هل عندنا تعليم عال ؟!

    • هل عندنا تعليم عال ؟!

      الوطن -

      طالب بن سيف الضباري:



      كنت اشاهد ذات يوم برنامجا تلفزيونيا في احدى الفضائيات العربية، وكان الحديث فيه مع الدكتور عزمي بشاره المفكر العربي يدور حول التعليم العالي في الوطن العربي ، من حيث الجودة ومستوى الانفاق عليه والمهارات الاكاديمية التي تشرف عليه ، وغيرها من الجوانب المتعلقة بهذا المستوى من التعليم الذي يفترض ان يكون سلاح العرب لمواجهة الامم الاخرى في حداثتها وتطورها وتقدمها الذي يبهرنا في كل دقيقة ان لم يكن في كل ثانية ، وكل ذلك بما وصلت إليه من علوم ومعرفة تحظى في موازناتها بالاولوية المطلقة، لماذا؟ لأنها تؤمن بأن ادوات التغيير نحو الافضل لأي مجتمع تكمن في عقول البشر وليس فيما لدينا من خزائن نخشى عليها من الافلاس أو التسابق للوصول إلى اعلى الارقام المالية في حساباتنا لدى بنوك الغير شخصية كانت او عامة ، والادهى من ذلك ان ما ينفقه الاخرون من اموال على تنمية وتشغيل عقول البشر، ننفقه نحن العرب إما على ملذاتنا وسباقنا في ان نكون الاول في كل شيء الا التعليم، أو على معدات واسلحة يستخدم بعضها لقمع البشر والبعض الآخر يباع خردة ويرمى لانتهاء صلاحيته.

      فالجهود التي تبذلها بعض الدول العربية لتطوير التعليم العالي يخلو بعضها من رؤية مستندة على معرفة الواقع، وبالتالي فإن التطوير لا يعدو ان يكون زيادة عبء على واقع يحتاج إلى التصحيح أولا في المسار قبل الزيادة في معاناته بحجم قبول أو إدخال تقنيات حديثة بعضها ليس اخر ما وجد في سوق العمل وانما يمثل تقنيات تخطتها تقنيات اخرى بفوارق كبيرة من حيث الجودة والاداء والبرمجة، ما يشكل ذلك في حقيقة الامر بالنسبة لمخرجات هذا النوع من التعليم عندما يلتحق بالعمل صدمة وجهلا تقنيا وفنيا، فيصبح في مفترق الطرق بين عدة سنوات قضاها في استخدام تقنيات على مقاعد الدراسة تمثل بالنسبة للقطاع الخاص شيئا من الماضي، في الوقت الذي كان من المفترض ان يكون هناك متابعة لما يحدث من تغيرات على جديد العلوم والتطبيقات التقنية لدى القطاع الخاص بمجالاته المتعددة الصناعية والتجارية والخدمية وغيرها من الأنشطة التي تمثل المستقبل المهني لمخرجات هذا النوع من التعليم وكذلك مستقبل الأمة في ان يكون لديها عقول قادرة على مواكبة الجديد من العلوم واستيعابه .

      واذا كانت مواكبة التطور الذي يحدث على التقنية المستخدمة في التعليم العالي مهمة جدا فإن الشيء الآخر الأهم هي الهيئات التدريسية المناط بها ليس فقط حشو العقول بمواد تدريسية جامدة، وانما التركيز على التطبيقات والنظريات العملية التي تبني فكرا مهنيا قادرا على الابداع والابتكار ، ومشجعا للطالب على مواصلة التحصيل العلمي والمعرفي الذي لا شك يرتقي بفكر المجتمع ويسهم في احداث تغيير نوعي تدريجي من الاعتماد على الاخرين إلى الاعتماد على النفس على الاقل في بعض الواردات لتأمين الحاجة الفعلية منها، فضلا عن الدخول التدريجي في السباق المعرفي والابتكار العلمي الذي يشهده العالم بعقول بشرية ليست ملائكية وانما حظيت باهتمام وعناية ورعاية وتشجيع، وانفاق مفتوح على ابحاث ودراسات وقبل ذلك هيئات اكاديمية عالية الجودة اعتقد جازما ان العقول العربية متى ما توفرت لها كل هذه العوامل لن تكون اقلها بل ربما تفوقها ابداعا وابتكارا والدليل على ذلك مجموعة العقول العربية المهاجرة التي برزت في عدة مجالات علمية.

      صحيح أن موازنات بعض الدول العربية تخضع لضغوطات من اجل تأمين قائمة طويلة من الاحتياجات والمطالب الاجتماعية الضرورية ، فضلا عن الفساد المالي والاداري وذلك لا شك يمثل تحديا امام المخططين الا انه يجب ان لا يكون سببا رئيسيا في عدم زيادة الانفاق على التعليم العالي وانتاج عقول بشرية على الابداع والابتكار الذي يعوض ما ينفق، فالدولة المصدرة لشتى انواع التقنية لا شك تجني اليوم ثمار ما انفقته على التعليم فيما مضى وليكن شعارنا كعرب خاصة دولنا الخليجية التي حباها الله بثروة نفطية (التعليم العالي في خدمة الابداع والابتكار) وليس مجرد منح شهادات بأي مستوى تحصيلي بهدف الالتحاق بوظيفة غالبيتها يفتقد بعد فترة للهوية التخصصية من خلال تحول الفنيين إلى وظائف ادارية .


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions