

كشف الدكتورة نجمة الزدجالية من جامعة السلطان قابوس (قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية)، الكثير من معاناة ذوي الإعاقة البصرية أو "المكفوفين" في السلطنة، وقد أكدت على أهمية العناية بالكفيف من مختلف الجوانب وذلك في الكتاب الذي انتهت من تأليفه وسوف يتم إصداره في مطلع شهر أغسطس من العام الجاري والذي يحمل عنوان : "العلاقة بين الإعاقة والتكنولوجيا من منظور علم الإنسان اللغوي في السياق الثقافي والاجتماعي لعُمان ". في البداية تحدثنا الدكتورة نجمة الزدجالية عن مضمون الكتاب وتقول بكل شفافية : يوضح الكِتاب ضرورة الجمع بين العرض والطلب وخاصة عندما تكون المشكلة الدمج الاجتماعي وضرورة الانتباه إلى حيلة وذكاء الأشخاص ذوي الإعاقة من خلال دراسة ما يفعلونه مع التكنولوجيا والموارد المتوفرة لهم (يعني أن ندرسهم). وتضيف قائلة: هذا هو السبيل الوحيد في اعتقادي لنستطيع معا إحداث تغيير جذري ودمج فئات ذوي الإعاقة على جميع المستويات
.الرؤية _ محمد العدوي
المعوقات كما تحدثت الدكتورة عن المعوقات التي تواجه ذوي الإعاقات البصرية وغيرها بشكل مفصل وقالت: الإعاقة مشكلة اجتماعية معناها أن المشكلة ليست الشخص الذي توجد لديه إعاقة. وبكل عفوية تقول : "المشكلة لا تنحصر فيهم" لأن الإنسان الذي به إعاقة مثله مثل غيره من أشقائه الأصحاء من حيث الحقوق والمسؤوليات. وتضيف قائلة: وإنما المشكلة تكمن في العقبات التي تواجه ذوي الإعاقة في حياتهم اليومية،هذه العقبات قد تتراوح بين المادية والاجتماعية والنفسية أو العاطفية في بعض الحالات والحل في مثل هذه الحالة هو مجرد إزالة هذه العقبات ،وكنتيجة حتمية لإزالة هذه العقبات فإن الشخص ذي الإعاقة سوف يتمتع بنفس الحقوق والمسؤوليات كالشخص غير المعوق، وبهذا يساهم في بناء مجتمعه الذي هو جزء لا يتجزأ منه، وهكذا يمكن لنا جميعا أن نعيش معا في سعادة كأعضاء فعالين ومنتجين نبني بلدنا الحبيب عُمان.
حقوق ذوي الإعاقة البصرية وفيما يتعلق بموضوع حقوق ذوي الإعاقة البصرية في السلطنة تقول الزدجالية : الحكومة العمانية حتى قبل اعتمادها اتفاقية الأمم المتحدة لشؤون الإعاقة تؤمن وبإخلاص أن الإعاقة هي بالفعل في الأساس مشكلة اجتماعية ،وهذا متضح بجلاء ليس فقط في قانون رعاية وتأهيل ذوي الإعاقة الذي صدر بمرسوم سلطاني في عام 2008، بل أيضا في قانون الدولة. وتضيف : ولكن من خلال أبحاثي عن الإعاقة في السلطنة لمدة ثماني سنوات وحتى الآن وتجربتي الشخصية باعتباري أُقدم رعاية لمدة 15 عاما لشخص من أهلي من ذوي الإعاقة، أثبت لي أن هذا المعتقد الأساسي الذي من الممكن أن يغير حياة ذوي الإعاقة في السلطنة تغييرا جذريا ما زال غير موجود في المجتمع العماني ،وهذا برأي هو السبب الأساسي لجميع المشاكل التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة في السلطنة بما في ذلك المكفوفين . هنا استوقفت الدكتورة وقلت لها : كيف لي أن أعرف ذلك؟ وما هو الدليل؟ بكل ثقة قالت الدكتورة: الدليل على ذلك أن أماكن وقوف السيارات في السلطنة هي إما فارغة أو تستخدم من قبل فئات عادية وقادرة، وبالنسبة للأشخاص ذو الإعاقة البصرية بالتحديد هناك ما يقرب من 11,000 إلى 17,000 شخص كفيف في السلطنة وفقا لبعض الإحصائيات المذكورة على موقع منظمة الصحة العالمية وهذا يمثل حوالي 50? من الإعاقات في السلطنة ،وهو يدل على حقيقة معروفة وهي أن فقدان البصر هو أكبر إعاقة في سلطنة عمان بسبب التراخوما وغيرها من أمراض العيون. هنا سألت الدكتورة سؤالًا قصيراً قائلاً لها: "ولكن أين هؤلاء ؟ " ترد الزدجالية كعادتها بكل ثقة وتقول : في مدينة واشنطن عاصمة الولايات المتحدة حيث حصلت على درجة الدكتوراه في اللغويات و"فيينا" التي قمت بزيارتها مؤخرا هناك ترى ذوي الإعاقات البصرية والجسدية وغيرها ، في الشوارع أو يشربون فناجين القهوة في المقاهي العادية ومراكز التسوق. وتضيف الزدجالية بحماسة: هنا أنا لا أراهم وهم إما مخبأون في المنازل ،أو تجدهم فقط في مراكز الإعاقة المختلفة والمساجد، ولكن ذلك لا يصنف كإدماج كامل وهذا حل جزئي ،وهدفنا هو، وينبغي أن يكون ويقع تحت تصنيف الإدماج الكامل لأن هذا هو حقهم المشروع. برامج الدمج هنا استوقفني سؤال مهما وطرحته للدكتورة نجمة ضيفتنا في هذا الحوار الجميل وقلت لها : ما الذي نعنيه بالدمج ولماذا هذه المسألة ضرورية؟ قالت الدكتورة: الدمج يعد من أبسط الحقوق الأساسية والإنسانية للأشخاص ذوي الإعاقة ،فهو مهم لأن المجتمعات المتحضرة بحاجة ماسة لكلا الصنفين لبنائه: الذي توجد لديه إعاقة والذي لا توجد لديه إعاقة. وتضيف: ولذلك من الضروري أن نعطي فرصة لذوي الإعاقة لبناء المجتمع ويجب أن لا ننسى هنا أن الاستبعاد هو المشكلة الرئيسية التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة ،والتي لابد من التغلب عليها، وبمجرد التغلب على مشكلة الدمج نتخلص تقريبا من جميع المشاكل التي تواجه الناس التي لديها إعاقة. وتتحدث الزدجالية بشكل أكثر تفصيلا في هذا الموضوع وتقول: الدمج يتخذ أشكالا مختلفة ويحصل على مختلف المستويات فهناك دمج في مراكز المكفوفين والمدارس وفي مكان العمل والوزارات وفي القطاع الخاص وفي وسائل الإعلام وفي المجتمع عامة.
ولأن مسألة الدمج مهمة وحساسة فلماذا لا نتحدث أولا عن الدمج على مختلف المستويات ثم نتطرق إلى علاقتها برفع مستوى الوعي الاجتماعي بقضية الإعاقة؟، بكل رحابة صدر تتحدث الدكتورة نجمة الزدجالية وتقول : جمعية النور للمكفوفين الذي أنشئت في عام 1997 لها فرعان أحدهما في نزوى وواحد في صلالة ،وهذه المراكز الثلاثة تقدم خدمات مهمة من مختلف الأنواع في العديد من المجالات وليس فقط في مسقط ونزوى وصلالة. وتضيف: هناك أكثر من "11,000 شخص توجد لديه إعاقة بصرية" في السلطنة كما ذكرنا ولكن جمعية النور في مسقط يوجد بها حوالي 300 عضو مسجل فقط وأغلبهم من الذكور وليس الإناث ،الأمر الذي يثير مسألة مهمة أخرى وهي مشكلة الدمج، والنساء في سلطنة عمان كما تشير الإحصائيات أن فرع صلالة للمكفوفين يضم 50 عضوا مسجلا فقط وفرع نزوى يضم ما يقرب من 150 عضوا فقط والعدد الكلي للأعضاء المسجلين أقل من 500 عضو. وهنا تتساءل الدكتورة نجمة وتقول : ماذا عن بقية الأشخاص من ذوي الإعاقة البصرية الذين يعيشون الآن كما يبدو من غير أي نوع من الخدمات؟ وتجيب الدكتورة على السؤال الذي طرح نفسه وتقول: نحتاج للوصول إلى هؤلاء الذكور والإناث.
الخدمات التعليمية للمكفوفين وفيما يتعلق برعاية ذوي الإعاقة البصرية وتقديم الخدمات التعليمية لهم في السلطنة تقول الدكتورة نجمة :الآن دعونا ننتقل إلى أصحاب الإعاقة البصرية في مختلف المدارس الحكومية فالآن توجد هناك مدرسة للتعليم الخاص وهي مدرسة خاصة بفئة المكفوفين تم افتتاحها في العام الدراسي 1999 / 2000، وقبل هذه المدرسة كان الأطفال الذين توجد لديهم إعاقة بصرية يتم إرسالهم إلى البحرين والمملكة العربية السعودية لإنهاء دراستهم حتى الثانوية العامة ،وكان هذا الاستبعاد التام يضر بالشخص غير المبصر لأنه كان لديه انقطاع تام عن العائلة ، وهذا النوع من الإقصاء له مشاكله الخاصة. وتضيف: ولكن الآن هم في الغالب يرسلون إلى معهد عمر بن الخطاب ، وهي مدرسة جيدة مجهزة تجهيزا جيدا ومؤهلة تأهيلا جيدا ومع ذلك فإن عدد الطلاب الملتحقين لا يزال غير قوي حسب أحدث الإحصائيات المنشورة حيث إن هناك أقل من 250 من الطلاب المكفوفين في هذه المدرسة ومعظمهم من الذكور أيضا، على الرغم من أن هناك الكثير جدا من الإناث الكفيفات. بالإضافة إلى ذلك فإن هناك بعض الطلاب من ذوي الإعاقة البصرية مدموجون في مختلف المدارس الحكومية العادية ولكن المدارس الحكومية تعاني من نقص المدرسين المؤهلين للتعامل مع الطلبة من ذوي الإعاقة البصرية، ومن نقص في الفنيين والمعدات الكافية للتعامل مع الطلاب المكفوفين. وتشير الدكتورة إلى موضوع الإعاقة البصرية في جامعة السلطان قابوس فتقول: الشيء نفسه يحدث الآن في جامعة السلطان قابوس والتي صارت تقبل الطلاب الذين توجد لديهم إعاقة بصرية، ولكن لم يتم تدريب وتأهيل أي من أساتذة الجامعة للتعامل مع هذه الفئة ومراكز الوفاء ومركز التدخل المبكر أيضا تأخذ الأطفال الذين يعانون من فقدان البصر في الفترة من 4-6 سنوات ،ولكن هذه المراكز لديها تحدياتها الخاصة. وهكذا كما ترون فإن هناك الكثير من النوايا الحسنة والمبادرات المختلفة (معظمها فردية) ولكن ليست هناك سياسة ورؤية منهجية واضحة ،وهذا خطأ فادح لأن حق التعليم هو حق للجميع في السلطنة سواء أكان المواطن توجد لديه إعاقة أو لا توجد .
المناهج الدراسية وتشير الدكتورة أيضًا إلى مسألة جدا مهمة إلا وهي مسألة المناهج الدراسية الملائمة لذوي الإعاقة البصرية حيث تقول: هناك أيضا مسألة المناهج الدراسية الملائمة للمكفوفين والتي تعتبر غائبة في الوقت الحالي حيث لا يوجد قسم معين يتداول المناهج الدراسية لذوي الإعاقة البصرية وكما ورد لي أثناء تحضيري لهذا البحث أنهم يطلبون من الطلاب أن يحضروا شرائط ويسجلوا المحاضرات علما بأنه من الممكن وبكل بساطة في هذا العصر التكنولوجي أن تسجل المحاضرات على فلاش ديسك وتعطى للطلبة. وتضيف الدكتورة: وهذا يدل مرة أيضا على أنه لا يوجد نظام موحد يقلل كثيرا من الضغوط غير الضرورية على الطلاب من ذوي الإعاقة البصرية.
وأجابت الدكتورة على السؤال الذي جاء كالآتي : ماذا عن دمج ذوي الإعاقة البصرية في مجال العمل الحكومي والقطاع الخاص؟. حيث قالت: مرة أخرى، لا يوجد هناك نظام موحد وسياسة أو رؤية واضحة والذي "يزيد الطين بلة" أنه لا يوجد حاليا مركز لإعادة تأهيل ذوي الإعاقة البصرية لسوق العمل كما أفادني أحد الأخوة المختصين والمهتمين بقضية الإعاقة البصرية ،حيث قال: "إن الموضوع كله يتوقف على مزاج وشخصية الفرد في الجهات الحكومية والخاصة فإذا كان المسؤول طيبا وذا مزاج رحب ،فإنه يقوم بتوظيف عدد قليل من الأعضاء المكفوفين هنا وهناك وغالبا في قسم البدالة، أما في معظم الحالات فإن الجواب هو أننا لا نعرف ماذا نفعل بالشخص الكفيف وأين نوظفه".
وتضيف الدكتورة قائلة: وهذا في المقام الأول بسبب عدم وجود مراكز تدريب تقوم بإعادة تأهيل ذوي الإعاقة البصرية كما ذكرنا، وأيضا يجب تغيير فكرة أن الكفيف لا يمكن أن يعمل إلا في مراكز البدالة، والقطاع الخاص كذلك لا يتعاون على الرغم من وجود قانون يصر على أنه إذا كانت هناك شركة لديها أكثر من 500 موظف فإنه يجب أن تقوم بتوظيف على الأقل شخص واحد لديه إعاقة ولكن القانون "ليس إلزاميا كما يبدو".
وبما أننا وصلنا إلى نهاية الحوار فما هي المناشدات التي تناشدين بها من أجل إعطاء ذوي الإعاقة البصرية حقوقهم؟ تقول الزدجالية : أظن أنه من الواضح الآن أننا في السلطنة أبعد ما نكون عن الاندماج الكامل وما نحتاج إليه هو تغيير في النظام الحالي والمعتقدات . وتضيف: وذلك من خلال دراسة مسألة رفع مستوى الوعي الاجتماعي بقضية الإعاقة وعلاقتها بوسائل الإعلام ووسائل الاتصال الأخرى التي أنشئت من أجل التفاعل مع ذوي الإعاقة البصرية وأسرهم والمجتمع الأوسع ، ولن نصل للاندماج الكامل إلا عن طريق زرع فكرة مفادها أن الإعاقة ما هي إلا مشكلة اجتماعية كما أوضحنا سابقا ،وهذا معناه أنه يجب علينا أن نجعل الناس يدركون أن الدمج الكامل في التعليم والمرافق والعمل هو حق أولا وأخيرا. وتشير الدكتورة إلى أن قانون الأمم المتحدة للإعاقة يساعد ذوي الإعاقة البصرية حيث قالت : المادة 8 من قانون الأمم المتحدة للإعاقة مكرسة لمسألة رفع مستوى الوعي الاجتماعي وتنص هذه المادة على أن البلدان المشتركة يجب عليها أن تتعهد باتخاذ تدابير فورية وفعالة ومناسبة، وذلك من أجل رفع مستوى الوعي في المجتمع بأسره بما في ذلك مستوى الأسرة بشأن الأشخاص ذوي الإعاقة ،وكذلك على تعزيز احترام حقوق وكرامة الأشخاص ذوي الإعاقة إلى جانب مكافحة القوالب النمطية وأشكال التحيز والممارسات الضارة المتعلقة بالإعاقة بما في ذلك تلك التي تقوم على أساس الجنس والعمر في جميع مجالات الحياة و تعزيز الوعي بقدرات وإسهامات الأشخاص الذين لديهم إعاقة.
وتستكمل الدكتورة الحديث عن مسألة تحقيق هذه الغاية حيث تقول: لتحقيق هذه الغاية يجب أن نقوم بعدة مواضيع أبرزها تنظيم ومتابعة حملات فعالة للتوعية العامة، والتي تهدف إلى تعزيز تقبل حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتعزيز التصورات الإيجابية، وزيادة الوعي الاجتماعي تجاههم إلى جانب تشجيع الاعتراف بمهارات وكفاءات وقدرات الأشخاص ذوي الإعاقة ، وإسهاماتهم في سوق العمل.
التوصيات :
اذا كنا نريد تغيير واقع المكفوفين في سلطنة عمان وجعله أفضل وهو ينبغي ويمكن أن يكون أفضل ، فسنحتاج للعمل على الدمج الكامل. هذه هي بعض من توصياتي بشأن كيفية القيام بذلك :
· تلفزيون سلطنة عمان يجب أن يعد برنامجا أسبوعيا للترويج لقضية الإعاقة في سلطنة عمان و يجب أن يتم بثه خلال ساعة الذروة. كل أسبوع ينبغي أن يناقش البرنامج شريحة معينة من ذوي الإعاقة.
· جمعية النور للمكفوفين ينبغي أيضا أن يكون لها صفحة شهرية في إحدى الجرائد المحلية كما تفعل جمعية الأطفال المعوقين. في هذه الصفحات أو في أثناء البرنامج التركيز ينبغي أن لا يكون على المراكز نفسها ولكن على قصص الحياة الواقعية للأشخاص المعاقين. نحن بحاجة للاستماع إلى قصصهم.
· البيئة المادية تحتاج إلى معالجة : إشارات المرور , سيارات الأجرة , الباصات. إنها بحاجة إلى استيعاب المعوقين .
· جامعة السلطان قابوس يمكن أن تقدم برامج بكالوريوس موجهة إلى المكفوفين.
· وزارة القوى العاملة تحتاج إلى تصنيف أنواع الوظائف التي من الممكن للمكفوفين القيام بها و ذلك حتى لا نحصر مواهبهم في مجال واحد فقط .
· تدريس قوانين الإعاقة و مسألة الحقوق في المدارس الحكومية.
· توفير المزيد من المواد بلغة برايل باللغة العربية
· العمل على وضع منهج و رؤية وسياسة موحدة
· إجراء بحوث اجتماعية عن واقع الإعاقة
· تسويق المجلات التي تصدرها الجمعيات الأهلية حتى تتسنى لها الوصول إلى المجتمع الأوسع.
· أجهزة الكمبيوتر للجميع
.الرؤية _ محمد العدوي
المعوقات كما تحدثت الدكتورة عن المعوقات التي تواجه ذوي الإعاقات البصرية وغيرها بشكل مفصل وقالت: الإعاقة مشكلة اجتماعية معناها أن المشكلة ليست الشخص الذي توجد لديه إعاقة. وبكل عفوية تقول : "المشكلة لا تنحصر فيهم" لأن الإنسان الذي به إعاقة مثله مثل غيره من أشقائه الأصحاء من حيث الحقوق والمسؤوليات. وتضيف قائلة: وإنما المشكلة تكمن في العقبات التي تواجه ذوي الإعاقة في حياتهم اليومية،هذه العقبات قد تتراوح بين المادية والاجتماعية والنفسية أو العاطفية في بعض الحالات والحل في مثل هذه الحالة هو مجرد إزالة هذه العقبات ،وكنتيجة حتمية لإزالة هذه العقبات فإن الشخص ذي الإعاقة سوف يتمتع بنفس الحقوق والمسؤوليات كالشخص غير المعوق، وبهذا يساهم في بناء مجتمعه الذي هو جزء لا يتجزأ منه، وهكذا يمكن لنا جميعا أن نعيش معا في سعادة كأعضاء فعالين ومنتجين نبني بلدنا الحبيب عُمان.
حقوق ذوي الإعاقة البصرية وفيما يتعلق بموضوع حقوق ذوي الإعاقة البصرية في السلطنة تقول الزدجالية : الحكومة العمانية حتى قبل اعتمادها اتفاقية الأمم المتحدة لشؤون الإعاقة تؤمن وبإخلاص أن الإعاقة هي بالفعل في الأساس مشكلة اجتماعية ،وهذا متضح بجلاء ليس فقط في قانون رعاية وتأهيل ذوي الإعاقة الذي صدر بمرسوم سلطاني في عام 2008، بل أيضا في قانون الدولة. وتضيف : ولكن من خلال أبحاثي عن الإعاقة في السلطنة لمدة ثماني سنوات وحتى الآن وتجربتي الشخصية باعتباري أُقدم رعاية لمدة 15 عاما لشخص من أهلي من ذوي الإعاقة، أثبت لي أن هذا المعتقد الأساسي الذي من الممكن أن يغير حياة ذوي الإعاقة في السلطنة تغييرا جذريا ما زال غير موجود في المجتمع العماني ،وهذا برأي هو السبب الأساسي لجميع المشاكل التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة في السلطنة بما في ذلك المكفوفين . هنا استوقفت الدكتورة وقلت لها : كيف لي أن أعرف ذلك؟ وما هو الدليل؟ بكل ثقة قالت الدكتورة: الدليل على ذلك أن أماكن وقوف السيارات في السلطنة هي إما فارغة أو تستخدم من قبل فئات عادية وقادرة، وبالنسبة للأشخاص ذو الإعاقة البصرية بالتحديد هناك ما يقرب من 11,000 إلى 17,000 شخص كفيف في السلطنة وفقا لبعض الإحصائيات المذكورة على موقع منظمة الصحة العالمية وهذا يمثل حوالي 50? من الإعاقات في السلطنة ،وهو يدل على حقيقة معروفة وهي أن فقدان البصر هو أكبر إعاقة في سلطنة عمان بسبب التراخوما وغيرها من أمراض العيون. هنا سألت الدكتورة سؤالًا قصيراً قائلاً لها: "ولكن أين هؤلاء ؟ " ترد الزدجالية كعادتها بكل ثقة وتقول : في مدينة واشنطن عاصمة الولايات المتحدة حيث حصلت على درجة الدكتوراه في اللغويات و"فيينا" التي قمت بزيارتها مؤخرا هناك ترى ذوي الإعاقات البصرية والجسدية وغيرها ، في الشوارع أو يشربون فناجين القهوة في المقاهي العادية ومراكز التسوق. وتضيف الزدجالية بحماسة: هنا أنا لا أراهم وهم إما مخبأون في المنازل ،أو تجدهم فقط في مراكز الإعاقة المختلفة والمساجد، ولكن ذلك لا يصنف كإدماج كامل وهذا حل جزئي ،وهدفنا هو، وينبغي أن يكون ويقع تحت تصنيف الإدماج الكامل لأن هذا هو حقهم المشروع. برامج الدمج هنا استوقفني سؤال مهما وطرحته للدكتورة نجمة ضيفتنا في هذا الحوار الجميل وقلت لها : ما الذي نعنيه بالدمج ولماذا هذه المسألة ضرورية؟ قالت الدكتورة: الدمج يعد من أبسط الحقوق الأساسية والإنسانية للأشخاص ذوي الإعاقة ،فهو مهم لأن المجتمعات المتحضرة بحاجة ماسة لكلا الصنفين لبنائه: الذي توجد لديه إعاقة والذي لا توجد لديه إعاقة. وتضيف: ولذلك من الضروري أن نعطي فرصة لذوي الإعاقة لبناء المجتمع ويجب أن لا ننسى هنا أن الاستبعاد هو المشكلة الرئيسية التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة ،والتي لابد من التغلب عليها، وبمجرد التغلب على مشكلة الدمج نتخلص تقريبا من جميع المشاكل التي تواجه الناس التي لديها إعاقة. وتتحدث الزدجالية بشكل أكثر تفصيلا في هذا الموضوع وتقول: الدمج يتخذ أشكالا مختلفة ويحصل على مختلف المستويات فهناك دمج في مراكز المكفوفين والمدارس وفي مكان العمل والوزارات وفي القطاع الخاص وفي وسائل الإعلام وفي المجتمع عامة.
ولأن مسألة الدمج مهمة وحساسة فلماذا لا نتحدث أولا عن الدمج على مختلف المستويات ثم نتطرق إلى علاقتها برفع مستوى الوعي الاجتماعي بقضية الإعاقة؟، بكل رحابة صدر تتحدث الدكتورة نجمة الزدجالية وتقول : جمعية النور للمكفوفين الذي أنشئت في عام 1997 لها فرعان أحدهما في نزوى وواحد في صلالة ،وهذه المراكز الثلاثة تقدم خدمات مهمة من مختلف الأنواع في العديد من المجالات وليس فقط في مسقط ونزوى وصلالة. وتضيف: هناك أكثر من "11,000 شخص توجد لديه إعاقة بصرية" في السلطنة كما ذكرنا ولكن جمعية النور في مسقط يوجد بها حوالي 300 عضو مسجل فقط وأغلبهم من الذكور وليس الإناث ،الأمر الذي يثير مسألة مهمة أخرى وهي مشكلة الدمج، والنساء في سلطنة عمان كما تشير الإحصائيات أن فرع صلالة للمكفوفين يضم 50 عضوا مسجلا فقط وفرع نزوى يضم ما يقرب من 150 عضوا فقط والعدد الكلي للأعضاء المسجلين أقل من 500 عضو. وهنا تتساءل الدكتورة نجمة وتقول : ماذا عن بقية الأشخاص من ذوي الإعاقة البصرية الذين يعيشون الآن كما يبدو من غير أي نوع من الخدمات؟ وتجيب الدكتورة على السؤال الذي طرح نفسه وتقول: نحتاج للوصول إلى هؤلاء الذكور والإناث.
الخدمات التعليمية للمكفوفين وفيما يتعلق برعاية ذوي الإعاقة البصرية وتقديم الخدمات التعليمية لهم في السلطنة تقول الدكتورة نجمة :الآن دعونا ننتقل إلى أصحاب الإعاقة البصرية في مختلف المدارس الحكومية فالآن توجد هناك مدرسة للتعليم الخاص وهي مدرسة خاصة بفئة المكفوفين تم افتتاحها في العام الدراسي 1999 / 2000، وقبل هذه المدرسة كان الأطفال الذين توجد لديهم إعاقة بصرية يتم إرسالهم إلى البحرين والمملكة العربية السعودية لإنهاء دراستهم حتى الثانوية العامة ،وكان هذا الاستبعاد التام يضر بالشخص غير المبصر لأنه كان لديه انقطاع تام عن العائلة ، وهذا النوع من الإقصاء له مشاكله الخاصة. وتضيف: ولكن الآن هم في الغالب يرسلون إلى معهد عمر بن الخطاب ، وهي مدرسة جيدة مجهزة تجهيزا جيدا ومؤهلة تأهيلا جيدا ومع ذلك فإن عدد الطلاب الملتحقين لا يزال غير قوي حسب أحدث الإحصائيات المنشورة حيث إن هناك أقل من 250 من الطلاب المكفوفين في هذه المدرسة ومعظمهم من الذكور أيضا، على الرغم من أن هناك الكثير جدا من الإناث الكفيفات. بالإضافة إلى ذلك فإن هناك بعض الطلاب من ذوي الإعاقة البصرية مدموجون في مختلف المدارس الحكومية العادية ولكن المدارس الحكومية تعاني من نقص المدرسين المؤهلين للتعامل مع الطلبة من ذوي الإعاقة البصرية، ومن نقص في الفنيين والمعدات الكافية للتعامل مع الطلاب المكفوفين. وتشير الدكتورة إلى موضوع الإعاقة البصرية في جامعة السلطان قابوس فتقول: الشيء نفسه يحدث الآن في جامعة السلطان قابوس والتي صارت تقبل الطلاب الذين توجد لديهم إعاقة بصرية، ولكن لم يتم تدريب وتأهيل أي من أساتذة الجامعة للتعامل مع هذه الفئة ومراكز الوفاء ومركز التدخل المبكر أيضا تأخذ الأطفال الذين يعانون من فقدان البصر في الفترة من 4-6 سنوات ،ولكن هذه المراكز لديها تحدياتها الخاصة. وهكذا كما ترون فإن هناك الكثير من النوايا الحسنة والمبادرات المختلفة (معظمها فردية) ولكن ليست هناك سياسة ورؤية منهجية واضحة ،وهذا خطأ فادح لأن حق التعليم هو حق للجميع في السلطنة سواء أكان المواطن توجد لديه إعاقة أو لا توجد .
المناهج الدراسية وتشير الدكتورة أيضًا إلى مسألة جدا مهمة إلا وهي مسألة المناهج الدراسية الملائمة لذوي الإعاقة البصرية حيث تقول: هناك أيضا مسألة المناهج الدراسية الملائمة للمكفوفين والتي تعتبر غائبة في الوقت الحالي حيث لا يوجد قسم معين يتداول المناهج الدراسية لذوي الإعاقة البصرية وكما ورد لي أثناء تحضيري لهذا البحث أنهم يطلبون من الطلاب أن يحضروا شرائط ويسجلوا المحاضرات علما بأنه من الممكن وبكل بساطة في هذا العصر التكنولوجي أن تسجل المحاضرات على فلاش ديسك وتعطى للطلبة. وتضيف الدكتورة: وهذا يدل مرة أيضا على أنه لا يوجد نظام موحد يقلل كثيرا من الضغوط غير الضرورية على الطلاب من ذوي الإعاقة البصرية.
وأجابت الدكتورة على السؤال الذي جاء كالآتي : ماذا عن دمج ذوي الإعاقة البصرية في مجال العمل الحكومي والقطاع الخاص؟. حيث قالت: مرة أخرى، لا يوجد هناك نظام موحد وسياسة أو رؤية واضحة والذي "يزيد الطين بلة" أنه لا يوجد حاليا مركز لإعادة تأهيل ذوي الإعاقة البصرية لسوق العمل كما أفادني أحد الأخوة المختصين والمهتمين بقضية الإعاقة البصرية ،حيث قال: "إن الموضوع كله يتوقف على مزاج وشخصية الفرد في الجهات الحكومية والخاصة فإذا كان المسؤول طيبا وذا مزاج رحب ،فإنه يقوم بتوظيف عدد قليل من الأعضاء المكفوفين هنا وهناك وغالبا في قسم البدالة، أما في معظم الحالات فإن الجواب هو أننا لا نعرف ماذا نفعل بالشخص الكفيف وأين نوظفه".
وتضيف الدكتورة قائلة: وهذا في المقام الأول بسبب عدم وجود مراكز تدريب تقوم بإعادة تأهيل ذوي الإعاقة البصرية كما ذكرنا، وأيضا يجب تغيير فكرة أن الكفيف لا يمكن أن يعمل إلا في مراكز البدالة، والقطاع الخاص كذلك لا يتعاون على الرغم من وجود قانون يصر على أنه إذا كانت هناك شركة لديها أكثر من 500 موظف فإنه يجب أن تقوم بتوظيف على الأقل شخص واحد لديه إعاقة ولكن القانون "ليس إلزاميا كما يبدو".
وبما أننا وصلنا إلى نهاية الحوار فما هي المناشدات التي تناشدين بها من أجل إعطاء ذوي الإعاقة البصرية حقوقهم؟ تقول الزدجالية : أظن أنه من الواضح الآن أننا في السلطنة أبعد ما نكون عن الاندماج الكامل وما نحتاج إليه هو تغيير في النظام الحالي والمعتقدات . وتضيف: وذلك من خلال دراسة مسألة رفع مستوى الوعي الاجتماعي بقضية الإعاقة وعلاقتها بوسائل الإعلام ووسائل الاتصال الأخرى التي أنشئت من أجل التفاعل مع ذوي الإعاقة البصرية وأسرهم والمجتمع الأوسع ، ولن نصل للاندماج الكامل إلا عن طريق زرع فكرة مفادها أن الإعاقة ما هي إلا مشكلة اجتماعية كما أوضحنا سابقا ،وهذا معناه أنه يجب علينا أن نجعل الناس يدركون أن الدمج الكامل في التعليم والمرافق والعمل هو حق أولا وأخيرا. وتشير الدكتورة إلى أن قانون الأمم المتحدة للإعاقة يساعد ذوي الإعاقة البصرية حيث قالت : المادة 8 من قانون الأمم المتحدة للإعاقة مكرسة لمسألة رفع مستوى الوعي الاجتماعي وتنص هذه المادة على أن البلدان المشتركة يجب عليها أن تتعهد باتخاذ تدابير فورية وفعالة ومناسبة، وذلك من أجل رفع مستوى الوعي في المجتمع بأسره بما في ذلك مستوى الأسرة بشأن الأشخاص ذوي الإعاقة ،وكذلك على تعزيز احترام حقوق وكرامة الأشخاص ذوي الإعاقة إلى جانب مكافحة القوالب النمطية وأشكال التحيز والممارسات الضارة المتعلقة بالإعاقة بما في ذلك تلك التي تقوم على أساس الجنس والعمر في جميع مجالات الحياة و تعزيز الوعي بقدرات وإسهامات الأشخاص الذين لديهم إعاقة.
وتستكمل الدكتورة الحديث عن مسألة تحقيق هذه الغاية حيث تقول: لتحقيق هذه الغاية يجب أن نقوم بعدة مواضيع أبرزها تنظيم ومتابعة حملات فعالة للتوعية العامة، والتي تهدف إلى تعزيز تقبل حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتعزيز التصورات الإيجابية، وزيادة الوعي الاجتماعي تجاههم إلى جانب تشجيع الاعتراف بمهارات وكفاءات وقدرات الأشخاص ذوي الإعاقة ، وإسهاماتهم في سوق العمل.
التوصيات :
اذا كنا نريد تغيير واقع المكفوفين في سلطنة عمان وجعله أفضل وهو ينبغي ويمكن أن يكون أفضل ، فسنحتاج للعمل على الدمج الكامل. هذه هي بعض من توصياتي بشأن كيفية القيام بذلك :
· تلفزيون سلطنة عمان يجب أن يعد برنامجا أسبوعيا للترويج لقضية الإعاقة في سلطنة عمان و يجب أن يتم بثه خلال ساعة الذروة. كل أسبوع ينبغي أن يناقش البرنامج شريحة معينة من ذوي الإعاقة.
· جمعية النور للمكفوفين ينبغي أيضا أن يكون لها صفحة شهرية في إحدى الجرائد المحلية كما تفعل جمعية الأطفال المعوقين. في هذه الصفحات أو في أثناء البرنامج التركيز ينبغي أن لا يكون على المراكز نفسها ولكن على قصص الحياة الواقعية للأشخاص المعاقين. نحن بحاجة للاستماع إلى قصصهم.
· البيئة المادية تحتاج إلى معالجة : إشارات المرور , سيارات الأجرة , الباصات. إنها بحاجة إلى استيعاب المعوقين .
· جامعة السلطان قابوس يمكن أن تقدم برامج بكالوريوس موجهة إلى المكفوفين.
· وزارة القوى العاملة تحتاج إلى تصنيف أنواع الوظائف التي من الممكن للمكفوفين القيام بها و ذلك حتى لا نحصر مواهبهم في مجال واحد فقط .
· تدريس قوانين الإعاقة و مسألة الحقوق في المدارس الحكومية.
· توفير المزيد من المواد بلغة برايل باللغة العربية
· العمل على وضع منهج و رؤية وسياسة موحدة
· إجراء بحوث اجتماعية عن واقع الإعاقة
· تسويق المجلات التي تصدرها الجمعيات الأهلية حتى تتسنى لها الوصول إلى المجتمع الأوسع.
· أجهزة الكمبيوتر للجميع
المصدر : مدونة ابن المرار
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions