الآن قمتُ من النّوم..جاءتني أُمِّي لأقوم .. ثمّة خِلاف بيني وبينها حدث .. صعدتُ ولم أنزُل حتّى لـ الغداء ..اذكُر أنّ السّماء كانت تُمطر .. وروحي كذلِك أمطرت بعدها بـ ساعات بعدما تلبّد الغيمُ فيها فأومضت ضيقا و أرعدت تعبا..عدتُ من الجامِعة بعد الثّالِثة .. نزلتُ لأركِض تحت المطرِ واتناول بعدها الغداء .. لكن حدث ما حدث.. جلستُ في المرجوحة تحت المطر ..وبعدما ضاقت عليَّ السّماوات والأرض صعدت.. أخي حاول تبرير موقِفه لي .. لكنّني كنتُ قد صمّمتُ أن لن أرضى هذِه المرّة.. دائِما اغفر ولا يحسبون حساب..أغلقتُ الغُرفة بالمفتاح هذِه المرّة وانفجرتُ باكية..كان القرفُ يملؤني منذُ الصّباح .. ينعجنُ مع لحمي ويغسِلُ أحشائي..قرفٌ من كلِّ شئ.. كلِّ شئ.. ويبدو أنّني قد جدّفتُ كثيرا..كنتُ أتمنّى أن اتلاشى مع هذا المطر .. قرفٌ يسكنني ويُحيطُ بي ويلوّنُ الموجودات بسوداويّةٍ لم تعهدها أشدُّ لحظاتي سوداويّةً..
اللحظة بالذّات شقيقة النّبض تدخُل ...... (فاصِل زمني مقدارهُ ثوانٍ) ..تسألني ( ماذا بِكِ؟) وأجيبها بكلِّ حزمٍ ( لا شئ).
بكيتُ وتأمّلتُ المطر .. عتّمتُ الغُرفة بعدها .. وفتحت قِفل الباب .. ونُمت..كنتُ لا أنوي أن أردَّ على أحدٍ مهما جاء .. جاءتني أُمِّي ..كنتُ متأكِّدة أنّها ستأتي وكنتُ قد صمّمتُ أنّني لن انزل معهم .. أيقظتني .. لم أكن أنوي الاستجابة لكنّني أجبت .. طلبت منِّي النُّزول .. رفضت.. عاودت الطّلب ..لم استطع أن ارفض ..نزلتُ .. أُختاي هُناك زوج إحداهنُ كذلِك بكلِّ قرفٍ نزلت وإذا بأخي يطلب منِّي أن انظر لـ شكلي في المرآة..كنتُ مستاءة جدّا منه..وهو يتحدّث إلي وأنا أصدُّ عنه..طلب منِّي أن اسمعهُ قليلا.. لم يكن عذرهُ مقبولا لكنّني أمام أخواني بالذّات لا استطيع أن (ازعل) أكثر ..كنتُ بكلِّ قرفٍ شبه جالِسة على الطّاوِلة لم يشأ أن يذهب لـ العشاء قبل أن أرضى.. لم أرضَ لكنّني افتعلتُ الرِّضى..أخذتُ حاجتي من الطّعام بصمتٍ مُخيف..أخي الّذي يصغرني يتحدّث معي وأنا بإيماءاتٍ أردُّ عليه .. زوج أُختي جاملتهُ قليلا بالتّحيّة.
قرفٌ ينخرُ في عِظامي .. يستوطِنُ كلَّ خليّةٍ من خلاياي..عاصِفةٌ هوجاء من قرف تسحقُ كلّ جميل..بتُّ اُضخِّمُ كلّ ما يحدُث لي .. وابحثُ عن شئٍ اُفجِّر فيه قرفي .. فـ "ازعلُ" من مواقِف ليست بسيطة لكنّني عادةً ما أجد لهم مُبرِّرات عندما يرتكبونها.. لكنّ القرف يبحثُ عن وخزة لـ يُعلِنَ حضورهُ العلني لـ الجميع..
فقط ما أنشدهُ هُدنة مع الموجودات..هُدنة استوعِب بِها .. منذُ فترة كنتُ اُفكِّر في أمرِ الاتِّزان.. وكنت أقولُ أنّ نسبة الرُّوحي في تكوينتي مُرتفعة أكثر من الحسِّي ..كنتُ احاول إيجاد طريقة للإتِّزان.. الآن أرى أنّ القرف سحق كلّ محاولاتي ..بتُّ أكره حتّى " الحُب" من شدّة القرف ، فبالأمس كنّا في السّيّارة وإذا بأُغنية لـ عبدالمجيد ..لو كنتُ في حالٍ أفضل لشعرتُ بِها عاديّة لكنّني سمعتُها وأنا في قرفٍ فكرّهني في " الحُب" ..
لا شئ أكثر .. سوى القرف.. أعلم سيقول الكثيرون سوداويّة.. و لم الحُزن.. والكثير من النّصائِح والجُمل الّتي أعرفها ، و أُجيدُ تركيبها .. فقط قبل أن تورِّطوا أنفسكم معي بنصيحة .. ضعوا أنفسكم موقِف شخصٍ يُقدِّس الرُّوح .. وفجأة ينصدِم من سذاجتهِ ..!
الآن أحد مُسبِّبي القرف لي يطلب منِّي أن اُسامِحهُ..لم استطع..!
يبقى أنّ كلّ ما يحدُث خيرٌ لي..حتّى عدم الاتِّزان في الرُّوح والحِس ..حتّى قرفي هذا موقِنة سيكشِف عن جانب جديد في شخصيّتي لم يكُن بِها ذات يوم..قد أكون غريبة نوعا ما...لكن هذِه أنا!

تحيّة!

21:02 مساء الأحد، 07 شباط، 2010
*****


مقاطِع تحكي حالي الآن كتبتها في 11:09 مساء الثلاثاء3 أكتوبر 2006 ، من قصيدة بعنون ( ضياعٌ في ضياع)
.
.
.
.
وهذا الضياع ..
آه يا الضياع اللي
فـ تواطؤ للأبد ..
مع أي معنى يفقد
المنظر حلاه
أو أي معنى..
يبعث الجرح وآساه
وما بقت ..إلا
الملامح تستغيث..
ترشف من الواقع ..
بصيص..
كلّي أمل تمنح شعوري
بعض من طعم الحياة

......
يا حيرة الحال ..المخلّد فــ الضياع..
يا شوق روحي لــ الحياةِ
بلا أحاسيس التشتّت
وزيف التفاؤل والخِداع..
يا عُتمة الروح .. الأسيرة بين
قضبان التلاشي ..
و الثواني في وداع!
....

فيني تلاشي.. لــ الحبور ..
فيني .. إنطفاء
لأرقى معاني الحس ..
لــ أنغام الطيور ..
فيني ضياعٍ ...
يفقد الوردة شذاها ..
ويفقد العمر الربيع..
وينهي أحلامي بـ دمعة..
وينتشر فيني صقيع..
فيني بقايا من حياة..!
أو بالأصح ..فيني
ضياعٍ في ضياع!


المصدر : مدونة بدرية العامري