"الإدانات" لن تردع إسرائيل لتداعيات اغتي&#

    • "الإدانات" لن تردع إسرائيل لتداعيات اغتي&#

      غازي السعدي

      هناك إجماع في آراء السياسيين والمعلقين والأمنيين الإسرائيليين وغير الإسرائيليين، بقدرات دبي الأمنية في كشفها السريع عن أسماء وصور مرتكبي جريمة اغتيال الناشط الحمساوي "محمود المبحوح"، إضافة إلى حصولها على الكثير من الأدلة، منذ وطأت أقدامهم مطار دبي، وحتى مغادرتهم إلى الخارج، فشرطة دبي لقنت "الموساد" ومن يقف وراءه، درساً سيتذكرونه طويلاً، ويجعلهم يغيرون خطط وأساليب عملهم، في مسلسل عمليات التصفية والاغتيال، فالإسرائيليون يعترفون بأن قائد شرطة دبي، قلب صورة الموساد إلى مجموعة من الهواة، غير أن هناك وجهة نظر أخرى تؤكد أنه كان على أمن دبي اكتشاف الجناة قبل قيامهم بتنفيذ عملية الاغتيال بل واعتقالهم، ومع ذلك فإن دبي حققت سبقاً أمنياً في الكشف عن من يعتدون على حرمة أراضيها.

      في اجتماع مجلس الوزراء الإسرائيلي الأسبوعي بعد عملية اغتيال "المبحوح" شاهدنا على شاشة التلفاز الإسرائيلي، فرحة وابتسامة الوزراء، وقيامهم بتهنئة بعضهم البعض، بالصورة وليس بالصوت، فإسرائيل لم تعترف بقيامها بهذه العملية، كما أنها لم تنفيها، بل أنها تعتمد على عدم وجود أدلة لإدانتها في اغتيال "المبحوح" وهذا الكلام فارغ، فجميع الأدلة تؤكد بصمات أصابعها في عملية الاغتيال، من تزوير جوازات سفر لدول أوروبية، وحتى استدعاء هذه الدول لسفراء إسرائيل في بلادها لتقديم الاحتجاجات على تزوير تلك الجوازات، وليس على عملية الاغتيال، فإن لإسرائيل سوابق لا تعد ولا تحصى، تؤكد بشكل قاطع ودون أي لبس، بأن بصمات الموساد وراء هذه العملية، فمنذ اللحظة الأولى لوقوعها كان واضحاً أن الموساد هو بطلها، فسجله حافل بمثل هذه العمليات، التي لا يتم تنفيذها دون موافقة شخصية من قبل رئيس الوزراء، وهذه المرة كان بنيامين نتنياهو أيضاً، والذي في عهد رئاسته الأولى عام 1997، كان من أعطى الموافقة لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس "خالد مشعل" في عمان، وفي المرة الثانية اغتيال "المبحوح" ورغم تباهي وسائل الإعلام الإسرائيلية بقدرة الموساد على تنفيذ عملية اغتيال "المبحوح" في قلب دولة عربية، إلا أن هذه الفرحة، أخذت تتغير بعد الكشف عن هويات المنفذين وأصبحت تعليقات المسؤولين والمعلقين الإسرائيليين متضاربة ومرتبكة وناقدة.

      إن العدد الكبير (11) موسادياً الذين كشفت عنهم شرطة دبي في الكشف الأول، و(15) موسادياً كشفت عنهم في المرحلة الثانية، حتى وصل العدد إلى (26) موسادياً، مبالغ فيه، فهذا العدد الكبير يثير البلبلة والقلق، فمن غير المعقول أن يرسل الموساد هذا العدد الكبير لهذه المهمة وربما توجد مخططات واستهدافات تفوق عملية اغتيال "المبحوح"، وهذا يعني وجود اختراق إسرائيلي واسع لدولة الإمارات- فمنهم من زار هذا البلد أكثر من مرة- وهذا الاختراق قد يطال دول خليجية أخرى- إضافة لاختراق دول عربية عديدة- ويشكل تهديداً لأمنها القومي، فعلينا أن نشير إلى أن افتتاح مفوضية إسرائيلية تجارية غير رسمية في دبي، ودون وضع لافتة إسرائيلية ورفع علم إسرائيلي على مقرها، الذي كشفت عنه "جريدة هآرتس 4/9/2005" التي افتتحت في شهر آب من عام 2005، يعتبر قاعدة لمنظومة إسرائيلية متشعبة حسب "هآرتس" في دولة الإمارات العربية المتحدة، فسفارات إسرائيل في الخارج، ومكاتبها التجارية، وكر لنشاط جهاز الموساد، عبر الدبلوماسية الإسرائيلية العلنية والسرية، فوزارة الخارجية الإسرائيلية تنسب لنفسها النجاح بإضافة الإمارات إلى قائمة الدول العربية التي تقيم علاقات مع إسرائيل، وأن العشرات من مندوبي الشركات، ورجال الأعمال الإسرائيليين يقومون بزيارة للإمارات، وبجوازات سفر إسرائيلية، وحسب "هآرتس"، فهناك ثلاثة دبلوماسيين إسرائيليين مع عائلاتهم يقيمون في دبي تم اختيارهم من قبل الخارجية الإسرائيلية بدقة، لامتلاكهم جوازات سفر أجنبية، يعملون تحت غطاء رجال أعمال أجانب، فإسرائيل تنظر لدولة الإمارات باعتبارها دولة نفطية غنية، تقوم إسرائيل باستثمارات ضخمة في مجال الخدمات والتكنولوجيا، ومما نشرته وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن الملياردير الإسرائيلي "ليف ليفاييف" افتتح متجراً للماس في دبي، ومتجراً للألبسة (ML) في أبو ظبي، وآخر في دبي، مع أن هذا الرجل-كما نشرت جريدة "يديعوت احرونوت"-من أكثر المتبرعين سخاء للعمليات الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية، كما أن هناك شركة إسرائيلية أخرى- والمخفي أعظم- أقامت مركزاً لإنتاج حليب النوق في دبي، وأن اسم رئيس الشركة هو "يوسي شيمير" وشركة أخرى تابعة لمجموعة "العاد غروب" الإسرائيلية، التي يملكها "اسحق تشوفا"، أقامت بالتعاون مع شركة استثمارية حكومية في دبي، شراكة وفازت بعقد ضخم قيمته (2,1) مليار دولار، في مجال الفندقة والسكن في سنغافورة، بمشاركة الصندوق العقاري في دبي "ISTITHMAR"، وكذلك فإن شركة إسرائيلية أخرى فازت بعقد أمني في إحدى دول الخليج- دون الإعلان عن اسم هذه الدولة- لإقامة أجهزة حماية أمنية للمطارات ومنابع النفط والأماكن الحكومية الحساسة... من هنا فلم يكن غريباً نجاح رجال الموساد بالتغلغل ومعرفة واسعة لدبي وإمارات الخليج الاخرى.

      إن وحدة "كيدون" التي اغتالت "المبحوح"، والتي تعتبر من الوحدات السرية المحترفة في الاغتيالات التابعة للموساد، هي من أهم الوحدات التي يعتمد عليها الموساد، في عمليات الاغتيالات والاختطاف لأشخاص تعتبرهم اسرائيل يهددون الأمن والمصالح الإسرائيلية، وهناك وحدات أخرى تابعة للموساد، مثل وحدة "كيشت" المتخصصة بالملاحقة والمتابعة، وغيرها من الوحدات، فإسرائيل لا تعترف بعمليات الاغتيالات على الغالب في الخارج، بل أنها تسرب هذه العمليات لوسائل إعلام خارجية صديقة لها تقوم بدورها بنشر بطولات الموساد في الاغتيالات، بعد ذلك تتناقلها وسائل الإعلام الإسرائيلية، وتنسبها لتلك الصحف، وليس لمسؤولين إسرائيليين، بينما تعترف جهاراً في عمليات الاغتيال داخل الأراضي المحتلة، ففي عام 1972- في أعقاب عملية مجموعة أيلول الأسود للرياضيين الإسرائيليين في ميونخ- استشاطت رئيسة الوزراء "غولدا مائير" غضباً، وأصدرت أمراً بالثأر، ووقعت على قرار لاغتيال (35) فلسطينياً، فقام الموساد بتنفيذ المهمة، إضافة إلى إرسال طرود مفخخة لتسعة من رؤساء المقاومة الفلسطينية، وبتاريخ 10/4/1973 اغتال الموساد في بيروت القادة الثلاثة: أبو يوسف النجار، كمال ناصر، وكمال عدوان، وبتاريخ 11/4/1973 زرع الموساد عبوة ناسفة تحت سرير زياد وشاحي ممثل المنظمة في قبرص، وفي عام 1978 اغتيل الدكتور وديع حداد بالتسمم، وفي عام 1978 اغتيل قائد الصاعقة زهير محسن، وبتاريخ 9/10/1981 اغتيل ماجد أبو شرار في روما، وبتاريخ 8/7/1972 اغتيل غسان كنفاني في بيروت، وبتاريخ 16/4/1988 اغتيل القائد الفلسطيني خليل الوزير "أبو جهاد" في تونس، وبتاريخ 21/10/1986 اغتيل قائد البحرية الفلسطينية منذر أبو غزالة، وبتاريخ 14/12/1988 اغتيل ثلاثة من قيادة القطاع الغربي في قبرص: حمدي سلطان، مروان الكيالي، محمد حسن، وبتاريخ 8/6/1992 اغتيل عاطف بسيسو في باريس، وفي 26/10/1995 اغتيل الصحفي فتحي الشقاقي رئيس حركة الجهاد الإسلامي في جزيرة مالطا، وبتاريخ 25/9/1997 جرت محاولة فاشلة لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في عمان، وفي تاريخ 22/1/1979 اغتيل قائد القوة (17) علي حسن سلامة في بيروت، وبتاريخ 22/3/2004 اغتيل مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين في غزة، وبتاريخ 17/4/2004 اغتيل خليفته الدكتور عبد العزيز الرنتيسي في غزة، وفي عام 2004 سمم الرئيس والقائد الفلسطيني ياسر عرفات، فهذه الكوكبة من الاغتيالات تشكل غيضاً من فيض المئات الذين اغتالهم الموساد الإسرائيلي في الداخل والخارج، بينهم اغتيال أحد مسؤولي حماس في سورية في شهر أيلول من عام 2004 الشيخ عز الدين الخليل، وفي شهر أيار 2006 اغتيل محمود المجذوب من قيادة الجهاد الإسلامي وشقيقه في صيدا، وفي شباط 2008 اغتيل ضابط عمليات حزب الله عماد مغنية في دمشق، وفي نهاية عام 2008 اغتيل في سورية العميد محمد سلمان ضابط الاتصال السوري مع حزب الله، وفي عام 2009 تم تفجير حافلة ركاب إيرانية في دمشق قيل أنها كانت تنقل عناصر من الحرس الثوري الإيراني والقائمة طويلة.

      إن التنوع العرقي للمهاجرين الإسرائيليين يوفر لهم ميزة وسهولة لاستغلالهم لعمليات الموساد في الخارج، وتفيد المعلومات أن نحو ثلث سكان إسرائيل يحملون جوازات سفر مزدوجة، ونقلت صحيفة "التايمز اللندنية" بتاريخ 23/2/2010، عن إطلاق إسرائيل لحملة اغتيالات تهدف لمحاربة التعاون بين حماس وإيران، فإسرائيل تستعين بجوازات سفر مزورة أوروبية، تبين أن بعض الأسماء- وليس الصور- التي أعلنت عنها دبي لمواطنين إسرائيليين احتجوا على زج أسمائهم بالجوازات المزورة، فإسرائيل ليست قلقة من تزوير جوازات سفر أوروبية لاستعمالها في عمليات الاغتيال، مع أن جوازات بعض هذه الدول سبق أن زورت أكثر من مرة، وقدمت هذه الدول الاحتجاجات لإسرائيل، لكنها لن تأبه وستعيد الكرة ثانية وتواصل سياسة الاغتيالات، فمن يعتقد بأن تورط إسرائيل في اغتيال "المبحوح" سيدفعها إلى وقف الاغتيالات في الخارج مخطئ، مع أن الكشف عن مرتكبي عملية اغتيال "المبحوح" قد يردع الموساد قليلاً، للقيام بتغيير في أسلوب عملياته فعملية اغتيال "المبحوح" نجحت، إلا أن هناك من اعتبرها بين الإسرائيليين نجاحا تكتيكيا وفشلا إستراتيجيا، فإسرائيل التي تعتقد أنها لن تتضرر هذه المرة أيضاً، باعتمادها على الزمن والنسيان، وعلى العلاقات الاستخبارية القائمة على التبادل مع الدول الأوروبية، ستنجح في النفاد من أزمتها الحالية مع الغرب، وهي لا تبالي بالاحتجاجات المنهالة عليها، رغم زيادة تشويه صورتها في العالم، إلا أنه لا يوجد حدود للغطرسة الإسرائيلية.


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions