هل تصلح النساء ما أفسد الرجال

    • هل تصلح النساء ما أفسد الرجال

      عُمان -*حمدة الشامسية:



      على الرغم من حدة عنوان هذه المقالة والمستوحى في حقيقة الأمر من تصريح ورد على لسان هاورد ارتشرد في واشنطن بوست، إثر تعيين أنثى على رأس الحكومة الأيسلندية مؤخرا، وكذلك تعيين امرأتين على رأس أكبر مصرفين في أيسلندا، إلا أن التساؤل أعلاه مثار بكثرة في وسائل الإعلام الغربية مؤخرا، على اعتبار أن الرجال هم المسؤولون عما وصل إليه حال الاقتصاد العالمي بسبب الأسلوب (المندفع) الذي يتميز به عادة الرجال في الإدارة على حد تعبير الصحيفة، والذي لا يتم فيه مراعاة المخاطر المترتبة على هذا القرار، وقد كانت أيسلندا التي تعتبر أول دولة تعلن إفلاسها إثر انهيار نظامها المصرفي مع بدء الأزمة المالية قد اتخذت نهجا في تعيين نساء في عدد من المناصب المالية الحساسة، وهو ما فهمه البعض على أنه اتجاه جديد لحل الأزمة الاقتصادية في أيسلندا الاسكندنافية الصغيرة والتي تعد نموذجا للمساواة بين الجنسين، وتتمتع المرأة فيها بأعلى مشاركة في سوق العمل تقدر بـ 80%، وقد أهلت هذه المساواة والمزايا الكريمة التي تحصل عليها المرأة فيما يتعلق بإجازة الأمومة وعلاوة الأطفال والفرص المتساوية في العمل للمرأة مجالا للتقدم الوظيفي، أهلها لاكتساب الخبرات و تنمية مهاراتها وقدراتها بحيث تكون قادرة على المنافسة على الفرص الوظيفية الأعلى، وحين أعلنت الدولة إفلاسها في أكتوبر من عام 2008م تقدمت النساء لتعلن استعدادها (لحل)المشكلة التي أوقع الرجال البلاد فيها، تتقدمهن رئيسة الوزراء الحالية، وتم تأميم المصارف واختيار مجموعة من النساء لتولي قيادتها، وإدخال أسلوب إدارة (أنثوي) الطابع يتميز بحسب ما تراه الاقتصادية هاله توماسدتير بكونه مبنيا على قيم تتمثل في: الوعي بالمخاطر المترتبة على القرار الاستثماري، بحيث لا تستثمر الشركة فيما لا تفقه فيه، ربح قائم على المبادئ والقيم بحيث لا يكون العائد المادي هو الذي يحكم قرار الاستثمار بل يؤخذ في الاعتبار تأثيره على البيئة و المجتمع، والأخذ في الاعتبار المشاعر الإنسانية للأفراد الذين قد يتأثروا بقرار الاستثمار ذاك، و كذلك التعامل بلغة بسيطة بعيدة عن اللغة المعقدة السائدة في قطاع المال و التي يصعب على المستثمر الصغير استيعابها. إلى أي حد يمكن تطبيق هذه المبادئ على عالم المال اليوم يحتاج إلى كثير من الوقت برأيي لإثباته، وقد سبق لي أن كتبت حول موضوع (إقحام المرأة) في وقت الأزمات لحل مشكلات غاية في التعقيد من خلال توليتها منصب حساس، تطرقت فيه إلى أن تعيين امرأة في منصب قيادي يكون غالبا في ظروف غير طبيعية وهو ما حدث عند تعيين أول رئيسة وزراء في تاريخ بريطانيا، وقد اعتبر البعض أن سيدة بريطانيا الحديدية مارجريت تاتشر لم تكن سيدة خارقة للعادة إلا أنها عينت في فترة كانت بريطانيا تمر بأصعب فترة في تاريخها الحديث حيث كانت تواجه بطالة كبيرة وركودا اقتصاديا شديد الوطأة وكانت راديكالية الطلاب في أوجها وواجهت تاتشر مظاهرات واسعة وانتقادات شديدة، إلا أن تاتشر نجحت في الصمود رغم الظروف التي كانت تحيط بها مثلها مثل جميع النساء اللائي يتم اختيارهن في ظروف صعبة، وتضرب مجلة (ومينز أي نيوز) مثالا آخر لأول حاكمتين يتم انتخابهما في ولايتين استراليتين هما جوان كيرز وكارمن لورنس اللتين تم تعينهما في ظروف طغت عليها الفضائح العلنية، إلا أن السيدتين لم تستطيعا الصمود وخسرتا الانتخابات في فترات لاحقة، وكانت المجلة قد استعرضت نتيجة دراسة قاما بها اثنان من الباحثين في قضايا النوع الاجتماعي هما الأكاديميان ميشيل رايان وأليكس هازلم من جامعة اكستر البريطانية الذين أثار حفيظتهما مقال نشر في مجلة التايمز واسعة الانتشار في المملكة المتحدة ينتقد النساء اللائي تقلدن مناصب رفيعة ويتهمهن فيه بالفشل وخذلان مؤسساتهن،والتسبب في هبوط أسعار أسهمها، واستنتجت المجلة أن المؤسسات تكون أفضل حالا عندما تخلو مجالس إدارتها من النساء، فما كان من الباحثين المتخصصين في علم نفس المؤسسات إلا أن قام بإجراء الدراسة المشار إليها للتحقق مما إذا كان وجود المرأة في مجلس إدارة الشركة يؤثر سلبا على أدائها، وقد تم نشر نتائج هذه الدراسة في المجلة البريطانية لعلم الإدارة، و انتقى الباحثان مائة شركة من الشركات المدرجة في مؤشر التايمز ومن ضمن هذه المائة شركة يوجد تسعة عشر شركة تترأسها امرأة، وبالرجوع إلى الظروف التي تم تعيين النساء فيها وجد الباحثان أن أداء الشركات كان دون المستوى قبل تعيين المرأة على رأسها بفترة تتجاوز الخمسة أشهر في حين يتم تعيين الرجل في ظروف عادية وحين تكون الأمور في المؤسسة مستقرة، إلا أن 63 امرأة ممن شملتهن الدراسة قد تمكن في الحقيقة من إنقاذ شركاتهن بعد فترة وجيزة من توليهن الإدارة، وهو عكس ما أوردته التايمز التي يرى الباحثان أنها أخفقت في تقييم المؤسسات على المدى البعيد واكتفت بتقييمها خلال الأشهر التي تلت تعيين النساء وهي فترة لم تكن كافية لإعادة الاستقرار للمؤسسات تحت أية ظروف.

      بالتالي فإن الحكم على تجربة أيسلندا في هذا الوقت بالذات سيحتاج برأيي إلى فترة طويلة للتحقق من نجاحها، كما أنني لست ممن يؤمنون بالتعميم بشكل عام، إذ أرى أننا لا نستطيع أن نصنف السلوكيات تبعا للجنس، فكثير من السلوكيات التي يرى البعض أنها رجولية الطابع، نرى الكثير من النساء يتصفن بها، ولندع الحكم للزمن في هذه القضية..


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions