العالم يريد أن يعرفَ تفضيلاتِك ..
أينما ولَّى المرء حواسَّه في عصرنا الجَديد، يجدُ هُنا أو هُناك آلةً أو جهازاً أو مجموعة أدوات صغيرة تمتاز بخاصيَّة التفضيلات. التفضيلات ترجمة موجودة في الأجهزة الإلكترونية والهواتف النقالة كبديل عن استخدام الكلمة الإنجليزية [customize].
كلُّ شيء تقريباً يُنتجُ في هذا العصر يكون قابلا للتفضيل [customizable] بدءا من الهواتف النقَّالة حتى الحواسب المحمولة، وربما الثياب. في الأصل أنَّ مهناً مثل الخيَّاط والحدَّاد والبنَّاء هم الذين يأتون للمنازل ويحددون حاجتَنا بناء على خبرتهم ومن ثمَّ ينطلقون في تصنيع ما نريد، الآن في العَالم الجديد كلُّ شيء يأتي قابلا لتفضيلاتِك، يأتي بعد دراسة لمئات البشر في نطاقات جغرافية بعيدة أو قريبة ليتواءَم تقريباً مع حاجاتك، وإن لم يتواءم المُنتج معَك فأنتَ عليك أن تتواءَم معَه، من الذي يستطيع العيش بدون هاتف نقَّال الآن؟؟ وفرضا كان الهاتف مليئا بالأخطاء الترجمية المرعبة فإنَّك تتأقلم مضطراً وربما تتسرَّبُ تلك الأخطاء إلى لغتك، أو إلى نصوصك إن كنت كاتباً، فأنت في نهاية المطاف كائن يتأثر بالأشياء المُحيطة كما يؤثِّر فيها.
&&&
تختلفُ المنتجات والخدمات الموجودة في السوق عن بعضها البعض من حيث قابلية التفضيل، أعني النعال والأحذية والمصرَّات مسائل قياسية لها علاقة بأبعاد الجسد، وإن كانت تتبع ما يسمى بالقياس العام، إلا أنَّها تبقى أقل قدرة عليك حينئذ أن تقرر شراء هذا المنتج أو لا كنتَ صاحب ولاء للشركة المنتجة له أو غير ذلك. عندما ننتقل إلى عالم الأجهزة والإلكترونيات تتغيَّر الحكاية، كل يوم جديد يظهر لنا جيل مختلف من الأجهزة القابل بشكل كلي للبرمجة، ولم يعد الأمر كالسابق مع المنتجات التي تحمل أنظمة تشغيل جامدة مثل مستقبلات الصحون الهوائية، بل العالم الجديد الآن يحمل لك المزيد من البشارات، ولم يعد بإمكان فقط تغيير [جلد] أنظمة التشغيل بل يمكنك الغوص أكثر داخل البرمجة. الأمر الذي يجعلك مضطراً لتعلِّم المزيد عن الروح التقنية التي تخرجُ لك الآلات التي لا يمكنك أن تعيش بدونِها، آلات مثل الهاتف النقَّال والحاسب الآلي المحمول والتلفاز والمكيِّف.
&&&
من أين نشأت فكرة خيارات الزبون؟ لا أعتقد أنها نشأت نتيجة وعي فردي أو من مؤسسة واحدة بقدر ما هو تكامل لجهود تجارية مؤثرة على مرِّ عقود من تطوِّر التجارة العالمية، والعالم الذي أصبح اليوم قريةً صغيرة يتجه إلى أن يكون حارةً صغيرة للغاية، أعني تشتري اليوم آلة واحدة لتكتشف أنَّها مرَّت على عشرين دولة قبل أن تستقر أسفل قدميك، وإن كان بالأمر شيء من التصنيع فإنَّ نهاية الطريق لا بدَّ أن تعود إلى الصين. الصين هذا الكيان الاقتصادي المُخيف الذي يطلُّ برأسِه أمام العَالم غير عابئ بشيء على الإطلاق، الصين ذلك المارد المفزع الذي يرى المجتمع الدولي قدومَه بثقة واستقرار.
&&&
من خلال تجربة صغيرة مع المستهلك العُماني، يظهرُ أنَّه ليس مستهلكا مؤثراً على السلعة التي يستخدمُها، بالطبع لا يمكن الإطلاق ولا التعميم ولكنني أفترض أن هذا شيء متوقَّع دائما !!
قد يكون ذلك عائدا إلى العدد الضئيل الذي يكوِّنه المستهلكون العُمانيون أمام المجتمع الدولي، ولكنَّه أيضا عائد إلى طبيعة نفسية جَماعية أجزمُ أنَّها موجودة، وهي طبيعة التأقلم مع الموجود.
[ارضَ بالموجود] أو [اركب الهزيلة حتى تأتيك السمينة]، والجأ إلى النوع المتعارف عليه من السيارات أو النوع المتعارف عليه من الهواتف، وهلمَّ جرَّا من الأمثلة الاجتماعية التي تدلل على وجود هذه الحالة من الرضى، الرضى بالموجود وانتظار الأفضل، ولا يكون انتظار الأفضل إلى باستخدام السيء حالياً على أملِ تحسِّن الأحوال.
مع أنَّ العالمَ أجمع ــ كما يبدو ــ يتجه إلى سوق تنافسية جداً، يكون فيها الخيار الأوَّل والأخير للمستهلكِ العادي الذي يضخُّ بدولاراتِه القليلة التي يدفعُها إلى البائع ملياراتٍ تتجمَّع وتصبُّ في الشركة الأم. مع ذلك يبدو لنا أنَّ الذي يحدثُ في عُمان هو العكس، يحدثُ ذلك الرضى على المنتجات والسلع الموجودة، وذلك الإصرار على استخدامِها، وثمة منتجات مثل السيارات والهواتف تعتبر خطوطاً حمراء بالنسبة للمستهلك العُماني، ولا تستغرب أن تجد حارةً كاملةً في عُمان ليس بها أكثر من سيارتين ألمانيتين وأخريين تشيكيتين والباقي صنعَ بكل فخرٍ في اليابان.
بالتأكيد الخيار أولا وأخيرا هو للمستهلك، والمُستهلك دائما على حق. ولكن مستهلكا صبورا ومتأقلماً مثل المستهلك العُماني قد لا يكون البيئة المثالية والمُناسبة لدراسة التَفاعل بين السلعة والمشتري، المُستهلك الراضي هو المستهلك السلبي والشركات ــ مع احترامِها لزبائنها الأوفياء ــ تُريد الزبائن المزعجين الذين يختبرون قدرتَها على إرضائهم مراراً وتَكراراً.
يمكن قياسُ هذه الفكرة على كلِّ مُنتج حديث، بدءا من المناهج الدراسية التي تبيعها المراكز البحثية للجامعات، إلى المنتجات الإلكترونية التي تغزو السوق، بينما تقوم منتجات وتفشل أخريات، يبقى السوق العُماني هادئا بسبب عقلية المستهلك العُماني التي تكوَّنت عبر سنين طويلة لم يكن فيها الهاتف والكهرباء شيئا أساسياً لتستمرَّ الحياة هانئة وعادية وسعيدة، فهو لا يجد حرجاً أن يستقرَّ على منتجٍ واحدٍ حتى تقرر الشركة الأم في حالة من حالات الإفلاس العالمية أن تسحبَه من الأسواق، حينئذ تظهر الضرورة لكي يفكِّر فيما سيفعله، وما عليه شراؤه مستبدلا السلعة القديمة بأخرى يجب أن تبقى أيضا سلعته لسنوات طويلة جداً.
المصدر : مدونة معاوية الرواحي
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions