أحلم بعالم خالٍ من الأثرياء

    • أحلم بعالم خالٍ من الأثرياء

      عُمان -*حمدة الشامسية:



      النظرة الدونية للأثرياء والتي تبدو واضحة من خلال الأحاديث اليومية وخاصة في المنتديات تتطلب وقفة في رأيي، فالغني في نظر البعض لص جشع دائما، وسيجزم لك البعض بأنه لا يوجد غني على وجه الأرض حصل على ثروته بالحلال، إلا من رحم ربي، بل ان من النادر جدا أن تسمع كلمة غني أو ثري لوصف الأثرياء بل يوصفون دائما (بالهوامير)، في الوقت الذي يكون الثراء الحلم الأول الذي يراود الجميع، وتجد البعض يقتطع من قوت يومه ليدخر مبلغا في حساب التوفير عل وعسى يحالفه الحظ ويفوز بإحدى الجوائز التي تقدمها البنوك الوطنية هذه الأيام، كإحدى الوسائل لاستقطاب أموال الأفراد وحثهم على الإدخار، أو تجده يغامر بكل مدخراته وقد يقترض من البنك ليضع كل أمواله في محفظة استثمارية دون أن يتحقق من شرعيتها، أو أن يشتري أسهما يضارب بها في السوق دون أن تكون لديه دراية كافية بفن الاستثمار، كل ذلك وهو يدعي احتقار المال والثراء.

      قال لي أحدهم يوما إنه يتمنى زوال كل الأغنياء من على وجه الأرض لأنهم سبب خراب العالم كونهم (مكوشين) على رزق الفقراء، مع العلم بأن العاقل يعرف أن الوضع عكس ذلك تماما، فالغني بماله يوجد المشاريع والمؤسسات التي تستوعب الكوادر البشرية للعمل فيها وهم بذلك مصدر رزق لبقية فئات المجتمع، الأغنياء أيضا هم مصدر الرفاهية التي نستمتع بها كأفراد عاديين، فهم من فتح لنا المطاعم الراقية التي نستمتع فيها بأطباق متعددة، والأغنياء هم من يصنعون لنا الملابس، ويجلبونها لنا من شتى أنحاء العالم، والأغنياء هم من ينشئون المدارس الخاصة التي يتلقى فيها أبناؤنا التعليم الجيد، وهم من ينشئون المستشفيات التي نتعالج فيها، وهم من يصنعون لنا الهواتف، وأجهزة التلفاز، والسيارات.... الخ بل أن كل التطور العمراني والفكري الذي نعيشه يقف وراءه أغنياء ملكوا الطموح والاصرار على العمل والمثابرة.

      كاثرين بوندلر صاحبة سلسلة كتب مليونيرات الإنجيل، ناقشت هذه القضية من خلال استعراضها لحياة الأنبياء، الذين كانوا في الغالب أغنى أغنياء البلاد، فسيدنا يوسف كان يشرف على خزائن مصر، وكان فاحش الثراء، وسيدنا داوود وكذا سليمان وعيسى... وقد كان المصطفى صلوات الله وسلامه عليه والخلفاء من بعده يحثون الصحابة على العمل وتنمية ثرواتهم، وكانت هذه الثروات هي التي تسلح بها الجيوش الاسلامية وقت الحاجة، كما كانت أموال الأثرياء تمول بيت مال المسلمين الذي كان يستخدم لتمويل المشاريع وإعانة الفقراء، لذا كلما زاد عدد الأغنياء وكبرت ثرواتهم كان ذلك سببا في امتلاء بيت المال، والوضع لا يختلف في عصرنا الحالي كثيرا فالأثرياء يدفعون الضرائب والزكاة التي تمول بها المشاريع التنموية.

      أعتقد شخصيا بأن العالم سيكون كئيبا بدون أفراد يملكون الطموح، ويبدعون في شتى مجالات الحياة، فالغنى نعمة من رب العباد، والأغنياء يجب أن يشكلوا قدوة، في العمل والمثابرة والطموح، لأن المال لا يأتي إلا من خلال هذه العناصر جميعا، وهم لهذه الأسباب يجب أن يكونوا في رأيي مصدرا للاحترام والاجلال.

      إن الدعوة بإلغاء الغنى في العالم تعني دعوة لإلغاء العمل والمثابرة والطموح والرفاهية للجنس البشري، وعوضا عن ذلك نحن بحاجة إلى دعم سياسات تؤدي إلى الثراء المادي للأفراد والدول على حد سواء، مثل بيئة مشجعة على الادخار بالدرجة الأولى والاستثمار لكل فئات المجتمع، الأمر الذي بلا شك سيعزز من رفاهية الشعوب، ويساهم في تنمية المجتمعات، ورفع مستوى الخدمات المقدمة للأفراد، فبدون المال لا يمكن أن تستقيم الحياة، ذلك أننا نعيش في عصر بات حتى الحصول على هواء نقي يتطلب المال وكذا الماء والمأوى والطعام، الذي كانت الأجيال التي سبقتنا تحصل عليه بدون مقابل، حيث الانسان يمكن له أن يبني مسكنه في أي بقعة من الأرض يختارها، وحيث الهواء النقي والماء المتوفر بكثرة، وبات نجاح الفرد يقاس بمدى ما يملك من مال، ومقدار دخله الشهري، تماما كما يقاس نجاح المؤسسات بمقدار أرباحها السنوية، إن ثراء البعض لا ينتقص من رزق الآخرين، فعطاء المولى لا حدود له، والعالم يتسع للجميع، وثروات الكون كلها متاحة للجميع ليغترف منها من ملك الإبداع والطموح والرغبة في العطاء، إذ ليس على المرء أن يغتني على حساب الآخرين، بل بهم ومعهم، وفي عصرنا الحالي أصبح هذا متاحا أكثر من أي وقت مضى، وأصبح جني المال وتكوين الثروات متاحا بشكل لم يسبق له مثيل، ولم يعد ذلك مرتبطا بمجال محدد، أو مهنة معينة، بل تجد رجالا ونساء حققوا ثروات في شتى المجالات، فهناك مليارات في مجال الإعلام، والفن، والرياضة، والسياحة، والصناعة، والتعليم....الخ.


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions