الوطن -

حمد سالم العلوي:



تخطيط المدن وقصة النهضة العمرانية في البلاد، هذه الجهة التي أوكل إليها صياغة المكان بالأزمان، بمعنى آخر إن الذي يخطط له اليوم يجب أن يكون مناسبا للأزمنة القادمة ، وإلاّ فلا يمكن أن يطلق على العمل بأنه مخطط مدروس ويفي بالاحتياجات المدينة العصرية ، لأن الفرق بين العمل العشوائي والعمل المخطط كبير كالفارق بين الشمس والقمر، ونحن إذ نطرح تساؤل اليوم في عمل التخطيط ، لا نريد التدخل في مكونات الهندسة المعمارية وأدائها، ولكننا كمواطنين تهمنا النتائج التي تحقق مصالحنا العامة.

وفي هذه المقالة لن نسألكم عما مضى وفات ، فمثلا لن نقول لكم : أين المساحات الخدمية في تخطيط مدينة روي، أو ما تلاها من مدن حديثة نشأت في محافظة مسقط، ويقاس عليها بالطبع في مدن محافظات ومناطق السلطنة الأخرى، ولماذا لم يكن هناك نظرة مستقبلية لتوسعة الطرق مثلاً، ولن نسأل عن مساحات لمستشفى، أو مسجد، أو مركز للإسعاف، أو للدفاع المدني، أو مكان لحديقة عامة، أو متنزه على البحر، وغير ذلك الكثير من الأماكن التي تدعو الحاجة الى إقامتها لاحقاً، وكذلك لن نسألكم لماذا شيدت مدن حديثة بجوار البحر من غير واجهة بحرية، وكان من الأجدى والأفضل أن تكون قبلتها بإتجاه البحر بطرقها ومحلاتها التجارية، فربما كان مهندسيكم من سكان الجبال شأنهم من شأني يخافون من البحر .. لذلك أعطوه ظهورهم.

إذن ذلك كان من الماضي، رغم أنه ليس بالماضي البعيد، وكانت هندسة الماضي البعيد تعتمد على الحاجة المنظورة، فكان القياس للطرق يعتمد على حجم (عكمة) الحطب، وان هناك حمارين في الوقت الواحد قد يمران بذلك الطريق، ولكن الذي عجبت له إن شوارع في فرنسا أكثر اتساعا من بعض شوارعنا الحديثة، رغم إن تاريخ أحد المباني المجاور للشارع كان قد تم تشييده عام 1462م، استطعت أن أقرأ ذلك أثناء توقفنا بانتظار إشارة المرور، ولكن هذا يمكن أن يكون مرجعه أنهم كانوا يستخدمون البغال لنقل الأحمال الثقيلة، وهي بالطبع اكبر حجماً من الحمار .. وننهي موضوعنا هذا بالقول إننا نريد تخطيطاً ذا مدى أبعد من (50) عاماً، لربما نحتاج نعمل مهابط للسيارات في المستقبل أمام المنازل، وشوارع أوسع تصلح للإقلاع والهبوط المريح .. ودمتم بسلامة الله وحفظه.