حوار .. حوار .. حوار .. - جديد معاوية الرواحي

    • حوار .. حوار .. حوار .. - جديد معاوية الرواحي


      حوار صحفي مع جريدة الشبيبة أنقله لكم الآن لسببٍ ما ..





      الكاتب معاوية الرواحي : ينبغي للكتابة أن تكون بعيدة عن الأطر الاكتئابية.


      ما أن يدخل الشاعر والكاتب معاوية الرواحي من باب قاعة تقام بها فعالية ثقافية حتى يفر الهدوء من الشباك , ذلك لأنه بابتسامة واسعة يمازح هذا ويشاكس ذاك ويناقش ويدخل في جدالات ساخنة ثم يفصح في نهاية النقاش إنه يسعى للمخالفة ليس إلا !! ويترك المكان بابتسامة أوسع ولا يخلف سوى ضحكاته في المكان ملفوفة بحزم من الأسئلة , اعتاد عندما يحضر يكون حضوره مكثفا ثم يغيب غيابا طويلا وتكاد أن تنقطع أخباره حتى يعود ثانية ’ مؤخرا عاد لنا بحماس كبير للنشر الألكتروني بلغ هذا الحماس حد أن ينعى على الملأ في "مجلس الإثنين " بجلسته التي خصصت لمناقشة النشر الألكتروني والمدونات والأدب الرقمي إلى أن ينعى النشر الورقي متباهيا ب"مهذونته" التي بلغ عدد زوارها في اليوم عشرين الف زائر !!![B][1]blogger.com/post-create.g?blogID=8770180024601199700#_ftn1[/B]


      ومعاوية واحد من الذين يملأون الأماكن التي يؤمونها ضجيجا ومشاكسات وجدالات لا تنتهي , لذا أصبح فاكهة الملتقيات والأماسي الثقافية العمانية ,ولاتحلو تلك الملتقيات بدون مشاكساته وتعليقاته ومعاوية الذي له إصداران الأول قصصي بعنوان [إشارات] والثاني مجموعة شعرية بعنوان [ما يقول الحب للغرباء] قاريء نهم , وحين يقام معرض مسقط الدولي للكتاب فمن الطبيعي أن يغيب شهرا او شهرين ليقرأ ما اقتنى من إصدارات حديثة ثم يعود للوسط الثقافي ليسخر مما قرأ !!


      هذه السخرية صارت سمة مميزة له حتى مدت ظلالها على كتاباته التي لم يجد من يتسع صدره لنشرها ورقيا لذا وضعها في مدونته التي يسميها "مهذونة"- من الهذيان – كما إعتاد أن يوضح دائما حين يستغرب السامع التسمية وقد أكد في مدونته إنه كاتب ساخر في وسط ثقافي لم يعتد هذه اللغة وهذا النمط من الكتابة , بإستثناء كتابات سليمان المعمري القصصية .


      *من دراسة الطب لدراسة التجارة أو الادارة ومن الشعر الى القصة الى تركهما معا , هل المبدع ينبغي ان يتمتع بشخصية قلقة ؟






      - لا أعتقد، ولا أعرف من صنع هذه الصورة النمطية غير المنتجة. بالنسبة لي لا أخجل أن أقول أي شيء فليس لدي شيء لأخفيه ولا أعتقد أنني أكتسبُ أهميةً مما أكتب لأؤسطرَ الأمر، كُل الحكاية حزمة من الحماقات والقراءات والانتماءات التي تتغير مع كل كتاب أقرؤه، وعلى أية حال كانت فترة لا أندم عليها الآن ولو قلتَ لي أنك تملك آلة الزمن التي يبحث عنها الفيزيائيون لقلتُ لك لا أريد العودة، وإنما ما حدثَ جميل للغاية لأنه يصلب الظهر.






      * أسميت مدونتك "مهذونة" هل الكتابة ضرب من الهذيان؟


      - هذا كلام كبيرٌ يا أستاذي الفاضل، هي هذونة من الهذيان والفاعل مُهَذْوِنٌ والفاعلةُ مُهَذْوِنَةٌ ويمكن أن يكون تهذويناً أو هذوَنةً. هي كتابة لا أكثر ويمكنها أن تكون ضرباً من الهذيان.






      * هل أنت مع الفريق الذي يرى أن الكتابة الإبداعية ينبغي أن تكون تحت تأثير اللاوعي ؟






      - لا على الإطلاق، أؤمن أن تكون الكتابة صادقة بعيدة عن الأطر الاكتئابية أو المُسيسية أو المُجيَّرة معرفياً كما يروق للبعض أن يفعل. يكتب المرء ويكتب ويعرف من خلال الكتابة ما يريد [ربما]، ولكن هذه الأفلام الهندية عن الوعي وعن اللاوعي أصابني القرفُ منها. يكفي العالم خداعاً من قبل هؤلاء الذين يلعقون جراحهم وأحزانهم.


      * لك جولات وصولات في مهرجانات الشعر والمسابقات ’ هل لازلت تكتب الشعر؟ أم إنك حقا تقاعدت كما صرحت لي؟






      -تقاعدتُ مُكرها، كُل ذلك كان إرثاً اكتئابياً أجدني الآن مستعداً للتخلص منه. ما يغيظني في الشاعر العربي إصراره على تحويل السياسة إلى شعر، والذات إلى شعر، والأنثى إلى شعر إنه يشعرن كُل شيء، أحسب أن الشعر غير ذلك كُله.






      * ماذا عن القصة؟


      - القصة هي اللعبة التي أحبها. هي لعبة عقلية أمارسها أحيانا بتعمد عقلي وفي بعض الأحيان أسيحُ مع النص كما يفعل المتصوفة لأخرجَ في النهاية بحدث وحبكة لم أكن أتوقعها. لا أستطيع تعريفها ولكنني أنوي الكتابة إلى أن أعيد موادي البيولوجية للانتماء إلى مواد الأرض مرة أخرى.






      * رسوت عند ميناء السخرية ,هل تفعل هذا لأنها أكثر قربا من الجمهور العريض؟


      - لا على الإطلاق. الجمهور العريض كلمة مبالغ فيها، نحن دولة عدد سكانها [مليونان] يعني كلمة الجمهور العريض تعد أمراً يؤول إلى الصفر كما يقول الرياضيون، ولا ننسى أن هذا الجمهور العريض يفضل متابعة كرة القدم على قراءة كتاب أومهذونة.


      كما قلتُ لك، الاكتئابيات هي [موضة] كما هي موضات الجامعة حيث يقرأ المرء كتاباً أو كتابين فنراه في عامٍ واحد يتقلب بين آلاف الانتماءات فتارة هو ملحد واشتراكي ووجودي ولاأدري والخ الخ الخ. فقط كُل ما في الأمر أنني كنت طالباً رديئاً وعندما وجدتُ نفسي أقعُ في براثن الكآبة تحولت الكتابة إلى اكتئابيات عربية بامتياز، مع الوقت تغيرت الحياة واكتشفت أن كل ذلك الإرث الاكتئابي مجرد [قرف] يحاول المرء تزجية الوقت به. أتفق معك كشاعر كنتُ اكتئابياً بامتياز أما كقاص فأنا [أتخبط] حتى هذه اللحظة وبين الفترة والأخرى ترقع الرأس فكرة نص جديد أدونها على سطح مكتب اللاب توب وأنوي كتابتها عندما يتيسر الوقت.










      * تفخر بأن 20الف قارئا يتصفح هذوناتك يوميا , هل صار الكم صار مقياسا ؟


      ماذا عن القراء النخبة؟






      - أستاذي الفاضل أصحح لك المعلومة فقط. ليسوا عشرين ألف قارئ في اليوم. وفق الواقع التقني لعدد زوار موقع ما فإن الأرقام تنقسم إلى صنفين، أولا [عدد النقرات] ويعني كم مرة فتح الموقع سواء من قبل الشخص القارئ مرة أو مرتين أو ثلاثة، أو [عدد الزوار] ويعني ذلك الذين زاروا الموقع من جهازهم، حتى هذه اللحظة عدد القراء في الأشهر الماضية كلهم [أربعة آلاف تقريباً] أما عدد الزيارات فوصل إلى [عشرين ألف] في الفترة من 15 يناير إلى 21 إبريل. يعني الأمر ليس إنجازاً كبيراً ولكن على المستوى الضيق للمدونات العمانية يعتبر أمراً لا بأس به. لا أنسى أن أقول أن الأربعة آلاف هؤلاء عقول، أما العشرين ألف فهو مجرد رقم.






      الكم ليس مقياساً ولكنه قرينة يمكن للمرء من خلالها فهم القارئ. أما سؤالك عن النخبة يا أستاذي. عن أي نخبة تتحدث؟؟؟ أريدك أن تجري استبياناً مع هؤلاء الذين يكتبون وينشرون في الجرائد وقل لي كم واحد منهم يقرأ للآخر؟؟ عن أي نخبة نتحدث؟ في التسعينات جُلدنا بأسماء كتاب معينين حتى سئمنا، حيثما ولينا وجوهنا شطر جريدة أو أمسية وجدناهم يتكررون حتى [طفرنا] منهم. وما يثير الغيظ أن الشباب الذين يكتبون بطريقة رائعة [وفق رأيي الشخصي] زاهدون في التسويق لأنفسهم ويتركون الفريق الأول والحرس القديم يسيطرون على المشهد منذ أزل الأزل. على أية حال هذا الكلام النقاد أدرى به. أما عن القراء النخبة فلا أعرف كيف يمكنني أن أعرف القراء النخبة، أعرف شيئا واحداً أن يزور عماني عادي للغاية مكتبه صباحا ويفتح النت ومن ثم يقرأ مهذونة ساخرةً ويضحكُ قليلاً ومن ثم يواصل عَمله دون أن يهتم بشيء. هذا الأمر يكفي.






      * هل تتفق مع من يرى أن السخرية هي الوجه الآخر للكآبة ؟






      - من قال لك ذلك؟؟ لا بد أن يكون أحمقا أو مجنونا؟ شتان بين أن تبكي من حزنك أو تضحك عليه. على أية حال السخرية أمر ليس مألوفاً في عُمان وحتى هذه اللحظة الكاتب الساخر يمثل نمطا غير نخبوي في مجتمع [الاجتراح ــ والاقتراف] الثقافي الذي جُلدنا به سنوات طويلة، آن لهؤلاء أن يناموا قليلاً ثمة جيل شاب ساخر قادم.






      * وكيف اهتديت اليها - للكتابة الساخرة- ؟






      - لا أعرف. ربما هو الواقع البائس الذي يعيشه كُل من يقرر أن يكتب يجعله ساخراً بالفطرة، على أية حال بعدما خرجت من قوقعة الكآبة غير المنتجة عدت إلى طبيعتي السمائلية العادية المليئة بالسخرية.






      *ماالذي ينقص الكاتب الخليجي عموما والعماني بشكل خاص؟






      -وما أدراني؟ ربما ينقصه أن يخفف من الثرثرة وأن يعملَ أكثر ويخرج كتبا أو مؤلفات أقل ذاتية وأكثر جدية.






      * أهديت كتابك الأول لوالدك , لكن للأم مساحة كبيرة في حياتك وكتاباتك ,كيف ترسم ملامح هذه المساحة؟






      - كان ذلك لأسباب سياسية أكثر مما هي ثقافية كنت أحاول إرضاءه لأنه كان زعلان قليلا عليّ، أما أمّي فهي الجهة القمعية الوحيدة التي تستطيع أن ترسم ملامح طريقي. لا أستطيع أن أقول لها لا.






      * ما المساحة التي تحتلها المرأة في حياتك؟






      - لا أنتظر الكثير من المرأة العُمانية فهي [حلطة] فكرا وجسدا بالنسبة لي وقد يغضبها كلامي، أشعر أنها بحاجة للتحرر من تفكيرها الذي يحاصرها وأن تتوقف عن بيع دموعها وسرد عذاباتها التي أصابت من يقرأ لها أو يسمعها بالقرف. انضجي قليلا يا [حرمة] واكبري واعرفي انك أقوى مما تتخيلين. مشروع دعم المرأة في المجتمع الخليجي لو أضاع المرء فيه عمره ما ذهب هدراً، ولكن أحيانا تثير المرأة المثقفة غيظي. أما عن المرأة الحبيبة أو الزوجة فهي تجارب عربية فاشلة تنتهي بأن تتزوج تلك التعيسة شاباً ثريا لأن أباها يريده، من اخترع أوهام روميو وجولييت غير الشعراء الاكتئابيين، هذا لا يحدث في الخليج إنها امرأة واعية تعرف مصلحتها جيداً.






      * علاقتك مع المؤسسة الثقافية بين مد وجزر , لماذا؟






      - لأنني أصبت بالقرف من استيهامات المثقفين وكلامهم الفضفاض وعملهم القليل ولا أبرئ نفسي.


      إن كانت السياسة هي فنُّ الممكن يمكنني أن أقول أن الثقافة هي فنُّ الإيهام. هذه التظاهرة العربية الطويلة العريضة بعيدة كل البعد عن هؤلاء الذين يسكنون في البيوت المؤجرة والشقق بدون شغالات. سئمت من اكتئابيات العرب ويا ليل ويا عين وقلبي آه ويا قرفي آه. أما آن الأوان ليكون المثقف منتجاً؟؟؟






      * بعد إصدارك مجموعتين قصصيتين صرحت بأنك شعرت بالخواء , هل تكفي مجموعتان لإفراغ كل مالدى الكاتب ؟






      - شعرتُ بالخواء لأنني لم أرد أن يتجه ما أكتبه لهذا الدرب الاكتئابي غير المنتج، ولكن هي حالة ثقافية و [موضة] شهيرة للغاية يحلو للبعض أن يتبعها. على أية حال هؤلاء المثقفون يشعرون أحيانا أنهم مؤثرين وأحسب أن هذا وهمٌ آخر. خواء يعد بجدية في الكتابة أو ببساطة موت، ولستُ كائنا مهما لأحيا أو أموت. مجرد إنسان آخر.






      * نلت العديد من المراكز في المسابقات الأدبية , ما الذي أضافته لك هذه الجوائز؟


      - مبالغ جيدة من المال أنقذتني من الإفلاس في أيام كثيرة. وأحيانا قراءات في الصحف من قبل نقاد غريبين يحلو لهم أن ينبشوا في كتابات الكتاب الشباب، هذا المصطلح الذي سئم المرء منه.






      * اتجهت مؤخرا للنشر الألكتروني , هل تسعى الى الهروب من مقص الرقيب؟ أم أن هناك اسباب أخرى ؟






      - لا, ليس هروباً وإنما هي مساحة أخرى اكتشفتها بالصدفة ووجدت نفسي أكتب بصدق بعيداً عن توهمات الثقافة العربية وطرحها المكرر. ما يصيب المرء بالقرف والأسى تكرار الأنماط وتوالد الخدع خدعة بعد خدعة. أفضل الاستماع إلى كائن قروي يحكي عن مشكلته مع حماره على الانصات إلى منظر عربي آخر يتحدث عن الحكومات الشمولية أو حريات التعبير.


      ولم أنسحب من النشر الورقي، لي إصداران ورقيان الأول مجموعة قصصية بعنوان [إشارات] والثاني مجموعة قصصية بعنوان [ما يقول الحب للغرباء]، وبعد المجموعتين شعرتُ بخواء لا نهائي وانفصال تام عن كل ما أقرأ أو أكتبُ أو ما آمنتُ به عندما كنت طالباً في الجامعة إذ تبين لي أن الشخصيات الاكتئابية الإنسانية أو المقروءة أو المرئية قد استطاعت إيقاعي في الفخ.


      لذلك بدأتُ بشكل خجول أكتب في مدونةٍ من مدونات جوجل المجانية، وقمتُ بتغييرها إلى اسم [مُهذونة] ولها اسم خاص. عندما بدأت لم أكن أعرف ما أفعل ولا أحسبُ أنني أعرف ما أريد حتى هذه اللحظة، كُل ما في الأمر أنني أكتب يومياً وأرى هذه الكتابة [تدريب] حقيقي يساعدني على نيل نفس طويل في الكتابة. أما عن الكتابة القصصية أو الشعرية فلا زلتُ أنقش النصوص بطريقتي الطويلة المضنية وأحاول إخراج نصوص قصصية جديدة متى ما شاء المزاج ذلك. أما عن الانسحاب المزعوم، فلم أنسحب كُل ما في الأمر تغيرت الوسيلة. الإصداران السابقان كانا عن طريق وزارة التراث والثقافية في عام الثقافة 2006م، وقد أغرتنا الوزارة بمكافآت [600] ريال آنذاك لكل من ينشر، وكنتُ طالباً مفلساً في تلك الأيام فلم أجد غضاضة في قبول هذا العرض الكريم. الآن أفكر بإعادة نشر المجموعتين في دار خارجية ولكن سأستشير أحدهم يفهم في حكايات و[سوالف] النشر الخارجي لأعرفَ الوسيلة المُثلى.














      * لم تعد تكتب الشعر منذ زمن هل شغلت عنه بالهذونات؟






      - أحسبُ أنني تقاعدتُ كلياً عن الشعر. ربما أترجم الآن القصائد إلى اللغة السمائلية الدارجة وأضعها على هيئة [هذونات] في مدونتي الجوجلية. بالنسبة لي لم أعد أستطيع التواصل مع لغة الشعر العربي الاكتئابية المُفرطة، جلد وراء جلد حزن وراء حزن كآبة وراء كآبة وأحمل هؤلاء الذين أرادوا للعالم شربَ الدموع والتغني بها مسؤولية ظهور أجيال متتالية تبحثُ عن الشقاء إن لم تكن شقية. كما يقول احدهم [وما ذنبي إن لم يوجعني شيء]، شخصياً لا يؤلمني شيء على الإطلاق أنا شاب عُماني لدي وظيفة وراتب يكمل نصف الشهر أحياناً ولدي سيارة ومستقبل وطموح لا بأس به، أخدم وطني بما ينسجمُ مع مبادئي ولي أصدقاء كثيرون. ولا يوجعني شيء ولا يؤلمني شيء وإنما أنظر للحياة بتفاؤل. في عُمان ليس صعباً أن تكون شاعراً يكفيك فقط علاقات مع أهل النشر والصحف والكتب ويكفيك أن تجيد الوزن والنحو وإلخ واكتب كما تشاء. التجربة التي أراهن عليها شخصيا كقارئ أحسب نفسا جيداً للشعر هي تجارب قليلة في الشعر الفصيح وعدد لا يتجاوز أصابع اليد من الشاعرات، أما في القصة فأحدد [سليمان ــ عبد العزيز ــ مازن حبيب ــ وشلتهم] وأجمل تجربة شعرية في رأيي تدور في الأرجاء هي تجربة شعراء النبطي الآن، أما شعراء الاكتئاب والحزن والوجع فلا أراهن عليهم وسأتركهم هكذا دون تحديد أسماء حتى لا أدخل في خسارات لصداقات طويلة.






      * تكتب يوميا عدة صفحات في (مهذونتك ) كيف تستطيع تنظيم وقتك؟كم ساعة تكتب في اليوم؟






      - أستطيع إجابة هذا السؤال بوضوح، بعد تجربة العَمل أكملت سنتين وأدركتُ أنني أموت عضوا فعضواً. اكتشفت أنني اجيد شيئا واحدا [الكتابة وصف الكلمات]، ومع الوقت تغيرتُ مائة وثمانين درجة على مستوى الأفكار والاتجاهات. أكتب عدة صفحات لأنني ببساطة أطبع بسرعة فائقة تتجاوز [60] كلمة في الدقيقة وهذا يجعل وقت الكتابة لا يتجاوز الساعة أو الساعة والنصف في اليوم. كذلك وكما قلتُ لك فإنني أتدرب على [الجري] الكتابة شهراً فشهرا، وسعيد الآن بالمسافات الطويلة التي أستطيع قطعها على مستوى [الكم] أو عدد الكلمات، أما على مستوى النوع فإن النصوص القصصية القادمة ستأخذ وقتاً لا بأس به ولكنني غير مستعجل، [نايم في الهنا] وآخذ راحتي إلى آخر درجة. في بعض الأيام أقضي [8] إلى [10] ساعات وأنا أكتب وفي بعضها أقضي أقل عن ساعة. هذا بالنسبة للهذونات أما بالنسبة للنصوص القصصية الطويلة فإنني أكتبها في نهاية الأسبوع وأحاول إجادة صنعتها ما أمكن.






      * وكم يتبقى من وقتك للقراءة؟






      - العام الحالي كان عاما بصرياً بامتياز شغلت نفسي بمتابعة الأفلام والمسلسلات، وأنوي مواصلة ذلك لدي الآن مكتبة بصريةهائلة تتجاوز الألف فيلم وأنوي شغل الوقت بمشاهدتها جميعاً. لا زلتُ أقرأ الروايات والقصص وبعض الكتب والنقدية ولكن بدون جدية. أما عن 2006 و2007 فهي أعوام سمعية انشغلتُ بها بسماع كل ما يمكنني سماعه، وقد لا تكون هذه الطريقة صحية ولكنني مستمتع بها.






      أفكر جديا أن أهجر القراءة العربية إلى القراءة باللغة الإنجليزية ولكن لغتي الإنجليزية [الكسيحة] تعوقني دون ذلك. يبقى الكثير من الوقت للقراءة والسوالف وتضييع الوقت، ولكن كما تعرف يا أستاذ عبد الرزاق الكسل ثم الكسل ثم الكسل، ولا ننسى فقدان الدافع في كثير من الأحيان.










      * هل تحلم بتأسيس صحيفة الكترونية ساخرة؟






      - ياااااه قد وقعتَ على الجرح. هو حلم وهذا شيء مشروع حسب النصوص والقوانين المنظمة للسلوك البشري الاجتماعي، ولكن في الوقتِ نفسه ما هي جدوى إصدار صحيفة ساخرة وأعداد الجرائد والكتب التي توزع في المجتمع العُماني يطرح واقعاً مغايراً لهذه الأحلام. أعتقد كمرحلة أولى نحن بحاجة إلى صوتٍ شبابي قوي للغاية ينقذ هذه الأجيال الضائع الباحثة عن فكرة تسلك وراءها. نعم أحلم بذلك ولكن ليس لدي مليون ريال ولو كان لدي مليون ريال لما أسست جريدة ساخرة وإنما سأبني بيتا ضخماً وأضع بداخله ملعب كرة قدم وأقضي العمر في تهيئة وتعليم أولادي. ربما الأجيال القادمة ستتكفل بوضع هذه الجريدة.






      * بدأت شاعرا وقاصا (تراجيديا ) لكن مركبك يرسو الان عند ميناء السخرية ,هل تفعل هذا لأنها أكثر قربا من الجمهور العريض؟






      - لا على الإطلاق. الجمهور العريض كلمة مبالغ فيها، نحن دولة عدد سكانها [مليونان] يعني كلمة الجمهور العريض تعد أمراً يؤول إلى الصفر كما يقول الرياضيون، ولا ننسى أن هذا الجمهور العريض يفضل متابعة كرة القدم على قراءة كتاب أومهذونة.






      كما قلتُ لك، الاكتئابيات هي [موضة] كما هي موضات الجامعة حيث يقرأ المرء كتاباً أو كتابين فنراه في عامٍ واحد يتقلب بين آلاف الانتماءات فتارة هو ملحد واشتراكي ووجودي ولاأدري والخ الخ الخ. فقط كُل ما في الأمر أنني كنت طالباً رديئاً وعندما وجدتُ نفسي أقعُ في براثن الكآبة تحولت الكتابة إلى اكتئابيات عربية بامتياز، مع الوقت تغيرت الحياة واكتشفت أن كل ذلك الإرث الاكتئابي مجرد [قرف] يحاول المرء تزجية الوقت به. أتفق معك كشاعر كنتُ اكتئابياً بامتياز أما كقاص فأنا [أتخبط] حتى هذه اللحظة وبين الفترة والأخرى ترقع الرأس فكرة نص جديد أدونها على سطح مكتب اللاب توب وأنوي كتابتها عندما يتيسر الوقت.






      * تضع في موقع صورا كثيرة هل ترى ان الصورة تمتلك بلاغة تنافس بلاغة الكلمة؟










      ميزة المدونات أنك تستطيع من خلالها وضع مواد بصرية وفيلمية متنوعة. الصور التي أصورها لها علاقة بما أكتبه وأحيانا تكون السبب الذي يجعلني أكتب هذونة جديدة. النصوص القصصية الآن مؤجلة حتى إشعار آخر، أشعر أن الكتابة العادية الساخرة بطريقتها اليومية تنظف القلب والنفس من سخام الحياة وتوتراتها. ربما تكون هذه طريقة علاجية أخترعها الآن !!!






      لأوضح لك يا أستاذي العزيز، لا أنادي بهجرة الكتابة الورقية إلى النت ولكن الرؤية التي يمارسها بعض الكتاب [هداهم الله] الذين يعتبرون كتابة النت [خربطة] وإضاعة للوقت محزنة للغاية. أتابع مواقع باللغة الإنجليزية وأشعر بالأسى والحسرة، ولعل مدونة الدكتور عبد الله الحراصي التي أخرجها للنور مؤخراً تمثل لي تأكيداً على أهمية المدونات، ففي هذه المدونة تجدُ مواداً غير مألوفة ومعتادة مأخوذة من مجلات بريطانية وأمريكية مشهود لها.


      *ماذا عن القصة؟ لم نقرأ لك نصا قصصيا منذ زمن؟


      -أنا مستمر، ولكن فقط أستمتع باللحظة واليوم.






      * لاتزال مشاكسا في دروب الكتابة هل لازلت كذلك في دروب الحياة ؟






      مشاكستي ومشاغبتي في الكتابة كانت في البداية بسبب حالة [انتزاق] عندما وضعتُ يدي على مدونات جوجل. كنت كمن شرب بعض ظماَ ولذلك انطلقتُ في الكتابة دون حسيب أو رقيب، بعد فترة من الزمن تعرضتُ لإزعاج اجتماعي من بعض الفئات القريبة مني سواء كانت العائلة أو مجتمع سمائل الذي أنا منه مما دفعني لإعادة النظر في تلك الحملة الشعواء التي خرجتُ فيها فعلا من حواف جمجمتي. لم أعد مشاكساً فعامل السن لا يسمح الآن، وكذلك عامل الأمل والبحث عن مستقبل جيد أشعر أن الهدوء يسيطر على كُل ما حولي الآن فلم يعد العقل نفسه ولا التوجه نفسه ولا النزق نفسه ولا ألوم نفسي على تصرفات ماضية، تلك فترة لها ما لها، والآن واقع له ما له.






      * ماالذي ينقص الواقع الثقافي العماني؟






      - هذا سؤال كبير للغاية ولا أجد نفسي مؤهلا للإجابة عليه. أتمنى فقط أن تتعدد أنماط الكتابة وأشكالها وأن يزيد عدد الكتاب بحيث تسهل عملية الغربلة، هذا كل ما في الأمر.






      *ما التجارب الاهم التي ساهمت في تكوينك الثقافي؟






      - التجارب متعددة أولها والدي ــ حفظه الله ــ الذي اشتغل علينا شغلا هائلا منذ الطفولة. إذ كانت لديه خطة للقراءة ومكافآت مادية، وأذكر أنه اشترى لنا من مصر [ألف] كتاب تقريباً من تلك الروايات المصرية للجيب التي يقرأها المراهقون في مصر ساهمت كثيراً في تأسيسي، وبعدها كان يختار لنا الكتب لنقرأها ومن ثم يختبرنا بها. كذلك وضع لنا جوائز لحفظ القرآن الكريم والقصائد الجاهلة، أذكر أن القصيدة كان سعرها [عشرة ريالات] وهذا مبلغ ليس سهلا بالنسبة لطفل عمره 13 سنة. هذه أهم تجربة أثرت عليّ وتؤثر على حتى هذه اللحظة.






      أما التجربة الثانية فهي جامعة السلطان قابوس التي دخلتُها وخرجتُ منها كما دخلتُ. درست هناك في كلية الطب وشقيتُ مع موادها التي لم أطقها على الإطلاق ومن ثم إلى كلية التجارة، هذه التجربة علمتني أن الإنسان لا يمكنه أن يكون [سوبر مان] وعليه أن يختار إما الدراسة أو قراءة القصص والروايات والكتب والسهر مع الأصدقاء الذين يمارسون الكآبة ليل نهار. وفي نهاية المطاف حصلتُ على عرض رأيته رائعا في وقته فقبلت به وانسحبتُ من الجامعة وليتني ما فعلت.






      الثالثة: العَمل في جريدة عُمان في قسم الترويج وكانت لدي مديرة رائعة اسمها [ميرفت العريمي] وقد تعلمتُ منها الكثير وبدأت الصورة النمطية للمرأة العمانية التي كانت حاضرة في ذهني بشكلها السمائلي بالتغير بفضل هذه المرأة التي أدين لها بالكثير من الود. ولا أنسى سعادة الأستاذ عبد الله الرحبي الذي وقف معي كثيراً في تلك الفترة وزودني بنصائحه التي لن أنساها ما حييت.






      الرابعة: إدارة مقهى إنترنت في منطقة الخوض، كانت تجربة تجارية لا بأس بها ولكنني تعلمتُ منها ألا يمكن للشاعر أو الكاتب أن يكون تاجراً، هو درس لقنتني إياه الملابسات الحياتية.






      الخامسة: العَمل في مصنع من مصانع الأبواب في مكانٍ في السلطنة، وكانت التجربة ممتعة لولا أن قطعتها من أجل العمل في الجريدة. أفادتني هذه للغاية في معرفة ما يدور في عالم القطاع الخاص، وكذلك كيف تدلع شركات القطاع الخاص موظفيها بسيارة وهاتف وبترول على حساب الشركة.






      السادسة: إعداد وتقديم برامج إذاعية. كانت تجربة مضنية ولكن ردات الفعل التي وجدتها عن البرامج الإذاعية الثلاث التي قدمتها كانت مفيدة للغاية. سليمان المعمري هو الذي دفع بي لفعل ذلك وأشكره على هذه التجربة، كانت جميلة للغاية قدمت من خلالها ثلاثة برامج الأول هو [ديوان العرب] وهو عبارة عن لقاءات مع الشعراء الكلاسيكيين العمانيين وقد أعددته وقدمته، والثاني بعنوان مرافئ شعرية مع الشاعرة عائشة السيفية إذ حاورنا فيه أسماء عربية معروفة هي أعدته وقدمتُه أنا والثالث [أطياف شعرية] من إعداد ماجد الندابي وهو عبارة عن حوارات مع شعراء عمانيين.






      السابعة: تجربة العَمل في الحكومة التي بدأتها في عام 2006م، وهذه التجربة كانت صعبة للغاية في بدايتِها إذ لم أستطع التواءم بسهولة ولكن مع الوقت تقبلتُ الواقع وبدأت أتعلم الكثير وأشعر أنها أكثر التجارب التي أعادت لي صوابي وغيرت الكثير بداخلي، ربما لأن هؤلاء الذين يكتبون ويقرأون في هذه البلاد يغرقون في أحلام كثيرة، وعندما يعمل المرء في الحكومة ينظر للأمر من منظور آخر ويبدأ بإعادة التفكير في إمكانية كثير من الأشياء التي كان ينادي بها. أستمتع للغاية بالعمل يومياً ورغم مشاغبتي في بعض الأحيان أو اضطرابي في الحضور والانصراف إلا أنني لا زلت أنهلُ كل ما يمكنني أخذه من خبرة في هذا المجال لا سيما وأن العمل ممتع وليس متعباً، ومع كل يوم يمضي هنالك جديد أتعلمه.


      *بماذا تفكر ؟


      -أفكر جديا أن أهجر القراءةالعربية إلى القراءة باللغة الإنجليزية ولكن لغتي الإنجليزية [الكسيحة] تعوقني دون ذلك. يبقى الكثير من الوقت للقراءة والسوالف وتضييع الوقت، ولكن كما تعرف يا أستاذ عبد الرزاق الكسل ثم الكسل ثم الكسل، ولا ننسى فقدان الدافع في كثير من الأحيان.






      * قالت صاحبة الحانة لكلكامش في الملحمة الخالدة الى اين تسعى ياكلكامش؟ الى أين تسعى يا معاوية؟






      هذا سؤال صعب للغاية، يمكن أن أجيبه بطريقة اكتئابية وأقول: أسعى للموت .. ولكن سأكون أكثر تفاؤلا وأقول لك: أسعى إلى الغد وماذا في الغد؟؟ لست أدري فقط الحياة تستحق أن تُعاش وكما يقول ابن حورية المرحوم درويش: على هذه الأرض ما يستحق الحياة.


      * الى أين تمضي بك القافلة؟


      - إلى ما لستُ أدري. ولا أستطيع أن أعرف إلى أين، تارةً تلقيني رياح الأحلام تجاه السفر للدراسة خارج السلطنة لدراسة القانون أو العلوم السياسية. ثمة أمر حسمته هو دراسة الأدب أو الأدب الإنجليزي فتلك أحلام يقظة لا يمكن أن تتكرر. تمضي القافلة إلى شيء ما شيء آمل فيه أن أكون أكثر عملية وأكثر مسؤولية وأقل اكتئابية وأكثر تفاؤلاً. أما إلى أين ومتى .. فلست أدري .. لست أدري



      [1] - ملاحظة: لم أقل هذا الكلام ولكن الأستاذ عبد الرزاق فهم ذلك خطأً، كنت أقول له وصل عدد الزيارات إلى عشرين ألف، ولكن الأستاذ عبد الرزاق شايب شوية وربما فاتَه هذا الجديد في العالم التقني








      المصدر : مدونة معاوية الرواحي


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions