وداعيات غير جادَّة .. - جديد معاوية الرواحي

    • وداعيات غير جادَّة .. - جديد معاوية الرواحي


      وداعاً أيتها البالوعة الكُبْرى ...!!





      مُلاحظة: السرد أدناه ليس اكتئابياً على الإطلاق.


      من أين يبدأ المرءُ في مساءَلة ماحولِه؟ الفكرة نفسها ــ المساءلة ــ قد تبدو فعلاً من الأفعال الخارجة عن المألوف،يعتَقدُ البعضُ أنَّه أصغر من أن يُسائلَ شيئا والآخر يعتقدُ أنَّه أكبر من أنيُسَاءَلُ من قبل أحد، ويعتقدُ البعض أن فكرةً ما يؤمن بها لا يمكنُ مساءلتها.


      &&&

      لا أعرفُ كيفَ يمكن التَعايش مع هذاالعدد المهول من الأفكار الجاهزة التي تنتشر في كلِّ مكان. يخرجُ لك أحد الدينيينمثلا ويقول لك أنَّ العالم والتطور العلمي المذهل الذي توصَّل إليه سببه كيت وكيت.حسنا نعود إلى أصل الأشياء، وإلى المحرِّك الرئيسي لما يدعوه ــ تجاوزا ــ تطوراًعلمياً ولا ترى شيئاً ذا بال، أعني هو الأمر نفسه، تلك القائمة الطويلة منالمعادلات الرياضية والمقاربات العلمية الفيزيائية، بدءا من صعود القَمر إلى تصميمملابس ضد الحريق.


      الأمر يشبه ما يدور في عالم الطب،الجراحون يمارسون عَملا بدائيا للغاية بأدوات دقيقة جداً، نقول دقيقة لأننا لانستطيع إيصال عصب بآخر بأيدينا لذلك يلجأون للمجاهر، ولكن الفكرة الرئيسية هي، هي.كما هي مقاربة العلاج، الفكرة الكيميائية الغربية الأساسية القائمة على استخلاصالمكوِّنات الفعَّالة، أعني يأتيك الآن من يقول لك [هذه أشياء كيميائية] الطبيعةكلها أشياء كيميائية، لا يوجد ما هو طبيعي وما هو كيميائي، أعن نظرياً إن كان يمكنصناعة تفَّاحة في المختبر فهي ليست شيئا كيميائيا، العلماء الآن يتدخلون فيالبذور، ولكنه لا يستطيعون صناعة تفَّاح، مثلما يتدخلون في البويضة والحيوانالمنوي ولا يستطيعون إقناع حيوان منوي باختراق بويضة خارج بيئة مناسبة، يستخدموندبابيس دقيقة. الأمر بدائي للغاية، ألا يبدو لكم كذلك؟


      كذلك الأمر عندما يُعالج الطبيب قيح فيقدم مريض، الفكرة أنه يريد إيقاف القيح قبل أن يصل ويسمم الدم، وإذا وصل وسمم الدمحينها ليس لديها سوى حقن المريض بأطنان المضادات وينظر للسماء منتظراً الخَلاص، أوللساعة منتظراً الذهاب لزوجته التي وعدته بزي داخلي أبيض اللون.


      &&&



      يُباع في الأسواق شيء اسمه [مطهر ديتولللأسطح]، بينما اسمه باللغة الإنجليزية [disinfectant] أي مزيل للــ...؟؟ لماذا؟؟ للكائناتالمجهرية التي تسبب إزعاجاً. رائحة الحذاء سببها بكتيريا كما يقولون، حسناً وثمةمنطقة سوداء في الخصيتين أيضا سببها فطريات، وفي الظهر منطقة سوداء يقولون سببهانوع من البكتيريا بسبب اللعاب الذي ينزلُ من الفم أثناء النوم ويلتصق بالرقبة،بوصف آخر لعابك يسبب سواد رقبتك، وجيد أنه لا يسبب سواد وجهك.
      مطهر ديتول هذا يرش على الأسطح ويقومبتنظيفِها، شخصيا أستخدمه بجنون، أرش الزبالة، والحذاء والجوارب الرياضية التي أتسكاودُتغسيلَها، وكذلك الوسادة وأحياناً أشياء غريبة مثل مقابض الباب وغير ذلك، ليسالأمر زيادة نظافة ولكن شعور نفسي بأن البيئة التي حول آمنة من الكائنات المجهريةالمزعجة.


      حسناً ماذا عن البالوعة؟؟ هل سمعتمبأحدٍ يحاول [disinfecting] بالوعة؟؟ بالنسبة للمجهريين البالوعة هي المكان الذي تصبح فيهمحاولات التعقيم غبية وغير ذات جدوى، من يمكنه تعقيم بالوعة؟؟ هل لكم أن تتخيلواالكم الهائل من الكائنات المجهرية والحشرات والبكتيريا فيها؟؟ هل تتخيلون كم الأمرمفزع؟ لا يمكن تعقيم البالوعة لأنها بالوعة ببساطة، هي المكان الذي نضعُ فيهأوساخَنا كلَّها ونؤمن أنها هُنا بعيدة، ونعرف أن جزءا منها يتسرَّب إلى مياهالشرب وإلى مياه الزراعة ولكننا نكذب على أنفسنا ونتجاهل هذه الحقيقة حتى لا نصاببالجنون أو الشك، هؤلاء الذين يوصفون بأنهم مصابين بالوسواس القهري، هؤلاء همالذين يعرفون الحقيقة، لأنهم لا يتجاهلون البديهي، ولذلك يصابون بالجنون، لأنالعالم لا يرى كما يرون هم كم هو ناقص ووسخ وبشع.


      &&&



      كذلك الوضع في المُحيط الجغرافيالمُحيط [حلوة هذا المُحيط الجغرافي المُحيط] لا يتغيَّر، الصراخ يعلو والزعيقيغطي على كل مكانٍ نظيف يحاول المرء أن يقرأ فيه شيئا أو أن يسمعَ فيه شيئاجيِّداً. الشيء هذا هو الفكرة، والفكرة هُنا لم تهرب من المعقِّمات الحارقة التيتميِّعها وتحولها لفكرة أخرى، كما لم تهرب من الحوارق السياسية والآيدولوجية،الفكرة هي الفكرة المزعجة التي تنتقل من دماغ إلى آخر عبر فم إلى أذن تصل مشوَّهةومقتولة ومصابة بمختلف أنواع الالتهابات، التهابات التفكير التي لا يمكن علاجهادون قتل البيئة الحاوية لها، باختصار لا يمكن علاجها سوى بالحرق وهذا ليس خيارايمكن لطبيب أن يتخذَه. كيف يمكنك أن تحرق العين أو القلب إذا أصيب بالتهاببكتيري؟؟؟ عليك أن تستعير قلباً من شخصٍ آخر، كذلك الأمر بعض الشيء عندما تستعيرعقلاً من شخص آخر، عليك أن تتأقلم مع القلب الجديد، وعليك دائما أن تحاول مقاومةالمقاومة التلقائية لجسدك الذي يرفض الأجزاء الجديدة.


      &&&



      حسنا قد دخلت في مكانٍ لم أرد دخولَه، ماكنتُ أريد قولَه هو امتداد لاستعارة ميِّتة قالَها صديقي يوسف الذي بدأت أمقتُهالآن بسبب انشغالِه الدائم عن أصدقاء يريدون الالتقاء به، يصف وضعاً ما متأزمافكرياً بالبالوعة، وأنا أفكِّر فيما بعد الوصف، بعد الاستعارة كما يقول بعض الناسالرائعين [والمزعجين جداً أيضا] ما بعد هذه الاستعارة؟؟ كيف يمكن تنظيف هذهالبالوعة؟؟ وهل يمكن إنقاذها؟؟ وهل يمكن تعقيمها ؟؟ كل شيء يفوح بالروائح، والحللا يكمن في محاولة إنقاذ البالوعة بقدر ما يكمن في محاولة تعقيم النفس، وملأالمكان المحيط بالمعقمات حتى لا تتسرب التهابات وعفونة إلى الجسد الذي لا ينتبهكثيرا إلى الأوساخ المتسربة.


      &&&



      يجب على المرء تعقيم نفسِه، أعنيهذا إلزام غير ملزم أريد أن أقول لكم أنهيجب علي أن أعقِّم نفسي، وعملية تعقيم النفس لا تخلو من الصعوبة، كما أنها لا تخلومن الضياع والشعور بالشوق إلى الإدمان القديم. الأمر يشبه الانقطاع عن التدخين،ترك تلكم الــ [Rush] أليست هذه الكلمة المُناسبة لكلمة [نشوة] التي تقال في الأفلامدائما، ترك تلك النشوة التي تعطيك إياها سيجارة تعرف جيداً أنها تسرطن روحك، دعواعنكم سرطان الجسد ولكنها تسرطن الروح بسبب ما يبث في كل مكان عنها، السيجارة فيحدِّ ذاتِها ليست سيئة لو كانت خياراً شخصياً، ولكنها سيئة لأنَّه تجعلك تدخل فيحزمة حروب نفسية لا داعي لها، مزعجة لأنها تجعلك تشعر أنك تقتل نفسك وأنت ببساطةتدخِّن. التخلي عنها مهم، ولكنه تخلي أيضا عن تلك اللذة.


      يبدو لي أن تعقيم النفس شبيه بالتخليعن السجائر، الموسِّخات بها لذَّة، كما هو الأكل الزبالة [junkfood] والأكل الصحيليس لذيذا، كذلك الأفكار الصحية أيضا ليست لذيذة، وكذلك الكتب الجيِّدة ليست سريعةوسهلة وبسيطة وكذلك الأفكار المفيدة [كما يبدو لي] ليست سهلة وبسيطة، أعتقد أنالأمر بحاجة بالفعل إلى أن [يصلب المرء ظهرَه] وأن يكبرَ بعض الشيء. همم هل هذهدعوة إلى ذلك؟؟ بالطبع لا، من أراد أن يفعل شيئا فليفعل ومن لا يريد أن يفعل فلايفعل، هي فارقة أصلا؟؟


      &&&



      أن تكون حزمة من الأفكار بالوعة [وهياستعارة ليست حيَّة للغاية عارف والله العظيم عارف] هذا ليس أمراً سيئا أو يقصد بهالإساءة، هي فقط شأن ذهني بسيط، شأن استعاري مزعج للغاية لدماغ غير متعوِّد عليه. كلما أعرفه أن بالوعةً ما كان تقطِّر بعض مكوِّناتِها ولم أكن منتبها إليها، أعني لوكنت محمياً من قبل لما كان ذلك مزعجاً، ولكنها بالوعة مزعجة تملؤ الروح بالوسخ،والأصوب فعلَه إن لم أستطع إحراقَها وردمِها، أن أبتعدَ عنها قليلاً قليلا، متمنياالتوفيق للعالم وللناس وللمتقاتلين عليها.




      والله والوطن والسلطان ودقي يا مزيكا ...













      المصدر : مدونة معاوية الرواحي


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions