وداعاً أيتها البالوعةُ الكبرى [3]
لماذا نحن شعب مختلف جداً؟؟؟؟
لو كنتُ كياناً أعظم، وهذه استعارةموغلة في الموت لأنَّه تشبه الدول أو الكيانات الجغرافية التي يسكنها أناس مختلفوالعقائد والتوجَّهات واللغات بكائنات يحرِّكها عقلٌ واحدٌ بينما في الحقيقة هينتاج تفاعل آلاف الأجزاء الداخلية بينَها وربما نتاج تفاعل غير مرئي مع الكون أوالأرض أو الطبيعة أو حتى الكيمياء الحيوية التي تسبب تغيرات في طرق التفكيروالتعبير في مجموعة من الناس في حيِّز جغرافي معيَّن.
بعيداً عن هذا الكلام المُزعج ما كنتُ أريدُ قولَهأنّني لو كنتُ كياناً أعظم، مثل الماما أمريكا الراعي الرائع للإرهاب في المنطقةلتلخبطتُ بشدَّة أمام الخطاب العربي ولعييت أن أتخذ مُقاربة ملائمة لهذه المَنطقةالتي أصبحت بالفعل العَفن المُتراجع الآسن في هذا العالم الدوَّامي المتحرِّكبشدَّة.
&&&
حسناً سأعترف، كنتُ مخطئاً في شأنالمطاوعة:
قد هداني عقلي ــ وهو عقل ذو هداياتملتبسة جداً ــ إلى اعتبار الدينيين هم مصدر الشرور والأسن الحادث في المنطقة،أعني حيثما وليتَ وجهَك في مصر، المغرب، ليبيا، الجزائر العراق، اليمن، السعودية ستجدُبؤرَة تأزِّم ديني في مكانٍ ما، يحلو للبعض أن يلقي باللائمة على الأشباح، وقديكون كلامَه صحيحاً أعني من الممكن أن يكون هناك من يدفع للزمَّار أو من يفرشُفراشاً للزمَّارين كي يلقوا بسحرِهم على جحافل الناس والفلاحين والقرويينوالمَساكين الذين يصدقون ما يُقال لهم. كان ذلك تفسيرا سريعا وسهلا ومُقنعاً فيوقتِه وسياقِه، الآن أجدُ أنهم جزء واقع داخل المشكلة، وبقدر ما هم مشاركون جزئياًفي تأزِّمها قليلاً إلا أنَّهم وحدَهم ضحاياً المنطقة المُرعبة التي أصبحت تمتصَّكل قيمة إنسانية فردية وتحشرُها في قيَم جَماعية أو قيَم أقليَّات وسيطة دون أدنىاحترام لحقِّ الإنسان في اختيار ما يناسبُه من لباس فكري أو جسدي.
الآن، لا يبدو لي أنَّ المنطقةالعَربية والموت الزؤام الذي يحصد آلاف الرؤوس شهرياً ستجد حلا مقنعاً، أعني نحنبين تناقضات مرعبة للغاية، بين الوثوق مثلا في ملاك الموت القادم من بعيد وهيالولايات المتحدة الأمريكية التي أعطت لحكومات المنطقة ألف سبب مقنع للحد منتدخلاتِها السافرة في المَكان [ولو أنها في النهاية الصديق الدائم] وبين الوثوق فيالوضع القائم حاليا بتأزِّمِه وبدوران المال والحال حول مجموعة وسيطة من الأفراد [نعمالجُملة للدكتور حليم بركات] مهما كان سيئا.
يتهم متبنو الرأي الأول متبني الرأي الثاني ...
[وتبني الآراء تبدو استعارة متخلِّفةجدَّا ونابعة من بيئة مرعبة للغاية فهي تعتبر المقتنع بفكرة هو ليس طارحها أمراًمن قبيل تبني طفل ليس من صلبك وكأنَّما اكتساب الأفكار ليسَ من السمات العربية أومن السمات الذهنية للغة العربية !!، همم الفكرة مزعجة قليلا سأغيِّرها] ...
حسناً، ويقوم المقتنعون بالرأي الأول [ضرورةالتغيير من الخارج] بمهاجمة المقتنعين بالرأي الثاني، [ضرورة التغيير من الداخل]ولا يبدو أن أحداً يُناقش [ضرورة التغيير].
لماذا نجمع في حزمة واحدة كدولة عربية ونحنمتباينون تبايناً مرعباً؟
ولا سيما في الحقبة الجديدة بعدما طفقالفلسطينيون يقتلون بعضهم نيابةً عن الإسرائيليين وبعدما طفق العراقيون يقتلون بعضهمنيابة عن صدام أو الأمريكان.
هذا الجدل العربي القَديم القائم منذالستينات كما يبدو، ولن يخرج أن يكون كلام منظرين ومثقفين إن قلتُ لكم مع أو ضدفلا فائدة. ثمة أغنية للشيخ إمام اسمها [يعيش المثقف على مقهى ريش] والذي يسمعُهذه الأغنية التي أعتقد أنها من كلمات أحمد فؤاد نجم يدرك جيِّداً كم هو عبثيومقرف الخوض في هذا الأمر، أعني عبثي ومُقرف لمن يريد ألا يدخلَ في معمعات ليس لهطاقة بها، أما من شاء من يدخل فليتفضل فالعالم مفتوح الآن حتى للإيمان بمختلفالقضايا حتى لو كان ختانة السنانير !!!
&&&
حسناً يمكنني أن أقول بوضوح أنني طفشتُتماماً من [قضايا الأمَّة]، وطفشت أكثر من قضايا المنطقة كما طفشتُ أكثر من قضاياأو حتى قضية التضخم الحراري التي حصل بسببها آل غور على جائزة نوبل وتقوم القارَّةالعجوز الآن بإعادة تقديمِها للعالم عبر آلتها الإعلامية الهادئة، أو أمريكابآلتِها الصاخبة المزعجة وبأفلامِ هوليود التي تحكي عن نهاية العَالم ببلاهةمنقطعة النظير [في فيلم مشحون بالتبشير بطريقة مقرفة].
ثمة أناس أصحاب ذهنيات غريبة للغاية،ولا يبدو أنهم ينطلقون إلا من شعور بدائي للغاية بالقطيع، يقول لك فلسطين في يدالأعادي، حسناً عليك أن تحيل حياتك إلى بكاءٍ متواصلٍ، وعليك أن تنصِّب قلمَكمؤججا ومؤلباً وداعياً للقتال، وبينما يركض ويتراكض الحكام العرب ووزارء الخارجية محاولينإيقاف الدماء التي تسيل بسلام غير عادل، تقف الشعوب وقفةً صارمة مع القِتال ومعإنهاء القضية بزوال إسرائيل، وبين هذين الاثنين لا يبدو أن القضية تُريد أن تحلَّ.
قف واسأل من في الشارع وقلْ له ماذا تعرف عنفلسطين؟ واسأله ماذا تعرف عن إسرائيل؟؟ لن يقول لك كلاماً واضحاً وإنما سيستحضرالأطفال المهروسين بالصواريخ وبالفسفور، لا أقول أنني ضد العداء وضد تأجيجِه، ولكنفي نهاية المَطاف لنا ستون عاماً على هذا المِنوال؟؟ أما آن لنا أن نتخذ مُقاربةًجديدة لحلِّ هذه الدائرة المُفرغة التي لن تنتهي ربما سوى بدولةٍ واحدة تريحنا منصدعانِها الذي لا ينتهي؟؟ سواء الحرب الشاملة أو السلام الشامل لا فارق عنديشخصياً لأنني لا أفهم الوضع كما ينبغي. يزعجني أن أقول أن القضية الفلسطينية لهاألف متبنٍ كما لو كانت طفلة لقيطة تبحث عن مليون أب، حسناً هذا الكلام سوف يزعلالقوميين، انزين يمكنهم أن يزعلوا كما يشاؤون قسما بالله جانا لوعان منهم ومن لوعانهم،أعني ما جدوى ذلك كله؟
يوجد عراقيون كثر في عُمان وهذا يجعلنيبعض الشيء [حذر سياسياً] عندما أتحدث عن الوضع فهم يزعلون بسرعة. ولكن دعوني أخلعهذا الحذر قليلاً، فقط أريد أن أسأل بصوت عال؟؟ أنا كعماني ما ذنبي؟؟ ما ذنبي أنَّصدام حسين أشقاك وعذَّبك ودمَّرك وجعلك إنسانا مهزوما، أو جعلك شوفينياً مبالغاًفي شوفينيتك؟؟ ما ذنبي أنا المواطن العُماني الذي سمعك أو يقرأ لك بمشاكلك؟؟ ياخيخلي مشاكل لنفسك وأجرْنا من هذا النواح الذي غثثتنا به ليل نهار، طيِّب صدام حسينطاغية؟؟ ها هو مات وذهب؟ طيب الأمريكان قتلة؟؟ هام هم يذهبون طيب ألخ ألخ،فليذهبوا للجحيم ما ذنبي أنا؟؟
بعض العِراقيين يعيشون حالة إنكارمخيفة تجاه الوضع، أعني يعتقدون أنَّ العالم كلَّه يجب عليه أن يبكيهم، حسناً ماذنبنا نحن كناس عاديين نعيش ونحاول أن نأكل عيش في أوضاعٍ تصبح أكثر صعوبة كلَّيوم؟؟ طيِّب وعسانا نعيش في النعيم هل حاسبناك أنتَ يومَ كنتَ في هذا المَكان؟ أمستقف وتردد الحكمة الأزلية التي يتفنن البعض في ترديدِها [الثور الأبيض والثورالأسود].
كنت أتحدث مع صديق عراقي عزيز للغاية،ويبدو أنني سمحت للساني أن يفلتَ، قلتُ ــ وأنا مؤمن بما أقول ــ أن صدام حسين رغمدكتاتوريته قد منع زبالات معيَّنة من الخروج، أعني أين عراق منير بشير وعراق العلموالفن والأدب والشعر والثقافة والبحث العِلمي من عراق البرتقالة؟ ومن عِراق الوضعالمزري والتسطيح المؤمرك البشع والتشتيت المتعمَّد لمثقفين كِبار عيبهم أنَّهمكانوا [وإن لم يكونوا موالين] يتقون شرَّ النظام بعض الشيء، أين تلكم العراق منهذا العراق؟؟ وقد انفجرَ هذا الصديق في وجهي غاضباً وهو يحاول أن يشرحَ لي كيف أن[الوضع في العِراق] كانَ كذا وكذا، يا صديق لا تتعب نفسَك، أنا إنسان عُماني ماأعرفه عن العراق هو منتجات ثقافية، أعرف الشعر والأدب والقصة والأغنية وبعضالروايات ولكنني لا أعرف أبداً ما يدور في الوسط الثقافي العراقي؟ وماذا عساه أنيدور في وسط يحاصر مثقفوه بقوائم إعدامات؟ إن كان هذا الكلام صحيحاً فماذا أنتظرمنه؟؟ وماذا أنتظر بعدَه؟؟ مثلما خرجَ لنا صاحب البرتقالة الغنائي سوف يخرجُ لناصاحب البرتقالة الثقافي وهلمَّ جرا.
&&&
لماذا نحن شعب مختلف جدا !!
هل يجوز أن أمدحنا؟؟ أعني نحن بلادعريقة ولا نحتاج إلى درس في التاريخ كي أؤكِّد ذلك، لسنا دولة قامت بين يومٍ وليلةعلى وهمٍ من أوهام النفط، ولسنا دولة خرجت من نظام ملكي وانتزقت على الحكمالجمهوري وها هو ملكُها الجمهوري يسومها سوء العذاب، ولسنا غير ذلك. أعتقد وربماأكون مخطئا أننا على الأقل ــ ولو شكليا ــ من الدول القليلة التي حافظت على نظامحكم قديم [هل معنا كانت الحجاز ــ واليمن ــ والمغرب] ؟؟ ربما لا أتذكر جيداًولكننا مختلفون جداً.
نحن دولة غريبة للغاية وفي الوقت نفسه مجتمعغريب جداً. من جهة الدولة عُمان هادئة وليست ثرية جداً وليست صاخبة أبداً، لدينا هدوءتام في كلِّ شيء وأعتقد أن هذه انعكاسات الذهنيات الموجودة في المجتمع بثلاثيهاالشهير [الديني ــ القبلي ــ السياسي]، تحكمها أسرة آل سعيد منذ ثلاثمائة سنة ولايبدو أنَّهم يثقلون على البلاد كثيراً كما هو الحال مثلا في أسرة آل سعود أو فيمشايخ الإمارات الذين [شوية] وربما يبني البعض لهم أصناماً، كما أننا لسنا كقطرمثلا أو الكويت، نشبه البحرين قليلا لأن البسطاء يتشابهون، ولسنا أبدا مثلالعِراق، فلا تجدُ مصائب المذهبية والتازم السياسي الجَماعي أو غير ذلك، ولسنا مثلسورياً في نظام جملوكي ولسنا مثل الأردن في قربِنا من أمِّ المصائب، ولا مثل مصرالتي يكاد حسني مبارك أن يحولها إلى ملكية ولا مثل السودان الغارقة في مصائب بينمذكرة اعتقال دولية للبشير ومشاكل ثقافية بين الشمال والجنوب وطلبات استقلال، ولامثل ليبيا التي يعمِّرها القذافي بالمزيد من تنقيعاتِه التي لا تنتهي أو الجزائر،أو تونس التي يزينها زين العابدين بالمزيد من الحرية القمعية، وأخيراً المغرب التيهي منفتحة على مكان مختلف من العَالم.
لا أقول أننا أحسن من كل هؤلاء ولكننيمختلفون عنهم في شكلٍ من الأشكال، دولة في الثقافات التي ننفتح عليها، ودولة فيالتكوين المذهبي للسكان، ودولة في التكوين الثقافي، ودولة في الثقافة السياسية،ودولة في التكوين الديني. تخرجُ عُمان من بين هؤلاء ــ كما يظهر لي ــ كياناً أكثرتماسكاً من باقي الدول، والسبب ليس كما يتوقَّع البعض أو يردد [هو العهد الزاهرفقط أو عهد قابوس] ولكن ثمة أسباب أخرى تحتاج إلى من هو أكبر مني ليدرسَها ويستفيدمنها.
ما يدهشني في العُمانيين هو قدرتهمالكبيرة على التأقلم مع أصعب الظروف، وكلما قست البيئة المرعبة عليهم يخرجون لكَبوسائل غرائبية للعيش ــ كحال الإنسان في كلِّ مكان ــ صانعين هذا النسيج الذييثير الاستغراب ويجعل المرء راغباً في فهمِه أكثر، أعني مع مشاكلنا وبلاويناوالقلق الذي نعيشه حيال الوضع لا زلنا متمسكين بخيوط الأمل والعَمل أن كل شيءسيكون بخير، وحتى إن لم يصبح كل شيء بخير لا يوجد أدنى مانع أن يعود وأن نعودأجمعين إلى النخيل وإلى الهجن أو الهوش التي عاش عليها جدنا الأول أو الثاني منذطفولتِه، صحيح ستغادر بعض الفئران السفينة إن غرقت هذا شيء مؤكد ولكن يمكنني أنأجزمَ أن العُماني الذي غادرَ في يوم ما إلى البحرين وإلى الإمارات والسعودية وحتىالعِراق ليعملَ أو ليدرسَ قادر على فعل الأمر نفسِه، صحيح الدولة الآن لا يبدوأنها تعد العدة لهذا اليوم التعيس، وتكتفي بالتوجه المجنون للسياحة تاركة المشاريعالضخمة وأكل العيش الذي يريده العُمانيون لأبنائهم في يد حزمة مُختارة منالمستفيدين من الوضع القائم، صحيح أن الدولة تفعلُ ذلك ولكن حتى وإن فعَلت يبدو أنكثيرين يحاولون جهدَهم عدم الاعتماد على هذه الحكومة وبدأوا بالبحث عن خياراتخاصَّة بهم لأبنائهم ولذويهم، حتى لو لم تقل الحكومة ذلك، وحتى لو خرجَ لنا مكيألف مرة كي يقول أن كل شيء بخير، لا يزال بداخلنا ذلك الكائن غير المطمئن إلىالنعمة غير القادر على الوثوق بها، وغير المؤمن باستمراريتها وأنَّ دوام الحال منالمحال، العُماني الذي عرفَ سنين المحل وعرفَ الجوع وعرف الخصب وعرف الحرب وعرفالسلم لن يثقَ بأربعين عاماً فقط من الاستقرار كي تكونَ تاريخَه الأهم، ثمة ما هوأكبر وراء هذه الأربعين عاماً وهو يعرف جيداً متى سيعود إليه، أرادَ الروَّاس أولم يرد، هو الآن في حالة مختلفة جداً عن الحالة التي كان فيها أبوه ولم تعد تنطلعليه ألاعيب المتاجرين به وبعواطفِه بل أصبح أكثر حذراً وحذقاً ودهاءً وهو اليوميغرس في أبنائه فكرةَ الرحيل مبكراً، فهو ليس غبياً لكي يصدَّق أن كل شيء سيكونبخير لأن الضالعين في جعله بخير قالوا ذلك، إنَّه يسمعهم ويبتسم ويضحك ويفعل معَهمكما يفعل العُماني مع الضيوف غير العُمانيين، يبتسمُ ويضحك وربما يستقبله هووزوجته غير المحجَّبة أو زوجته الأوروبية التي تلبسُ ملابسَ قصيرة ويعود لكي يضربابنتَه وولدَه إن تعرفا على أحدٍ أو اكتشف أنهما يحبان أو يرغبان في شخص آخر قبلأن يسمح هو لهما بالرغبة، شئنا أم أبيناً هذا الكائن العُماني غريب للغاية ومُختلفومتناقض ويحق لي أنه يحق لنا تماماً أن نقول كم نحن فخورين بعمانيتنا !!!
&&&
نداء إلى الكتَّاب العُمانيينوالمدوِّنين العُمانيين:
يحلو لي أحياناً أن ألعبَ هذا الدور،أعني هو دور ممتع دورَ [المدوِّن] الذي يلقي الكلامَ على عواهنه وإن حوصربالتساؤلات يسحب ورقة [تراني مدوِّن لكي يفلتَ] من المُساءلة. لا يبدو ذلك ممكناتجاه الدولة والحكومة، ولكن هذه قضية محسومة سلفاً، القضية المهمة في رأيي هوالخطاب الاجتماعي الذي يحمله المدونون.
ماذا عسانا أن نقول عن المجتمع؟ وماذاعسانا أن نقول للمجتمع؟ يظهرُ لي أن المجتمع هو المظلوم في هذه المُعادلة كلَّها،أصحاب الوعي السياسي يجعلونَ منه ضحية ــ بالغصب ــ لسلطة ظالمة !! وأصحاب الوعيالديني يجعلون منه ــ بالغصب ــ مجبور على المعاصي، وأصحاب الغير على المال يجعلونمنه ــ بالغصب ــ مسروقاً منهوباً، لا أقول أن كل هذا جزئيا ليس موجودا ولكنبربِّكم لو كان الوضع كما يُطرحُ لكنا في مصائب كبيرة للغاية، بصدق ماذا عسانا أننقول للمجتمع وعن المُجتمع ونحن أصلا لا نفكِّر فيه، ولا نلتفت أصلا إلى التغييراتالجذرية التي تحدث فيه.
انشغلَ كتَّاب الأدب بأدبِهم، وهمللأسف مقرفون ويثيرون التقزز أحياناً عندما يتعاملون بتعالٍ مثير للقرف عن المجتمعالذين هم جزء من لحمته ونسيجه [حلوة هذي لحمته ونسيجه]، والشعراء انشغلوا طبعاً بأدبهمسواء المُقاوم أو الذاتي، وحدهم وأقولها مرة أخرى وحدهم شعراء الشعر النبطي غيرالمتأمرتين الذين ربما استطاعوا فعلَ خطاب شعري متوائم مع هذا المجتمع الغريبوعندما يجدُّ الجد وتحين ساعة الكتابة عن قضية اجتماعية تخرج اللعنة اللعناء،اللعنة المقرفة التي لا أبرئ نفسي من الوقوع فيها، أعني اللعنة التي يصادر فيهاكاتب سنكوح مجتمعاً كاملاً بحكمٍ من أحكامِ اللحظة:
الديني: يقول لك عُمان مجتمع مُسلموعلى ضوء ذلك أريد إغلاق كافة الحانات وإعلان الحرب على إسرائيل والقيام بواجبالجهاد، وعدم السماح بحلق اللحية وتطبيق الحدود وقطع يد السارق ورجم الزاني، وجلدشارب الخَمر، لماذا؟؟ لأن المجتمع مسلم ويريد ذلك ...
الليبرالي [بعض الشيء]: المجتمع حر،ويريد الحريَّة والمجتمع يكره المطاوعة ويطلِّع عليهم مختلف النكات، وهو يريدالخَمر وهو يريد الحرية والنساء والحرية الجنسية وعلى الدولة أن تقمع المطاوعةوألا تسمح لهم بالحياة وعليها أن تخنقَهم وكذلك المجتمع يريد كذا وكذا، وهو يريدكذا وكذا، وهو يريد راقصات حلوات في البارات الخ الخ الخ ..
السياسي: المجتمع يحب قابوس، والدولةعلى صواب في كلِّ شيء، الدولة هي الحق الأوحد وعلينا أن نحترم قرارات الدولة وأننوافق عليها، المجتمع يريد السلطان ألا ترون أن الناس تحبَّه؟؟ إذن هي لا تريدالدينيين ولا الصحويين أو المطالبين بالتغيير ولا تريد أي شيء هي تريد الدولة التيتفعل ما يحلو لها، وأيضا تستجلب المشايخ وتعيد ترسيخ القبلية مرَّة أخرى فيالبلاد.
&&&
الخروج اللقيط:
سألجأ إلى هذه الاستعارة الإنسانيةالمقرفة، فكرة اللقيط المحتقرة في كلِّ ثقافات الأرض كما يبدو.
أنظر إلى هؤلاء كلَّهم، وأجدُ من بينِهم قلَّةمن يتكلمون انطلاقاً من المجتمع القادمين منه، أعني المجتمع الذي لا أدَّعي فهمَهليس أبداً أحد هذه الأصوات التي تمتلئ بها البلاد، المجتمع ليس متديِّنا ولكنهمحافظ، حتى لو كان الإسلام يأمر بجلد الفتاة الزانية المجتمع يريد أن يقتلَها أوأن يرقع بكارتها في أقرب مكانٍ لكي يزوِّجها شابٌ جاء ليشتري بكارتِها بخمسة آلافريال، المجتمع يريد ذلك والبعض يرضخ ومن لا يرضخ يحاول اللجوء للقانون لمساعدته.
المجتمع يطلبُ من الجامعات الخاصَّة والعامَّةأن تغلق الأسوار على البنات، وحتى لو شاء القانون إعطاءها حريَّات معيَّنة المجتمعنفسُه يحاول إيهامَها بالعكس، يقاتلها يحاربها ويمكنه حتى أن يحرمَها من حقوق مثلالدراسة ومثل الاختيار، وهو نفسُه المجتمع الذي ربما سيطلق النار على أيِّ إنسانيلمسه بعصا لو حاول المتخلفون جلب هيئة للأمر بما يرونَه معروفاً والنهي عن مايرونَها منكراً، أيضا هذا المجتمع يقبلُ جزئياً أن تتصيع البنات [وفق تعبيرِه]ويقبل رجالُه بعض الممارسات، وتقبل نساؤه بعض الممارسات الأخرى، مجتمع غريب عجيبلا أحد يعرف من أين يبدأ وإلى أين ينتهي.
كل هؤلاء الذي يكتبون باسمِه وينادون به،ويرفعون ويحاربون في النهاية قد يكونوا محتقرين في عرفِ كثيرين منه، وأبطالاً فيعين كثيرين، أعني لا يوجد شيء واضح أبداً أبداً. وأصدقكم القول أشعرُ أنني نفسيوقعت في فخِّ سابقٍ، سأجد في نفسي الشجاعة وأقول نعم اتخذت مقاربة قد لا تكوندقيقة ولكنني مستعد للمراجعة، ثمة شيء في عُمان يجب أن يُفهم ولو بعدَ محاولاتدؤوبة.
&&&
كلمة أخيرة:
ثمة بالوعة آسنة قادمة من مختلفالأماكن، سواء كانت هذه البالوعة من عقليات قديمة جداً تريد أن تقسر العالم علىفهمِ [الفهمِ] بالطريقة التي يرونَها [الحق الذي لا شكَّ فيه] أو عقليات مسيَّسةمستعدة للبس أي قناع وأي زيٍّ في سبيل تأجيج وحشد التأييد، أو العقليات التي اتخذتموقفاً قائما على معطيات قديمة جداً ولا تزال تدور في الدائرة نفسُها.
البلاد تحياً بالأحياء، وعندما قالالعُمانيون [الحي يحييك، والميِّت يزيدك غم] لم يخرج هذا المثل ــ كما يبدو لي ــمن وعي اجتماعي بسيط، وإنما كان نتيجة تجذر تاريخي ووعي ينموا جمعياً سنة بعد سنة،نعم الحي يحييك، وهذه البلاد بحاجة للأحياء كي يحموها من الموت، الأحياء في كلِّالأوساط، الدينية، أو الثقافية، أو السياسية أو الاقتصادية، والأهم الأحياء فيالوسط الأهم من كلِّ الأوساط السابقة، الأحياء اجتماعياً الذين هم التعبير الحقيقيوالأمل في التغيير للأحسن، وفي انتشالنا جَميعاً من الدوَّامة التي نقتربُ منهاببطء.
نعم يا عُمان، الحي يحييك، والحيُّ الآن يجبَ أنيخرجَ ويبدأ بممارسة هذا الإحياء، أو فلنذعن أجمعين لسنة الكون، لسنةِ الصرمة التييعرفها العُمانيون جيداً، الصرمة التي يعرف العُمانيون ماذا يجب أن يفعل بها عندمايهاجمها [الكعل] يجب أن تترك لتموت وتجف ومن ثمَّ تحرق وأخيراً بعدما يموت الدودتسقى لتحياً من جديد.
عُمان ستحياً ستحيا، هذا شيء لا شكَّفيه، أعني احتمالات أن تموت عُمان ضئيلة جداً، احتمالات أن ينشطَ فيها المذهبيون،أو تأتينا زبالة أمريكا بسبب علاقة عُمان مع إيران، أو أي شيء آخر، مثلما هواحتمال جونو الذي أثبتنا فيه أن نساءنا نساء ورجالنا رجال.
عُمان ستحياً/ لن تموت مثل هذهالمنظومة الاجتماعية الجغرافية الثقافية بسهولة، وحتى لو شاءت فرص الحياة أن يكثر[الكعل] في هذه البلاد، فهي أيضا قد لا تجد حرجاً أن تحرقَ نفسَها لكي تحرقَهوتحياً مرَّة أخرى مثل هذه البلاد لا تموت، ولا ينبغي أبداً أن تموت.
المصدر : مدونة معاوية الرواحي
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions