منازل وضرائب وأحمق غاضب - جديد عبدالله المهيري

    • منازل وضرائب وأحمق غاضب - جديد عبدالله المهيري

      بين حين وآخر أبحث وأقرأ عن المنازل حول العالم وفي كل مرة يزداد تحسري، لماذا لا يستطيع المرء في بلادنا أن يمتلك بيتاً بسهولة؟ لماذا يجب أن يكلف بناء بيت ما كثيراً من المال؟ أتحدث عن ملايين الدراهم التي هي في نظر الأغنياء مجرد "خردة" وفي نظر أغلبية الناس مبلغ كبير يحتاج لوقت طويل من التفكير قبل إنفاقه ومعظم الناس لا يملكونه وهذا يعني قرض يسدد خلال 10 أو 20 عاماً، لا أستطيع تخيل نفسي مربوطاً بدين لأسبوع واحد فكيف بعدة سنوات؟

      ما يغضبني حقاً وما يثير حنقي ورغبتي أن ألكم أحدهم على أنفه هو تقبل البعض للواقع كما هو دون أي مسائلة، دون أن يطرح أحدهم سؤالاً بسيطاً "لماذا؟" دون أن يحاول أحدهم أن يفكر بطرق تسمح للناس بتقليل تكلفة البناء، البعض يقبل الواقع كما هو ولا يفكر - مجرد تفكير - في أن هذا الواقع يمكن تغييره، لا أطالب بأي حركة أو مبادرة، لا أطالب بأي شيء سوى أن يفكر الإنسان منا بهذا الواقع ويحاول معرفة أسباب وصولنا لهذا الحال.

      الأخ عصام الزامل كتب مقالة عن قانون ضريبة إمتلاك وتجارة الأراضي كحل لارتفاع أسعار الأراضي في السعودية، وأظن أن قانوناً مثل هذا يصلح لبقية الدول الإسلامية، لا بد من وجود حزمة قوانين تطبق على الأفراد كلهم والشركات تمنع مالكي الأراضي من احتكار الأراضي بدون تقديم شيء في المقابل، تمنع امتلاك شخص ما لأرض دون استغلالها لفترات طويلة.

      ثم لا بد من قوانين وإجراءات تجبر السوق على تخفيض تكاليف البناء ولن يقنعني أحد أن تكاليف البناء عالية أصلاً في كل مكان لأن بناء بيت في إحدى الإمارات سيكلف صاحبه نصف المبلغ الذي سيضطر لدفعه لو بناه في إمارة أخرى وهذا يعني أن هناك عوامل كثيرة تتدخل لرفع أسعار البناء، وهذه العوامل ليست إهرامات راسخة بل أوهام ثابتة لدى البعض أو أوهام يريد البعض أن نبقى مقتنعين بها.

      لدي قناعة أن أسعار البناء وكل شيء متعلق بالأراضي يمكن مراجعته ووضع حلول له لتخفيض التكاليف إلى حد يمكن للمواطن أن يشتري ويبني أرضاً دون أي تدخل أو مساعدة من الحكومة، وهذا يتطلب إعادة التفكير في كثير من المسلمات التي يؤمن بها البعض، سواء كان هؤلاء "البعض" أناساً يبحثون عن بيوت أم مسؤولين بيدهم قرارات التغيير.

      ***


      من ناحية أخرى وفي موضوع آخر تماماً، أتعامل مع البريد كثيراً هذه الأيام فأنا أنتظر وصول رسائل أو كتب، في يوم ما وصلتني كتب وذهبت إلى المكتب الرئيسي للبريد حيث وصلني صندوق من الكتب، دفعت درهمين لكي أستلم الصندوق لكن العامل أزاحه إلى جانب وطلب مني أن أنتظر، جاء عامل آخر وأخذ مشرطاً وقطع اللاصق وفتح الصندوق، أنا أشاهد بعيني كيف تمارس الرقابة على الكتب، الرجل يؤدي وظيفته ولا ألومه لكن الرقابة نفسها تغضبني وموقفي منها واضح، أخرج أحد الكتب وقال "هذا كتاب طبخ" ولم يكن كتاب طبخ شاهد غلاف كتاب ثاني ولم يقل شيئاً ولم يشاهد بقية الكتب، أعاد الكتاب وأغلق الصندوق ووضع لاصقاً يشير إلى أن الصندوق قد فتح للرقابة.

      أهذا كل شيء؟ ما شاهدته ليس رقابة بل "لعب عيال" وخطوة غير ضرورية ومضيعة للوقت ولأعصابي، الغضب في هذه المواقف حماقة خصوصاً أنني لا أستطيع كبح لساني عن الحديث، ولم يحدث من قبل أن رفعت صوتي أو أسأت لأي شخص لكنني أقول ما يفترض أن أحتفظ به لنفسي، فمثلاً أتذكر قولي لموظفين في مكتب للرقابة على الكتب "من المفترض ألا تكون هناك أي رقابة على الكتب" وهذا يعني أنني أقول لهم "وظيفتكم ليس لها فائدة ويجب أن تلغى" لكنني لم أفكر بهذا المعنى عندما قلت كلامي.

      إن كانت هذه صورة الرقابة على الكتب والمجلات التي تأتينا من الخارج فليس لدي شك أن هناك مواد دخلت البلاد ومن المفترض ألا تدخل، ومن يرى أن الرقابة يجب أن تشدد على المواد المخلة بالأدب فعليه أن يقول شيئاً على الأقل، الرقابة بصورتها الحالية لا ترضي أحداً.

      اليوم كنت في مكتب البريد لاستلام طرد وتبين أن علي دفع ضريبة، هذا أمر جديد علي ولم أكن أعرف وجود مثل هذه الضريبة، منذ متى فرضت هذه الضريبة علينا؟ على أي حال ليس لدي خيار سوى الدفع فطلب الرجل مني رقم سماه "الإمبورت" أو رقم الاستيراد فأخبرته أنني لا أعرف ماذا يعني، أخبرني أنه سيعطيني رقماً جديداً وعلي أن أدفع 50 درهماً لهذا الرقم، بمعنى آخر لكي أدفع علي أولاً أن أدفع! فقلت بصوت عالي "مثل المنشار! في الطالع ياكل وفي النازل ياكل" لكن الرجل يبدو أنه تعود على سماع هذا الكلام فلم يلتفت لكلامي.

      لعشر دقائق كان الرجل يحاول أن يدخل بياناتي في الحاسوب لكن "السيستيم" لا يعمل جيداً لذلك أعطاني الطرد بدون أي دفع، أنا محظوظ بذلك لكنني خرجت متضايقاً، عندما فتح الطرد ليرى محتوياته تمنيت لو أنه فعل ذلك بأسلوب يحترم خصوصيتي لا أن يعرض الطرد أمام الجميع، عندما كان يحاول أن ينجز معاملة الضريبة كان أشخاص آخرون ينتظرون دورهم ليحصلوا على طرود لهم، فكانت تفتح أمام الجميع، في هذه اللحظات كنت أبتعد عن الطاولة لمسافة كافية لكي لا أرى ما تحويه طرود الآخرين، أظن أنه من حقهم ألا يعرف أي شخص محتويات الطرود التي سيستلمونها إلا المفتش من الجمارك، لكن أسلوب التعامل هناك يجعلني أشعر أننا في سوق السمك، يمكن لأي شخص أن يرى كل شيء.

      هذا ما لدي الآن، مجرد شكاوي لا فائدة منها، كلما مرت الأيام شعرت بأنني أتحول بسرعة إلى رجل عجوز مزعج كثير الشكوى.




      المصدر : مدونة عبدالله المهيري


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions