الآن .. غادرتُ شخصيّةً جميلة..لفتتني منذُ دخولِها للاستراحةِ .. حاولتُ كثيرا أن لا أُركِّز .. تجاهلت.. فجأة شعرتُ برغبتي في البُكاء معها ازدادت رغبتي في الاقترابِ من تِلك الفتاة ..كنتُ أخشى أن اُشعرها بالشّفقة .. فأنا أكره هذا الشُّعور .. فتاةٌ تجلُس مُقابلي ..ولجانِبها الفتاة المُهتمّة بِها والّتي حسبتها قريبتها أو أُختها .. .. كانت بين الفينةِ والأُخرى تضع يدها على عينيها وتفرِكهما.. كنتُ أظنُّ أنّها تبكي .. وليسارِها 3 فتيات .. لم أشأ أن أذهب لها حينها .. كنتُ أدعو الله أن يُعجِّل في ذهابِ من حولِها .. الثّانية عشر إلّا رُبع تقريبا ذهبن..عزمتُ على الاقتراب.. وبي وجل .. كنتُ أخشى أن يجرحها اقترابي .. أو تجرحني بردّة فِعل تُنبِّئ عن سوء فهم..قمتُ من مكاني جلستُ ليسارِ صاحبتِها ..سلّمتُ عليها .. سألتها عن الدِّراسة .. عرّفتُ بنفسي.. وسألتها عن زميلتها ..أخبرتها أنّني أتمنى الجلوس معها ، والتّحدُّث إليها ... بيني ونفسي وجدتُ أنّني أنانيّة .. ولكنّني والرّبُّ يشهد كنتُ أودُّ الحديث معها لأنّني صِدقا أحببتُها ، واجتهادِها...

اقتربتُ منها ..سلّمتُ عليها .. بدأتُ بالحديثِ الرُّوتينيِّ عن الدِّراسة والحال.. شيئا فشيئا وجدتها تفاعلت معي .. سألتها سؤالا لا أذكره.. صمتت .. يااااااالله .. حينها أحسستُ أنّني جرحتها .. انزعجتُ.. قلقتُ ..ربّاه .. لمَ جرحتها أنا..لم هكذا أنانيّةٌ أنا.. لمَ لمْ أُراعِ مشاعِرها .. تداركتُ سؤالي بالإيضاح .. فعادت تتفاعل معي .. أخبرتني عنها ..وتحدّثتْ عن دراستها والمواقف.. والقِراءة .. وأنا كنتُ أُحدِّثُها عن كلِّ شئ ... لكأنّها صاحبتي .. أخبرتها عن محفظتي المفقودة .. وعن سألتني عن الدِّراسة .. والأساتِذة ... خضنا أحاديثَ متشعِّبة .. لم أكُن أتمنّى أن تشعُر بعدمِ الأُلفةِ أو الشّفقة ..أخبرتها أنّني أحببتها .. وأخبرتني أنّها لم تعتد أن تتفاعل أو تندمج فهي غير اجتماعيّة لكنّها معي تحدّثت على غيرِ عادتها..فتاةٌ عنوانٌ للعصاميّةِ والاجتهاد .. أعلم أنّ داخِلها جُرحٌ غائِرٌ ..وملامِحها تشي بالكثير من القلقِ والارتِباك .. إلّا أنّها عظيمةٌ وجميلة..صادفتُ أُناسا يشتركون معها في فقدانِهم للبصر لكنّها أكثر من دفعني للاقترابِ والحديث.. دائِما كنتُ أخشى أن أجرحهم إن تحدّثت.. أو يشعرون أنّني أُشفِق عليهم... حتّى معها هي أخبرتها أنّني كنتُ أخشى أن تفهمني بغيرِ ما أقصُد.. جميلةٌ روحها .. وجميلةٌ تِلك الرُّوح المُصاحِبة لها .. صاحبتها من مسقط ..وهي من خارِج مسقط ..تهتم ببعضِ شؤونِها .. تأخذها لمحاضراتِها رُغم اختلافِ التّخصُّص .. أعجبتني تلك الرُّوح المُبادِرة .. وذلِك القلبُ الفائِضُ رحمةً .. !

القلوبُ ما زالت بِخير .. والأرواح النّقيّة كثيرة جدّا ..والفتاة الّتي منذُ ساعة دخلت روحي جعلتني أُفكِّر كثيرا.. بل وهيّجت دمعي ..أحببتها .. وكنتُ لا أتمنى أن تنقضي النّصف ساعة سريعا معها ... كنتُ قمّة من النّشاط والحيويّة وأنا أتحدّث إليها .. لم أكون أتمنى أن ألمس نبرة حُزنٍ في حديثها أو يأس .. ورُغم محاولاتِها في إخفاء ذلِك إلّا أنّ ملامحها تشي .. رائِعة وربِّي تلك الفتاة .. والأروع ذووها الّذينَ لم يُهملوا حالها ، بل قاموا بإرسالِها لدولة مُجاورة منذُ أن كانت في التّمهيدي وهي هُناك تدرُس...لِقاءٌ أرجو أن لا أنساه.. فقد كانَ أجملُ من أيِّ لِقاءٍ في حياتي...

لِقاءٌ أروع من أيِّ حديثٍ فِكريٍّ .. أو مُسامرةٍ أدبيّةٍ .. أو جلسةٍ عائِليّةٍ..لِقاءٌ سينطبِعُ في الرُّوح.. ربِّي احفظها .. واحفظ صاحبتِها .. وامنحني لِقاءا آخر بِها.

12:40 مساء الثُّلاثاء.
23/فبراير/2010


المصدر : مدونة بدرية العامري