مقال الرؤية .. الآخر - جديد معاوية الرواحي

    • مقال الرؤية .. الآخر - جديد معاوية الرواحي


      المسؤولية الاجتماعية في مواجهة العَمالَةغير الشرعية..





      لكلَِّ دولةٍ في العالم طريقتُهاالخاصَّة في تنظيم وجود الأجانب، وكما يبدو لي من هُنا كلما كانت الدول كبيرة ذاتملايين كثيرة في خانة عدد السكان أخذ اهتمامُها بعدد الوافدين يقلُّ مقارنةًبالدولِ التي لا تملك رصيداً هائلا من البشر يكفلُ لها مواجهة الضرائب الاجتماعيةوالثقافة الباهضة التي يتسبب بها وجود عدد هائل من الوافدين فيها.


      فلنسمِّ الأشياء كما هيَ ولنكنواقعيين، نحن دولة عدد سكانها لا يتجاوز الملايين الثلاثة. بلغةٍ أخرى عدد سكانعُمان لا يتجاوزُ كعدد حارةً من حارات الهند أو بنغلاديش أو ربما شارعين في الصين،لسنا بصدد المغامرة والمُخاطرة بما نحن فيه بفتحِ المَجال لعددٍ يعتبر بسيطاًبالنسبة لدولٍ أخرى ولكنه كاف تماماً لإغراقِنا بالأجانب المختلفين ثقافياًولغوياً عن عُمان، ذلك ليس من الحكمة أبداً.




      فتحُ استجلاب العمَّال على مصراعيه ليسمن الحكمة في شيء لأيضا، وكذلك استغلال التصاريح الممنوحة من قبل وزارة القوىالعَاملة ليس من الوطنية في شيء. هُنا المسؤولية مشتركة بين الدولة والمُجتمع.


      من جهة الدولة: الدولة تحاول مابوسعِها مقاومة هذه الظاهرة المزعجة وحتى وإن كان ذلك متأخراً ولكن لا بأس قليلخير من لا شيء. لست بصدد تقييم جهد الدولةفي ذلك فقد صدر مؤخراً قانون يشدد عقوبات التعامل مع العمال غير الشرعيين، وعسى أنيشكل هذا رادعاً لإيقاف هذه الظاهرة المزعجة.


      أصبحَ رب العَمل العُماني الذي يريدُ أن يسلكالطريقة القانونية في حصارٍ شديد أمام الخيارات الأخرى التي يطرحها العمَّالالهاربون. العامل الهارب من كفيلِه يطرح خيارات أقل في السعر، أما العامل القانونيفله حقوق ويكلِّفُ أكثر من حيث السكن، والنقل والرعاية الصحية، وما يزيدُ في الأمرسوءا غياب ذلك الحس الاجتماعي بالمسؤولية تجاه العُماني الآخر.


      التعاون مع عاملٍ هارب نوع من النهش فيلحمِ الأخِ العُماني الذي دفعَ مالا وتأميناتٍ ومصاريف لجلبِه لكي يهنأ بخدمتِهالرخيصة آخرٌ يريد بناء منزل أو إصلاح حمَّام بسعرٍ أرخص. ولا يرعوي كثيرون أنيفعلوا ذلك ربما ظنا منهم أنَّ الوضع [هكذا] ولا يمكن تغييره.


      يزيد الأمر سوءا استغلال البعضالتصاريح الممنوحة لهم لجلب ما يفيض عن الحاجة، هُنا يتداول الناس كلاماً مثلالإتاوة الشهرية، أو توزيعِهم كعمالة سائبة بشكل مقصود ولستُ بصدد الخوض في هذهالاتهامات التي تحتاجُ إلى أدلةٍ كَثيرة، أيا كان السبب، ينبغي علينا أن نعيدالنظر في تعاملنا مع العَمالة غير الشرعية.


      &&&



      مرَّة أخرى سأوجِّه الحديث إلى فئةالشباب التي أجيء منها نظرياً. الفكرةُ في جوهرِها أنَّ حسَّا ما غائب تماماًعنَّا، حسٌّ لم يقم المجتمع بغرسِه فينا. الأوَّل هو احترام العامل الوافدومُعاملتِه بما له من حقوق وواجبات، والثاني الوقوف في صفِّ الجهود الكلية لتخليصالبلاد من العدد الكبير من العَمالة غير الشرعية.


      من السهل البقاء في المنازل وإلقاءاللائمة على الحكومة في كلِّ شيء، ولكن الأمر الآن ليس له علاقة كبيرة بالحكومة،إنَّه أنتَ الذي يتعاقدُ مع مقاولٍ غير شرعيِّ من أجل جلب الرملِ لبيتك الذي تبنيهفي القرية، وأنتَ الذي لا يرعوي أن يشغِّل عاملاً أو مزارعاً هربَ من كفيلِه،وكذلك في بعض الأحيان أنتَ الذي تقومُ بإنذارِه عندما يُكْمَنُ لهؤلاء من أجل إعادتهمإلى بلدانِهم. كل هذه تفتح الباب لخسارات وضرائب هائلة، ضرائب أمنية واقتصاديةواجتماعية وثقافية، ولا أحد يقول أن الأمر سهل، فأصحاب المقاولات الشرعية ليسزبونهم المستهدف المواطن الفرد، القضية من جوانبٍ عديدة تحتاج إلى دراسة متعمِّقة،المقاولون أيضا حكايتُهم حكاية، وسأحكي لكم جانباً من هذه القصة في مقالٍ قادم.


      &&&



      الخُلاصة:


      أرى أنَّ إشاعة هذا الحس الإنسانيوالوطني بالمسؤولية تجاه العامل غير العُماني أكثر أهميةً بكثير من ترديد أو نشرعدد العمَّال الذين تمَّ تسفيرهم إلى بلدانِهم الأصلية. المجتمع له طريقته فيالتفريق بين العمَّال، وأيضا لها طريقته في التعامل معَهم وفق الصورة النمطية التييؤمن بها عنهم.


      وما دامَ المجتمع مصرٌ على التعامل معالعمَّال غير الشرعيين، ولا يرى في ذلك ضرراً فإنَّ القضية سوف تأخذ طابعالمُلاحقة، وفكرة القطِّ والفأر، من هُنا العُمال يتعاونون لجلب آخرين يهربون، ومنهناك الدولة تلاحقُ الهاربين. ما استجدَّ الآن وجود عقوبة ضدَّ هؤلاء الذينينتهكونَ القانون، لذلك عزيزي القارئ ربما عليك أن تطلبَ من العَامل الذي تتعاقدمعَه لتنظيف سيارتك كلَّ صباح أن يريك بطاقة الإقامة الشرعية له، وتأكَّد أن تكونغير منتهية، فما يدريك ربما تكون أنتَ منهم الذين يستغلون عُمانيا مثلك دفعَالكثير وهو بحاجة لعاملٍ، أو ربما تكون أنت من الذين يدعمون عُمانيا أساء استخدامتصريحَها وسرَّح المئات أو العشرات من البشر معتقداً أن إعلانا صغيراً في الجريدةسوف يعفيه من المسؤولية الاجتماعية والقانونية.




      المصدر : مدونة معاوية الرواحي


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions