صناعة الفكرة

    • صناعة الفكرة

      الكتابة المبهرة هي التي تحتوي على عنصرين مهمين هما: الفكرة والبيان؛ وإذا ما تخلفت الفكرة فالكتابة مجرد زخارف لفظية ومحسنات وسجع قد يطرب لها السامع ثم يملها بل ويمجها حين يعرضها على عقله فلا يكاد يفهم منها معنى أو مغزى. وقد تكون الفكرة حاضرة لكن ينقصها البيان العذب والكلمات الفخمة فتكون كأجمل إنسان لا يجد غير الخَلِق المرقع من الثياب فلا تنفعه ملامحه مادامت بلا حلة تنجذب لها العيون وتنقاد لها النفوس؛ وكم من حق ضاع بسوء التعبير وكم من باطل سرى بطلاوة الكلام وحلو الحديث.
      أما تلك التي تفقد العنصرين معاً فليست كتابة أصلاً ويصدق عليها وصف الهذيان وهمهمات المجانين وتكون كما قال ابن دقيق العيد بعد جلوسه إلى الصوفي ابن سبعين: "جلست معه من ضحوة إلى قريب الظهر وهو يتحدث بكلام تفهم مفرداته ولا تعقل مركباته".
      وقد ابتلي الناس بمطبوعات ووسائل نشر تقذف يومياً أو أسبوعياً أو دورياً أو غير ذلك مقالات ودراسات وكتباً يكاد يحلف قارئها يميناً مغلظة بين الركن والمقام أنها كتبت بالقدم لا اليد أو أنها كتبت ساعة مس أو صرع أو خبل منقطع أو متصل وما حل بنا هذا البلاء المتناسل إلا من شهوة الكلام وحب التزيد وداء الغرور ومرض الشهرة ولو بشر حال وسوء مقال؛ وبالله الحفيظ نستعيذ من الخذلان.
      إن الفكرة عزيزة المنال صعبة البلوغ ولا تتأتى لأي أحد ولا تنقاد بسهولة ويسر بل قد تتمنع على الفطاحلة الكبار والأساطين العظام حتى يقول الكبير المقدم فيهم: لا أجد ما أقوله أو لا أستطيع التعبير عما يجيش في نفسي وأضرابها من العبارات التي لا تخفى على من قرأ الكبار وقرأ لهم.
      والفكرة إما أن تكون جديدة لم يسبق إليها فيكون صاحبها أول من جاء بها، وقد تكون قديمة لكنها تطرح بطريقة جديدة أو من وجه لم يذكره أحد؛ وكم ترك الأول للآخر. ويتبادر كثيراً إلى الذهن سؤال مفاده:كيف نصنع الفكرة؟ لصناعة الفكرة عدة طرق منها :
      التفكير: وهو أكبر مصنع لها؛ وبواسطته تتولد الأفكار من الطرق التي بعده فكلها يجتاز من خلاله إلى العالم الخارجي.
      الملاحظة والتأمل: وهما فرع من التفكير وإنما خصصتهما بالذكر لقربهما وسهولة استخدامهما؛ وكم من شيء أو مشهد يمر بنا كثيراً ولو تأملناه لظفرنا بفكرة أو خاطرة.
      الإنصات: حيث أن سماع أحاديث الناس منجم للأفكار؛ ولا يذهب بك الظن بعيداً؛ فلست أعني صنفاً واحداً من البشر؛ بل كل من سنحت لك الفرصة أن تستمع إليه - دون تضييع الوقت - فاستفد منه ولو كان طفلاً أو عامياً أو ضعيف إدراك، وقد روي عن الجاحظ أنه كان يجلس لكل أحد مما جعل ذهنه متوقداً متدفق الأفكار عن أصناف الناس.
      أحداث الساعة: وهي من أكثر المصادر استخداماً من قبل المتحدثين والكتاب.
      التخيل والافتراض: ولا بأس في ذلك شرعاً أو عقلاً حتى لو كان المفترض ممنوع الوقوع مستحيلاً بدلالة غير آية من التنزيل الحكيم أو حديث من الرسول الكريم.
      الحوار والمناقشة : خاصة عندما يكون مع شخص مُلهِمٍ للأفكار حتى لو كنا نخالفه تماماً؛ ولاقتناص الأفكار من المتحدثين براعة قل من يجيدها وقليل من المجيدين من ينسب أفكاره.
      وبعد ولادة الفكرة وصناعتها ينبغي التريث حتى تنضج على نار هادئة من الفكر النير المتزن قبل نشرها؛ ثم يبحث صاحب الفكرة ما وسعه الجهد وأسعفه الوقت عن فكرة مماثلة أو مناقضة لتجويد الصناعة وحمايتها من العوارض؛ وإن حادث المفكر عقلاً يأنس إليه وروحاً يشعر بطهارتها قبل النشر فخير على خير.
      وتبقى مسائل لابد من الإشارة العاجلة إليها وهي

      1. هل الفكرة حسنة لك عند الله أم سيئة ؟
      2. هل تنفع فكرتك البلاد والعباد ؟
      3. هل هذا هو التوقيت المناسب لعرض الفكرة ؟ وما هو المكان المناسب لنشرها ؟.
      4. هل الأفضل لك كثرة الأفكار أم قلتها ؟
      5. سجل أفكارك كمشاريع مستقبلية إن ضاق عنها وقتك.
      6. للفكرة المبتكرة حق الأقدمية والسبق لكنها قد تواجه بمعارضة شديدة فتنبه !
      7. ثمة فرق كبير بين الدرر الغرر وبين العجر البجر؛ فاختر لنفسك وفكرك ما تحب.
      وإذا فرغنا من صناعة الفكرة فلا مناص من صياغة الفكرة على الوجه الذي يجلو البهاء ويبين المحاسن؛ بخطوات الكتابة الراقية حتى تخرج الفكرة في ثوب قشيب يجعلها مقبولة لخاطبيها.
      عُمانيٌ وأنطلقُ إلى الغايات نستبقُ وفخري اليوم إسلامي لغير الله لا أثقُ وميداني بسلطنتي وساحُ العلمِ منطلقُ
    • بادي ببدء أخـــــي السنور أقول إني أشتقـــت لك
      وثانية أشكر حضــــورك ونقلك الطيب ، وثالثــــة
      سأعود بإذن الله للتعمق في الطرح وفق الظروف
      نظراً لإنشغالي الشديد في الوقت الحالي إستعداداً
      للسفر الطويل ..

      تقبل أخي العزيز المحب تحياتي الودية
      مع تمنياتي من الأخوه الأكرام التفاعل
      الطيب والمثمر النافع ,,


      أخوكم ، نمير
      [COLOR="#000080"]
      رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً
    • موضوع جميل وشيق جزيت خيرا اخي

      \\

      وقفت عند كل كلمه موضوع رائع تقبل مرووري المتواضع
      “وحين افترقنَا ..
      تمنّيتُ سوقاً .. ( يبيعُ السّنين ) ! يعيدُ القلوبَ .. ويحيي الحَنين .. ” ― فاروق جويدة
    • تسلم اخي نمـ7117ـيركلك ذوووووووووق , وانا اكثر مشتاجلك يالغالي , تروح وترجع بالسلامه
      عُمانيٌ وأنطلقُ إلى الغايات نستبقُ وفخري اليوم إسلامي لغير الله لا أثقُ وميداني بسلطنتي وساحُ العلمِ منطلقُ
    • يسلمو على مرورك وردك الطيب شوكولاه
      عُمانيٌ وأنطلقُ إلى الغايات نستبقُ وفخري اليوم إسلامي لغير الله لا أثقُ وميداني بسلطنتي وساحُ العلمِ منطلقُ
    • [B]اعجبني ما ذكرت[/B]
      [B]بس استوقفتني نقطه ما فهمتها [/B]

      [B]التخيل والافتراض:
      ولا بأس في ذلك شرعاً أو عقلاً حتى لو كان المفترض ممنوع الوقوع مستحيلاً بدلالة غير آية من التنزيل الحكيم أو حديث من الرسول الكريم.
      [/B]

      [B]بصراحه ما فهمت ** ممكن تشرحها لي اكثر مع ذكر مثال اذا سمحت؟[/B]
    • هلا اختى هجووره , المقصود بالنقطة هذي ان التخيل ممكن ماعدا مانستخرجه من القران والحديث اذا كان واضح , فهنا من غير الممكن التخيل والافتراض , لانه ثابت , تسلمي على مرورك
      عُمانيٌ وأنطلقُ إلى الغايات نستبقُ وفخري اليوم إسلامي لغير الله لا أثقُ وميداني بسلطنتي وساحُ العلمِ منطلقُ

    • طيب ايام ما كنا بالمدرسة


      كنا مثلا نقرأ سورة معينه

      وبعدها نستخلص منها الافكار

      واحيانا ما نجد احاديث عن النبي لا تلفظ لفظا وانما تستخلص

      منها بعض الافكار اوالحادثه التي ذكر فيها

      وذلك من مخيلتنا .. نحن الطلبة


      برأيكــ هل توجد علاقة بين ما ذكرته انا وما فسرته انت ؟؟؟

    • يسلموا على الموضوع
      إذا سمـــاؤكـ يــومــــاً تحَّجبت بــالغيـــــوم أغمض جفونكـ تبصـر خلف الغيـوم نجــوم " و " الأرض حــولكـ إذا مـــا توشحت بـالثلـــوج أغمض جفونكـ تبصــر تحت الثلـوج مروج
    • ولكمووووووو أبو فلعـــة
      عُمانيٌ وأنطلقُ إلى الغايات نستبقُ وفخري اليوم إسلامي لغير الله لا أثقُ وميداني بسلطنتي وساحُ العلمِ منطلقُ
    • سلمت أخ سنور على الطرح الشيق الذي استوقفتني بعض اسطره وودت أن أضع بعض التعليقات الخاصة البسيطة.
      الكتابة المبهرة هي التي تحتوي على عنصرين مهمين هما: الفكرة والبيان؛ دائماً ما يشدني للموضوع الفكرة أولاً ثم الأدوات وهي الألفاظ والمعاني التي صاغت الفكرة وعملت على إيصالها .

      التفكير: يولد التفكير أفكاراً جزيلة وغالباً ما تأتي الفكرة مفاجئة دون إلحاح منا لحضورها وأكثر ما تأتيني الأفكار للوحة ما أو لموضوع كتابي أو لإنجاز عمل ما بنسق رائع قُبيل الخلود للنوم .

      الملاحظة والتأمل: نجد في مجريات الأحداث من حولنا معين لا ينضب للأفكار فأحوال الناس ومستجدات الأمور دائماً ما تفتق الفكرة في أذهاننا .

      الإنصات: السرد الكلامي وسياق كلام محدثنا تنطوي عنه أفكار إبداعية قد نلتقطها نحن دون أن يشعر بأهميتها المتحدث نفسه .

      الحوار و المناقشة:قد تولد الفكرة لدينا من حوار عابر بيننا وبين شخص بحيث يثار في دواخلنا تساؤل وفضول تجاه نقطة معينه وهنا تكون ولادة الفكرة .

      سجل أفكارك كمشاريع مستقبلية إن ضاق عنها وقتك. في أحيان كثيرة تطرأ لنا فكرة والصائب أن ندونها حتى لا تغيب بين مشاغلنا اليومية وننساها وحتى نطلع ونبحث حولها ونربط ما نمر به من خبرات ومواقف نثري بها الفكرة في حال اختمارها لدينا .
    • يسلمو عليى المرور والتعليق الطيب زهر مكة
      عُمانيٌ وأنطلقُ إلى الغايات نستبقُ وفخري اليوم إسلامي لغير الله لا أثقُ وميداني بسلطنتي وساحُ العلمِ منطلقُ
    • يسلمو على المرور حنان البيدير
      عُمانيٌ وأنطلقُ إلى الغايات نستبقُ وفخري اليوم إسلامي لغير الله لا أثقُ وميداني بسلطنتي وساحُ العلمِ منطلقُ