الوطن -*د.عبدالله عبدالرزاق باحجاج:



هل كان منظورنا لاستخدامات أراضي مزرعة جرزيز مبني على رؤى مستقبلية وفي إطار نظرة شمولية لمستقبل محافظة ظفار عامة وصلالة خاصة في ضوء مجموعة تحديات مقبلة ، اقتصادية ، سياحية ، اجتماعية ، مناخية .. أم كان مبني على رغبات فردية ونظرة عامة لحل إشكاليات توفير أراضي لتعويض المواطنين عن أراضيهم في منطقة الحافة بعد تحويل بعضها الى المنفعة العامة ؟ الا يعتبر تحويل هذه الأرض الزراعية الكبيرة الى سكنية معظمها أو نصفها نقطة حمراء يجب عدم الاقتراب منها ؟

تساؤلات نطرحها في ضوء مطالبات بعض شيوخ واعيان وأبناء المحافظة بفتح هذا الملف المهم للمرة الثانية بعد أن كشفت بعض المصادر الرسمية طبيعة السيناريو النهائي لأراضي جرزيز وكذلك عن قرب تعويض المواطنين عن مساكنهم وممتلكاتهم في منطقة الحافة ، فقد حسم الأمر على ما يبدو بأن تكون ارض جرزيز الزراعية البديل السكني للحافة الى جانب إقامة مركز ترفيهي ، فما هو الموقف الاجتماعي من هذين الخيارين ؟ وفق ردود الفعل التي تلقيناها من فعاليات اجتماعية عديدة وتلك التي سعينا إلى التعرف عليها من مختلف شرائح المجتمع ، قد أوجزناه على النحو الآتي: رافض للخيار الأول أي للتعويض المكاني ، وقد عبر لنا عن هذا الرفض بعض شيوخ واعيان المنطقة نفسها التي ستحال إلى المنفعة العامة ، وهذا ينم عن ترفع أصيل لصالح المصلحة العامة وعن التزام بالمسئولية وإلا فمن يرفض أراضي جرزيز ؟ ومبارك للخيار الثاني أي للمركز الترفيهي ، ويحق لنا الزعم بأن تلك النتيجتين تعبران عن الرأي العام المحلي والوطني معا خاصة ممن يعرفون موقع أراضي جرزيز الخضراء التي تكسب مدينة صلالة شخصية جمالية على مدار العام وفي فصل الخريف تضيف لها لمسات سحرية ينبهر بها السائح القادم لصلالة جوا أو برا لان عينا السائح ستقعان على هذا البساط الأخضر الجميل منذ الوهلة الأولى التي تهبط فيه الطائرة ارض المطار أو أثناء دخول السائح مدينة صلالة من جهة مدينة السعادة - كما اشرنا الى ذلك في مقال سابق - وعندما يتعمق السائح نحو الساحل سيشاهد على طوله البساتين وأشجار النارجيل والموز والفافاي ، فسيصدر حكمه بأن صلالة منطقة الاخضرار بامتياز في كل الفصول فكيف بها في فصل الخريف حيث الاخضرار يمتد كذلك حتى للجبل، فهل ينبغي أن نفرط بهذا الجمال البيئي السياحي وهذه الرئة التي تتنفس منها صلالة الهواء النقي بعد تلوث مدينة عوقد ومنطقة ريسوت أم ينبغي تطويعه لصالح السياحة المستدامة ؟ وهذا التساؤل يجعلنا نفتح عدة جبهات حوارية مع بعض المؤسسات الرسمية المختصة أبرزها: مكتب وزير الدولة ومحافظ ظفار ووزارات الاقتصاد الوطني والسياحة والبيئة والشؤون المناخية واللجنة العليا لتخطيط المدن ، ونوجه لها هذين التساؤلين : لماذا أراضي جرزيز وهناك بدائل عديدة في ولاية صلالة ومقبولة للتعويض ؟ لماذا الإصرار على جرزيز والمواطن يقبل بالتعويض في مناطق أخرى ؟ تلك المؤسسات معنية بهذين التساؤلين بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلا إذا كان بعضها لم يستشيرها ابدأ ، واذا لم يكن كذلك ، فهى هى قد علمت الآن ، فما هى فاعلة ؟

نتمنى من قمة سلطتنا المحلية ان تتبنى نفس المطالب الاجتماعية أثناء لقائها القريب في صلالة مع وفد من اللجنة العليا لتخطيط المدن وأن تحاول بكل سلطتها الترابية وقوة تأثيرها ونفوذها على صعيد الوطن إعادة النظر في الاستخدام السكني لجرزيز وجعلها مركزا ترفيهيا وحديقة عالمية نموذجية تتحدث عنها وسائل الإعلام وتجذب لذاتها السياحة العائلية المحلية والإقليمية على مدار العام وندخل بها تاريخ الحدائق العالمية المشهور وتتشرف بحمل اسم قائد البلاد ـ حفظه الله ورعاه ـ فبلادنا تتطلع لمثل هذا الانجاز العالمي ، البيئي السياحي ، الذي يخدم مشروع الدولة الوطنية القائمة على التوازن بين البيئة والتنمية العمرانية والصناعية ، وصلالة كذلك في أمس الحاجة لمثل هذه الإضافة النوعية لمشاهدها الجمالية وحاجتها السياحية ومتطلبات البيئة المعاصرة ، وإذا لم نفعل ذلك ، فإن مقوماتنا السياحية تكون عندئذ فوق تفكيرنا الآني وقد نستدعي مستقبلا مفردات التمني ،، لو ،، عندما نكتشف حقيقة تفكيرنا وعندما نشاهد نتائجه على الأرض التي سيكون من أهمها زحف المصانع على المدن كما يحدث حاليا في عوقد بعد تفريط بلدية ظفار بالحديقة الفاصلة بين المساكن والمصانع لصالح المنطقة الحرة وازدحام السهل بالعمران وضجيج الطائرات بالليل والنهار، وتحويل شواطئنا الى ملكيات خاصة وتجارية ، فهل يحق لنا الدفاع عن جرزيز لصالح الإنسان والبيئة والسياحة في ظفار؟ نقولها بصوت مرتفع (نعم) لذلك ندعو إلى وقف الزحف العمراني المقبل الى هذه المنطقة للأسباب السالفة ولكون جرزيز منطقة مجاوره لمطار صلالة وهذا حجة أخرى تدعم دفاعنا عن جرزيز ، وإلا فإننا بصدد كتابة خطأ تاريخي جديد مثلما حدث للمتنزهات والحدائق بين المدن التي فرطنا بها ووزعناها (بالواسطة) ، فمن يحمل معنا هم الدفاع عن جرزيز ؟إإ.