كتبت - مديحة عثمان

التعبير عن العواطف الإنسانية والمشاعر التي تختلج بني البشر باللوحة تغني عن ألف كلمة كما قيل، ولكن أن يجسدها الفنانون بالأبعاد الثلاثية عن طريق إخضاع الخامات الصلبة للحديث الإنساني الحساس، فهذا ما يستحق الوقوف عنده للاستماع إلى الروايات التي تحكيها صخور استنطقها الفنانون بلمساتهم الإبداعية في معرض النحت الثلاثي للفنان أيوب ملنج البلوشي، وللفنانين البحرينيين علي المحميد وفؤاد البنفلاح، والذي افتتح مساء أمس في مقر الجمعية العمانية للفنون التشكيلية تحت رعاية معالي الشيخ سيف بن محمد الشبيبي وزير الإسكان، وسط حضور عدد من المسؤولين والمهتمين بمجال النحت.

حيث قدم الفنان أيوب ملنج والذي يعد رائدا في مجال النحت المعاصر بالسلطنة تجربته التجريدية عبر أعماله النحتية التي استخدم فيها خام الرخام الصلبة، واستهلم أفكارها من البيئة العمانية ومخزون الذاكرة، وهي التجربة التي انتقل إليها الفنان بعد سلسلة من الأعمال الخشبية التي قدمها وعبر فيها عن تلك المشاعر من خلال الوضعيات التي يتخذها طائر اللقلق، تبعته عدد من الأعمال تتمحور حول الأمومة، حتى استقر على هذه التجربة والتي عرضها في المعرض، وهي التجربة التي أخضعها لعدد من المعالجات الفنية واللمسات التي تنفرد عن أعماله السابقة.

ويتجلى تعلق الفنان علي المحميد بالتراث الإسلامي العربي في أعماله، من خلال المنحوتات التي قدمها في المعرض، والتي تختصر فيها الحروف العربية زخم المشاعر والأحاسيس، ولا تقف عند حدود العلاقات النفسية للإنسان، وإنما تتجاوزها إلى العلاقات الإنسانية العميقة، وتظهر في الرابط الذي خلقه للحروف العربية، وتعزف على أوتار الألم والحنين إلى الماضي في بعض المنحوتات، حيث نجده في أغلب أعماله يعود إلى عرض مدى روعة الترابط الوجداني عبر الروابط التي صنعها للحروف، وهذا الاهتمام يتجلى أيضا في أعماله الجرافيكية.

أما الفنان فؤاد البنفلاح، فقد حلق بمنحوتاته بعيدا عن سماء العلاقات الظاهرة، فالتعبير لديه يعتمد على الطابع الهندسي الذي شكل عليه أعماله النحتية، ليمنح حياة للخامات التي يستعملها في النحت رغم قصر تجربته في البحرين، إلا أن هوسه وشغفه بتجسيد الفن بمواد الطبيعة رسمت لديه اتجاها خاصة بالنحت، قوبلت بالإشادة والثناء من رواد الفن في مجال النحت.

ختاما بقي أن نذكر أن الجمعية استضافت المعرض، بغية تسليط الضوء على مجال النحت واتجاهاته، بالإضافة إلى تجارب الفنانين من الرواد في المجال، ويفتح المعرض أبوابه أمام الجمهور لغاية الرابع عشر من مارس الجاري.