الوطن -

يعقوب بن خلفان الندابي:



قررت هذه المرة وأنا بالمغرب أن أرضي ذاتي الملحة بزيارة طنجة وفعلاً لبيت الرغبة الكامنة في داخلي لزيارة هذه الأسطورة التاريخية الناعسة في المحيط الأطلسي وتعرفت على ما بها من معالم تاريخية وحضارية من خلال شبكة المعلومات الدولية التي أضافت لي رصيدا معرفيا عن هذه المدينة المغربية ، وعندما وصلت طنجة لم يهدأ لي بال إلا أن أقوم بزيارة المدينة العتيقة التي وجدت نفسي فيها شارداً بذهني إلى سفوح الجبل الأخضر بموطني عمان فتراءت لي بيوت طنجة القديمة تعانق زوايا الجبل الأخضر في صورة قربت المسافة بين موقعي الحالي وبين موطني الكامن في الأعماق ، فسابقت عدسة كاميرا هاتفي لتلتقط الصور الرائعة من الهندسة المعمارية قبل أن تختزن تلك الأسطورة في ذاكرتي ، حميمية رسمتها لوحة المدرجات في طنجة العتيقة كما يطلق عليها أهالي المنطقة ووجدت نفسي خفيفاً كالريشة أنتقل من مدرج لآخر ،

وأنا أطالع شرفات تلك المنازل بطرازها المعماري القديم ومن زاويا متعددة شدتني تلك الشرفات لأنظر من نوافذ البيوت القديمة بالجبل الأخضر وكأن الصورة واحدة في إطارها المبروز بفن النقش البديع وحرفية الأنامل التي نسجت خيوط الحكايات القديمة وأثناء مسيري بين الحارات القديمة كنت أتامل في الوجوه التي أقابلها وقرأت في ملامحها وتعرجاتها تفاصيل زمن بعيد جعلني أشتاق إلى نفس الرواية التي قرأت حكايتها في المنحدرات الهندسية بالجبل الأخضر ، المسافة الطويلة الممتدة لآلاف الكيلو مترات بين طنجة المغربية والجبل الأخضر العماني اختزلتها في بضع ثوان ووجدت نفسي أمام لوحتين فنيتين والعلاقة التي تجمع بينهما رموز فنية تعبر عن ثقافة المجتمعين وتاريخ عريق وأصالة معاصرة لهما كل حسب بيئته وطبيعته ولربما كانت قصتي مع طنجة العتيقة دافعا للكشف عن علاقة أخرى بين المعالم المغربية والتراث العماني العريقين ولعل هذا الحوار الثقافي سأشهده في مواقع متعددة ويبقى الحديث مؤكداً بأننا حضارة إسلامية عربية تجمعنا مقومات واحدة وإن تعددت الأمكنة واختلفت الأزمنة ، وصباحكم وطن هذه المرة كتبته وأنا في رحاب شاطئ طنجة .