الإخوة الكرام والأخوات الكريمات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وحياكم الله وبياكم ورضى عنكم المولى وأرضاكم
أقدم لكم اليوم هذه الخاطرة وأتمنى أن تلاقى قبولكم
تحت شجرة الزيتون
تحت شجرة الزيتون حكى جدى لى حكاية لها بداية لكن ليس لها نهاية
وأشار بيده إلى بناية وقال لى أترى هذه البناية هذه البناية كانت يوما دارا لنا وهذه الأرض كانت ملكنا
عاش فيها أجدادنا فيها ولد أبوك وهذه الأرض رويناها بعرقنا ودمائنا وغرسنا فيها أشجار البرتقال والليمون والزيتون
وعشنا فيها سنون ومازلت أحن إليها وأشعر بها جزء من جسدى بل جسدى جزء منها ونبت منها
وزفر آهه كاد يحترق منها ونظرت إليه فإذا دموعه تجرى وقال لى أتدرى يابنى إن روحى مازالت هائمة تريد أن تستقر منذ أن غادرتها
لن أنسى ذالك اليوم المشؤم حين جاء المجرمون ليزرعو الرعب فى هذه الأرض ويجمعو شباب البلدة وغلمانها بل ونساءها
ويصفوهم على الجدر وبوحشية لم أرى مثلها يطلقون عليهم النار غدراوتجرى دماء تشق لها طريقا بين أكوام الجثث
ويضحك الشياطين ويتلهو بالمشهد البائس ويغدو الشر عملاقا وتنينا يرتوى من الدماء
ولم أصدق حين إستيقظت من غيبوبتى لأاجدنى مازلت أنتزع أنفاسى المثقلة ورائحة الموت تزكم الأنف وصرخات الأطفال تعوى وسط الخراب
كانت إصابتى بالكتف حيث ضلت الرصاصات طريقها لرأسى وتلفت يمينا ويسارا لا أرى سوى الخراب والموت وجثث ملقاة حولى وفى الطرقات
وكان الظلام حالكا فجرجرت أقدامى والرعب يكاد يطبق على أنفاسى وهرعت لأجد جدتك تولول
وقد أتاها نبأ مقتل أخى الأصغر وإبن عمى وخالى وزوج أختى بتلك المجزرة ولم يكن حال الجيران بأحسن من حالها
ثم فى عجلة جمعنا ما إستطعنا من متاعنا وبعض المال الذى كنا ندخره وسرنا طوابير أغلبنا من النساء والعواجيز والأطفال
سرنا ليالى وأيام حتى نفذ الطعام والماء ولولا بعض الأبار التى مررنا بها وبعض بقايا ثمار الليمون وأوراق الشجر لمتنا
حتى وصلنا للشاطئ حيث وجدنا مراكب كأنها أعدت لتحملنا بعيدا عن أوطاننا إلى لبنان حيث سكنا الجنوب فى خيام لا تقى حرا ولا بردا
وكان أبيك يعمل بغزة ولم يكن قد تزوج بعد وعلم ماحدث لنا وبعد مرور سنوات جاء لزيارتنا وكانت المرة الأخيرة التى رأيته ولم أراه بعدها
كان يصطحبك وقد كنت طفلا لم يتجاوز الخامسة من العمر وبقى معى أياما وعند الوداع قال لى ألقاك يا أبى فى الجنة لو قبلنى الله مع الشهداء
وبعد مرور بضعة أسابيع جاءنا النبأ لقد إستشهد أباك فى عملية فدائية نفذها مع بعض رفاقه وأوقعو بالعدو خسائر جسيمة وقتلو خمسة من الكلاب
ونالت أبيك رصاصة غادرة فى طريقه للإنسحاب من الموقع حملته إلى السماء لتحتفى به ملائكة الرحمن
بنى سر على هذا الدرب وإعلم أن هذا هو الطريق وقبل أن تنام كل يوم تذكر هذه الحكاية وترحم على أبيك
ودمتم جميعا بألف خير وعافية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وحياكم الله وبياكم ورضى عنكم المولى وأرضاكم
أقدم لكم اليوم هذه الخاطرة وأتمنى أن تلاقى قبولكم
تحت شجرة الزيتون
تحت شجرة الزيتون حكى جدى لى حكاية لها بداية لكن ليس لها نهاية
وأشار بيده إلى بناية وقال لى أترى هذه البناية هذه البناية كانت يوما دارا لنا وهذه الأرض كانت ملكنا
عاش فيها أجدادنا فيها ولد أبوك وهذه الأرض رويناها بعرقنا ودمائنا وغرسنا فيها أشجار البرتقال والليمون والزيتون
وعشنا فيها سنون ومازلت أحن إليها وأشعر بها جزء من جسدى بل جسدى جزء منها ونبت منها
وزفر آهه كاد يحترق منها ونظرت إليه فإذا دموعه تجرى وقال لى أتدرى يابنى إن روحى مازالت هائمة تريد أن تستقر منذ أن غادرتها
لن أنسى ذالك اليوم المشؤم حين جاء المجرمون ليزرعو الرعب فى هذه الأرض ويجمعو شباب البلدة وغلمانها بل ونساءها
ويصفوهم على الجدر وبوحشية لم أرى مثلها يطلقون عليهم النار غدراوتجرى دماء تشق لها طريقا بين أكوام الجثث
ويضحك الشياطين ويتلهو بالمشهد البائس ويغدو الشر عملاقا وتنينا يرتوى من الدماء
ولم أصدق حين إستيقظت من غيبوبتى لأاجدنى مازلت أنتزع أنفاسى المثقلة ورائحة الموت تزكم الأنف وصرخات الأطفال تعوى وسط الخراب
كانت إصابتى بالكتف حيث ضلت الرصاصات طريقها لرأسى وتلفت يمينا ويسارا لا أرى سوى الخراب والموت وجثث ملقاة حولى وفى الطرقات
وكان الظلام حالكا فجرجرت أقدامى والرعب يكاد يطبق على أنفاسى وهرعت لأجد جدتك تولول
وقد أتاها نبأ مقتل أخى الأصغر وإبن عمى وخالى وزوج أختى بتلك المجزرة ولم يكن حال الجيران بأحسن من حالها
ثم فى عجلة جمعنا ما إستطعنا من متاعنا وبعض المال الذى كنا ندخره وسرنا طوابير أغلبنا من النساء والعواجيز والأطفال
سرنا ليالى وأيام حتى نفذ الطعام والماء ولولا بعض الأبار التى مررنا بها وبعض بقايا ثمار الليمون وأوراق الشجر لمتنا
حتى وصلنا للشاطئ حيث وجدنا مراكب كأنها أعدت لتحملنا بعيدا عن أوطاننا إلى لبنان حيث سكنا الجنوب فى خيام لا تقى حرا ولا بردا
وكان أبيك يعمل بغزة ولم يكن قد تزوج بعد وعلم ماحدث لنا وبعد مرور سنوات جاء لزيارتنا وكانت المرة الأخيرة التى رأيته ولم أراه بعدها
كان يصطحبك وقد كنت طفلا لم يتجاوز الخامسة من العمر وبقى معى أياما وعند الوداع قال لى ألقاك يا أبى فى الجنة لو قبلنى الله مع الشهداء
وبعد مرور بضعة أسابيع جاءنا النبأ لقد إستشهد أباك فى عملية فدائية نفذها مع بعض رفاقه وأوقعو بالعدو خسائر جسيمة وقتلو خمسة من الكلاب
ونالت أبيك رصاصة غادرة فى طريقه للإنسحاب من الموقع حملته إلى السماء لتحتفى به ملائكة الرحمن
بنى سر على هذا الدرب وإعلم أن هذا هو الطريق وقبل أن تنام كل يوم تذكر هذه الحكاية وترحم على أبيك
ودمتم جميعا بألف خير وعافية
__________________
بقلمى
بقلمى
د/جميل حسن الشريف