هل الحل هو في تأنيث المناصب العليا

    • هل الحل هو في تأنيث المناصب العليا

      عُمان -*حمدة الشامسية:



      منذ أن بدأت بوادر الأزمة المالية في نهاية عام 2008م والاتهامات حول المتسبب فيها يتم تقاذفها، فتارة تتهم أمريكا بسياساتها المالية المتحررة، وتارة يلقى باللوم على المؤسسات المالية، وتارة على السياسيين وتارة على علم المحاسبة بإدخاله لوحدات قياس غاية في التعقيد وهلم جرى، ومؤخرا ظهرت بوادر حرب جديدة أبطالها (الذكورة) و(الأنوثة)، إذ يرى البعض أن الرجال هم المتسببون في الأزمة بسبب سياساتهم المبنية على المخاطر، وتجاوبت مجموعة كبيرة من المؤسسات بأن رفعت عدد أعضاء مجالس إداراتها من الإناث، أو عينت نساء في المناصب العليا، كما تبنت بعض الحكومات اتجاهات مماثلة مثل أيسلندا كما ذكرنا في مقال سابق على هذه الصفحة.

      والجديد في الموضوع هو كتاب اشترك في تأليفه كل من: كلير شيبمان كبيرة المحررين الصحفيين لبرنامج (صباح الخير أمريكا) الذي تبثه قناة اي بي سي الاخبارية، وزميلتها كيتي كي مذيعة برنامج بي بي سي (أمريكا)، الذي تبثه قناة بي بي سي العالمية من واشنطن، وعنوان الكتاب المثير للجدل: (Womenomics) والعنوان كما تلاحظون هو مزيج من كلمتي (نساء وإقتصاد) دمجتا لتكونا كلمة واحدة، وقد أرادت الكاتبتان أن توصلا رسالة على ما يبدو من خلال العنوان، بأن الحل في يد النساء، من خلال الدعوة لتعيين عدد أكبر من النساء في الشركات، من أجل تحقيق أرباح أكبر، فهما تؤكدان بأن الشركات التي توظف عددا أكبر من النساء تحقق أرباحا أكبر، مستندتان على مجموعة من الدراسات الحديثة في هذا المجال منها دراسة أعدت من قبل جامعة بيبرداين الأمريكية على 215 شركة من الشركات الأمريكية المدرجة في قائمة الـ500 فورتشين خلال العقدين السابقين، حيث أظهرت الدراسة أن الشركات التي توظف نساء في المناصب القيادية تتفوق على غيرها من الشركات في الأرباح بـ116%، وهي النتيجة ذاتها التي توصلت إليها دراسة مشابهه قامت بها جامعة كاليفورنيا، حيث أظهرت الدراسة أن الشركات التي تعين نساء في المناصب العليا تتميز بعلاقات متينة مع موظفيها وزبائنها بشكل أكبر عن مثيلاتها، إضافة إلى أرباح أكبر، وفي فرنسا أظهرت الاحصائيات بأن الشركات الوحيدة المدرجة في السوق الفرنسي التي لم تنخفض أسهمها في السنة التي وصلت الأزمة المالية فيها إلى ذروتها هي الشركات التي لديها أكبر تمثيل نسائي في مجالس إداراتها، وتضيف الكاتبتان بأن شركة هيرمز هي الشركة الوحيدة التي ارتفع سعر السهم فيها خلال تلك السنة، وهي الشركة الثانية في عدد النساء في إدارتها العليا من الشركات المدرجة في سي اي سي 40 الفرنسي، وذلك ما يظهر ثقة المستثمرين في القيادة الأنثوية التي تتميز بالحرص وعدم المخاطرة.

      وترى الكاتبتان أنه بالاضافة إلى أسلوب الادارة المختلف الذي تتميز به النساء، فإنهن أكثر تعليما من الرجال، ذلك أن 57% من حملة الشهادات ما بعد الثانوية هن من الاناث في الولايات المتحدة الأمريكية، و58% من نسبة الحاصلين على شهادات جامعية وما فوق الجامعية من النساء أيضا، و تضيف الكاتبتان ان النساء محركات أساسيات للاقتصاد من خلال تأثيرهن على مؤشرات الإنفاق، إذ تشتري النساء أكثر من 50% من السيارات المباعة في أمريكا سنويا، إضافة إلى مساهمتهن بـنسبة 83% من الانفاق الاستهلاكي في الولايات المتحدة، الأمر الذي يعزز من أداء الاقتصاد بشكل عام.

      هذا وقد تجاوب - كما ذكرنا سابقا - عدد من الدول والمؤسسات المالية مع الأصوات التي تنادي بتعيين نساء في الادارة العليا، منها أكبر مصرفيين في أمريكا وهما مصرف: سيتي جروب الذي قام بتعيين (تيري ديال) على رأس إدارة الخدمات المصرفية الشخصية، وكذلك فعل بنك أوف أمريكا حيث قام بتعيين (باربرا ديسور)، لإصلاح الفوضى المالية التي خلفتها صفقة شراء البنك لعملاق الرهونات (كونتريوايد فايناشيال)، ويأمل الكثيرون في أن يعمل أسلوب الإدارة (الأنثوي) على إعادة التوازن للاقتصاد العالمي، وإعادة ثقة المستثمرين التي قد تدعوهم لإعادة ضخ أموالهم في الأسواق مرة أخرى، ومن الملامح العامة لهذه الإدارة: هي كونها مبنية على الشراكة في اتخاذ القرار، فالمرأة لا تأخذ قرارا منفردا عادة كما يفعل الرجل، وهو ما توصلت له دراسة أخرى لم يأت الكتاب على ذكرها قامت بها شركة الخدمات الإدارية (مكينزي وشركاه) في عام 2007م، وهي ترى أن النساء يسعين لأن يكن قدوة لمرؤوسهن، ويراعين النتائج الأخلاقية المترتبة على قراراتهن الإدارية أكثر من الرجال، لذا أصبحت النساء تستخدم (كطاقم تنظيف) على حد تعبير جيف بيلي في عموده الصحفي الذي يكتبه لمجلة فوربز، إلا أن العالم ما زال بانتظار النتائج، التي إن لم تخيب التوقعات فهي ستكون بداية لعهد جديد بالنسبة للقطاع المالي بشكل عام حول العالم خلال السنوات القادمة.


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions