
مصطلح "مجتمع" يعبر عن مجموعة من الناس تعيش في حيز نطاق واحد هذا الحيز الذي يتضمن التشابه والتآلف والتواتر الثقافي على الصعيد المعنوي والذي يتضمن أيضاً التقارب المكاني والمساحي على الصعيد المادي.
باعتبارنا افراد من هذه المجتمعات و فردا أصيلا وعضواً فعالاً في المجتمع الواحد ,هل فكر احد منا في مقومات نهوض المجتمع الذي يعد البيئته الأكبر والوطنه الأصغر؟... الإجابة بكل بساطة نعم في الماضي ولا في هذا الأوان\ في الحاضر.
تلك حقاً إجابة مخيفة تحتاج إلى وقفه من التفكير والتمهل للوصول إلى تفسير...
فلو أخذنا مجتمعاتنا العربيه كمقياس مقارنة مع المجتمعات الغربيه, سنلمس جيداً تفسير وتوضيح الإجابة, فقد كانت مجتمعاتنا العربيه في السابق من أكثر المجتمعات حرصاً على الحفاظ على الهوية العامة، فقلما كنا نجد غنياً متباهياً ومستفزاً بغناه عمن هم سواه، وقلما نجد فقيراً متبرماً شاكياً من ضيق ذات اليد.
أتعلمون لماذا؟...
السبب أنه كان هناك إعلاء لكلمة المجتمع... إعلاء للمصلحة العامة التي تعود في النهاية إلى صلاح المصلحة الخاصة... إعلاء لمفهوم الأنا الأعلى العام المتمثل في نقاء وصفاء الذات... غياب الأنانية في ظل وجود الشفافية.... فلو أجرينا مقارنة وجيزة بين المجتمع قديما والمجتمع في هذا العهد والأوان سنجد أنه حدث انقلاب موازين لكل شيء مادياً كان أم معنويا...
سنجد تآكل الطبقة المتوسطة في بعض مجتمعاتنا العربيه وفي بعض المجتمعات كمصر والاردن يمكن القول بان الطبقه الوسطى منعدمة من التقسيم الطبقي في المجتمع..
سنجد بعد أن كان المجتمع ينقسم إلى شرائح طبقية على شكل هرمي مقسم إلى أربع درجات
فمنها تتمثل في الطبقة الأرستقراطية التي تشمل أغنياء المجتمع وهم قلة ثم تأتي الدرجة الثانية من الهرم المتمثلة في طبقة المتيسرين مادياً بدرجة أعلى من المتوسطة وأقل من الأرستقراطية والتي تضم التجار ومالكي العقارات البسيطة وما إلى ذلك من مماثلات بالمستوى الاقتصادي مروراً بعد ذلك بالدرجة الأوسع والأكبر حجماً ألا وهي الطبقة المتوسطة والتي تضم غالبية أفراد المجتمع –إن لم أكن مبالغا في التعميم- والتي تتضمن موظفي الدولة بالمصالح الحكومية وأساتذة الجامعة والمدارس والمثقفين على اختلاف سلوكهم الثقافي، انتهاء بالدرجة الأخيرة من الهرم الطبقي في طبقة العمال والفلاحين... وبعد هذا التوضيح للهرم الطبقي المجتمعي نلمس بالتأكيد الفرق الواضح بين التقسيم الطبقي للمجتمع القديم والتقسيم الطبقي للمجتمع الحديث...
فقد تحول التقسيم الطبقي للمجتمع من الشكل الهرمي المنطقي المعقول إلى التقسيم الطبقي في شكل مستطيل في نظام غير مقبول...
فقد تحولت درجات هذا الهرم إلى ثلاث شرائح مستطيلة تتفصل في أعلى المستطيل شريحة نحيفة جدا تتألف من فاحشي الغنى والسطوة الاقتصادية...
الطبقة الثانيه تتمثل في شريحة أنحف من سابقتها والتي تتضمن الطبقة المتوسطة والتي قربت على التلاشي والاختفاء ثم تأتي الطبقة الثالثة الضخمة وهي طبقه الفقراء
وقد بدات تظهر في مجتمعاتنا ظاهرة أغنياء الصدفة وانتشرت كذالك الانتقال الاقتصادي الغريب لمالكي الحرف. ..
هذا هو شكل المجتمع حديثا بعدما كان قديما؟ هل مرت الآن على ذهنك تساؤلات سببية ذلك التغيير من هرم إلى مستطيل؟
السبب يكمن في مجموعة من المتراكمات والعوامل والتي يأتي أعظمها في غياب العدل بكل الجوانب سواءً اقتصاديا أو اجتماعيا والأخطر هو غياب العدل السياسي.
فقد تحول المجتمعات من مجتمعات اشتراكية الاقتصاد, متوحدة السياسة المتآلف اجتماعيا إلى مجتمعات رأسماليه في اقتصادها متفككه في سياسته شديد التفاوت اجتماعيا.
من أين أتى هذا التغيير الرهيب في البنيان المجتمعي بكل جوانبه؟ هل لأن تغيرت المفاهيم والمعايير والمقومات الأساسية اللازمة لقيام المجتمع... أم لتغير أفراد المجتمع أنفسهم؟
إن كان السبب في ذلك الاختلاف هو في تغير الأفراد بعقلياتهم وتفهمهم لماهية المجتمع فلماذا إذن تجد توالي صرخات الأنين و الشكوى؟
إذا فقد أطبقنا أيدينا على السبب...
السبب هو انعدام المفاهيم التي لو خلا منها أي مجتمع لانقرضت فيه مقومات الروح القومية لدى أي عضو في هذا المجتمع... مفاهيم معنوية في ذاتها مادية في تعبيرها إنمائية في نتيجتها... مفاهيم نفتقدها الآن بعد أن كنا مبتدعيها في الماضي
وهذه المفاهيم هي الأمل الذي تحول إلى يأس
القدرة على العطاء التي تحولت إلى عجز في إرضاء الذات
الشفافية السياسية التي تحولت إلى عتمة حتمية
غنى النفس الذي تحول إلى فقر فقد تحول نبراس الأمل الذي كان كائنا في روح كل فرد فيتلك المجتمعات إلى يأس متمثلا في الرغبة في الهروب من المجتمع...
تحولت القدرة على بذل كل الجهد لمجرد إسعاد الغير ومحاولة العطاء إلى عدم رضى واضح بل النهم الشديد على المادة ومع هذا لم يتحقق إرضاء الذات..
الشفافية والوضوح في الحياة الذاتية الذي تحول إلى ظلام والغموض السياسي أشبه بعتمة القبور..
غنا النفس الذي تحول إلى التكالب على نهم المادة وعدم الشبع منها إلى أن تحدث له تخمة مادية...
فليسأل كل شخص منا نفسه :
إلى أي طريق يذهب مجتمعنا؟... إلى أي مكان تقودنا المفاهيم الغربية الطارئة والدخيلة على مجتمعنا؟...؟؟؟
إلى أين ستقودنا تشتتات القيم ؟
وبمرور سريع ....مجتمعاتنا الى اين ...
عندما ينشغل كل فرد من افراد المجتمع بنفسه ومصالحه اولا قبل كل شيئ...فالغني ينشغل بمضاعفت غناة والفقير ينشغل بالبحث عن قوت يومه ...وزياده التباين بين الغني الفقير واتساع الفجوة بين الطبقات ...يؤدي الى صراع طبقي ...هذا الصراع بالنهايه يقود الى زياده معدلات الجريمه جرائم القتل وجرائم المال .
جرائم القتل على خلفيه الحصول على المال عالاغلب جرائم يرتكبها الفقراء بحق الاغنياء للحصول على المال والثراء السريع او رغبه للانتقام ..وجرائم المال يقوم بها الغني لمضاعفه امواله على حساب الاخرين وفي الغالب هم من الفقراء ...
هذا الصراع سيزيد ويحتدم ليفتك بمجتمعاتنا ....لان زمن القيم الاخلاقيه ولى وهذا زمن يهيمن عليه اسياد المال .....
باختصار مشاكلنا الاجتماعيه جميعها تنبع من هنا .. لنتعمق بافكارنا ... الفقرــــ اللعنف ـــــ الانحراف ــــ الجريمه ...(الهروب من هذه المشاكل تنبع مشاكل اخرى ) شرب الخمور وتعاطي المخدرات ....