تصور خيالى لواقع من الأيام القادمة - جديد مملكتك

    • تصور خيالى لواقع من الأيام القادمة - جديد مملكتك




      صباح جديد فى عالم جديد


      من السهل على الإنسان أن يعودبذاكرته (إلى الوراء) ليكتب تجربته وذكرياته التى عاشها طوال سنوات حياتهويسطرها فى مذكرات يرتبها حسب ما مر به من أحداث على مدار تلك السنوات ويستطيعأيضاً أن يحذف منها ما يشاء من آلام أو مواقف لا يريد ذكرها أو تذكرها كما يستطيعأن ينسقها أويضيف لها صياغة جديدة تُجَمِّل وتُحسِّن من صورة الأحداث التى مرتوتخفف بعضاً من وطأة آلام الذكريات الماضية….
      ولكن أعتقد أن الصعب هو أن يعودالإنسان بذاكرته (إلى الأمام) حيث يعيش (ذكريات قادمة) ويرى مالميألفه العقل أو تتعوده النفس …. وهذا ما حدث لعمسعيد الذى وجد نفسه فجأة وبدونمقدمات يعيش فى زمن جديد غير الزمن الذى تعوده وتمر به أحداث غريبة لم يرى مثلهاقبل ذلك ....

      فقرر أن يكتب مذكراته عن تجربتهالتى عاشها خلال (سنوات قادمة) …. عاش خلالها ورأى فيها من أشكال التطوراتالتى طرأت على الحياة بمختلف نواحيها تناقضات كثيرة فى الأحداث والأشخاص وغرائبمثيرة يتأمل بعضها بدهشة وبعضها الآخر باستنكار وبعضها الآخر بدون تعليق ….

      فهى تطورات أغلبها ظاهرية وصوريةيرى فى معظمها أنها لم تتعمق داخل البشر لتحقق تطوراً إنسانياً وهو الحلم المراودوالهدف المنشود فى المقام الأول للإنسانية …. فمع هذا التطور الذى أحاط بأغلبالجوانب فى حياته وظهرت ملامحه بصورة واضحة فى إنعكاسات على شتى مجالات الحياة وعلىجميع المستويات والطبقات داخل المجتمع ….

      فقد رأى عم سعيد أيضاً مع ذلكمظاهر كثيرة من التخلف الفكرى والتقدم الرجعى فى تطبيق هذه النظم الحديثة ومحاولةالاستفادة منها لتحقيق مكاسب اجتماعية واقتصادية وتنموية تعود بالنفع والرخاء علىالمجتمع الذى يضمه أولاً وعلى البشرية ككل …. كما رأى تراجع وتدنى فى العلاقاتالاجتماعية والإنسانية والتصرفات بين كثير من البشر وبعضهم البعض .…





      فمن أسماء أشخاص مستولفة (توليفةحروف غريبة) لم يألفها أو يتعودها أحد من قبل …. إلى صور غريبة من الموضاتوالتقاليع فى الملبس وفى التصرفات لا تتفق مع العقل ولا تنتمى إلى أى طبقة من طبقاتالذوق فهى لا تتفق حتى مع الذوق العادى وليس الراقى …. ومن تحكم التكنولوجيا بكافةصورها فى حياة البشر وعلاقاتهم .... إلى ردود الفعل السيئة بين الناس وبعضهم البعضبسبب تطبيقات هذه التكنولوجيا واستخداماتها وتحكم الماديات فى صورتها الطاغية بها.... ومن جشع أصحاب الأملاك وبناء عمارات بدون سلالم لتوفيرمساحات أكثر للمبانى.... إلى معاناة الناس فى التعامل معالأسانسيرات والكروت ....



      ومن مشكلات وأزمات عامة للناس لاتزال تطل بوجهها عليهم من زمن إلى آخر مثل المشكلة الأبدية لرغيف الخبز وتداعياته.... إلى (الحلول الجهنمية) التى فرضتها تطورات ذلك العصر لحل مثل هذهالأزمات .... وأيضاً إلى أشكال مختلفة من (السيور الالكترونية) التى ظهرت فىذلك الوقت للأرصفة المتحركة وأيضاً فى المصالح والجهات الحكومية ليستريح الناس منعناء الوقوف لإنهاء مصالحهم وحاجاتهم .... إلى ما تبع ذلك من مواقف وأحداث يكادالمرء أن يضحك من كثرة البكاء أو يبكى من كثرة الضحك حين يراها أو يعيشها أو حتىيسمع عنها ....

      وإلى أشكال متنوعة من (الكروتالذكية) التى أصبحت هى مفتاح كل التعاملات والإجراءات وباتت تتحكم فى كثير منمقدرات البشر وتوجهاتهم ..... وإلى المشكلات الناتجة عن استخدام مثل هذه المستحدثاتوتدخل الوساطة و(فساد الذمم الإلكتروني) الذى عشش فى كل هذه الصورالتكنولوجية والذى أصبح آفة ذلك العصر...... إلخ مما عاشه عم سعيد هذا الرجل الطيبالبسيط ذو الخمسين ربيعاً والذى يعمل موظفاً فى إحدى الجهات الحكومية القليلةوالنادرة الوجود التى مازالت تتبع الدولة .... والذى كان قد تزوج فى سن الخامسةوالثلاثين تقريباً نظراً لظروفه المادية الصعبة التى أحاطت به منذ بداية شبابه حتىاستطاع بصعوبة بالغة أن يلملم شتات أسرة متوسطة الحال .... ولكنه ما زال يحمل فىداخله وفى أخلاقه وتعاملاته سمات للطيبة والأخلاق لأكثر من مائة عام مضت يواجه بهاقدر استطاعته ما يمر بحياته من مشكلات وعواصف ......






      فتح عم سعيد عينيه منزعجاً وهو ينظر حوله ويحاول أن يتخلص من هذه اليد الصغيرةالتى تهزه ..... بابا ... بابا ... إصحى أنا حتأخر على المدرسة – قوم علشان ألحقأنزل ...... فقد خاف عم سعيد أن يكون قد تأخر هو الآخر على مشواره الذى قرر أنيؤجله من الأسبوع الماضى لأنه قد صحا متأخراً من النوم وهو يحتاج أن ينزل مبكراًلقضاء هذا المشوار الهام الذى ظل يؤجله عدة مرات طوال الأسابيع الماضية نظرالظروف متعددة ومختلفة لم يستطع أن يتغلب عليها .



      كانت كلمات إبنته (روتيناميجابيل) وهذا هو اسمها الذى اختارته لها والدتها بعدعمل قرعة بين (3) من الاختيارات التى لم يوافق عليها عم سعيد من أصله لأنه يراهاكلها تقريباً عبارة عن أسماء أدوية أو مضادات حيوية ممكن أن يتناولها بعد الأكلأو قبله ... لكن يعمل إيه وهو مش عاوز مشاكل بالإضافة إلى كلمات زوجته (مُنيرافيل)عن موضة الأسماء الجديدة التى انتشرت هذه الأيام بين العائلات الراقية ....واشمعنى احنا ما نبقاش زيهم ... ده حتى صاحبتى (سميرازيف) عندها ولد إسمه (راميليتيفاس)وبنت اسمها (ميرفانبيتى) وكل جيراننا واصدقائنا معجبين قوى بالأسماء دى لانهاجديدة ومميزة .

      : طيب ياستى معناه إيه اسم بنتك ده ؟؟

      : شوف يا سيدى أنا لما كنت حامل فى الشهور الأخيرة دورت مع أصحابى اللى فى الشغلعلى اسم مناسب وبعدين لما ما عرفناش نختار اسم جديد وشيك دخلنا على النت ولقيت فىموقع شبابى يجنن ركن مخصص للأسماء الجديدة وكمان شرح لمعانيها ولقينا ان الاسمبتاع بنتنا ده أصله عربى ومعناه إنه بيعبر عن روح الشهامة والأصالة وحب البنتلأبوها بالذات أكثر من أمها .!!

      : والله مانا فاهم حاجة؟؟... واشمعنى حب البنت لأبوها هو يعنى اللى واضح قوى فى الاسم . وسرح عم سعيدبخياله بعيداً وأدرك بعد فترة من التفكير معنى هذا الحب الذى يتمثل فى سهولة طلبالمصروف وأى أشياء أخرى من بابا بدلاً من ماما التى ترد على الطالب بسيل منالأسئلة . ليه وإمتى وفين وإزاى وبكام ..... إلخ .



      : بابا بابا عاوزة تلات ألاف وخمسمية جنيه علشان أديهم لأبلة (استمزنفات) - (وهذاأيضاً هو اسم المدرسة التى تدرس لإبنته وتعطيها درس خصوصى مع مجموعة من زملائها)علشان آخر حصة فى لينا فى الدرس بكرة وهى يمكن تسافر أسبوع عند أختها .

      آه يا بابا وعاوزة كمان متين وخمسين جنيه مصروف النهاردة علشان باقى معايا منامبارح خمسة وتلاتين جنيه بس وماما ما عملتليش سندوتشات .

      : طيب ماما ما عملتش سندوتشات ليكو ليه ما انتوا كل يوم ...... تقريباً !! (فقدآثر عم سعيد أن يتغاضى فى كلامه عن بعض الأيام التى تتخللها ظروف تحول دون ذلك)بتاخدوا معاكم سندوتشات علشان قلنا ميت مرة بلاش تشتروا أكل من برة .

      وبعدين أخوكى (مرزيستانيام) صحى ولا لسة ؟؟

      : أيوة يابابا بيلبس وجاى هو كمان علشان ياخد فلوس الدرس بتاعه وفلوس المصروف .



      فرك عم سعيد عينيه كثيراً حتى احمرت ثم قام متثاقلاً يمشى بخطوات بطيئة نحوالحائط بجانب السرير حتى وصل إلى الشماعة الدائرية الموجودة بجوار الحائط فضغطعلى الزر الخاص بها فدارت الشماعة حول محورها حتى وصل الجاكيت الذى يريده أمامه فمدعم سعيد يده فى جيب جاكيت البدلة المصنوع من الألياف الزجاجية مع البوليستروالنسيج القطنى فهو جاكيت يتحمل درجات الحرارة العالية نوعاً وكذلك درجات مختلفةمن الرطوبة - والذى أصبح متهالكاً من كتر مد الإيدين فيه وأخرج كمية من الأوراقالنقدية من فئة الألف جنيه .... حوالى اتناشر ورقة هى كل ما يتبقى حتى الآن منمرتب عم سعيد لهذا الشهر الذى لا يزال يتبقى على انتهائه حوالى أسبوع أو زيادةيومين لينقضي والذى لا يتعدى المرتب فيه خمسة وستين ورقة من هذه الفئة.

      : خدى آدى خمس تلاف جنيهليكى انت وأخوكى علشان تدفعوا فلوس الدروس . ثم مد يده فى الجيب الآخر الذى يضعفيه الفلوس الفكة من فئة المية جنيه والخمسمية جنيه وأعطاها خمس ورقات من أم مية.

      : خدى كمان دول خمسميةجنيه مصروفك انت واخوكى بس بلاش الحاجات الفارغة اللى بتشتروها على الفاضىوالمليان دى .

      : شكراً يا بابا ... أنا مش حاجيب غير كيس البطاطس المشوية وبرطمان الحاجةالساقعة التلات ألوان . أنا ماشية بقى يا بابا وماتنساش ان انت قلت حتجيب لى حاجةحلوة وانت جاى من السفر النهاردة .

      ( لم يفهم عم سعيد ماقصدته ابنته ببرطمان الحاجة الساقعة التلات ألوان ولكنه لميعقب على ذلك فقد تعود أن يسمع كل يوم عن أصناف جديدة يخترعونها للأطفال للقضاءعلى ما يسمى بالمصروف يوماً بيوم حتى لا يتبقى منه شيء أو يكون هناك أى معالم لمايسمى بالادخار).

      : ماشى يا ستى . هى ماما صحيت ولا لسة ؟؟.

      : لأ يابابا أصلها كانت سهرانة امبارح للساعة تلاتة علشان التمثيلية بتيجى متأخر.

      : هى مش حتبطل موضوع السهروالتمثيليات ده..... بدل ما تضيع وقتها فى حاجة مفيدة !!

      قام عم سعيد وهو يتثائب وتوجه إلى الحمام ليغتسل وهو متثاقل الخطى من تعب يوم أمسمما بذله من مجهود لمواجهة بعض المشاكل والإصلاحات فى العربية الكركوبة التىاشتراها من أحد أصدقائه بمبلغ تلتمية وخمسين ألف جنيه هى تحويشة العمر التىاستطاع أن يدبرها ويوفرها من الجمعية التى كان قد دخلها مع أصحابه فى الشغل بمبلغعشر تلاف جنيه كل شهر علشان يقبض حوالى نص مليون جنيه . والذى سرعان ما تبخر هذاالمبلغ سريعاً وهو الذى كان يحلم به طوال الخمسين شهر السابقة فترة الجمعية .

      فعندما قبض عم سعيد الجمعية تبخر المبلغ كعادة الفلوس فقد ذهب جزء كبير منهامابين دفع بعض الالتزامات والمصروفات التى يحتاجها البيت والأولاد لزوم المدرسةوخلافه وبين ثمن هذه السيارة القديمة نوعاً فهى موديل 2040 أى مر عليها حوالىعشرة سنوات كاملة فى التشغيل ولكنه كان قد قرر أن يشتريها لترحمه من بهدلةالمواصلات سواء من ناحية المصاريف المبالغ فيها للتاكسى أوالمينى باص الذى أصبحينافسه فى الأجرة لا سيما إذا كان المشوار عائلى ويضم حوالى أربعة أو خمسة أفرادمن الأسرة فيتكلف حوالى متين جنيه فى المتوسط - أو من ناحية المعاملة التى يلقاهامع السائقين والتى لا ترضى عدو ولا حبيب حيث يتبارون فى إذلال الركاب سواء فىالركوب أو فى النزول أو فى تغيير تعريفة الركوب حسب مزاج كل سائق بدون أى رقيب أووازع وأصبح السائقين يسمون تعريفتهم مسميات كثيرة مثل (تعريفة الاقتصاد الحر)أو (أجرة العولمة) أو (لكل مشوار مقدار) إلى آخره من الألقاب التىأصبحت تستفز الزبائن إذا فكر أحدهم فى السؤال عن سبب زيادة الأجرة فيرد السائقونعليهم بها مما كان يؤدى فى كثير من الأحيان إلى مشكلات ومشاحنات ينتهى أغلبهابتنازل الراكب عن حقه واستسلامه لجبروت السائق خاصة بعدما يسمع كثيراً من الزبائن(المطيباتية) الذين يتناوبون فى ترديد جملاً لا تشفع ولا تفيد مثل (ياعمكبر دماغك انت قربت تنزل) أو (انت يعنى جت على الخمسين جنه الزيادة دى فرقهابسيط) ومنهم من يذكر موقفاً تعرض له هو شخصياً وتنازل فيه عن حوالى مائة جنيه مرةواحدة فى مشوار أجرته نصف هذا المبلغ تحاشياً وتجنباً للمشكلات التى يمكن أنيتعرض لها والتأخير الذى سوف يناله فى حالة الاعتراض أو الدخول فى مشادة أو خلافمع السائق ...

      أما ما زاد من عزم عم سعيد وتصميمه على شراء هذه الكركوبة والابتعاد عن كل ذلكفكان ما يسمى بقانون المرور (الجديد ديد المعدل) والذى أصبحت غراماتهومشاكله تطول الراكب أكثر مما تطول السائق أو صاحب السيارة – وهذا القانون يعتبرفى ذلك الوقت آخر إصدار من تعديلات ما كان يسمى (بقانون المرور الجديد)الذى صدر منذ فترة طويلة فى عام 2008 ومر عليه حتى الآن حوالى أربعون عاماً وكانيسمى وقتها (قانون المرور الجديد) ثم تم تعديله بعد عدة سنوات أخرى وتغيراسمه ليصبح (قانون المرور الجديد ديد) والذى استمر العمل به أيضاً عدةسنوات أخرى طالت مدتها عن سابقتها ثم ظهرت مستجدات أخرى وتغيرت أحوال كثيرة فىالبلد من الناحية الإنشائية وتخطيط الطرق والشوارع والحالة الإقتصادية للناسفتطلبت هذه الظروف الجديدة تعديلات جديدة على القانون لتناسبها حتى ظهر آخر إصدارمنه وهو ما يعرف بـ (قانون المرور الجديد ديد المعدل) .

      وحمد عم سعيد الله كثيراً على أنه استطاع أن ينال شرف امتلاك وركوب هذه السيارةبعد هذه المعاناة الطويلة والصدامات والمشاحنات مع الناس فى مشاويره التى كانيقوم بها سواء المشاوير الفردية أو العائلية مع الأسرة والتى غالباً ما كانتتنتهى بنتيجة ليست فى صالحه .



      دخل عم سعيد إلى الحمام ونظر إلى الحنفية التى تعمل بالأشعة عند وضع الأيدى تحتهاوهى الحنفيات التى قررت هيئة المياه إلزام جميع المواطنين بتركيبها عن طريقالهيئة وذلك للمحافظة على المخزون الاستراتيجي لمياه الشرب والحد من الاستهلاكوكان ذلك التغيير يتم بعد دفع مصاريف استبدال للحنفيات القديمة والتى تم تركيبهاقبل ذلك منذ فترة و كانت تعمل بكروت ممغنطة وكانت هذه الكروت تفقد مغنطتها بعدفترة فتتعطل عن العمل وتؤدى إلى حدوث مشكلات كثيرة فى البيوت نتيجة انقطاع المياهبسببها خاصة إذا حدثت هذه المشكلة والشخص داخل الحمام لأى غرض كالاستحمام وخلافهوكان بعضها يأتى أساساً غير ممغنط ولا يتم استبداله أو استرجاعه إلا بعد الفحصبواسطة أجهزة خاصة فى هيئة المياه وبعد ذلك يتمتأكيد هذا الفحص بالعرض على قسم الكروت بهيئة الاتصالات للتوصل إلى العيب فىالكارت وإقرار تغييره أو استبداله ولما زادت الشكاوى وأصبح معظم الناس يذهبون إلىأعمالهم دون غسل وجوههم أو ربما الاستحمام حتى فاحت بعض الروائح الكريهة فى كثيرمن أنحاء البلاد والمصالح والأجهزة فرأت الهيئة بعد الدراسة والفحص والبحث فىوسائل التكنولوجيات الحديثة فى بعض الدول المتقدمة وإرسال بعض البعثاتالمتخصصة من الهيئة لاختيار تكنولوجيا جديدة مناسبة أن يتم استبدال حنفيات الكروتالقديمة بهذه الأخرى الجديدة ويتم تركيب الحنفية الواحدة بمصروفات الاستبدالوالتركيب التى تقدر بحوالى خمس تلاف جنيه عن كل حنفية مما اضطر عم سعيد ان يختصرعدد الحنفيات فى البيت كله إلىحنفيتين اثنين فقط واحدة للمطبخ وواحدة للحمام وهذا أيضاً بخلاف الشطافالإلكترونى الذى تكلف مصروفات إضافية أخرى حوالى ألفين جنيه حيث أنه لا يصلحللعمل بطريقة الأشعة مثل تلك الحنفيات التى تشعر بوجود اليد تحت الحنفية لتقومبتشغيل الدائرة الإلكترونية التى تتحكم فى تدفق وفصل المياه عنها . ولكن إذا تمالعمل للشطاف بنفس هذه النظرية فإن المياه لن تتوقف عن التدفق منه بمجرد الجلوسعلى الحمام مما سيؤدى إلى مشكلات أخرى واستهلاك إضافي غير مطلوب .

      ومد عم سعيد يده تحت الحنفية وسرعان ما انهمر الماء منها بمعدل تدفق ثابت ومتساوليغتسل ويتوضأ بكمية من المياه حوالى نصف أو ثلثى ما كان يستهلكه أيام زمان عندماكانت الحنفيات تعمل بالفتح اليدوى وكان الاستهلاك عمال على بطال فى كل مكانوبعدما انتهى سحب يده من تحت الحنفية معلناً انتهاء مهمته ونظر جانباً إلى دولابالحمام المثبت فى الحائط ليخرج منه بكرة جديدة من ورق التواليت (الطبقتينالغير منسوج) ليضعها بدلاً من البكرة المعلقة على الحائط والتى لم يتبق منهاسوى بضعة سنتيمترات لا تكفى لتنشيف ماء الوجه فقط وترحم عم سعيد أيضاً على أيامزمان حيث كان هناك اختراع يسمى (الفوطة) والتى لم تعد تصنع الآن فى أىمصانع للنسيج والتى اتجه أغلبها إلى صناعة هذه الأدوات الورقية والأقمشة غيرالمنسوجة التى أصبحت تستخدم لمرة واحدة (طبعاً عند أصحاب الدخول المميزة)ولكن هو شخصياً يستخدم بعض هذه الأغراض أكثر من مرة بعد تجفيفها إما فى الشمس أوبالمكواة حتى يستطيع أن يفى بمتطلبات أسرته من هذه المستلزمات التى فتحت باباًإضافياً جديداً للمصروفات الشهرية التى تتكلفها الأسرة .



      مر عم سعيد وهو عائد من الحمام بعد ان انتهى من الاغتسال والوضوء بالغرفة الثانيةونظر خلسة وبهدوء من طرف الباب فوجد الست (مُنيرافيل) زوجته تغط فى نوم عميق وفكرأن ينادى عليها لتصحوا ولكنه استمر فى السير عبر الصالة ليدخل إلى غرفته وآثرالصمت على ما كان سيفعله ليس احتراماً للست زوجته ولكن أكثر منه خوفاً – فقد تذكرفى آخر لحظة قبل أن ينادى عليها لتصحو أنها اليوم فى أجازة من الشغل لأنها أخبرتهبأنها سوف تأخذ يومين أجازة آخر الأسبوع لتشبكهما مع الأجازة الأسبوعية لهاالخميس والجمعة فتحصل على (4) أيام متواصلة وقد تعجب هو شخصياً من ذلك التوقيتلأخذ مثل هذه الأجازة التى يعتبرها طويلة فهم لم يقرروا أن يذهبوا إلى مصيف مثلاًوليس عندهم مناسبة ستحدث تحتاج لمثل هذه الأجازة الطويلة ولكن تعجبُه سرعان مازالعندما أخبرته أنها أخذت هذه الأجازة مخصوص لتتابع آخر أربعة حلقات من المسلسلالغينى (من غينيا) والذى تشاهده وتتابع أحداثه المثيرة وأصبح من أشهر ما يعرض علىالقنوات الفضائية فى هذه الأيام . وحيث أنه يعرض فى ساعة متأخرة من الليل وهى لاتستطيع أن تذهب للعمل فى اليوم التالى بعد أن تشاهده - أو ربما تصحو من النومباستعجال ولا تستطيع أن ترتب أى شىء فى البيت أو تلبى طلبات الأولاد منالسندوتشات المدرسية وخلافه وتذهب للشغل متأخرة فيستقبلها الأستاذ (حمدينينو)رئيس المكتب بوابل من التأنيب والتوبيخ وقصيدة من الكلام ذو العيار الثقيل عنأيام زمان والالتزام - أيام كان الموظف لا يستطيع التأخير عن شغله أكثر من ساعةفقط ولكن الآن التأخير يمتد لساعات وربما يأتى الموظف فى نهاية اليوم ليوقع فىكشوف الإنصراف ويعود للبيت أو ربما يوقع حضور اليوم فى اليوم التالى له وهذا منألوان التسيب التى لا يسمح بها هو شخصياً فى مكتبه أو مع موظفيه .







      المصدر : مدونة مملكتك


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions