عُمان -*د. حسين بن سعيد الغافري:

الثقافة القانونية تعد من أهم أنواع الثقافات التي ينبغي على الفرد منا أن يكتسبها، فمعرفة كل شخص لما له من حقوق، وما عليه من واجبات من شأنه أن يوجد مجتمعا مستقرا وآمنا.
ومن أهم المبادئ القانونية التي حرص أساتذتنا الأجلاء على غرسها فينا وقبل أن نبدأ بدراسة القانون أنه لا عذر بجهل القانون، فكل شخص ملزم بمعرفة أي تشريع يصدر بمجرد نشره في الجريدة الرسمية. وحرصا منا على المساهمة في الدور الكبير للجريدة الرسمية فاننا ومن خلال سلسلة من المقالات سوف نسلط الضوء على أهم القوانيين الموجود في السلطنة. ووقفتنا الأولى سوف تكون مع تشريع يعتبر من أهم التشريعات التي صدرت في السلطنة تشريع له أهمية محورية سياسية وقانونية، ليس هذا فحسب وإنما أعلاه مرتبة ألا وهو النظام الأساسي للدولة (الكتاب الأبيض).
تأصيل النظام
«النظام الأساسي» لسلطنة عمان جديد في صياغته القانونية ناشئ على أساس المقومات المادية والروحية، والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، في اطار الوظفية السياسية للدولة.، وأما مصادره وأسسه ومتبنياته ورؤاه وفحوى نصوصه، فهي مستلهمة بالكامل من الخطاب السامي لصاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم في 18/ 11/ 1973م والذي جاء فيه «ان الجميع في هذا الوطن سواسية لا فرق بين صغير وكبير وغني وفقير. فالمساواة تفرض أن يكون الكل أخوة في ظل العدالة الاجتماعية الإسلامية والميزة والتفاضل بقدر الاخلاص والكفاءة في العمل المثمر البناء».
صدر النظام الأساسي للدولة في السادس من نوفمبر 1996م بموجب المرسوم السلطاني رقم 101/ 96م ونشر بالجريدة الرسمية رقم 587 بتاريخ 16/ 11/ 1996م وكان لصدوره كما أسلفنا أهمية سياسية وقانونية، فللمرة الأولى في التاريخ العماني تصدر وثيقة قانونية تحدد الأسس والمبادئ الموجهة لسياسة الدولة في مختلف المجالات.
الأهمية
يمثل النظام الاساسي الاطار القانوني الذي يتحرك المجتمع في نطاقه، وتستمد منه أجهزة الدولة المختلفة أسس ونطاق عملها ودورها وتحتكم إليه كذلك، ومن ثم فإنه لم يكن مصادفة أن يصدر هذا النظام بعد نحو ربع قرن من العمل والجهد الشاق ليقنن الكثير مما استقرت عليه حركة المجتمع خلال تلك السنوات من ناحية، وليتجاوب مع تطلعات وطموحات المواطنين ومتطلبات المرحلة التالية للتنمية الوطنية من ناحية ثانية، وليجيب على كل التساؤلات بوضوح ودقة وتجرد من ناحية ثالثة.
الإطار العام للنظام
يتكون النظام الأساسي للدولة من «18» مادة مقسمة لسبعة أبواب، انصرف الباب الأول منها في المواد 1-8 منه الى بيان هيكلية (الدولة ونظام الحكم فيها)، ثم حدد طبيعة نظام الحكم باعتباره سلطانيا. كما حدد صفات من يختار لولاية الحكم. وهي صفات مستقرة في السلطنة منذ أكثر من مائتي عام ارتضاها العمانيون أنفسهم وعبروا عن رضائهم وبيعتهم في كل المناسبات والأحوال وبالتالي فهي ليست وليدة هذا العصر.
وبينت المادة التاسعة من الباب الأول دور المواطنين وواجباتهم ضمن إطار الحكومة أو ضمن النشاط الاجتماعي فنص على أن الحكم في السلطنة يقوم على أساس العدل والشورى والمساواة، وللمواطنين وفقا لهذا النظام الأساسي حق المشاركة في الشؤون العامة
الباب الثاني جاء ليبين (المبادئ الموجهة لسياسة الدولة).. فبين أن الدولة محكومة بجملة من المبادئ السياسية الداخلية والخارجية، والمتمثلة في المحافظة على الاستقلال والسيادة وصون كيان الدولة وأمنها واستقرارها والدفاع عنها المادة 10.
كما قرر أن السلطنة تسعى إلى توثيق عرى التعاون وتأكيد أواصر الصداقة مع جميع الدول والشعوب على أساس من الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ومراعاة المواثيق والمعاهدات الدولية والاقليمية وقواعد القانون الدولي المعترف بها بصورة عامة وبما يؤدي إلى إشاعة السلام والأمن بين الدول والشعوب.
وأما فيما يتعلق بالاقتصاد فلقد قال صاحب الجلالة في أحد خطاباته السامية: إنه «ولا شك أن الناحية الاقتصادية في كل أمة هي عصب حياتها ومصدر قوتها وسند سيادتها واستقرارها. إننا نركز اهتمامنا لإيجاد الوسائل والسبل والمشاريع لرفع مستوى اقتصاد بلادنا وتوفير العمل والعيش الكريم لكل مواطن».
ولذا جاءت المادة 11 من النظام الأساسي موضحة أن الاقتصاد الوطني أساسه العدالة ومبادئ الاقتصاد الحر. وقوامه التعاون البناء المثمر بين النشاط العام والنشاط الخاص، وهدفه تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بما يؤدي إلى زيادة الإنتاج ورفع مستوى المعيشة للمواطنين وفقا للخطة العامة للدولة وفي حدود القانون والصالح العام وبما يضمن السلامة للاقتصاد الوطني.
وحيث إن منظومة القيم الاجتماعية في السلطنة ترتكز على الأسرة، نجد أن النظام الاساسي في المادة 12 منه اعتبر الأسرة أساس المجتمع، ورسم وسائل حمايتها والحفاظ على كيانها الشرعي وتقوية أواصرها وقيمها ورعاية أفرادها وتوفير الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم وقدراتهم. وبينت كذلك الدور الذي ينبغي على الدولة القيام به تجاه مواطنيها فنصت المادة الثانية عشرة فنصت على أن الدولة تكفل للمواطن وأسرته المعونة في حالة الطوارئ والمرض والعجز والشيخوخة وفقا لنظام الضمان الاجتماعي، وتعمل على تضمان والتكافل المجتمع في تحمل الأعباء الناجمة عن الكوارث والمحن العامة.
وركز المشرع العماني عندما تطرق الى المبادئ الاجتماعية في النظام الأساسي على العناية بالصحة العامة وبوسائل الوقاية والعلاج من والأوبئة وأهمية توفير الرعاية الصحية لكل مواطن وشجع على إنشاء المستشفيات والمستوصفات ودور العلاج الخاصة والعمل على المحافظة على البيئة وحمايتها ومنع التلوث عنها. بالإضافة إلى سن القوانين التي تحمي العامل وصاحب العمل وتنظم العلاقة بينهما، والحرية في ممارسة أي عمل في حدود القانون، ومنع فرض أي عمل اجباري على أحد الا بمقتضى قانون ولأداء خدمة عامة وبمقابل أجر عادل، وذلك لأنه نظر الى أن الوظيفة باعتبارها خدمة وطنية تناط بالقائمين بها ويجب أن يكون هدف موظفي الدولة في أداء وظائفهم المصلحة العامة وخدمة المجتمع. وإن المواطنين متساوون في تولي الوظائف العامة وفقا للشروط التي يقرها القانون.
ومن المبادئ السامية التي تبناها صاحب الجلالة المبادئ الثقافية التي ركز عليها في المادة 13 من النظام الأساسي، فبينت المادة السابقة أن التعليم ركن أساسي لتقدم المجتمع ترعاه الدولة وتسعى لنشره وتعميمه. بهدف رفع المستوى الثقافي العام وتطويره وتنمية التفكير العلمي واذكاء روح البحث وتلبية متطلبات الخطط الاقتصادية والاجتماعية جيل مستنير يعتز بأمته ووطنه وتراثه ويحافظ على منجزاته. والمبادئ الثقافة السالفة الذكر تجد أصلها في الخطاب السامي الذي القاه في 18/ 11/ 1972م قائلا فيه: «أيها المواطنون، لقد كان التعليم أهم ما يشغل بالي وأنا أراقب تدهور الأمور من داخل بيتي الصغير في صلالة ورأيت أنه لا بد من توجيه الجهود في الدرجة الأولى الى نشر التعليم».
وكل هذا يتم في إطار الحقوق والواجبات العامة التي مارسها العمانيون منذ بداية نهضتهم المعاصرة وهذا ما بينه الباب الثالث من النظام الأساسي، ويقف في مقدمة ذلك النص الصريح على أن الجنسية والمواطنه ينظمهما القانون ولا يجوز إسقاطها أو سحبها إلا بموجب القانون المادة 15. كما لا يجوز إبعاد المواطنين أو نفيهم أو منعهم من العودة الى البلاد المادة 16. وأن المواطنين جميعهم سواسية في نظر القانون المادة، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة ولا تمييز بينهم بسبب الجنس أو الأصل أو اللون أو اللغة أو الدين أو المذهب أو المركز الاجتماعي المادة 17.
وكذا فان الحرية الشخصية مكفولة وفقا للقانون ولا يجوز القبض على إنسان أو تفتيشه أو حجزه أو حبسه أو تحديد إقامته أو تقييد حريته في الإقامة أو التنقل إلا وفق أحكام القانون، المادة 18.
وبين النظام في المادة 19 منه لا يجوز حجز أو حبس أي شخص في غير الأماكن المخصصة لذلك والمنصوص عليها في قوانين السجون المشمولة بالرعاية الصحية والاجتماعية.
ومن الأحكام الغاية في الأهمية التي نص عليها النظام الأساسي في المادة 20، فالنظام الأساسي من خلال هذه الماداة منع منعا باتا تعريض أي انسان للتعذيب المادي أو المعنوي أو للإغراء أو للمعاملة الحاطة بالكرامة ويحدد القانون عقاب من بفعل ذلك. كما يبطل كل قول أو اعتراف يثبت صدوره بالتعذيب أو بالإغراء أو لتلك المعاملة أو التهديد بأي منهما).
أيضا من الركائز المهمة جدا التي وضعها النظام مبدأ الشرعية ومبدأ شخصية العقوبة فلا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة للعمل بالقانون الذي ينص عليه، والعقوبة شخصية، لا تشمل غير مستحقها المادة 21. وهناك المبدأ الخاص بقرينة البراءة وهو يعد من المبادئ الدستورية المهمة، فنص المشرع العماني في المادة 22 من النظام أن المتهم بريء حتى تثبت أدانته في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع وفقا للقانون، ويحظر إيذاء المتهم جسمانيا أو معنويا.
أما بالنسبة لحق التقاضي فهو وكما أشارت المادة 25 من النظام حق مصون ومكفول للناس كافة، وذلك من خلال استقلالية السلطة القضائية عن السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية وهو ما أكدته المادة (60) من النظام الأساسي والتي نصت «السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها وتصدر أحكامها وفق القانون».
وفيما يتعلق بحقوق الإنسان وحريته نجد أن النظام يتبع اجراء أية تجربة طبية أو علمية على أي إنسان بدون رضائه الحر المادة 26. كما اعتبر أن المساكن لها حرمة فلا يجوز دخولها بغير اذن أهلها المادة 27، تطبيقا لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها) (النور 37) وذلك تحقيقا لطمأنينة النفس وحفظا لكرامة الانسان. وأقر من خلال المادة 28 حرية القيام بالشعائر الدينية. وعلى صعيد آخر كفل النظام حرية الرأي والتعبير المادة 29، وحرية المراسلات البريدية والبرقية والمخاطبات الهاتفية وغيرها من وسائل الاتصال وعدم جواز مراقبتها أو تفتيشها أو افشاء سريتها أو تأخيرها أو مصادرتها الا في الحالات التي يبينها القانون وبالإجراءات المنصوص عليها فيه «المادة 30».
واستكمالا لبيان تلك الحقوق نصت المادة (31) على أن حرية الصحافة والطباعة والنشر مكفولة باستثناء الحالات المؤدية الى الفتنة أو الاسائة الى كرامة الانسان وحقوقه. وبالطبع فان هذه النصوص رتبت نصوصا لاحقة عبرت عن حرية الاجتماعات وتكوين الجمعيات ذات الأهداف الانسانية المشروعة والتي يحق لأي مواطن الانضمام اليها بلا إجبار ولا إكراه المادة 33.
ثم اتبع النظام الأساسي خطوة أخرى، حين تطلع إلى النظام الدولي، فنصت المادة 36 على (تسليم اللاجئين السياسيين محظور. وتحدد القوانين والاتفاقيات الدولية أحكام تسليم المجرمين).
فهذه الأبواب الثلاثة الأولى من النظام الأساسي وضعت البنى التحتية للدولة في جوانبها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية، وشيدت الركائز التي يشاد عليها الهيكل القيادي للدولة، والجهاز التنفيذي الذي تختاره القيادة نفسها، بموجب الأعراف التي اتبعتها سلطنة عمان منذ بداية نهضتها والتي تحولت في النظام الأساسي بنودا قانونية ملزمة لكل أطراف النشاط السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني.
ويوضح الباب الرابع المعنون بـ(رئيس الدولة) على أن السلطان هو رئيس الدولة والقائد الأعلى للقوات المسلحة. وقننت المادة (41) ما تعارف عليه المجتمع العماني من اعتبار ذات السلطان مصونة لا تمس واحترامه واجب وأمره مطاع وهو رمز الوحدة الوطنية والساهر على رعايتها وحمايتها وذلك لضمان الصالح العام. فقد مضى ما يزيد عن مئتين وخمسين عاما والرأي العام في سلطنة عمان يطبق هذه القناعة ويمارسها فعلا وقولا.
وبينت المادة 58 من الباب الخامس مشاركة المواطنين في الاطار الحكومي والتنموي، فنصت على تشكيل «مجلس عمان» من «مجلس الشورى» و«مجلس الدولة».
وكما أسلفنا سابقا من أن حق التقاضي مصون للكل فالباب السادس تضمن 13 مادة ابتداء من المادة 59 وانتهاء بالمادة 71 انصرفت الى المسائل الخاصة بالقضاء، واهتمت جميعا بتأكيد دور القانون في حماية الحقوق، واستقلال القضاء، ونزاهة القاضي، وتنظيم المحاكم، وتقنين العلاقة بين أطراف الدعوى القضائية، وهم المتخاصمون أصحاب الدعوى، المحامون والقضاة.
وقد نصت المادة 59 بشكل قاطع على أن سيادة القانون أساس الحكم في الدولة، وشرف القضاء ونزاهة القضاة وعدلهم ضمان للحقوق والحريات. وبهذا النص الذي لا يقبل التأويل قنن النظام الأساسي ما تعارف عليه العمانيون عبر التاريخ، وبخاصة منذ بدء نهضتهم في سنة 1970م باعتبار سيادة القانون مصونا لا يمكن المساس به، وكذا نزاهة القضاة التي هي من أرسخ أسس النظام القضائي في الإسلام وهو مصدر تشريع القوانين في عمان، وعلى رأسها هذا النظام الأساسي نفسه. ولعل مما يزيد في تأكيد استقلال القضاء وعدم جواز التدخل في شؤونه، المادة 61 والتي اعتبرت ذلك التدخل جريمة يعاقب عليها القانون، بصريح النص التالي «لا سلطان على القضاة في قضائهم لغير القانون، وهم غير قابلين للعزل إلا في الحالات التي يحددها القانون، ولا يجوز لأية جهة التدخل في القضايا أو في شؤون العدالة، ويعتبر مثل هذا التدخل جريمة يعاقب عليها القانون». واهتمت بقية مواد هذا الباب بضبط مسيرة المحاكم وضمان سير العدالة في أحكامها، كما اهتمت بتحديد الإجراءات الواجب توفرها حين النظر في أي شكوى أو إصدار أي حكم بشأن أي قضية يلجأ بها المواطن الى القضاء طلبا للعدل والانصاف.
ويختتم النظام الأساسي بالباب السابع الذي جاء تحت عنوان «أحكام عامة» وهي أحكام إجرائية لتوضيح علاقة النظام الأساسي ببقية القوانين وسائر المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي سبق وأن وقعتها السلطنة مع الدول الأخرى.
كما جاء التأكيد في المادة 75 على عدم سريان أحكام القوانين الا على ما يقع من تاريخ العمل بها. أما المادة 79 فقد نصت على ضرورة أن تتطابق القوانين والاجراءات التي لها قوة القانون مع أحكام النظام الأساسي للدولة.
الخلاصة
إن من يطلع على النظام الأساسي للسلطنة ويتعمق في دراسته، ويقارنه بالأداء السياسي والاجتماعي والاقتصادي للسلطنة منذ بزوغ فجر النهضة سنة 1970م يستنتج بسهولة أن هذا البلد الذي انطلق في بنائه الحضاري في فترة زمنية قياسية، قد وضع وثيقة دستورية، ما سبق له أن أنجزها على طريق تقنين تجاربه وممارساته المتعلقة بكيان الدولة ومكانتها داخليا واقليميا ودوليا. والمحافظة على كرامة المواطن، وحقوقه الإنسانية.

الثقافة القانونية تعد من أهم أنواع الثقافات التي ينبغي على الفرد منا أن يكتسبها، فمعرفة كل شخص لما له من حقوق، وما عليه من واجبات من شأنه أن يوجد مجتمعا مستقرا وآمنا.
ومن أهم المبادئ القانونية التي حرص أساتذتنا الأجلاء على غرسها فينا وقبل أن نبدأ بدراسة القانون أنه لا عذر بجهل القانون، فكل شخص ملزم بمعرفة أي تشريع يصدر بمجرد نشره في الجريدة الرسمية. وحرصا منا على المساهمة في الدور الكبير للجريدة الرسمية فاننا ومن خلال سلسلة من المقالات سوف نسلط الضوء على أهم القوانيين الموجود في السلطنة. ووقفتنا الأولى سوف تكون مع تشريع يعتبر من أهم التشريعات التي صدرت في السلطنة تشريع له أهمية محورية سياسية وقانونية، ليس هذا فحسب وإنما أعلاه مرتبة ألا وهو النظام الأساسي للدولة (الكتاب الأبيض).
تأصيل النظام
«النظام الأساسي» لسلطنة عمان جديد في صياغته القانونية ناشئ على أساس المقومات المادية والروحية، والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، في اطار الوظفية السياسية للدولة.، وأما مصادره وأسسه ومتبنياته ورؤاه وفحوى نصوصه، فهي مستلهمة بالكامل من الخطاب السامي لصاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم في 18/ 11/ 1973م والذي جاء فيه «ان الجميع في هذا الوطن سواسية لا فرق بين صغير وكبير وغني وفقير. فالمساواة تفرض أن يكون الكل أخوة في ظل العدالة الاجتماعية الإسلامية والميزة والتفاضل بقدر الاخلاص والكفاءة في العمل المثمر البناء».
صدر النظام الأساسي للدولة في السادس من نوفمبر 1996م بموجب المرسوم السلطاني رقم 101/ 96م ونشر بالجريدة الرسمية رقم 587 بتاريخ 16/ 11/ 1996م وكان لصدوره كما أسلفنا أهمية سياسية وقانونية، فللمرة الأولى في التاريخ العماني تصدر وثيقة قانونية تحدد الأسس والمبادئ الموجهة لسياسة الدولة في مختلف المجالات.
الأهمية
يمثل النظام الاساسي الاطار القانوني الذي يتحرك المجتمع في نطاقه، وتستمد منه أجهزة الدولة المختلفة أسس ونطاق عملها ودورها وتحتكم إليه كذلك، ومن ثم فإنه لم يكن مصادفة أن يصدر هذا النظام بعد نحو ربع قرن من العمل والجهد الشاق ليقنن الكثير مما استقرت عليه حركة المجتمع خلال تلك السنوات من ناحية، وليتجاوب مع تطلعات وطموحات المواطنين ومتطلبات المرحلة التالية للتنمية الوطنية من ناحية ثانية، وليجيب على كل التساؤلات بوضوح ودقة وتجرد من ناحية ثالثة.
الإطار العام للنظام
يتكون النظام الأساسي للدولة من «18» مادة مقسمة لسبعة أبواب، انصرف الباب الأول منها في المواد 1-8 منه الى بيان هيكلية (الدولة ونظام الحكم فيها)، ثم حدد طبيعة نظام الحكم باعتباره سلطانيا. كما حدد صفات من يختار لولاية الحكم. وهي صفات مستقرة في السلطنة منذ أكثر من مائتي عام ارتضاها العمانيون أنفسهم وعبروا عن رضائهم وبيعتهم في كل المناسبات والأحوال وبالتالي فهي ليست وليدة هذا العصر.
وبينت المادة التاسعة من الباب الأول دور المواطنين وواجباتهم ضمن إطار الحكومة أو ضمن النشاط الاجتماعي فنص على أن الحكم في السلطنة يقوم على أساس العدل والشورى والمساواة، وللمواطنين وفقا لهذا النظام الأساسي حق المشاركة في الشؤون العامة
الباب الثاني جاء ليبين (المبادئ الموجهة لسياسة الدولة).. فبين أن الدولة محكومة بجملة من المبادئ السياسية الداخلية والخارجية، والمتمثلة في المحافظة على الاستقلال والسيادة وصون كيان الدولة وأمنها واستقرارها والدفاع عنها المادة 10.
كما قرر أن السلطنة تسعى إلى توثيق عرى التعاون وتأكيد أواصر الصداقة مع جميع الدول والشعوب على أساس من الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ومراعاة المواثيق والمعاهدات الدولية والاقليمية وقواعد القانون الدولي المعترف بها بصورة عامة وبما يؤدي إلى إشاعة السلام والأمن بين الدول والشعوب.
وأما فيما يتعلق بالاقتصاد فلقد قال صاحب الجلالة في أحد خطاباته السامية: إنه «ولا شك أن الناحية الاقتصادية في كل أمة هي عصب حياتها ومصدر قوتها وسند سيادتها واستقرارها. إننا نركز اهتمامنا لإيجاد الوسائل والسبل والمشاريع لرفع مستوى اقتصاد بلادنا وتوفير العمل والعيش الكريم لكل مواطن».
ولذا جاءت المادة 11 من النظام الأساسي موضحة أن الاقتصاد الوطني أساسه العدالة ومبادئ الاقتصاد الحر. وقوامه التعاون البناء المثمر بين النشاط العام والنشاط الخاص، وهدفه تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بما يؤدي إلى زيادة الإنتاج ورفع مستوى المعيشة للمواطنين وفقا للخطة العامة للدولة وفي حدود القانون والصالح العام وبما يضمن السلامة للاقتصاد الوطني.
وحيث إن منظومة القيم الاجتماعية في السلطنة ترتكز على الأسرة، نجد أن النظام الاساسي في المادة 12 منه اعتبر الأسرة أساس المجتمع، ورسم وسائل حمايتها والحفاظ على كيانها الشرعي وتقوية أواصرها وقيمها ورعاية أفرادها وتوفير الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم وقدراتهم. وبينت كذلك الدور الذي ينبغي على الدولة القيام به تجاه مواطنيها فنصت المادة الثانية عشرة فنصت على أن الدولة تكفل للمواطن وأسرته المعونة في حالة الطوارئ والمرض والعجز والشيخوخة وفقا لنظام الضمان الاجتماعي، وتعمل على تضمان والتكافل المجتمع في تحمل الأعباء الناجمة عن الكوارث والمحن العامة.
وركز المشرع العماني عندما تطرق الى المبادئ الاجتماعية في النظام الأساسي على العناية بالصحة العامة وبوسائل الوقاية والعلاج من والأوبئة وأهمية توفير الرعاية الصحية لكل مواطن وشجع على إنشاء المستشفيات والمستوصفات ودور العلاج الخاصة والعمل على المحافظة على البيئة وحمايتها ومنع التلوث عنها. بالإضافة إلى سن القوانين التي تحمي العامل وصاحب العمل وتنظم العلاقة بينهما، والحرية في ممارسة أي عمل في حدود القانون، ومنع فرض أي عمل اجباري على أحد الا بمقتضى قانون ولأداء خدمة عامة وبمقابل أجر عادل، وذلك لأنه نظر الى أن الوظيفة باعتبارها خدمة وطنية تناط بالقائمين بها ويجب أن يكون هدف موظفي الدولة في أداء وظائفهم المصلحة العامة وخدمة المجتمع. وإن المواطنين متساوون في تولي الوظائف العامة وفقا للشروط التي يقرها القانون.
ومن المبادئ السامية التي تبناها صاحب الجلالة المبادئ الثقافية التي ركز عليها في المادة 13 من النظام الأساسي، فبينت المادة السابقة أن التعليم ركن أساسي لتقدم المجتمع ترعاه الدولة وتسعى لنشره وتعميمه. بهدف رفع المستوى الثقافي العام وتطويره وتنمية التفكير العلمي واذكاء روح البحث وتلبية متطلبات الخطط الاقتصادية والاجتماعية جيل مستنير يعتز بأمته ووطنه وتراثه ويحافظ على منجزاته. والمبادئ الثقافة السالفة الذكر تجد أصلها في الخطاب السامي الذي القاه في 18/ 11/ 1972م قائلا فيه: «أيها المواطنون، لقد كان التعليم أهم ما يشغل بالي وأنا أراقب تدهور الأمور من داخل بيتي الصغير في صلالة ورأيت أنه لا بد من توجيه الجهود في الدرجة الأولى الى نشر التعليم».
وكل هذا يتم في إطار الحقوق والواجبات العامة التي مارسها العمانيون منذ بداية نهضتهم المعاصرة وهذا ما بينه الباب الثالث من النظام الأساسي، ويقف في مقدمة ذلك النص الصريح على أن الجنسية والمواطنه ينظمهما القانون ولا يجوز إسقاطها أو سحبها إلا بموجب القانون المادة 15. كما لا يجوز إبعاد المواطنين أو نفيهم أو منعهم من العودة الى البلاد المادة 16. وأن المواطنين جميعهم سواسية في نظر القانون المادة، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة ولا تمييز بينهم بسبب الجنس أو الأصل أو اللون أو اللغة أو الدين أو المذهب أو المركز الاجتماعي المادة 17.
وكذا فان الحرية الشخصية مكفولة وفقا للقانون ولا يجوز القبض على إنسان أو تفتيشه أو حجزه أو حبسه أو تحديد إقامته أو تقييد حريته في الإقامة أو التنقل إلا وفق أحكام القانون، المادة 18.
وبين النظام في المادة 19 منه لا يجوز حجز أو حبس أي شخص في غير الأماكن المخصصة لذلك والمنصوص عليها في قوانين السجون المشمولة بالرعاية الصحية والاجتماعية.
ومن الأحكام الغاية في الأهمية التي نص عليها النظام الأساسي في المادة 20، فالنظام الأساسي من خلال هذه الماداة منع منعا باتا تعريض أي انسان للتعذيب المادي أو المعنوي أو للإغراء أو للمعاملة الحاطة بالكرامة ويحدد القانون عقاب من بفعل ذلك. كما يبطل كل قول أو اعتراف يثبت صدوره بالتعذيب أو بالإغراء أو لتلك المعاملة أو التهديد بأي منهما).
أيضا من الركائز المهمة جدا التي وضعها النظام مبدأ الشرعية ومبدأ شخصية العقوبة فلا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة للعمل بالقانون الذي ينص عليه، والعقوبة شخصية، لا تشمل غير مستحقها المادة 21. وهناك المبدأ الخاص بقرينة البراءة وهو يعد من المبادئ الدستورية المهمة، فنص المشرع العماني في المادة 22 من النظام أن المتهم بريء حتى تثبت أدانته في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع وفقا للقانون، ويحظر إيذاء المتهم جسمانيا أو معنويا.
أما بالنسبة لحق التقاضي فهو وكما أشارت المادة 25 من النظام حق مصون ومكفول للناس كافة، وذلك من خلال استقلالية السلطة القضائية عن السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية وهو ما أكدته المادة (60) من النظام الأساسي والتي نصت «السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها وتصدر أحكامها وفق القانون».
وفيما يتعلق بحقوق الإنسان وحريته نجد أن النظام يتبع اجراء أية تجربة طبية أو علمية على أي إنسان بدون رضائه الحر المادة 26. كما اعتبر أن المساكن لها حرمة فلا يجوز دخولها بغير اذن أهلها المادة 27، تطبيقا لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها) (النور 37) وذلك تحقيقا لطمأنينة النفس وحفظا لكرامة الانسان. وأقر من خلال المادة 28 حرية القيام بالشعائر الدينية. وعلى صعيد آخر كفل النظام حرية الرأي والتعبير المادة 29، وحرية المراسلات البريدية والبرقية والمخاطبات الهاتفية وغيرها من وسائل الاتصال وعدم جواز مراقبتها أو تفتيشها أو افشاء سريتها أو تأخيرها أو مصادرتها الا في الحالات التي يبينها القانون وبالإجراءات المنصوص عليها فيه «المادة 30».
واستكمالا لبيان تلك الحقوق نصت المادة (31) على أن حرية الصحافة والطباعة والنشر مكفولة باستثناء الحالات المؤدية الى الفتنة أو الاسائة الى كرامة الانسان وحقوقه. وبالطبع فان هذه النصوص رتبت نصوصا لاحقة عبرت عن حرية الاجتماعات وتكوين الجمعيات ذات الأهداف الانسانية المشروعة والتي يحق لأي مواطن الانضمام اليها بلا إجبار ولا إكراه المادة 33.
ثم اتبع النظام الأساسي خطوة أخرى، حين تطلع إلى النظام الدولي، فنصت المادة 36 على (تسليم اللاجئين السياسيين محظور. وتحدد القوانين والاتفاقيات الدولية أحكام تسليم المجرمين).
فهذه الأبواب الثلاثة الأولى من النظام الأساسي وضعت البنى التحتية للدولة في جوانبها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية، وشيدت الركائز التي يشاد عليها الهيكل القيادي للدولة، والجهاز التنفيذي الذي تختاره القيادة نفسها، بموجب الأعراف التي اتبعتها سلطنة عمان منذ بداية نهضتها والتي تحولت في النظام الأساسي بنودا قانونية ملزمة لكل أطراف النشاط السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني.
ويوضح الباب الرابع المعنون بـ(رئيس الدولة) على أن السلطان هو رئيس الدولة والقائد الأعلى للقوات المسلحة. وقننت المادة (41) ما تعارف عليه المجتمع العماني من اعتبار ذات السلطان مصونة لا تمس واحترامه واجب وأمره مطاع وهو رمز الوحدة الوطنية والساهر على رعايتها وحمايتها وذلك لضمان الصالح العام. فقد مضى ما يزيد عن مئتين وخمسين عاما والرأي العام في سلطنة عمان يطبق هذه القناعة ويمارسها فعلا وقولا.
وبينت المادة 58 من الباب الخامس مشاركة المواطنين في الاطار الحكومي والتنموي، فنصت على تشكيل «مجلس عمان» من «مجلس الشورى» و«مجلس الدولة».
وكما أسلفنا سابقا من أن حق التقاضي مصون للكل فالباب السادس تضمن 13 مادة ابتداء من المادة 59 وانتهاء بالمادة 71 انصرفت الى المسائل الخاصة بالقضاء، واهتمت جميعا بتأكيد دور القانون في حماية الحقوق، واستقلال القضاء، ونزاهة القاضي، وتنظيم المحاكم، وتقنين العلاقة بين أطراف الدعوى القضائية، وهم المتخاصمون أصحاب الدعوى، المحامون والقضاة.
وقد نصت المادة 59 بشكل قاطع على أن سيادة القانون أساس الحكم في الدولة، وشرف القضاء ونزاهة القضاة وعدلهم ضمان للحقوق والحريات. وبهذا النص الذي لا يقبل التأويل قنن النظام الأساسي ما تعارف عليه العمانيون عبر التاريخ، وبخاصة منذ بدء نهضتهم في سنة 1970م باعتبار سيادة القانون مصونا لا يمكن المساس به، وكذا نزاهة القضاة التي هي من أرسخ أسس النظام القضائي في الإسلام وهو مصدر تشريع القوانين في عمان، وعلى رأسها هذا النظام الأساسي نفسه. ولعل مما يزيد في تأكيد استقلال القضاء وعدم جواز التدخل في شؤونه، المادة 61 والتي اعتبرت ذلك التدخل جريمة يعاقب عليها القانون، بصريح النص التالي «لا سلطان على القضاة في قضائهم لغير القانون، وهم غير قابلين للعزل إلا في الحالات التي يحددها القانون، ولا يجوز لأية جهة التدخل في القضايا أو في شؤون العدالة، ويعتبر مثل هذا التدخل جريمة يعاقب عليها القانون». واهتمت بقية مواد هذا الباب بضبط مسيرة المحاكم وضمان سير العدالة في أحكامها، كما اهتمت بتحديد الإجراءات الواجب توفرها حين النظر في أي شكوى أو إصدار أي حكم بشأن أي قضية يلجأ بها المواطن الى القضاء طلبا للعدل والانصاف.
ويختتم النظام الأساسي بالباب السابع الذي جاء تحت عنوان «أحكام عامة» وهي أحكام إجرائية لتوضيح علاقة النظام الأساسي ببقية القوانين وسائر المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي سبق وأن وقعتها السلطنة مع الدول الأخرى.
كما جاء التأكيد في المادة 75 على عدم سريان أحكام القوانين الا على ما يقع من تاريخ العمل بها. أما المادة 79 فقد نصت على ضرورة أن تتطابق القوانين والاجراءات التي لها قوة القانون مع أحكام النظام الأساسي للدولة.
الخلاصة
إن من يطلع على النظام الأساسي للسلطنة ويتعمق في دراسته، ويقارنه بالأداء السياسي والاجتماعي والاقتصادي للسلطنة منذ بزوغ فجر النهضة سنة 1970م يستنتج بسهولة أن هذا البلد الذي انطلق في بنائه الحضاري في فترة زمنية قياسية، قد وضع وثيقة دستورية، ما سبق له أن أنجزها على طريق تقنين تجاربه وممارساته المتعلقة بكيان الدولة ومكانتها داخليا واقليميا ودوليا. والمحافظة على كرامة المواطن، وحقوقه الإنسانية.
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions