بقلم : عماد النويرى
في واقع الأمر أنه لا يوجد إنتاج سينمائي بالمعنى المتعارف عليه،في منطقة الخليج فلا يوجد في أية دولة خليجية قطاع عام مختص بالإنتاج السينمائي كما هو موجود في سوريا مثلاً، ولا توجد في أية دولة خليجية شركات إنتاج مختصة بإنتاج الأفلام السينمائية الخليجية كما هو موجود في مصر، هذا رغم وجود تراخيص كثيرة للإنتاج السينمائي ضمن تراخيص شركات الإنتاج الفني. كما لا يوجد أي نوع من الدعم الحكومي المنتظم لانتاج الأفلام في أية دولة خليجية كما يحدث مثلاً في تونس والمغرب
وإذا كان تاريخ السينما قد تجاوز المائة عام فإنه وخلال أكثر من قرن من الزمان لم تنتج دول الخليج مجتمعة أكثر من عشرة أفلام روائية من مجموع أكثر من 4000 فيلم عربي تم إنتاجها خلال تلك الفترة. في واقع الأمر لا يوجد انتاج سينمائي خليجي حتى نتحدث عنه انما يوجد واقع سينمائي متمثل في العديد من المحاولات الفردية والرسمية للتعرف على فن السينما منذ ظهوره ثم محاولة عرضه كتسلية محببة لمشاهد شغوف بذاك الفن الجديد ثم محاولة عرضه كتسلية محببة لمشاهد شغوف ثم محاولة ترسيخه وتكريسه كعنصر مهم من عناصر الثقافة ثم محاولة ادخاله كمنتج روائي وتسجيلي مطلوب للمشاركة في مشروع التنمية.
في الثلاثينيات من القرن الأخير في الألفية الثانية وعندما بدأ الكويتيون في السفر والترحال الى عدد من الدول العربية للدراسة والتجارة هناك استطاعوا مشاهدة الأفلام في دور السينما سواء أجنبية مستوردة أو أفلام عربية منتجة في تلك الدول وفي عام 1939 قام ألن فلييرز وهو سائح أسترالي بتصوير فيلم تسجيلي عن الغوص وصيد اللؤلؤ وبعض ملامح البيئة الاجتماعية في الكويت وتلاه محمد قبازرد بالفيلم التسجيلي ( الكويت بين الأمس واليوم ) .
وفي عام 1946 تم تصوير فيلم تسجيلي عن بدء ضخ النفط من ميناء الأحمدي وفي عام 1950 قامت دائرة المعارف بتأسيس قسم السينما والتصوير وتمكنت من انتاج 60 فيلماً وثائقياً تعليمياً عن التعليم والصحة وغيرهما من أمور تتعلق بالحياة في الكويت .
وفي عام 1954 تأسست شركة السينما الكويتية التي أخذت على عاتقها إنشاء دور العرض واستيراد الأفلام .وفي عام 1964 تم افتتاح قسم السينما بتلفزيون الكويت ثم مراقبة السينما عام 1981 بطاقة إنتاجية من 20 الى 30 فيلماً في السنة قبلها.
وفي عام 1965 قدم محمد السنعوسي فيلم (العاصفة) وفي العام ذاته قدم خالد الصديق فيلم (الصقر) ثم مجموعة من الأفلام التسجيلية الأخرى توجت بفيلمه الروائي الأول (بس يابحر) الذي حقق نجاحات عربية ودولية عديدة وبعد ذلك فيلم (عرس الزين) ثم (شاهين) والفيلم الأخير انتاج مشترك بين الكويت والهند وايطاليا وغير السنعوسي والصديق يمكن الإشارة الى العديد من الأسماء التي ساهمت في تشكيل الواقع السينمائي في الكويت مثل هاشم محمد الذي قدم فيلم (الصمت) و (الفنون) و (غوص الردة) و (غوص عدان ) وبدر المضف الذي أنجز العديد من الأفلام التسجيلية منها ( مشروع منطقة الشعيبة الصناعية ) وعبد الرحمن المسلم (الفخ) و (الفجر الحزين) وعبد الله المحيلان (مذكرات بحار) و (إرتريا وطني ) وعبد الوهاب السلطان (سد مأرب) و (نهر الأردن) ونجم عبد الكريم (النداهة) ونادرة السلطان (السدو) وعامر الزهير (القرار) ويمكن الإشارة أيضاً الى محاولات حبيب حسين وابراهيم قبازدو عبد المحسن الخلفان عبد العزيز الحداد وعبد المحسن حيات وماهر حجي وعبد الله المخيال ووليد العوض وقد تنوعت نتاجات الأسماء الأخيرة ما بين الروائي القصير والتسجيلي كما مزجت بعض المحاولات ما بين تقنية السينما وتقنية الفيديو.
وتبقى اشارة الى تأسيس نادي الكويت للسينما عام 1976 مع التأكيد على دور في تطوير التذوق السينمائي من خلال إقامة العديد من الأنشطة والتظاهرات السينمائية في الكويت .
وفي المملكة العربية السعودية وفي النصف الثاني من السبعينيات بدأ ظهور سينمائيين أمثال محمد القزاز الذي حاول بناء مؤسسة سينمائية بكامل معداتها ولم تكتمل و عبد الله المحيسن الذي صنع مجموعة من الأفلام التسجيلية من خلال مؤسسته الخاصة ومن تلك الأفلام نذكر (اغتيال مدينة) و (الصدمة) .
وقبل السبعينيات وعلى مستوى العرض يمكن الإشارة الى دور العرض الخاصة بشركة أرامكو إضافة الى دور العرض الخاصة على مستوى الأسرة المالكة.
وفي قطر تذكر المعلومات المتوافرة أن أول فيلم أنتج ظهر تمت إجازته على يد الإنجليزي رود باكستر عام 1960 وفي عام 1976 أنتجت وزارة الإعلام الفيلم الروائي (الشراع الحزين) من إخراج المصري محمد نبيه ومدته 62 دقيقة.
وفي دولة الإمارات العربية وفي سلطنة عمان يتحدث الواقع السينمائي هناك عن مهرجانات سينمائية تقام بين الحين والحين في المجمع الثقافي في أبوظبي وهناك اهتمام خاص من دائرة الإعلام بالشارقة لطباعة ونشر المؤلفات الخاصة بالسينما والدعوة للملتقيات السينمائية وهذا ما يحدث بشكل أو آخر بالنسبة للسلطنة مع الإشارة هنا الى جهد عبد الله حبيب الذي قام بإنتاج بعض الأفلام الدرامية القصيرة خلال فترة دراسته في أمريكا. وإلى جهد خالد الزدجالي الذي حقق أول فيلم عماني ( البوم ) ويمكن الاشارة ايضا الى جهود هاني الشيباني فى انجاز ( حلم ) كأول فيلم روائي اماراتي طويل وفي البحرين كان خليفة شاهين أول من اهتم بالسينما وإنتاج الأفلام حيث توج طموحه بتأسيس مؤسسة "الصقر" للتصوير عام 1971 وقبلها كان قد أصدر أول جريدة سينمائية كمصور لحساب شركة نفط البحرين (بابكو) وقد حقق شاهين عدداً من الأفلام التسجيلية من حلال مؤسسته عرضت في مهرجانات عالمية منها (صور جزيرة) و (أناس في الأفق) و ( الموجة السوداء) وهناك دار اب الذي حقق بعض الأفلام القصيرة قبل أن يغادر الى الولايات المتحدة الأمريكية. وفي الفترة ما بين 72 الى 78 حقق علي عباس ومجيد شمس أربعة أعمال درامية قصيرة وفيلماً تسجيلياً واحداً تتراوح مدة كل منها من 10الى30 دقيقة هي:(الغريب انتقام – الرجال الثلاثة – غدار يا زمن – ذكريات) .
وفي عام 1975 قدم بسام الذوادي أول أفلام ومدته 12 دقيقة (صامت) تناول من خلال مشكلة المخدرات بعدها حقق مجموعة من الأفلام الدرامية القصيرة وهي (الأعمى) 76 (الأخوين) 77 (الأجيال) 77 (القناع) 81 (ملائكة الأرض) 83، وأخيراً قدم فيلمه الروائي الأول (الحاجز) 90 وقام بإنتاجه مع هيئة الإذاعة والتليفزيون بدولة البحرين ويعتبر أول فيلم روائي بحريني وقد شارك في عدة مهرجانات عربية وعالمية.وقد حقق الذوادي فيمابعد ( زائر فجر ) و حكاية بحرينية ) وهنا إشارة أيضاً الى تأسيس نادي البحرين للسينما الذي ساهم وما زال في نشر الثقافة السينمائية من خلال اقامة العروض والمهرجانات السينمائية وكل ما هو خاص بنشر الثقافة السينمائية في البحرين.
في هذا العرض الموجز والمختصر للواقع السينمائي في الخليج ربما نكون قد تجاوزنا تلك المحاولات التي لم تتم لإنتاج أفلام مثل محاولة غانم السليطي في قطر ومحاولة عبد الرحمن الرويعي في البحرين لإنتاج أول فيلم روائي بحريني ولم يتم الحديث بشكل موجز أو مفصل عن أفلام التحرج للعديد من السينمائيين في الخليج باعتبارها لم تعرض في أية عروض جماهيرية سواء عن طريق السينما أو التلفزيون كما لم تتم الإشارة الى تلك المحاولات التي تمت لإنجاز أفلام تم تصويرها بشرائط الـ8 ملم وذلك باعتبار أنها تدخل في نطاق جهد الهواة (وقراءة متأنية لهذا الواقع تضعنا أمام بعض الحقائق ذات الدلالات فبعض دول الخليج ما زالت لا تعرف السينما على مستوى العرض مثل المملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج التي عرفت العرض فإن المعروض فيها من الأفلام الهندية تتجاوز نسبته 80% من اجمالي الأفلام المعروضة كما يحدث في دولة الإمارات العربية وتشير احصائيات تعود الى أربع سنوات مضت أن عدد المترددين سنوياً على دور السينما يبلغ في الكويت 900 ألف شخص بينما يبلغ في قطر 500 ألف شخص ويبلغ في البحرين 800 ألف شخص وهي أرقام متواضعة إذ عرفنا أن عدد المترددين على دور السينما في الوطن العربي يبلع ما يقارب من 200 مليون شخص . وكلنا يعرف هنا أن اقتصادات السينما تعتمد على التوزيع، والاحصاءات المتوافرة عن دور العرض تقول إن اجمالي دور العرض الموجودة في الخليج لا تتجاوز 30 دارا للعرض من اجمالي 1400 دار للعرض موجودة في الوطن العربي.
وقراءة ثانية متأنية من المؤكد أنها ستضعنا أمام حقيقة متجذرة عند أغلب السينمائيين في منطقة الخليج وهي أن السينما أسلوب عصر والتخلف عنها تخلف عن العصر وهي جزء من التطور الإعلامي الحالي وهي ضرورة لأنه من حق الأجيال القادمة أن تتعرف على تفاصيل الواقع الحالي واذا كان الخليج (النفط) عنده من الإمكانات المادية ما يساعده على اقامة بنية سينمائية متكاملة تكون نواة لصناعة سينمائية كبيرة واذا كان الخليج الشاعر يملك من الطموحات والأحلام وتراكمات الصور الكثيرة ما هي اذن المشكلات التي تعوق دون قيام صناعة أفلام مزدهرة تكون بحجم الأماني والطموحات؟
المشكلات التي تواجه الإنتاج السينمائي الخليجي كثيرة ومتنوعة هناك مشكلات تتعلق بالصناعة وأخرى تتعلق بالتجارة وثالثة تتعلق بالفن. فيما يخص الجانب الصناعي فإن دول الخليج عندما بدأ ت مشروعاتها التنموية بعد ظهور النفط ثم الاستقلال كان الشغل الشاغل لها هو اقامة مشروعات البنية الأساسية ولم يشغلها كثيراً إقامة منشآت سينمائية مثل الاستوديوهات والمعامل ويعني ذلك أن السينما كإنتاج وكصناعة كانت وما زالت ضمن المشروعات المؤجلة ونستثني من هذا التفسير دولتين هما السعودية والكويت فالأولى لم تدخل السينما في حسابات خطتها التنموية لأسباب نعرفها والكويت اتخذت بالفعل خطة تأسيسية لإنشاء مراقبة للسينما مزودة بكافة المعدات السينمائية بطاقة انتاجية عالية تصل الى انتاج ثلاثين فيلماً في العام الا أن هذه المراقبة قد تم اغلاقها بفعل اسباب تعود الى الغزو العراقي وتغير الأولويات. ولأن الإنتاج السينمائي كان في ذيل قائمة الاهتمامات بالنسبة للحكومات في الخليج فقد أدى ذلك بالضرورة الى قلة الاهتمام بإقامة معاهد أو كليات لتعليم السينما لاعداد الكوادر اللازمة لتحقيق الأفلام ويعني ذلك ان الكوادر أصبحت منشغلة بأمور ليست لها صلة بالسينما.
ونقص الكوادر مع عدم وجود منشآت لازمة للفعل السينمائي قد أدى بالضرورة الى تردد المؤسسات الفنية الخاصة في الخوض في مجال الانتاج السينمائي. ولو حدث اهتمام رسمي على مستوى المؤسسات الخاصة بإنتاج الأفلام فإن هناك مشكلة التوزيع (مشكلات التجارة) فحتى لو تم زيادة دور العرض فيجب أن يؤخذ في الاعتبار الكثافة السكانية في الخليج (عدد سكان كل الدول الخليجية مجتمعة أقل من عدد سكان القاهرة في فترة الصباح)، واذا تم حل مشكلة التوزيع عن طريق فتح أسواق خارجية فإن هناك مشكلة اللهجة واذا تم حل مشكلة اللهجة عن طريق الدبلجة أو الترجمة أو التعود ستبقى مشكلات الفن وهي الأهم والأخطر من وجهة نظري وأقصد هنا بمشكلات الفن الأفكار أو المقولات أو الموضوعات الخاصة بالأفلام وكيفية صياغتها فنياً ومساحة الحرية المطلوبة لتوصيل هذه الصياغات الى الجمهور.
في الخليج كما في كل بقعة من العالم توجد قصص وحكايات وتوجد رؤى وأفكار وفي الخليج الشاعر يوجد مفكرون يطرحون الرؤى وكتاب يصورون فنياً الأفكار والأحداث ومبدعون قادرون على تحويل المكتوب الى مرئي لا ينقصه الجمال والقدرة على التأثير. لكن تتدخل أحياناً يد الموروث الاجتماعي لتمنع وتحجب وتشجب وتتدخل أحياناً يد الرقابة وتغير وتبدل وتمنع أيضاً وأحياناً ثالثة تتدخل أياد قوى مختلفة لا ترى من السينما سوى أنها عمل من أعمال الشيطان. ولأن الخليج ليس حقبة تاريخية منعزلة أو قابلة للانعزال فإن مشكلات السينما العربية تصب في الخليج والعكس صحيح.
في أمريكا لا توجد مشكلة في دور العرض فهناك أكثر من 25 ألف صالة عرض ولا توجد مشكلة تمويل فهناك أفلام وصلت ميزانيتها الى 180 مليون دولار مثل فيلم (عالم الماء) ولا توجد مشكلة في التقنية فكل ما يخص صناعة الأفلام متوافر وفي حالة مستمرة من التطوير ولا توجد مشكلة في الأفكار وحرية التعبير لكن لو افترضنا جدلاً أنه بين يوم وليلة (هنا اسمحو لنا أن نترك موضوعية الأبحاث ونحلم قليلاً) تم اتخاذ قرارات ببناء خمسمائة دار عرض في الخليج وتم توفير الكوادر اللازمة للإنتاج السينمائي وتم الاتفاق على فتح الأسواق العربية لتوزيع الفيلم الخليجي وتم اعتماد لهجة مفهومة للمواطن العربي وكل ذلك من الممكن حدوثه من خلال خطة قصيرة الأجل هل ينتهي الحديث في تلك الحالة عن مشكلات الإنتاج السينمائي في الخليج؟ ان الانتاج والتمويل أقل الأمور أهمية بالنسبة للإبداع والانسان ومن المهم ونحن نتحدث عن مشكلات الانتاج السينمائي في الخليج أن نسأل ماذا نريد أن نقول من خلال هذا الانتاج؟ بطريقته وواقع الأمر أن مشكلات السينما لم تعد تلك المشكلات التقليدية التي درجنا على الإشارة اليها كما أن الموضوع قد تجاوز حكاية ما نحب وما تحبه الحكومات لأنه وبفعل التجاهل وبفعل التطور الذي هو سنة الكون وخلال العقد الأخير ظهرت مشكلات جديدة.
في ألمانيا لم يعد هناك حديث عن سينما فاسبيندر وهو تزوج إلا فيما ندر. وفي السويد تراجع الحديث عن سينما بيرجمان وفي ايطاليا لم نعد نسمع كثيراً عن الواقعية الايطالية ولا عن سينما العصر الذهبي التي تزعمها الراحل فلليني ويقول المخرج الشهير "كريستوف زانوسي" لدينا دراما انسانية عظيمة ولدينا بطالة وفساد عظيم أننا نمر بمرحلة تستحق الاهتمام.ما يستحق الاهتمام في المرحلة المقبلة هو البحث الجدي عن اجابات وافتراض حلول وسيناريوهات لمواجهة ما هو آت. الشركات العملاقة تتحكم الآن في (12 ترليون دولار) وهو ما يساوي نصف الناتج القومي العالمي واذا كانت هذه الشركات شئنا أم أبينا في طريقها لعولمة الجغرافيا ثم التاريخ ومن ثم الثقافة من أجل اقتصاد عالمي وشيك واذا كان ذلك سيتبعه كما يتخيل المتخيلون (وجزء من هذا الخيال حقيقة بالفعل) ازالة الحواجز الثقافية لكل مشروعات تأكيد هويات الشعوب ما هو موقف صناع السينما في الخليج من حلم (خلجنة) الفيلم في منطقة الخليج؟ ونطبق ذلك على الفيلم في بقية بلاد العرب.
واذا تم حل مشكلة عولمة الأفلام من خلال التأكيد على التنوع وتعدد الثقافات والتسامح وإزالة السمات الثقافية التي تشجع الصراع وتحول دون تحقيق الإنسجام اذا حدث ذلك بالفعل ما هي الحلول المطروحة لمواجهة التقنية السينمائية المتطورة سواء في المادة الخام التي تصنع منها الأفلام أو في طريقة بث الأفلام فالطريق أصبح مفتوحاً لتسجيل الأفلام على أنواع متطورة من اسطوانات .
ويعني ذلك أن الشرائط الفيلمية المعروضة الآن ستصبح من الآثار القديمة واذا كان انتشار الكمبيوتر واعتماده وسيلة متزايدة للتواصل وامكانية تزويده بالأفلام الجديدة لمشاهدتها لم يعد ذلك الحدث الباهر فإن الجديد المنتظر في القريب العاجل هو الاعتماد على المحطات الفضائية بحيث يمكن ايصال الفيلم الى الصالات بل والى البيوت عن طريق الاتصال الهاتفي العادي واذا كانت بعض التجارب تتم بالفعل لبحث امكانية بث الشريط الفيلمي، بعد تحويله الى اسطوانة رقمية من الاستديو الى صالات العرض قإن أهم من ذلك كله ونتيجة التطور في مجال المؤثرات الخاصة والخدع السينمائية فإن من المتوقع الاستغناء عن مهن سينمائية وتغير طبيعة مهن أخرى .
(هناك برامج كمبيوتر موجودة بالفعل عن طريقها يمكن بناء مشهد كامل يتكون من عدة لقطات ويتضمن حركة ممثل واضاءة وخلفية وموسيقى تصويرية وخلافه) ويعني ذلك أن المخرج اذا أراد أن يكون الفيلم من بطولة شارون ستون فسيكون باستطاعته الاختيار ما بين مليون حركة تقوم بها شارون مسجلة على قرص مدمج وكذلك الحال اذا اراد المخرج أن يكون فيلمه من بطولة أية نجمة أحرى مثل ديمي مور أة اكيت وينسلت وسيكون باستطاعة المخرج اختيار أمكنة الأحداث من خلال اختيارات لامتناهية مخزنة على الكمبيوتر. وهنا نستطيع التذكير بعشرات الأفلام التي لعب فيها الكمبيوتر ومازال أدواراً مؤثرة في بنية الفيلم مثل (القناع) و (يوم الاستقلال) و (حرب النجوم) و (العنصر الخامس) وغيرها لكن اذا عدنا الى أرض الواقع فإن السينما في الخليج كما في بلاد العرب الأخرى ليست في حاجة ملحة لهذه التطورات المتسارعة لكي تستمر وتحقق أفلامها الخاصة وحتى تتم عملية حسم موضوعات تخص التبعية والإبداع والأصالة المعاصرة والخصخصة والعولمة وغيرها من القضايا التي يدور حولها الجدل لتحديد موقع لنا على خارطة عالم متغير في كل شيء حتى يتم ذلك وحتى لا نكتفي بالأسئلة فإن هناك مقترحات كثيرة لتجاوز المشكلات التي تواجه انتاج السينما في الخليج ويمكن في هذا الصدد الاعتماد في المرحلة الأولى على الإنتاج المشترك بين دول مجلس التعاون وبعض الدول العربية ذات التاريخ السينمائي الطويل في مجال الإنتاج السينمائي كما يمكن الاستعانة بالخبرات العربية والأجنبية لإقامة صناعة سينمائية متطورة ويمكن أن تلعب التلفزيونات الخليجية دوراً كبيراً في تشجيع إنتاج أعمال سينمائية تسجيلية أو روائية ويمكن انشاء مركز للتدريب في احدى الدول الخليجية يكون بمثابة نواة لإنشاء معهد للسينما ويمكن الاتفاق في احدى الدول الخليجية يكون بمثابة نواة لإنشاء معهد للسينما ويمكن الاتفاق بين دول مجلس التعاون الخليجي لإنشاء مؤسسة للإنتاج الفيلمي المشترك مثل مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك ويمكن البدء في تدريس مادة خاصة بالتذوق السينمائي في المراحل المتوسطة من التعليم لإعداد جيل يتذوق السينما بطريقة مختلفة حتى يعرف أن الفيلم الأجود والأمثل ليس هو فيلم العنف والأكشن ويمكن الاكتتاب في شركة خليجية كبيرة للإنتاج السينمائي تقوم بتقديم قروض ميسرة لإنتاج الأفلام ، يمكن دعم اللجنة التأسيسة للسينما في الخليج حتى تستطيع أن تحقق أحلامها ، ويمكن استحضار أحدث الأجهزة السينمائية في العالم من أجل صناعة سينمائية متطورة، ويمكن ارسال بعثات دورية لدراسة فن السينما في المعاهد السينمائية في الخارج، ويمكن فرض ضريبة قليلة على تذاكر السينما تذهب محصلتها لإنشاء صندوق لإنتاج أفلام متوسطة التكاليف من أجل تدوير عجلة الإنتاج، ويمكن نشر نواد السينما في بقية دول الخليج لزيادة الوعي الجماهيري بأهمية السينما. وما أكثر الممكنات التي يمكن الحديث عنها .
وقد يصلح بعضها للتنفيذ وقد يبقى البعض الآخر في خانة الطموح والأماني.في موضوع السينما، الدعم الحكومي مطلوب والدعم الشعبي أيضاً.
في واقع الأمر أنه لا يوجد إنتاج سينمائي بالمعنى المتعارف عليه،في منطقة الخليج فلا يوجد في أية دولة خليجية قطاع عام مختص بالإنتاج السينمائي كما هو موجود في سوريا مثلاً، ولا توجد في أية دولة خليجية شركات إنتاج مختصة بإنتاج الأفلام السينمائية الخليجية كما هو موجود في مصر، هذا رغم وجود تراخيص كثيرة للإنتاج السينمائي ضمن تراخيص شركات الإنتاج الفني. كما لا يوجد أي نوع من الدعم الحكومي المنتظم لانتاج الأفلام في أية دولة خليجية كما يحدث مثلاً في تونس والمغرب
وإذا كان تاريخ السينما قد تجاوز المائة عام فإنه وخلال أكثر من قرن من الزمان لم تنتج دول الخليج مجتمعة أكثر من عشرة أفلام روائية من مجموع أكثر من 4000 فيلم عربي تم إنتاجها خلال تلك الفترة. في واقع الأمر لا يوجد انتاج سينمائي خليجي حتى نتحدث عنه انما يوجد واقع سينمائي متمثل في العديد من المحاولات الفردية والرسمية للتعرف على فن السينما منذ ظهوره ثم محاولة عرضه كتسلية محببة لمشاهد شغوف بذاك الفن الجديد ثم محاولة عرضه كتسلية محببة لمشاهد شغوف ثم محاولة ترسيخه وتكريسه كعنصر مهم من عناصر الثقافة ثم محاولة ادخاله كمنتج روائي وتسجيلي مطلوب للمشاركة في مشروع التنمية.
في الثلاثينيات من القرن الأخير في الألفية الثانية وعندما بدأ الكويتيون في السفر والترحال الى عدد من الدول العربية للدراسة والتجارة هناك استطاعوا مشاهدة الأفلام في دور السينما سواء أجنبية مستوردة أو أفلام عربية منتجة في تلك الدول وفي عام 1939 قام ألن فلييرز وهو سائح أسترالي بتصوير فيلم تسجيلي عن الغوص وصيد اللؤلؤ وبعض ملامح البيئة الاجتماعية في الكويت وتلاه محمد قبازرد بالفيلم التسجيلي ( الكويت بين الأمس واليوم ) .
وفي عام 1946 تم تصوير فيلم تسجيلي عن بدء ضخ النفط من ميناء الأحمدي وفي عام 1950 قامت دائرة المعارف بتأسيس قسم السينما والتصوير وتمكنت من انتاج 60 فيلماً وثائقياً تعليمياً عن التعليم والصحة وغيرهما من أمور تتعلق بالحياة في الكويت .
وفي عام 1954 تأسست شركة السينما الكويتية التي أخذت على عاتقها إنشاء دور العرض واستيراد الأفلام .وفي عام 1964 تم افتتاح قسم السينما بتلفزيون الكويت ثم مراقبة السينما عام 1981 بطاقة إنتاجية من 20 الى 30 فيلماً في السنة قبلها.
وفي عام 1965 قدم محمد السنعوسي فيلم (العاصفة) وفي العام ذاته قدم خالد الصديق فيلم (الصقر) ثم مجموعة من الأفلام التسجيلية الأخرى توجت بفيلمه الروائي الأول (بس يابحر) الذي حقق نجاحات عربية ودولية عديدة وبعد ذلك فيلم (عرس الزين) ثم (شاهين) والفيلم الأخير انتاج مشترك بين الكويت والهند وايطاليا وغير السنعوسي والصديق يمكن الإشارة الى العديد من الأسماء التي ساهمت في تشكيل الواقع السينمائي في الكويت مثل هاشم محمد الذي قدم فيلم (الصمت) و (الفنون) و (غوص الردة) و (غوص عدان ) وبدر المضف الذي أنجز العديد من الأفلام التسجيلية منها ( مشروع منطقة الشعيبة الصناعية ) وعبد الرحمن المسلم (الفخ) و (الفجر الحزين) وعبد الله المحيلان (مذكرات بحار) و (إرتريا وطني ) وعبد الوهاب السلطان (سد مأرب) و (نهر الأردن) ونجم عبد الكريم (النداهة) ونادرة السلطان (السدو) وعامر الزهير (القرار) ويمكن الإشارة أيضاً الى محاولات حبيب حسين وابراهيم قبازدو عبد المحسن الخلفان عبد العزيز الحداد وعبد المحسن حيات وماهر حجي وعبد الله المخيال ووليد العوض وقد تنوعت نتاجات الأسماء الأخيرة ما بين الروائي القصير والتسجيلي كما مزجت بعض المحاولات ما بين تقنية السينما وتقنية الفيديو.
وتبقى اشارة الى تأسيس نادي الكويت للسينما عام 1976 مع التأكيد على دور في تطوير التذوق السينمائي من خلال إقامة العديد من الأنشطة والتظاهرات السينمائية في الكويت .
وفي المملكة العربية السعودية وفي النصف الثاني من السبعينيات بدأ ظهور سينمائيين أمثال محمد القزاز الذي حاول بناء مؤسسة سينمائية بكامل معداتها ولم تكتمل و عبد الله المحيسن الذي صنع مجموعة من الأفلام التسجيلية من خلال مؤسسته الخاصة ومن تلك الأفلام نذكر (اغتيال مدينة) و (الصدمة) .
وقبل السبعينيات وعلى مستوى العرض يمكن الإشارة الى دور العرض الخاصة بشركة أرامكو إضافة الى دور العرض الخاصة على مستوى الأسرة المالكة.
وفي قطر تذكر المعلومات المتوافرة أن أول فيلم أنتج ظهر تمت إجازته على يد الإنجليزي رود باكستر عام 1960 وفي عام 1976 أنتجت وزارة الإعلام الفيلم الروائي (الشراع الحزين) من إخراج المصري محمد نبيه ومدته 62 دقيقة.
وفي دولة الإمارات العربية وفي سلطنة عمان يتحدث الواقع السينمائي هناك عن مهرجانات سينمائية تقام بين الحين والحين في المجمع الثقافي في أبوظبي وهناك اهتمام خاص من دائرة الإعلام بالشارقة لطباعة ونشر المؤلفات الخاصة بالسينما والدعوة للملتقيات السينمائية وهذا ما يحدث بشكل أو آخر بالنسبة للسلطنة مع الإشارة هنا الى جهد عبد الله حبيب الذي قام بإنتاج بعض الأفلام الدرامية القصيرة خلال فترة دراسته في أمريكا. وإلى جهد خالد الزدجالي الذي حقق أول فيلم عماني ( البوم ) ويمكن الاشارة ايضا الى جهود هاني الشيباني فى انجاز ( حلم ) كأول فيلم روائي اماراتي طويل وفي البحرين كان خليفة شاهين أول من اهتم بالسينما وإنتاج الأفلام حيث توج طموحه بتأسيس مؤسسة "الصقر" للتصوير عام 1971 وقبلها كان قد أصدر أول جريدة سينمائية كمصور لحساب شركة نفط البحرين (بابكو) وقد حقق شاهين عدداً من الأفلام التسجيلية من حلال مؤسسته عرضت في مهرجانات عالمية منها (صور جزيرة) و (أناس في الأفق) و ( الموجة السوداء) وهناك دار اب الذي حقق بعض الأفلام القصيرة قبل أن يغادر الى الولايات المتحدة الأمريكية. وفي الفترة ما بين 72 الى 78 حقق علي عباس ومجيد شمس أربعة أعمال درامية قصيرة وفيلماً تسجيلياً واحداً تتراوح مدة كل منها من 10الى30 دقيقة هي:(الغريب انتقام – الرجال الثلاثة – غدار يا زمن – ذكريات) .
وفي عام 1975 قدم بسام الذوادي أول أفلام ومدته 12 دقيقة (صامت) تناول من خلال مشكلة المخدرات بعدها حقق مجموعة من الأفلام الدرامية القصيرة وهي (الأعمى) 76 (الأخوين) 77 (الأجيال) 77 (القناع) 81 (ملائكة الأرض) 83، وأخيراً قدم فيلمه الروائي الأول (الحاجز) 90 وقام بإنتاجه مع هيئة الإذاعة والتليفزيون بدولة البحرين ويعتبر أول فيلم روائي بحريني وقد شارك في عدة مهرجانات عربية وعالمية.وقد حقق الذوادي فيمابعد ( زائر فجر ) و حكاية بحرينية ) وهنا إشارة أيضاً الى تأسيس نادي البحرين للسينما الذي ساهم وما زال في نشر الثقافة السينمائية من خلال اقامة العروض والمهرجانات السينمائية وكل ما هو خاص بنشر الثقافة السينمائية في البحرين.
في هذا العرض الموجز والمختصر للواقع السينمائي في الخليج ربما نكون قد تجاوزنا تلك المحاولات التي لم تتم لإنتاج أفلام مثل محاولة غانم السليطي في قطر ومحاولة عبد الرحمن الرويعي في البحرين لإنتاج أول فيلم روائي بحريني ولم يتم الحديث بشكل موجز أو مفصل عن أفلام التحرج للعديد من السينمائيين في الخليج باعتبارها لم تعرض في أية عروض جماهيرية سواء عن طريق السينما أو التلفزيون كما لم تتم الإشارة الى تلك المحاولات التي تمت لإنجاز أفلام تم تصويرها بشرائط الـ8 ملم وذلك باعتبار أنها تدخل في نطاق جهد الهواة (وقراءة متأنية لهذا الواقع تضعنا أمام بعض الحقائق ذات الدلالات فبعض دول الخليج ما زالت لا تعرف السينما على مستوى العرض مثل المملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج التي عرفت العرض فإن المعروض فيها من الأفلام الهندية تتجاوز نسبته 80% من اجمالي الأفلام المعروضة كما يحدث في دولة الإمارات العربية وتشير احصائيات تعود الى أربع سنوات مضت أن عدد المترددين سنوياً على دور السينما يبلغ في الكويت 900 ألف شخص بينما يبلغ في قطر 500 ألف شخص ويبلغ في البحرين 800 ألف شخص وهي أرقام متواضعة إذ عرفنا أن عدد المترددين على دور السينما في الوطن العربي يبلع ما يقارب من 200 مليون شخص . وكلنا يعرف هنا أن اقتصادات السينما تعتمد على التوزيع، والاحصاءات المتوافرة عن دور العرض تقول إن اجمالي دور العرض الموجودة في الخليج لا تتجاوز 30 دارا للعرض من اجمالي 1400 دار للعرض موجودة في الوطن العربي.
وقراءة ثانية متأنية من المؤكد أنها ستضعنا أمام حقيقة متجذرة عند أغلب السينمائيين في منطقة الخليج وهي أن السينما أسلوب عصر والتخلف عنها تخلف عن العصر وهي جزء من التطور الإعلامي الحالي وهي ضرورة لأنه من حق الأجيال القادمة أن تتعرف على تفاصيل الواقع الحالي واذا كان الخليج (النفط) عنده من الإمكانات المادية ما يساعده على اقامة بنية سينمائية متكاملة تكون نواة لصناعة سينمائية كبيرة واذا كان الخليج الشاعر يملك من الطموحات والأحلام وتراكمات الصور الكثيرة ما هي اذن المشكلات التي تعوق دون قيام صناعة أفلام مزدهرة تكون بحجم الأماني والطموحات؟
المشكلات التي تواجه الإنتاج السينمائي الخليجي كثيرة ومتنوعة هناك مشكلات تتعلق بالصناعة وأخرى تتعلق بالتجارة وثالثة تتعلق بالفن. فيما يخص الجانب الصناعي فإن دول الخليج عندما بدأ ت مشروعاتها التنموية بعد ظهور النفط ثم الاستقلال كان الشغل الشاغل لها هو اقامة مشروعات البنية الأساسية ولم يشغلها كثيراً إقامة منشآت سينمائية مثل الاستوديوهات والمعامل ويعني ذلك أن السينما كإنتاج وكصناعة كانت وما زالت ضمن المشروعات المؤجلة ونستثني من هذا التفسير دولتين هما السعودية والكويت فالأولى لم تدخل السينما في حسابات خطتها التنموية لأسباب نعرفها والكويت اتخذت بالفعل خطة تأسيسية لإنشاء مراقبة للسينما مزودة بكافة المعدات السينمائية بطاقة انتاجية عالية تصل الى انتاج ثلاثين فيلماً في العام الا أن هذه المراقبة قد تم اغلاقها بفعل اسباب تعود الى الغزو العراقي وتغير الأولويات. ولأن الإنتاج السينمائي كان في ذيل قائمة الاهتمامات بالنسبة للحكومات في الخليج فقد أدى ذلك بالضرورة الى قلة الاهتمام بإقامة معاهد أو كليات لتعليم السينما لاعداد الكوادر اللازمة لتحقيق الأفلام ويعني ذلك ان الكوادر أصبحت منشغلة بأمور ليست لها صلة بالسينما.
ونقص الكوادر مع عدم وجود منشآت لازمة للفعل السينمائي قد أدى بالضرورة الى تردد المؤسسات الفنية الخاصة في الخوض في مجال الانتاج السينمائي. ولو حدث اهتمام رسمي على مستوى المؤسسات الخاصة بإنتاج الأفلام فإن هناك مشكلة التوزيع (مشكلات التجارة) فحتى لو تم زيادة دور العرض فيجب أن يؤخذ في الاعتبار الكثافة السكانية في الخليج (عدد سكان كل الدول الخليجية مجتمعة أقل من عدد سكان القاهرة في فترة الصباح)، واذا تم حل مشكلة التوزيع عن طريق فتح أسواق خارجية فإن هناك مشكلة اللهجة واذا تم حل مشكلة اللهجة عن طريق الدبلجة أو الترجمة أو التعود ستبقى مشكلات الفن وهي الأهم والأخطر من وجهة نظري وأقصد هنا بمشكلات الفن الأفكار أو المقولات أو الموضوعات الخاصة بالأفلام وكيفية صياغتها فنياً ومساحة الحرية المطلوبة لتوصيل هذه الصياغات الى الجمهور.
في الخليج كما في كل بقعة من العالم توجد قصص وحكايات وتوجد رؤى وأفكار وفي الخليج الشاعر يوجد مفكرون يطرحون الرؤى وكتاب يصورون فنياً الأفكار والأحداث ومبدعون قادرون على تحويل المكتوب الى مرئي لا ينقصه الجمال والقدرة على التأثير. لكن تتدخل أحياناً يد الموروث الاجتماعي لتمنع وتحجب وتشجب وتتدخل أحياناً يد الرقابة وتغير وتبدل وتمنع أيضاً وأحياناً ثالثة تتدخل أياد قوى مختلفة لا ترى من السينما سوى أنها عمل من أعمال الشيطان. ولأن الخليج ليس حقبة تاريخية منعزلة أو قابلة للانعزال فإن مشكلات السينما العربية تصب في الخليج والعكس صحيح.
في أمريكا لا توجد مشكلة في دور العرض فهناك أكثر من 25 ألف صالة عرض ولا توجد مشكلة تمويل فهناك أفلام وصلت ميزانيتها الى 180 مليون دولار مثل فيلم (عالم الماء) ولا توجد مشكلة في التقنية فكل ما يخص صناعة الأفلام متوافر وفي حالة مستمرة من التطوير ولا توجد مشكلة في الأفكار وحرية التعبير لكن لو افترضنا جدلاً أنه بين يوم وليلة (هنا اسمحو لنا أن نترك موضوعية الأبحاث ونحلم قليلاً) تم اتخاذ قرارات ببناء خمسمائة دار عرض في الخليج وتم توفير الكوادر اللازمة للإنتاج السينمائي وتم الاتفاق على فتح الأسواق العربية لتوزيع الفيلم الخليجي وتم اعتماد لهجة مفهومة للمواطن العربي وكل ذلك من الممكن حدوثه من خلال خطة قصيرة الأجل هل ينتهي الحديث في تلك الحالة عن مشكلات الإنتاج السينمائي في الخليج؟ ان الانتاج والتمويل أقل الأمور أهمية بالنسبة للإبداع والانسان ومن المهم ونحن نتحدث عن مشكلات الانتاج السينمائي في الخليج أن نسأل ماذا نريد أن نقول من خلال هذا الانتاج؟ بطريقته وواقع الأمر أن مشكلات السينما لم تعد تلك المشكلات التقليدية التي درجنا على الإشارة اليها كما أن الموضوع قد تجاوز حكاية ما نحب وما تحبه الحكومات لأنه وبفعل التجاهل وبفعل التطور الذي هو سنة الكون وخلال العقد الأخير ظهرت مشكلات جديدة.
في ألمانيا لم يعد هناك حديث عن سينما فاسبيندر وهو تزوج إلا فيما ندر. وفي السويد تراجع الحديث عن سينما بيرجمان وفي ايطاليا لم نعد نسمع كثيراً عن الواقعية الايطالية ولا عن سينما العصر الذهبي التي تزعمها الراحل فلليني ويقول المخرج الشهير "كريستوف زانوسي" لدينا دراما انسانية عظيمة ولدينا بطالة وفساد عظيم أننا نمر بمرحلة تستحق الاهتمام.ما يستحق الاهتمام في المرحلة المقبلة هو البحث الجدي عن اجابات وافتراض حلول وسيناريوهات لمواجهة ما هو آت. الشركات العملاقة تتحكم الآن في (12 ترليون دولار) وهو ما يساوي نصف الناتج القومي العالمي واذا كانت هذه الشركات شئنا أم أبينا في طريقها لعولمة الجغرافيا ثم التاريخ ومن ثم الثقافة من أجل اقتصاد عالمي وشيك واذا كان ذلك سيتبعه كما يتخيل المتخيلون (وجزء من هذا الخيال حقيقة بالفعل) ازالة الحواجز الثقافية لكل مشروعات تأكيد هويات الشعوب ما هو موقف صناع السينما في الخليج من حلم (خلجنة) الفيلم في منطقة الخليج؟ ونطبق ذلك على الفيلم في بقية بلاد العرب.
واذا تم حل مشكلة عولمة الأفلام من خلال التأكيد على التنوع وتعدد الثقافات والتسامح وإزالة السمات الثقافية التي تشجع الصراع وتحول دون تحقيق الإنسجام اذا حدث ذلك بالفعل ما هي الحلول المطروحة لمواجهة التقنية السينمائية المتطورة سواء في المادة الخام التي تصنع منها الأفلام أو في طريقة بث الأفلام فالطريق أصبح مفتوحاً لتسجيل الأفلام على أنواع متطورة من اسطوانات .
ويعني ذلك أن الشرائط الفيلمية المعروضة الآن ستصبح من الآثار القديمة واذا كان انتشار الكمبيوتر واعتماده وسيلة متزايدة للتواصل وامكانية تزويده بالأفلام الجديدة لمشاهدتها لم يعد ذلك الحدث الباهر فإن الجديد المنتظر في القريب العاجل هو الاعتماد على المحطات الفضائية بحيث يمكن ايصال الفيلم الى الصالات بل والى البيوت عن طريق الاتصال الهاتفي العادي واذا كانت بعض التجارب تتم بالفعل لبحث امكانية بث الشريط الفيلمي، بعد تحويله الى اسطوانة رقمية من الاستديو الى صالات العرض قإن أهم من ذلك كله ونتيجة التطور في مجال المؤثرات الخاصة والخدع السينمائية فإن من المتوقع الاستغناء عن مهن سينمائية وتغير طبيعة مهن أخرى .
(هناك برامج كمبيوتر موجودة بالفعل عن طريقها يمكن بناء مشهد كامل يتكون من عدة لقطات ويتضمن حركة ممثل واضاءة وخلفية وموسيقى تصويرية وخلافه) ويعني ذلك أن المخرج اذا أراد أن يكون الفيلم من بطولة شارون ستون فسيكون باستطاعته الاختيار ما بين مليون حركة تقوم بها شارون مسجلة على قرص مدمج وكذلك الحال اذا اراد المخرج أن يكون فيلمه من بطولة أية نجمة أحرى مثل ديمي مور أة اكيت وينسلت وسيكون باستطاعة المخرج اختيار أمكنة الأحداث من خلال اختيارات لامتناهية مخزنة على الكمبيوتر. وهنا نستطيع التذكير بعشرات الأفلام التي لعب فيها الكمبيوتر ومازال أدواراً مؤثرة في بنية الفيلم مثل (القناع) و (يوم الاستقلال) و (حرب النجوم) و (العنصر الخامس) وغيرها لكن اذا عدنا الى أرض الواقع فإن السينما في الخليج كما في بلاد العرب الأخرى ليست في حاجة ملحة لهذه التطورات المتسارعة لكي تستمر وتحقق أفلامها الخاصة وحتى تتم عملية حسم موضوعات تخص التبعية والإبداع والأصالة المعاصرة والخصخصة والعولمة وغيرها من القضايا التي يدور حولها الجدل لتحديد موقع لنا على خارطة عالم متغير في كل شيء حتى يتم ذلك وحتى لا نكتفي بالأسئلة فإن هناك مقترحات كثيرة لتجاوز المشكلات التي تواجه انتاج السينما في الخليج ويمكن في هذا الصدد الاعتماد في المرحلة الأولى على الإنتاج المشترك بين دول مجلس التعاون وبعض الدول العربية ذات التاريخ السينمائي الطويل في مجال الإنتاج السينمائي كما يمكن الاستعانة بالخبرات العربية والأجنبية لإقامة صناعة سينمائية متطورة ويمكن أن تلعب التلفزيونات الخليجية دوراً كبيراً في تشجيع إنتاج أعمال سينمائية تسجيلية أو روائية ويمكن انشاء مركز للتدريب في احدى الدول الخليجية يكون بمثابة نواة لإنشاء معهد للسينما ويمكن الاتفاق في احدى الدول الخليجية يكون بمثابة نواة لإنشاء معهد للسينما ويمكن الاتفاق بين دول مجلس التعاون الخليجي لإنشاء مؤسسة للإنتاج الفيلمي المشترك مثل مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك ويمكن البدء في تدريس مادة خاصة بالتذوق السينمائي في المراحل المتوسطة من التعليم لإعداد جيل يتذوق السينما بطريقة مختلفة حتى يعرف أن الفيلم الأجود والأمثل ليس هو فيلم العنف والأكشن ويمكن الاكتتاب في شركة خليجية كبيرة للإنتاج السينمائي تقوم بتقديم قروض ميسرة لإنتاج الأفلام ، يمكن دعم اللجنة التأسيسة للسينما في الخليج حتى تستطيع أن تحقق أحلامها ، ويمكن استحضار أحدث الأجهزة السينمائية في العالم من أجل صناعة سينمائية متطورة، ويمكن ارسال بعثات دورية لدراسة فن السينما في المعاهد السينمائية في الخارج، ويمكن فرض ضريبة قليلة على تذاكر السينما تذهب محصلتها لإنشاء صندوق لإنتاج أفلام متوسطة التكاليف من أجل تدوير عجلة الإنتاج، ويمكن نشر نواد السينما في بقية دول الخليج لزيادة الوعي الجماهيري بأهمية السينما. وما أكثر الممكنات التي يمكن الحديث عنها .
وقد يصلح بعضها للتنفيذ وقد يبقى البعض الآخر في خانة الطموح والأماني.في موضوع السينما، الدعم الحكومي مطلوب والدعم الشعبي أيضاً.
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions