الشبيبة -*محفوظ بن خميس السعدي:



يخيل لي أن المجتمع المدني بتوضيحاته وما يتبعه من مفاهيم وشرح لمعناه يجد الكثير من الملاحظات الخاطئة من قبل من الذين يتشدقون بهذا المصطلح القديم الجديد، و حقيقة أن البعض ممن يحسبون أنفسهم من مفكري وكتاب هذه الأمة تخونهم أحيانا الذاكرة في تفسير بعض أوجه الصحة من عدمها عند إيراد مصطلح ما ويحبذ هؤلاء تنظيره في بيئة أو مجتمع جديد أو في منظورهم يفتقر إلى أساسيات المجتمع المدني.

ويتصور طرف معين الذود وراء مفردات الكلام وفحوى عميق لبعض الكلمات المنجي لهم من إيضاحات لبعض المصطلحات التي أرى أنها جلبت مع مرور الزمن من الطرف الآخر وهو الغريب عن ثقافتنا وعن بيئتنا وعن سير مجرى حياتنا الاعتيادي بحيث يتم لصق هذا المصطلح ومعناه هكذا دونما تغيير في فهم طبيعة مجتمع ما.

فالذين يطالبون المجتمع العماني بطبيعته النقية بأفكار قادمة أو أفكار قديمة تم إحياؤها ويتم تفسيرها حسب تفسيرات الغرب في الشمال الغني حول مفهوم المجتمع المدني بينما هو متحقق بالضبط في المجتمع العماني. فالمطالبات التي ترد من البعض بالبحث عن مفاهيم جديدة وهي مفاهيم تم تفسيرها ووضعها في الغرب المتمدن من حيث فهمهم للدساتير التعاقدية والاستفتاءات هي ليست سوى وجهات نظر لنظريات أكل عليها الدهر وشرب خصوصا فيما يسير نظم الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وحتى السياسية في الوطن العربي بشكل خاص والعالم الإسلامي بشكل عام.

إن أمثولة المجتمع المدني هي فعلا المجتمع العماني بعيدا عن مفهوم مغلوط غريب عن طبيعة المجتمع العماني فعلى سبيل المثال إن انتشار التكافل والتعاضد عن طريق إنشاء جمعيات أهلية يتم فيها التباحث في شؤون مهنة معينة تمثل مصدر رزق لجميع الأفراد والقائمين على هذه المهنة التي تنعكس بدورها على قطاع كبير في المجتمع لهو فعلا المجتمع المدني في أجمل الصور من جانب اتخاذ القرارات ووضع الخطط والاستراتيجيات لمستقبل هذه المهنة، فجمعية مزارعي الباطنة هي مجتمع مدني حيث ترى أن مجموعة من أفراد تعمل على تطوير الزراعة في الباطنة والمحافظة على بعض المزروعات وحمايتها من الآفات الزراعية والعمل على تقوية وزيادة انتشار نبته أو شجرة منتجة ومفيدة وتكثر بكثرة في هذه المنطقة من الوطن المعطاء فلابد من دعم مثل هذه الجمعية في هذا الجانب والجمعية هي نواة أو أساس للتكتلات الزراعية في بعض الدول مثل الصين والولايات المتحدة حيث هناك جمعية لمزارعي زراعة القمح وتكتلات أخرى في دول معينة مثلا لأشجار قصب السكر أو شجرة الكاكاو أو شجرة البن حيث إن لها جمعياتها التي تعمل على رعاية أسر هذا القطاع .

ومن هذا المنطلق يجب تنمية هذه الفكرة واعتبار رؤاها والمحافظة عليها لأن الزراعة في منطقة الباطنة والمناطق المجاورة تعتبر عصب الحياة وهي النهج والسلوكيات التي تقوم عليه حياة أفراد هذا المجتمع فهي فعلا منهج للحياة تنظم حياتهم ويألفون التعاون والتكافل والكفاح في صورة اتخاذ قرار جماعي ومصيري في تطوير وتنظيم مهنة الزراعة لمنتج زراعي معين هو فعلا ما يصبوا إليه صائدوا الأفكار الغربية في فهم مؤسسات المجتمع المدني التي يتشدق بها البعض بصورة معلنة خلف كواليس المدونات بأنها غير متحققة في دول ومتحققة في دول معينة في أذهانهم بينما طبيعة مجتمع ما ونهج حياته وسيرته كلها تدل على وجود مجتمع مدني حسب تفسيرهما وحسب ما يكون في المجتمع من حياة وطبيعة وتراث وبيئة وعادات. فهل المجتمع المدني له مفهوم أو مفاهيم محددة حسب المجتمع القادمة منه وهو الغريب عن طبيعة مجتمع ما أم للمجتمع المدني محددات معينة طائعة ومتحققة ويأتي تفسيرها حسب معطيات وبيئة مجتمع ما؟.