بنات عُمان / عُمان البنات .. - جديد معاوية الرواحي

    • بنات عُمان / عُمان البنات .. - جديد معاوية الرواحي


      عُمان البلاد / عُمـــــان البنــــــات ...

      حــــرَّاس البكارات / بكاراتُ المحروسة ..







      قبلَ أن أبدأَ الكتابة عليَّ أن أوضحَ ــ مكرها ــ عدَّة أشياء؛ وذلك حتى لا تتداخل الأفكار التي أريد ــ وبشدة ــ أن تكون واضحة للقارئ.


      هذا المَقال لا يتجاوزُ أن يكونَ مشاهداتٍ مطوَّرة بعض الشيء للمجتمعِ العُماني من وجهةِ نظرٍ ذكورية، وإنَّ ما أقولُه هُنا لا يعني التعميم بطبيعة الحال بقدر ما هي ضرورة المُحاولة أن تأخذ صفةً تعميمية، والمُحاولة هُنا محاولة فهم وبعدَ ذلك محاولة دفع، دفع ماذا؟؟


      دفع السوء الذي أفترض أنَّه يحيطُ بنا في كلِّ مكان، يدخل بيوتَنا ويجعلُ من حياتِنا أكثر صعوبةً وأقلَّ ملاءمة للدفعِ بحراك وطنيٍّ حقيقيِّ شاملٍ أرى أنَّه يجب أن يبدأ من المُجتمع نفسِه ومن ضمنِ فئته الأولى المستفيدة والمتضررة مما يحدثُ في عُمان الحالية وعُمان القادمة [فئة الشباب].
      &&&



      سأتجاوزُ الخطابَ الشائعَ الذي يريد الدينيون فرضَه علينا، إذ أفترضُ هُنا أنَّ الدين الإسلامي أو بالأحرى [الإسلام العُماني] اختارَ من الدين ما يحقق رغبات المجتمع تجاه المرأة، المرأة التي سأشير إليها بصفة [البنت ــ البنات] لجوءا إلى لغةٍ أخرى كنوعٍ من التنفيس النفسيٍّ على الأقلِّ بتغيير المفردة المستخدمة وهي خطوة من الطريق الطويل جداً كما أن هذه الفعلة مرتبة مراتبِ التغيير التي قيلت في الأحاديث الشريفة.


      أن يغيِّر المرء بلسانِه، إن لم يستطع التغيير بيدِه، طبعاً احتمالات التغيير باليد في مكان مثل عُمان تقترب من الصفر، السبب ــ ضمن مجموعة أخرى ــ هو حالة الرضى والسكون التي هي شائعة في المكان، وحالة الصمت حيال أية دعوى جديدة من قبل الجيل الأقدم قليلا، الجيل المستفيد استفادةً تامَّة من نهضةِ النفطِ في عُمان، صمتٌ يرين ويجابه به أي [مشروع] شابٍ يحاولُ أن يحملَ دعوةً من دعوات التغيير السلمي وإعادة [موالمَة] النظام الموجود ليراعي الأكثرية الجديدة في عُمان، ولكن لا يبدو أن شيئاً يبعث على الأمل سوى احتمالات المواجهة القادمة، والتي إن حدثت دون تهيئة فسوف تدخل عُمان حالة من حالات الربكة، فبينما الموجودون الآن يعرفون جيدا قيما سياسية ومذهبية وتعاملية وسلوكية وحتى لغوية تُبقى عُمان في هذه الحالة من التسامحِ الاجتماعي والمذهبي والسياسي، ثمَّة فورة غير موجهة في العقول الشابَّة التي بدأ صبرُها ينفذ يوماً بعدَ يوم، فورة قد تتحوَّل ذاتَ يوم إلى مجموعة من السلوكيات الوظيفية والاجتماعية غير المدروسة مما يعني المزيد من المَشاكل والمَزيد من المصائب والمَزيد من الحشد الأمني الذي ـ ولا ريبَ ــ إن كان يحفظ استقرار الدولة، فإنَّ جعلَه الصمام الوحيد للأمان بعيداً عن تحركات وتشريعات فعَّالة تضمن مستقبل هؤلاء كلَّهم، أقول جعلَه الصمام الوحيد لن يكون سوى محاولة أخرى قالَ التاريخ قولَه فيها وما أي دولة عنَّا ببعيد.
      &&&



      قد يقول قائل: المرأة التي خلقت من ضلع أعوج ناقصة العقل والدين هي في النهاية كتلة من العمليات الحيوية التي تجعلها باحثة أزلية عن نطفة تملؤ بها رحمَها لتخرجَ للعالم مولودا بشرياً جديداً يُحفظ به النوع العُماني.


      هذا الفهم الموجود لدى آلاف الرجال، وعشرات الآلاف من النساء، يذهب إلى مستوى [أعلى] كما يبدو لي من التنميط، هي محاولة حزم الفكرة من فوق، ومحاولة إلباسِها ثوباً علمياً داروينياً [أو أم صروميٍّ] أيا كانَ نوعُه، الحديث هُنا ليس في هذا المستوى، المستوى الكلي أو الفلسفي دعونا ننزلُ للأرض بعيداً عن هذا الكلام [1].


      المرأة التي أمامنا هي كائن بشريِّ يولد في عُمان ويتولى مسؤولية إعاشته وحمايتِه وتهيئته للحياة مجموعة من الذكور الذين يسيطرون على الإناث اللواتي يقمن بالشق التنفيذي في عَملية التربية. بعبارة أخرى وفق استعارة أكثر بشاعةً:


      البنت هي بكارة متحرِّكة على الأرض، وهذه البكارة في اللحظة التي تولد فيها حتى اللحظة التي [يخطفها] زوجٌ ملائم مسؤولية جَسيمة على ولي الأمر [الأبِ] الحفاظ عليها [عذراء] بأيٍّ شكل كان، ومن أجل الحفاظ عليها عذراء فإنَّ سلطة المجتمع الذكوري الأبوي تنزعُ للحفاظ عليها بشتى الوسائل معرَّضة بذلك سلامتها العقلية والنفسية إلى اختبارات صعبة قد تجعلها أيضا ممراً ومعبراً لمجموعة من الأفكار المتعصبة تمرَّ منها إلى الجيل اللاحق.


      &&&



      التربية العُمانية للبنات تربية تمييزية عنصرية تجعل من الفتاة كائنا [مختلفاً] وله ظروفٌ [خاصَّة للغاية]، ولم تكن التربية التي ربَّى فيها جيل المولودين في السبعينات أو قبل بناتَهم مختلفة عن التربية السابقة، الفارق أنَّ هناك ما يمكن وصفَه بالتنازلات الإجبارية أو الطوعية أمام معطيات جديدة دخلت البلاد، معطيات مثل التعليم والصحة. فالفكرة هي نفسها مع تغيُّر التفاصيل، صاحبُ البنت عليه في النهاية أن يتأكد من صمود مواصفاتِ بناتِه في سوقِ الزواج، وسوق الزواج عرضٌ وطلبٌ والذي يتعفف أن يستفيد مالياً من زواج بناتِه لا يأمن أن يلقيها في خيارٍ غير آمن، لأنَّه ببساطة لم يهيئها على ذلك والمجتمع لا يتجه إلى جعل المرأة شريكاً كاملا للرجل في كلِّ شيء، تبقى تلكم [الخصوصية] اللعينة حاضرة في الأذهان عندما يتعلق الأمر بالفتيات، يتعلق بهنَّ كنساء ضعيفات مهيضات الجناح، والكل ــ بما في ذلك كثيرات من النساء ــ ينسقن وراء هذه الدعاية الفارغة مصدَّقات هذا [الضعف المزعوم] وناسياتٍ الصحابيات اللواتي شاركنَ في الحروب أو العُمانيات اللواتي كان لهن في يومٍ من الأيَّام دوراً تاريخيا خالداً في عُمان، ينسين كلَّ هذا الإرث ويكتفينَ بتردادٍ مريض للتفسير المباشر لجملة [ناقصات العقل والدين] مقتنعات أنَّهن أدنى مكانةً مدنياً من نصفِ الرجل أو ربعه حتَّى.


      &&&

      كيف نعامل نساءنا؟؟


      الصورة النمطية عن المرأة وما يغرسه المجتمع والآباء عن الأجداد عن أجدادِهم أن النساء [الحريم] كائنات عاطفية تحتاج إلى تعاملٍ دائم بسياسة العصى والجزرة، فهي ــ وفق هذا التصور ــ كائن لا إرادة له يمكنُها في أيِّ لحظة أن تفتح فخذيها لراعي الغَنم إن لم يكن هناك حارس جيِّد لبكارتِها، وتُغرس هذه الفكرة في الذكور [إخوان الفتاة] غرساً شنيعا تجعل من الفتى [الذكر] مسؤولا مسؤولية واضحة وكَبيرة حتى على الأخوات اللواتي يكبرنه سنَّا، فهو حامي الحمى الذي عليه مراقبة الفتاة، وهو الحارس الأمين [والمَحرمُ] الذي عليه أن يرافقَ البنات حيثما ذهبنَ، فالفتاة في نهاية المَطاف ــ وفق هذه الرؤية ــ كائن مشكوك فيه، يمكنُ أن يدخل في [علاقة عاطفية] في أيِّ لحظة كانت، والتصور العُماني عن هذه الفعلة تجعل منها [باحثة عن صفعون] أو غيرِها من الصفات التحقيرية التي تجعل من محاولة أي فتاة الدخول في [حوارٍ] مع أي ذكرٍ غير [محرم] هي محاولة [للتعهر] وتدنيساً لشرف العائلة شرف العائلة.


      الأمر عندما يؤخذ من ناحيةٍ أيضا به نوع من الشك في قدراتِ المرأة، وأيضا به نوع من [الاعتراف] أنَّ ما نفعله بالفتاة في نهاية المطاف لا يمثِّل تهيئة كافية لها للدخول إلى عالمٍ تختار هي فيه خيارَها، خيار المُساكنة والمُضاجعة والمُشاركة الاجتماعية والمالية الزواج كما يسموه في عالم البشر.


      دعوا عنكم الكلام الفضفاض الذي نسمعه هُنا وهُناك، الكلام الذي يقول أنَّ المرأة [جوهرة] يجب الحفاظ عليها من أولاد الحرام.


      كلمة أولاد الحرام تدلُّ على سوء ظنٍّ مسبق وعلى عدم وجود أدنى مقدار من الثقة في البنات، البنت التي حتى وإن تعلَّمت أو تثقفت ــ كما يقول البعض ــ تبقى أسيرة عواطفِها ورغبتِها في الحب !!! يا إلهي هل أصبحت الغرائز شيئا خارجاً عن الطبيعة أم ماذا؟؟؟


      في العصر الحديث يتناول الآباء الآن أشياء مثل التعليم الجامعي، أو حتى التعليم العام على أنَّها [تنازلات] يقدمونَها، وبالطبع لا بدَّ من إشعار الفتاة أن التعليم أو تهيئتها لمستقبل جيِّد ووظيفة تستحقها وفق قدراتها الذهنية، لا بدَّ أن يُقال لها وأن [تُسامعَ] ليل نهار أن هذا من [المعروف والمنَّة والفضل] وليست من الحقوق التي مُنحت إياَّها بحكمِ القانون. هذه فكرة تربوية شائعة في عُمان ولا يخرج كثيرون من ممارسيها عن الجيل الجديد الذي استفادَ كثيراً من الفورة النفطية العُمانية الآخذة في الزوال، يمارسونَها بدأبٍ وبقوَّة وباتكاء شديد على سلطتي الدولة والمجتمع.




      ماذا بعدَ خروج البكارة من المنزل؟؟ لغرضٍ آخر؟؟ إذ الفتاة غير المتعلِّمة الآن يصعب تزويجها بسهولة، ماذا بعدَ أن تكون هذه البكارة في ملعبٍ آخر غير ملعبِ المنزل الذي به حارسة بكارة مثالية، وحرَّاس بكارة ذكور؟؟


      يودعُ الأبُ بناتَه في المدرسة فإنَّ أسواراً مشيَّدة محكمة من الداخل والخارج مصممة دائما للحفاظ على تلكم البكارة عن التلف، ومع وجود مئات الحالات من [السحاق] في الجامعات، وفي السكنات الداخلية للمجمعات وحدوث مئات من ما يسمى بجرائم [هتك العرض] يعيش العُماني حالةَ إنكار تجاه الأمر كلَّه، فهو حتى لو كان يعرف أنَّ هذا [يحصل] إلا أنَّه [يحصل للآخرين] الذين لم يحكموا الطوقَ جيِّداً.


      لا يريد أحدٌ أن يجرَّب إعطاء المرأة المزيد من المساحة لأنَّه يعرف سلفاً أنَّها سوف [تفسد]، وإن لم يكن بها السوء فطري، فسوف يكون السوء لأنَّ أحدا ما [لعب برأسِها وضحك عليها].


      يمكن لكثيرين أن يكابروا، وأن يحاولوا تلطيف الأمر إلا أنَّ الأمر في عُمان بالفعل بهذا السوء، هذا السوء وهذا الإنكار، الإنكار الذي يجعل الفتيات في عُمان غير مصدقاتٍ وغير عارفات ما يدور مكتفياتٍ بالثقة بالأبِ والأخِ الأكبر أو الجدِّ الكبير الذي وعدَّهن كلَّهن أن نهاية هذا النظام الصارم زواج وراحة أبدية.


      يقولون:
      لو أعطينا للفتاة حرية الخروج فإنَّها ستواعد [جعرياً] وإن أعطيناها مساحة في الهاتف فسوف تكلِّم الصفاعنة ليلة نهار، وأمَّا إذا حاصرناها حصارا شديدا فإنها سترضخ مكرهة، وربما تنشغلُ بممارسة العادة السرية كثيرا وانتظار انفكاك الغمَّة، الغمَّة التي هي مخزنة في النفوس، نفوس المئات والآلاف من الشابَّات اللواتي تأجلت ثورتهن طويلاً. وحتى لو افترضنا ــ حسن النية ــ في سعي الفتاة مثلا لإيجاد زوج ملائم، فهي [ليست أهلا لذلك] لأنَّ الجميع خارج إطار العائلة [أولاد حرام] ويريدون الضحك عليها واللعب على ذقنِها وخداعِها من أجل اجتذابِها لأقرب سرير.


      &&&



      حرَّاس البكارات:


      بالنسبة لنا نحن الذكور في عُمان[2] فإنَّ مسؤولية جسيمة ملقاة على عاتقِنا تجاه المرأة الفتاة أو المرأة القريبة أو الأخت أو أياً كانت صفتها.


      المسؤولية تقولُ أنَّ الرجلَ أو الذكرَ الكبيرَ في البيت بعد الذكرِ الأكبر هو المسؤول الثاني عن حراسة البكارات العائلية، وهذه المسؤولية تقلبُ المُعادلة العُمرية، وموضوع الخبرة، فالأخت الكُبرى هي أخت كُبرى حتى تتزوج ويكون لها زوج تكفَّل بموضوع البكارة في وقتٍ سابقٍ، حينَها يمكن للأمور أن تأخذ نصاباً طبيعياً ولا مانعَ أن يتخفف الذكر من ممارسته الذكورية التي تُفرض عليه مذ كانَ طفلاً ليكونَ بالفعل [أخاً] بعض الشيء. عدا ذلك فالذكر التقليدي هو الحارس المثالي لشرفِ العائلة، وشرفُ العائلة هُنا ليس كما قالَ الإسلام أن الزانية تجلد مائة جلدة [وهو حكم يبدو لي قمَّة في الرحمة] وإنما أن تُقتلَ أو تنفى أو تقصى أو تحرمَ من العيش والحياة بشكل طبيعي.


      انظروا إلى جهاتِ العَمل مثلاً.


      ثمة نوعٌ لا يخفى من [الاهتمام] الزائد بالموظفات العُمانيات. مردُّ ذلك ــ بالنسبة لنا نحن الشباب ــ هو إدراك لصعوبة الوضع بالنسبة للمرأة، وكم هو معقَّد وشرسٌ المقاتلة من أجل الحصول على مقعد في وظيفة فضلا عن التعليم، التعليم التي الدولة تفصل بكل بجاحةٍ بين حقَّي المرأة والرجل في نيل التعليم الجامعي.


      هذا الشعور المغروس في الرجل أفرزَ مجموعةً جديدة من المشاهدات ومن النساءِ العُمانيات:


      فبينما تبقى ربَّة البلاد ــ ربَّة بلاد ـ ضمن تجليها الدائم كزوجة تنجب الأطفال، وتشاهد الأم بي سو فور كثيرا وتتأثر بالمسلسلات السورية، تبقى ربة البيت مكانَها محاولة الاهتمام بذلك العش الصغير معتبرةً أنَّ قيمتَها الرئيسية تكون في اعتنائها برجل البيت وبمنزلِها وبأولادِها، فلا يجب إغفال عينِها عن الولد حتى لا يتحرش به الجيران، ولا يجب إغفال العين عن البنت حتى لا تخسرَ بكارتَها.


      هذه الصورة [التي قد تكون النهضة النفطية العُمانية السائرة إلى أن تكون نهضة سياحية] لم تتغيَّر كثيراً، تغيَّرت الأشكال وأصبحت بعض ربَّات البيوت قائدات للسيارات أو مجيدات لاستخدام الهاتف ولكنهن في النهاية يحصرن قيمتهن في الخيار [الآمن]، وهُناك ترى جلسات التعصير المحليَّة موجودةً لتناقش ولتزيد الضغط ولتعلِّم الزوجات الشابَّات كيف يصبحن زوجات مُناسبات، ويقدمن لهن الحيلَ والخدع اللازمة للفراش ــ إن لزم ــ والحيل الاقتصادية لتنكيد الزوج وجعل خيار الزواج من أخرى هدماً للعائلة، هذه الزوجة لا تطلب من الزوج شيئا، لا تطلب أن يكتب البيت باسمِها ولا تطلب أن يودع مبلغاً من المال في حسابِها هي تعيش في كنفِ الرجل عيش طائعا مُختارا ليس لديها سلاحٌ سوى العودة إلى عش أبيها الذي سيرفضها إن [خانت] العشرة أو لم يجد حرجاً على الرجل أنه [يؤدب] زوجته؛ لأنَّ [الحريم] يحتاج لهن شدَّة !!!


      هذه الزوجة هي حارس البكارة المثالي، فهي كانت شابَّة في يومٍ من الأيَّام وحتى وإن كانت مختونة بعنفٍ فإنَّها في ليلة من الليالي حلمت بمضاجعة جارٍ وسيم وأنزلت كثيراً، بل وربما مارست العادة السرية وهي تشعر بانهيارٍ تامِّ وإثم شديد لأنَّها اشتهت ما لا يحلُّ لها في دين المجتمع.


      المَثال 2: المرأة العَاملة، ولا يمكنني أبدا أن أقولَ أنَّ المرأة العاملة هي [الأكثرية في عُمان]، وهي مع أنها ليست الأكثرية إلا أنها الأكثر صخباً وعنفا وشدَّة في مسألة حقوقِها، فبينما استطاعت بعض البنات [كسبَ] زوج جيِّد متفهِّم يمكن التفاهم معَها على بناء حياة مشتركة عادلة، تقع بعضهن في شركِ الأزواج [مال زمان] الذين يطلبون منهن الطاعة التامَّة وتسليم بطاقة البنكِ لتكون في جيبِه ليل نهار.


      لا تفهموني خطأ أنا لا أتحدث عن التفاهم المالي بين الزوج والزوجة الذي يجبُ أن يكون حاضراً، وإنما عن قيام البعض بفعل ذلك منطلقاً من فكرة، والفكرة خطيرة جداً، الفكرة تقول أنَّها [ملك] من أملاكه عليه أن يخضعها إخضاعاً ومن ثمَّ يسيطر على كلِّ تجليات وجودِها.


      &&&



      يزداد المثال تعقيداً مع المرأة التي درسَت، فهي خاضت مراحل كثيرة سقطت خلاله كثيرات لم يستطعن اجتيازَ ما اجتازتْه، ليس سهلا أن تجد امرأة ناجحةً هُنا في عُمان، يجب أن نعترف أن النساء الناجحات هُنا جئن بانتخاب واستبعاد هائل لعدد كبير جداً من البنات. وهذه هي سنة الحياة في النهاية تسير الآلة الاجتماعية بشكلِها الهائل المتداخل غير عابئة [بترسٍ] صغير يسقطُ ولا يصمد أمام الحركة الاجتماعية [السكونية] في عُمان.




      هذه البنت التي استطاعت أن تسير تحت [الرادار] كما يقول الأمريكان، أو بعبارتِنا التي مشَّت شؤونَها بطريقة لا تثير الشك أصبحت المثال الأكثر ضجَّة والأكثر مطالبة بالحقوق، وإن كان هذا بالفعل [يحقُّ لها] إلا أن ملاحظات معيَّنة قد تؤخذ عليهنَّ أيضا، تؤخذ من ناحية العَمل النسوي في عُمان، العَمل الذي حاولت الدولة جاهدة فعلَه منذ بداية جمعية المرأة العُمانية حتى ندوة المرأة على هامش القافلة السلطانية في 2009م.


      لست أدري إن كان يحقُّ لي التشاؤم أو أن أقول أنَّ قضية المرأة أيضا تعاني من المستفيدات منها بشكل كَبير. في نهاية المطاف هذه قضية النساء أنفسهن ويمكن لمن أراد من الرجال أن يدخل اللعبة أن يفعل ذلك ولكن لسببٍ آخر أوقنُ أنَّه ليس السبب الرئيسي.


      &&&



      أين المعضلة طيِّب؟؟ يبدو أن المجتمع يسير بخير .. أعني كيف تقول لنا أننا في مشكلة ونحن نرى أننا نعيش وننجب ونتزوج؟ الستَ تبالغَ في كلامك؟؟


      حسنا سأصفق لصاحب السؤال وأشكره على سؤاله المهم، نعم أنتَ [تعتقد] أنَّ كل شيء بخير ويسير على ما يُرام، وربما تكتفي بأن تشاهدَ الفتاة العُمانية وهي تسطَّح أكثر مما يسطحها الإعلام الموجود في بيتِها، ربما تصبرُ على مطالبِها ورغبتها باستئجار فستان لحضور عرس تدفع فيه نصف راتبك، أو تصبر على عدم مشاركتِها لك الدربَ إلى تحقيق الحلم العُماني، ولكن بعد سنوات قليلة عندما تكتشفان أنَّك وهي لن تستطيعا إيجاد شقَّة تتزوجان بها وسوف يقف أمامَك والدها يطالبها بكلِّ ما دفعه لها منذ أن كانت طفلة [حتى مصاريف الرضَّاعة وهي طفلة] وتكتشف أنَّ الزوجة التي اعتقدتَ أنَّها المخرج هي [عبء] جديد، عندما يحدث هذا سوف أذكِّرك يا صديقي بأمنيتنا المشتركة أنَّ تكونَ المرأة [حرَّة] في خياراتِها الحياتية والوظيفية حرَّة لأنها [مهيأة] من قبل العائلة والمجتمع والدولة لفعل ذلك، وليست مسيَّرة وفق رؤانا التي تبالغ في الاحتياط ولا تريد المغامرة.


      يصعب علينا أن نعترف أننا دولة [طفلة] مقارنةً بالدولِ الأخرى، نعم هل يزعجكم هذا الاعتراف؟


      نحن دولة طفلة من حيث جدَّة كلِّ شيء، لاحظوا أن آباءنا لا يزالون ضمن خطابهم الحنيني القَديم القائم على شكرِ الدولة [المنقذة] التي رفعت مستويات العيش إلى أفضلِها مذ عُرفت عُمان. ما الذي أريد قولَه من وراء ذلك؟


      ما أريدُ قولَه أن الوضع تغيَّر الآن، في السابق كان الوضع يمشي كما يلي:


      من جهة البنت: يعبِّر عن موقفِها وعن قرارِها وعن كلِّ شيء والدها أو الذكور الآخرين في البيت، وهي لها سلطة [الرفض فقط] وتؤخذ الموافقة بعدما يتأكَّد الأبُ والذكور الآخرون أنَّ هذا الزوج ملائم.


      الزوج: عليه أن يتأكد أنه اختارَ فتاةً تناسب مستواه القبلي والتعليمي والمادي، وعليه أن يخوض اختبارات اجتماعية للقبول به.


      أليس هذا الزواج التقليدي في عُمان؟ وحتى وإن كان بين الفتى والفتاة علاقة سابقة فإنهما مضطران لخوض هذا الشكل الاجتماعي للزواج، طبعا هناك حالات قليلة جدا جداً تلجؤ فيها البنات إلى القاضي لكي يدفعن عن أنفسهن أباً مستغلا يرفض تزويجهن، أو أخا متسلطاً يريد الإبقاء عليهن خادماتٍ في منزله، أو ببساطة ولي أمر لا يجيد هذه اللعبة فيكتفي بالرفض مرة تلو الأخرى. هُنا الحالات تتعدد بشكل كَبير ولكن الفكرة نفسَها. الطريقة العامَّة تضيق عن حاجات الوضع القائم ..


      لماذا أصبحت هذه الطريقة غير ملائمة؟


      حسنا يا شباب، دعونا نقرُّ أن واضعي السياسات والشروط والأحكام في المجتمع العُماني ليسوا نحن، أنتم تعرفون ذلك؟؟ أليس كذلك؟؟ لسنا من يحدد الشروط والمواصفات للعيش.


      وضعت معظمها ــ وأقصد فيما يخص التشريعات المنظمة للأحوال الشخصية ــ في وقتٍ كانَ فيه الآباء الشيَّاب يرون أبناءهم يعملون في الدولة ويجلبون المال ويأخذونَهم إلى المستشفيات.


      كان الزمان الجَميل يمكِّنهم من اختيار الزوجة حسب هواهم أو حتى الزواج بأكثر من واحدة، الزمان الجَميل الذي كان البيت يبنى فيه بعشرين ألف ريالٍ عُماني والسيارات نصف قيمتَها الحالية.


      نحن الآن ندخلُ في مفترق طرق هائل، فالطريق مثلا إلى زواجٍ تقليدي ملائم أصبح أكثر صعوبةً إن أخذنا باشتراطاتِ [أولياء الأمور]، ولي الأمر يريد مصلحة فتاتِه وطبعا لا يريد التفريط بها، ولكن في الدنيا عرض وطلب، والمنطق يقول أن وجود آلاف الفتيات في السوق دون مؤشرات حقيقة على زواج قريبة يعني وجود آلاف العلاقات بين الفتيان والبنات، وكذلك وجود آلاف الذكور في المجتمع بدون مؤشرات حقيقية لتحقيق الحلم العُماني [الوظيفة ــ السيارة ــ الزوجة] يجعل من احتمال وجود آلاف العلاقات قائماً ودائما.


      أعني هُنا لا يمكننا أن نقف ونتشدق بأي شيء، نحن نتحدى الرغبات البدائية الأولى في الإنسان، الرغبات التي من أجلها قامت حروب وانتهت دول، الرغبة في الجنس الآخر !!


      وفي ظلِّ غياب خطاب أخلاقي مقنع، وفي ظلِّ غرق الخطاب الديني في مسائله الخاصَّة والتصاقه الجنوني والاضطراري بالسلطة وربما تنظيمِه الذي تجاوز الخطوط الحمراء التي منحته إياها الدولة، وفي ظل غياب كتابة حقيقة أو مفكرين اجتماعيين حقيقيين يجابهون هذه التغييرات الاجتماعية ببث أفكار قوي يمكنه إقناع العدد من الشباب الموجود في السوق بلا مستقبل مثل آبائهم، ناهيكم عن الدولة التي لا أحد يعرف رأساً لها من رجل، في ظل غياب كل هذه العوامل [المؤثرة] عليهم يصبح من المنطقي للغاية أن ندخلَ في العصر الجديد الذي قد نختلفُ في تسميتِه ولكننا نتفق في الخوف منه عصر الفوضى الاجتماعية التي بدأت مؤشراتِها المرعبة بالظهور [السرقات ــ كثرة عدد الغبون ــ ارتفاع قضايا هتك العرض].


      لا أحد منا يريد أن تتحول عُمان ــ هذا المجتمع المُسالم المحافظ ــ إلى حديقة حيوانات يقفزُ فيها المرء على من يشاء.


      الطرح هُنا ليس طرحاً موغلاً في التحررية، التحررية التي أنا مؤمن أن عُمان أصلا ليست بحاجة لها وإنما [الأمور سائبة بما فيه الكفاية سلفاً] ولكنَّ طرح لإعادة التساؤل حول الموقف التفاوضي المضطرب بين الرجل والمرأة، المرأة التي هي الآن في طريقِها إلى أن تكون قوَّة اجتماعية فاعلة ومُِشاركة [فعلاً] وضرورةً وليست مُشاركة من باب اختلاف وجهات النظر أو المساحة التي يعتقدُ البعض أنَّها [ممكنة لأنه يريد ذلك].




      ولا توجد أصلا تجربة اجتماعية تهدي هذا العدد الهائل من البشر إلى أخلاقيات العلاقات، حتى الشباب المتعلمون الذين يتشدقون كثيراً بالمثل والقيم لا مشكلة لديهم في الخوض في مئات العلاقات بينما لو عرفوا أن أختَهم تحدِّث ولداً في الهاتف جنَّ جنونهم وهددوها بسكين المطبخ بمشاهدةٍ فخورةٍ من الأبِ الذي اطمأنَّ أنَّه بعدما يموتُ فسوف يتركُ حارساً جيداً لبكاراتِ بناتِه، التناقض الذي يبرره البعض بأنَّه [من سمات الشرقية] دون أن يرى أو يستشرفَ المستقبل وفداحته بالنسبة للذين يستفيدون من الوضع القائم بآلاف الطرق الممكنة.


      طيِّب ماذا لو لا سمح الله [أخطأت الفتاة]؟


      إن دخولَ فتاة في علاقة جنسية مع فتىً هو أمر متوقَّع للغاية في مجتمعٍ مثل هذا، أعني من الطبيعي أن تكون هناك حالات [فلات] من القيود الموجودة حاضرةً في المجتمع. ومثل هذه الحالات تلجأ إلى الخدع المتعارف عليها في اليوم الموعود. وبينما يقول الإسلام [مائة جلدة] يقول المجتمع أن عليه أن يسترَ على الفتاة بأيِّ شكلٍ كان، ويقولون ــ والله أعلم ــ أن بعُمان عيادات للإجهاض بالأدوية إن كان الطفل في شهرِه الأول، والله أعلم بالصواب على الأقل سوف يوفِّر هذا على الشباب مصاريف السفر بالصديقة إلى تايلاند.


      المشكلة تصبح أكثر تعقيدا من عدَّة نواحي:


      1- إنَّ اليومَ الموعود يتأخَّر، والأب أو الأخ أو الجد فشلَ في الحفاظ على وعدها [بتزويجِنا] إن لم ننجح في الدراسة، والشيء الذي كان تهديدا [التزويج] أصبحَ اليوم أملاً وهدفاً وعليه سأنصت أنا إلى نداء جسدي ورغباتي وإمَّا أن أتخذ حبيبا لأقنعه بالزواج أو أفعل أمراً آخر.
      2- الشباب لهم شروط مختلفة اليوم، والوضع القائم في عُمان ليس مع تعليم المرأة، الآن الفتيات المتعلمات قليلات، ولكي أدخلَ الجامعة كفتاة عليَّ أن أحصل على نسبة خارقة جداً، ولا أحد يبدو أنَّه يوافقُ على تركي أدرس بسهولة.
      3- إنَّ العدد الهائل من [20-30] سنة من غير المتزوجين يزيد، والزواج يصبح أكثر صعوبة مع الوقت، أعني بربِّكم نحن ننوح منذ أربع سنوات أن تنقذنا الدولة من استغلال مؤجري العقارات دون فائدة فهل سننتظر من دولة مثل هذه أن تتدخل لتسهيل الزواج بين أفراد المجتمع الذي ترأسه؟؟






      تبدو البنتُ نفسَها في حالة إنكارٍ لما يدور، ولسن قليلات اللواتي عانين من الصدمة الأولى، هل أقول لكم ما هي؟؟


      الصدمة هي العاشق الأوَّل الذي يتضح أنَّه [ضرِّيب] محترم نالَ منها ما نالَه بعدما فرش الأرض ورداً، ليست البنت غبيَّة هُنا لأنها صدَّقت، ولكنَّ إرثا هائلا وراءها لا يأتمنها على هذه المعلومة. لم يرد أن يعطيها [ألف باء] الرجل وأننا كرجال [نحب الذهاب للسرير] أو أننا كرجال [لا بأس أن نكذبَ قليلا من أجل ذلك !!!].




      قيلَ لها سوف [نزوِّجك] قريباً وثقي بنا ونحن نفعل ما بوسعنا لصالحِك، ولكنها ترى أمامَها الأخَ الأكبر والأب والجدَّ غارقين، هذا يتزوج بسرعة والأب يتزوج أخرى تكبرها بخمس سنوات والجد يذهب للهند ويتزوّج هندية يستمتعُ معَها بما بقيَ من عمرِه.


      هذا الإرث الآن عاجزٌ عن متابعة تصرفاتِها أو خروجِها، هذا الإرث الذي نجد فيه أباً يعمل في السوق وله عشر بنات يرجعن للمنزلِ دون أن يسألهن من أين أتيتن بكلِّ هذا، يصمت لأنَّ الإجابة مفزعة ولا يريد أن يسمعَها.


      &&&



      المرأة مشكلة صنعها الرجل:


      دعونا نكون صريحين قليلا ونتوقف عن النفاق العلني الذي نمارسه على أنفسنا، نحن الرجال بنا هذه الرغبة.


      وأعتقد أنها درست على مستوى [دارويني] إذ وجد أن الحيوانات التي تتناسل مع رفيق واحد تغيِّره بينَ فترة وأخرى، هذا لا يعني أن الإنسان الذي أكرمَه الله بالخلق مثل الحيوان، ولكنَّ التشابه السلوكي قائم أيضا بين الإنسان والحيوان أليسا كلهما من خلق الله. دعوني لا أتفلسف ..


      نحن الشباب أيضا بنا [رداوة] ، ونعرفُ جيدا أننا المستفيدين الرئيسيين من الوضع.


      لا مشكلة لدينا أن نواعدَ ما شئنا من البنات، ولا خجلَ حتى أن نضاجعَ من شئنا من اللواتي ينتظرن قرار [الزواج] بفارغ الصبر، ولا مانعَ أبداً أن نتدخل من أجل صديق كي نقول له: احذر تلك الفتاة التي تريد الزواج منها [مخاساية] من قبل.


      أيضا لست بصدد اللوم، فنحن أيضا لا تجربة لنا وكل هذا الوضع جديد علينا، أعني بربِّكم الجيل السابق جاء في عصر عُمان [الصغيرة] التي كل عائلاتها تتعارف، والجيل الحالي جاء في عصر البنات الجديدات والاختلاط الجديد عليهم، لا نحن ولا هنَّ لدينا الوعي الكافي لإدارة علاقاتِنا مع أنفسنا أو غيرِنا، نعرف فقط أن نضربَ العضو التناسلي حيث استطعنا، سواء من القُبُل أو من الدبُر [الممارسة الشائعة حالياً] ومع التشديد الأمني في شوارع مسقط والبلاغات الأهلية على السيارات المشبوهة يبقى أمام أصحاب العلاقات فرصة وحيدة لممارسة الجنس هاتفيا، الهاتف هذا الشيطان الذي لا يمكن دفعَه أو تجاهلَه الآن. لا يمكنُ أن تتوقع من الكبت إلى محاولة تفريغ؟ هذه سنة الأشياء هل قالوا لكم أنكم تعيشون في عصر الصحابة؟؟


      ومع أننا أيضا كشباب نرى ذلك ونمارسُه، نصمتُ ونكتفي بمشاهدة ما يحدث دون أن يكون لنا حتى [تعليق] نخفي به سوءة هذا العصر المخيف، لذلك أقول بنا [رداوة] وهذه رداوة طبيعية، رداوة المستفيد من الوضع.


      &&&

      هم/ نحن



      يتفنن الجيل السابق في تهميش المرأة ومعاملتها كما لو كانت متاعا زائدا، فليس من الحاضر كثيراً في عُمان أن يتدخل المجتمع للحفاظ على الوحدة العائلية، ليس من المطروح أبداً.


      ليس من الممكن إخبار زوجَة أن زوجَها الذي تعرفه جيداً [عايش حياتَه] ويضاجع العاهرات في المغرب وفي تايلاند، وبالطبع أي رجل يريد أن يكون تحت هذا الحصار؟؟ أعني كما قلت لكم نحن الرجال بنا هذه [الرداوة] التي أشكُّ أنَّها فطرية.


      ذاكَ كان أيام الزمن الجَميل، يوم كان أبناء النهضة النفطية في عُمان قادرين على الزواج من أخرى في غمضة عين، وقادرين على تأجيل قسط


      &&&



      ثمة مستفيدون من هذا الوضع والخاسر الأكبر هي المرأة العُمانية، وما يؤسفني أكثر أنَّ قضية المرأة نفسَها أصبحت سلعة رائجة لمن يريد المُتاجرة بها، فمن جهة المتدينون يريدون الدخول وكسب هوى المجتمع من هذا الجانب، فالفتاة المطوعة من النادر أن تنصت لنداء جسدها وإنما ستشغل نفسها بالدين [ولا أخفيكم هذه فكرة ناجحة جداً]، وقضية المرأة [مقاربة] اجتماعية ناجحة من قبل الفئات الدينية.


      الدينيون: نحن سنحمي بناتِكم وسوف ننادي بالزواج المبكر وسوف نخفض المهور.


      الخطاب الثقافي: نحن ننادي بتحرير المرأة ومنحها حق الذهاب للحانة أسوة بالرجل.


      أما الحكومة فتقول لهم [أنا أعلم بناتكم ولكنني لن أدع الكفة لهن سوف أفرِّق بين الذكر والأنثى وحتى النظام الأساسي لن أعمل به من أجل خاطرك يا مجتمع].


      والخطاب الأخير الأكثر قوَّة [كما يبدو لي] هو خطاب الفضائيات والتلفاز الذي يقفزُ بهذا المجتمع مئات السنوات للأمام إلى [الحالة العالمية] دون تمهيد يذكر. الخطاب الذي يعتقد البعض أنَّه خطاب [أمريكي] بينما هو خطاب الشخصية العالمية الجديدة الذي يخترق كل الثقافات والشعوب لأنَّ ببساطة يخطب هوى الشباب ويحقق لهم رغائبهم [ربما !!]


      &&&



      لسنا بتلك القوَّة ..


      يمكنكم كما يمكنني سرد عشرات المشاهدات الاجتماعية المؤلمة للغاية، هذه المُشاهدات التي يرفض فهمَها وإنما توضع في ألفِ سياق.


      مثلا: لدينا فتاة اسمها [حوَّاء] قد مارست الجنس من رجل اسمه [آدم]، بالطبع سبب ممارسة حواء الجنس مع آدم هو وجود [حب] وحواء هذه تربية مسلسلات مصرية ومسلسلات أم بي سي فور مما يجعلها قابلة بسهولة لتقبل فكرة [الصديق]. ولكن مهلا ...


      حواء أيضا فتاة عُمانية مغروسٌ فيها غرساً مجموعة من الأفكار المتحفظة، فهي عندما تُمارس الجنس ليست تمارس نداء جسدها ورغبتها الطبيعي، والذي نظمه المجتمع والأديان منذ أزل طويل، لا هي أيضا تُمارسُ الزنى، وبذلك تصبح عاهرة، وحينا لا تستغرب أن ترى هذه الحواء وقد ضاجعت نصفَ الحارة والشباب وحارس العمارة لأنَّ الأمر بالنسبة لها لم يعد مفزعاً، قد خسرت بكارتها سلفا فما لديها لتخسر؟؟ قيمتها؟؟ اضحكوا معي على هذه القيمة المنحصرة في هذا الغشاء. واضحكوا كثيراً على ما نحن مقبلون عليها، هل تعتقدون أنَّ هذه الفتاة سوف تسكت؟؟ هل تعتقدون أنَّ صدرها الموغر ضدَّ كل تجليات المجتمع المحافظ سوف يبقى كما هو؟ هل تعتقدون أن طردَها من البيت أو نفيها سوف يقتلها؟ سوف تجد وظائف كافية في مقاهي شيشة مثلا، أو تجد من يستغلها وستعيش وذاتَ يوم ستجد وسيلة للعودة للمجتمع كنموذج مختلف تماماً، مختلف شكلا وكيفاً، ستقولون مجنون؟؟ سوف أذاكركم بعد سنوات.


      &&&



      أرجوكم لا تفهموني خطأ وتقولون هذا طرح ليبرالي ينادي بالمشاعية الجنسية. أعني المشاعية الجنسية موجودة سلفا في عُمان ولا تحتاج إلى نداء ومن يريد ممارسة الجنس مع فتاة لا تقفز عليه الشرطة البيت إلا إن تم تحريك البلاغ من قبل ولي الأمر. بصدق لا أنادي بذلك ولطالما فُهم من ينادي بإعادة النظر في [قيمة المرأة في المجتمع] بأنَّه من مروجي الانحطاط والفساد.


      الدعوى التي يرفعها هؤلاء في وجوهنا أنَّكم [ضحايا المسخ الأمريكي] طيِّب وعلى فرض أننا ــ ونحن لسنا أبدا كذلك ــ من ضحايا هذه الشخصية العالمية التي تسوقها هوليود، حسنا ونحن من ضحايا هذا الاتجاه العالم من المذنب هُنا؟ نحن أم أنتم؟؟


      منذ الأزل والمجتمعات ترتِّب نفسَها بالزواج المشروع وجعل العائلة الوحدة الملائمة للمجتمع، هذا منذ الأزل ولن آتي أنا أو غيري لنغير ذلك، ولكن المهزلة التي تحدث الآن يجب أن يتصدى لها أحد.


      على المستوى الشبابي أشعر أن لدينا مشكلة حقيقية وكبيرة للغاية، ونحن ضمن هذا الجيل الذي جاء وهو غير قادر على فهمِ ما يدور. ولا الذين من قبلنا يعرفون كيف يدربونا على ما سيحدث لنا بعد الانفصال عنهم.


      من جهة. آباء لنا يحذروننا من الأفلام الإباحية وقد يكون كثيرون منا تجاوزوا هذا الأمر، ومن جهة أخرى يأتي لخطبة بنت من بنات العائلة من هو زميل لها في الدوام ومع ذلك نقنع أنفسَنا أنها [رآها فدخلت قلبَه] وننكر أنه يوجد احتمال أن بينهما علاقة، ننكر لأن ذلك يجعل البنت التي هي من [حرمِنا] مساءلة أخلاقيا لاستخدامِها الهاتف النقال خارج الغرض الذي [سمحنا] لها باقتنائه.


      حتى هذه اللحظة نحن في مستوى من النقاش يقول [هل ترضى لأختك أن تكلم شاباً على الهاتف]؟؟ هذا المستوى الذي يربكُ القائل فهو لا يستطيع أن يقول: نعم، لأن ذلك سوف يفتح الباب للسفهاء للنيل من أبرياء لا علاقة لهم بما يناقشه من أفكار، وإن قال [لا] أغلقَ باب النقاش، طيِّب ماذا لو جاء أحدهم وقال نعم: أرضى لأختي أن تكلم زميلَها في العَمل في الهاتف، وأرضى لها أن تتواصل مع إنسان تحبه وتريد الزواج منه لأنَّ هذا طبيعي، لو جاء أحدهم وقال ذلك ماذا ستقولون له؟ [واحليلش بختش باه] حسنا يمكنكم أن تبقوا في هذا الإطار طول حياتِكم هل تعتقدون أن المرأة ستصمت؟؟؟


      حسناً هل يدهشكم لو قلت لكم أنَّ الأمرَ الآن أصبح عادياً للغاية بين الشباب؟ ربما ستنكرون وتقولون: أنَّا وبعدني راعي سمحاء.


      ما يدهشني بالفعل أن الوعي بموضوع [العلاقة الشريفة] بين الرجل والمرأة موجود في الفئة التي يتوقع المرء أنَّه أكثر الفئات [تشددا] ألا وهي فئة المتدينين، وشخصياً ــ وإنني الآن في طور تغيير صورتي الذهنية عن هذا المجتمع ــ فوجئت كم الوضع مختلف وأقل تأزما، أعني في نهاية المطاف الهاتف وسيلة وما يقال في الهاتف أيضا محكوم بالشرع، حسناً ماذا عن الدعوة إلى [التعارف] الشرعي من أجل الزواج؟؟ هل هذا حرام وفق التصور الديني؟؟ يبدو أن المطاوعة أكثر تقبلا لممارسات الزواج على الطريقة الحديثة لأنَّ الدين لا يحرِّم ذلك ببساطة ..


      طبعاً هذه السلوكيات الاجتماعية الجَميلة التي يفعلها المتدينون لا تخلو أيضا من إساءة استخدامِها من قبل البعض فلا بشر كاملين، ولكن الفكرة هُنا يا جماعة الخير الفكرة، لدينا نحن مشكلة حقيقية، مشكلة مع نسائنا العُمانيات، مشكلة كبيرة للغاية.


      الفتاة العُمانية الآن:


      وهُنا سأدخل في حقل الألغام الذي أنا أحمق بما فيه الكفاية لدخولِه. حسنا الفتاة العُمانية الآن ولا سيما المتعلمات لا يبدو أنهن يدركنَ جيداً أنَّهن [مُشاركات] في الوضع المزري، الفتاة التي تعيشُ حالةً من حالات الخواء والسطحية والتي حتى وإن تعلَّمت فإن جزءا كبيرا منها غارقٌ في العقل العُماني القديم، العقل الذي يقول لها [تراني بنت في نهاية المَطاف] والعقل الذي يدفعها في قمَّة الهلع إلى الاتصال بأقرب رجل لها ليوقفَ زميلَه في العَمل عند حدِّه إن تجرَّأ وناداها باسمها الأوَّل.


      هل سيزعلكم هذا الكلام؟ أن الموجودات حتى في الدولة من النساء لا يفعلن شيئا من أجل غيرهن، بل اكتفين تماما بتطبيق المثل [يوم تسلم ناقتي ما عليَّ من رباعتي] وربما نسين أن ابنَ تلك البنت زميلتها في الثانوية العامَّة والتي أحرزت [84%] وفشلت !! والموجودات ولا سيما من الأديبات والمثقفات لا يتوقفن عن العبادة في محراب الدولة التي منحتهن كل ما لديهن الآن .. هل ستزعلون لو قلت ذلك؟؟


      قلتُ هذا الكلام من قبل، أن مشروع دعمَ المرأة ليس هدرا أن يضيع المرء في عمرَه. أقول هذا من أنانية استعلائية إذ يمكنني أن أقول أنني اكتفيتُ من العَملَ في النساء القريبات وذات يوم سأتزوج وعلى امرأة أو منظمة أو مؤسسة أو حتى الدولة إدارة موضوع المرأة بشكل مختلف، دعوا عنكم الكلام المقزز الذي نسمعه من الجَميع أن الدولة هي كذا والدولة كذا، وهي المخلِّص الأوَّل، الموضوع بحاجة لمراجعات كَبيرة وإلى موقف وقراءة وفهم ودراسة ونقاش وتفاوض.


      الذي يحدثُ الآن أن الأمور تنفلت، المعيشة تصبح صعبة للغاية، والقانون يلاحقُ أولياء الأمور، والقاضي موجود إن أكرهنَ على البغاء أو منعنَ من الزواج من الرجل الملائم، كذلك الإبقاء على البنت في البيت لم يعد خيارا مطروحاً، الإبقاء عليها يعني أن تكسد ويعني أن تضاجع ابن الجيران فلم يكلِّف القدماء أنفسهم غرسَ هذه الفكرة، قلَّة فقط فعلوها ومع ذلك يعانون كثيرا مما فعلوه، ويقولون ليتَنا فعلنا كما فعلَ آباؤنا.


      الموضوع من كلِّ جوانبِه متأزِّم، والمرأة نفسَها تزيدُه تأزما بهذا الضعف وهذه [التغلويجة] الزائدة عن الحد. تزيده تأزما عندا تستمر في طرحِ نفسها ككائن صاحب [عذابات / ومشاكل] وكائن محروم يريد حقوقَه الجنسية، الموضوع متأزم عندما تقع كائنة مثل بسمة مبارك أو أميرة الطالعي، أو فاطمة الشيدي في حزمة من التكهنات المَريضة لا لشيء بل لأنَّهن جئنَ بنداء يحاول تخليص هذه المرأة من الفخ المُرعب الذي تتكاتف ظروف كثيرة لجعله أكثر فداحة وسوءا.


      هل ستقولون مجنون؟


      حسنا قولوا مجنون، ولكننا نرى جَميعا ما يحدث من تغيرات وتطورات في الوضع العائلي، والدولة لا تفعل أكثر من التدخل بعدما يطيح الفأس في الرأس، هذا دأبها وكما يبدو تلك ثقافة المنطقة التي أيضا تصلها روائح البواليع في المنطقة العربية التي تعفَّنت حتى آن تعقيمها.


      نحن الرجال لن نفعلَ شيئا ولن يتحرَّك ساكن حتى تخرج النساء أنفسهن من هذا السخف والغباء الذي يمارسنَه على أنفسهن، السخف والغباء الذي يدمجنَ به الرؤى الحديثة والقديمة في مسخ سلوكي ونفسي لا يمكن هضمَه أو قبولَه فهي تريد أن تكون كائنا منعماً معتنى من قبل الرجل الذي عليه أن يكون الرجل البدائي جالب الطعام، ولكنها أيضا تريد أن تكون في الوقت نفسه صاحبة حقوق ورؤى وأفكار وتطلعات. تريد الشيئين ولا أدري أهي اللعنة التي أحاقت بالمولودين في الثمانينات، أم مواليد التسعينات أكثر سوءا وفداحة؟؟؟ لست أدري على الإطلاق.


      &&&



      يمكنني تماما أن أقول أن الفتاة [أكثر من بكارة] هذا شيء بديهي وطبيعي، كما يمكن أن نتوقع جَميعا أن أي مرحلة لا بدَّ وأن يكون لها ضرائب.


      نحن اليوم نعيش عصر المشاعية الجنسية التي تفرض نفسَها بقوَّة هائلة، ونعيش عصر الهاتف النقَّال وقد بدأ العصر السابق بالفوات. يمكننا أن نصمت وننتظر حتى يقرصنا الأمر في يدينا ونضطر حينها للتحرك، أو يمكننا أن نبدأ من الآن في القول والترداد الدائم للذين سبقونا أنَّ [العصر تغيَّر] يا جماعة الخير، العصر لم يعد كما كان ..


      المرأة الآن وحدَها لا تعي ما يحدث لها، تخاف أن تعطيك رقمَ هاتفها وكأنَّها لا تثق في نفسِها أصلا أمامَك، لا تثق أن تقول لك اسمَها عندما تتصل وتقول لها [من معي؟؟] تُراسلك في الإيميل باسم مستعار تكتب في المنتديات باسم مستعار تمارس الجنس عبر الماسنجر باسم مستعار، وتعرض نفسَها باسم مستعار، وتحب باسم مستعار وتغرق في حياة مزدوجة لأنَّها لا تريد الوقوف بوجه من يعدونها بالحياة المثالية ولن يقدروا على تحقيق وعودهم. المجتمع نفسه يدرك هذا التغيير ويراقبه باستسلام وينتظر اليوم الذي تزور فيه المصيبة بيتَهم.


      في نهاية المَطاف .. سينجح أناس ويفشل آخرون، ينجح البعض ويستفيدون من الوضع ويريدون أن يستمرَّ، ويفشل آخرون فيحنقون على الوضع ويكونون مشاريع بشر يتذمرون طوال الوقت من العمرِ الذي كان يمكنه أن يكون أجمل لولا هذا السكون الاجتماعي الذي يجب أن ينتهي ذاتَ يوم !!!!







      [1] - أحدهم يقول ذلك دائما ولست بصدد ذكره هُنا.

      [2] - السرد يستدعي التعميم، ولكنني لا أعمم .. زين قلت لكم لاااااااا أعمم ...






      المصدر : مدونة معاوية الرواحي


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions