى الشباب عن لعبتهم كما تخلصت الحارة من ظاهرة كادت أن تتفشى في الحارة وتخلق نوعًا من الإنحراف الأخلاقي في المجتمع .


      ابن المرار، محمد سعيد
      الجمعة 29/1/2010م
      5.45 عصراً.
      مسقط، الخوير، دوحة الأدب .



      المصدر : مدونة ابن المرار


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions