كتب - عبدالله العييدي
مدخل : " إنه لترف أن تكون مفهوماً " – رالف إمرسون – تلقيت مداخلة حول مقالاتي حول القراءة من الصديق العزيز مبارك الداودي جاء فيه :
"من خلال مقالاتك شدني في المحور الثاني في سلسلته "تأميم القراءة وخصخصة القراءة" والتي ختمتهما بمعلومات جميلة، أشرت في مقالك الأول عن إحداث لجان تخصصية دائمة أو شيء من هذا القبيل، وفي الثاني معلومات عن القراءة بشكل عام.
أجد في مقالاتك سواء كجوانب حوار في موضوعك ذاك ، أو في مواقع أخرى ذات العلاقة بالأمر ، عشرات وربما مئات التحليلات والتعقيبات والأمنيات والتوصيات ترتكز في مجملها على معطيات واضحة وسليمة 100% لكن لي عليها ملاحظتان صغيرتان وكبيرتان في ذات الوقت :
أولهما : عيب التشخيص التكراري الذي يفقد هذه التحليلات موضوعيتها من حيث إنها تقف عند حدود التشخيص للمشكلة ، وإن حملت بعضها بضع خطوات أبعد من التشخيص ولنقل "الحل" إن جاز لنا ذلك ، فإنها تنحرف عن التوصية العملية لتنخرط في زحمة النصح والإرشاد العام وننتهي بما يجب أن يكون وما يجب عمله ، لا كيف يكون ولا كيف يفعل.
ثانيهما : الكم الهائل من التحليلات(التشخيصات) تحوم في مجملها حول الحمى ، بمعنى أنها تسلك الممرات الفسيحة والبوابات الواسعة الواضحة المعالم والمسارات (In & out) حيث الضوابط والأعراف والخشية من مخالفة الذوق والاصطدام سهوا أو رعونة بأحد مرتادي تلك المسارات أو خشية إثارة ما يثير ملاحظة أحدهم من قول أو فعل.
أتمنى أن أكون قد أوضحت – ولو على عجالة – المدخل والمسار اللذان أود أن اسلكهما لوضع اليد على قضية العزوف عن القراءة ... فلست من المقتنعين بمبررات انتشار الشبكات الالكترونية والسبل السهلة والسرعة للحصول على المعلومة للعزوف عن القراءة ولست من عشاق مسك الكتاب وتصفحه من الجلد للجلد على كرسي في حديقة عامة أو في بلكون على البحر أو في صالة انتظار أو أو أو ... فبالوسائل التقنية الحديثة يفترض أن تكون حجم المعلومات المتاحة اكبر وبالتالي تلقائيا حجم المعرفة المستقاة أكثر، بمعنى آخر، يفترض أن تكون التقنيات الحديثة دافعا للقراءة وليست عائقا أمام القارئ ... الكتاب وعاء والانترنت وغيرها أوعية ... المهم أن نقرأ أخي عبدالله .. نحن .. أمة "اقرأ" ، وهل تعرف يا أخي عبدالله لم سمينا بأمة "اقرأ"
الحقيقة هي إما أننا لسنا بأمة تقرأ، أو أننا فهمنا الأمر الرباني المكرر "اقرأ" على عكس ما اريد له، باعتقادي أننا أمة جاهلة في الأصل ومنذ التكوين الأول، أمة جاهلة تاريخيا وجغرافيا وتكوينا وسلوكا، فلم ندع ونسل أنفسنا بأننا أمة العلم، ولم نعزز المعنى الحقيقي لـ ... أمة "اقرأ"
أن تكون أول آية تنزل على سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام هي "اقرأ" ، فهذا تشخيص وإقرار من ربنا عز وجل أننا أمة جاهلة ، وأول ما تحتاجه هو ان تقرأ ، حالة طوارئ لإنقاذ سكان بقعة من الأرض توشك على الإنقراض .. "اقرأ" "اقرأ" "اقرأ" ,,, تخيل حالة إنعاش استنفارية في غرفة العناية المركزة ... ولم يكن اندهاش وجواب سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام لجبريل"ما أنا بقارئ" بأسلوب النفي الاستنكاري سوى تأكيد على أنه رجل أمي لا يقرأ وليس في الأمر غرابة أو استشعار بالنقص ، فكونك عربيا أميا جاهلا لا تقرأ ، فالأمرعادي جدا، ثم تكرار "اقرأ" و "ما أنا بقارئ" بين جبريل الأمين وسيدنا محمد رسالة تأكيد بأن أولى مصائب هذه الأمة هي عدم القراءة وليس شيئا آخر ، إصرار من هنا ودفع من هناك ... فالعرب شجعان وكرماء وفصحاء ونبلاء ... لكنهم أمة جاهلة.
لنعترف إذا أننا في الأصل أمة جاهلة لا تقرأ ، وأن القراءة شيء طارئ دخيل علينا في تكويننا كعرب ... قولوا لي من كان يقرأ المعلقات التي تزين جدران الكعبة ؟
انتشر الاسلام وخرج العرب من جزيرتهم وتداخلت معارف الأمم والثقافات التي اندمجوا بها ، وإذا بنا نشهد حالة فريدة ، الكثير من الكتاب والمترجمين والفلاسفة والعلماء ، مسلمين غير عرب ، والأمر لا يحمل أية غرابة ، حب هؤلاء للقراءة والعلم والبحث والتدوين والاستكشاف جاء مدفوعا من عنصر تكويني مستمد من ثقافاتهم غير العربية بالطبع.
هذا في ما يخص علاقتنا بالقراءة في الأصل ، وردة فعلنا اللاشعورية كأمة أمرت أمرا بأن تقرأ ... كضرورة وليس كخيار وقناعة، ولأننا أمة لم تجبل على القراءة ولا على العلم ، ولأننا لسنا مصدر العلم ولا نملكه ولا نتحكم في مصدره ، أصبنا بفوبيا المعلومة ، فكل كلمة يجب أن تفحص وتوزن وتعرب وتؤول وتسقط وتقارن وتشذب حتى نتيقن من صلاحيتها لعقولنا وعقول ابنائنا ، نحن لا نريد كل المعرفة بل المعرفة التي نريد فقط ، فلم نقرأ أكثر مما ينبغي لنا ؟
لو وجدت ابنك المراهق يقرأ كتابا أو يتصفح موقعا عن فكر تنظيم القاعدة ستربت على كتفه وتقول له موفق يا بني ... ثم تدير ظهرك وتمشي ،أو لو وجدتي ابنتك تقرأ كتابا تتصفح موقعا عن العلاقات الجنسية ستشاركينها الحديث وتوضحين لها ما خفي عليها ؟
إن كنا أصبحنا - على مستوى الأفراد - أوصياء على المعلومة ، فما بال النظم وما بال المجتمع ؟ وما بالنا نصرخ ... لم لا نقرأ ؟ باختصار ...
عزوفنا عن القراءة ليست ظاهرة بل هي أمر متأصل فينا منذ الأزل .. ففعل الأمر "اقرأ" لا يقال إلا لجاهل أمي ... وهذه حقيقتنا في الأصل ، شجعان كرام اشداء نبلاء فصحاء ... الخ الخ الخ ... لكننا أميون جهلة ... فلمَ نغير طبيعتنا التكوينية ؟"
في نهاية الأمر أقول شكراً أبا صخر على هذا الثراء المعرفي .
- كاتب سعودي
Aloyaidi@gmail.com
مدخل : " إنه لترف أن تكون مفهوماً " – رالف إمرسون – تلقيت مداخلة حول مقالاتي حول القراءة من الصديق العزيز مبارك الداودي جاء فيه :
"من خلال مقالاتك شدني في المحور الثاني في سلسلته "تأميم القراءة وخصخصة القراءة" والتي ختمتهما بمعلومات جميلة، أشرت في مقالك الأول عن إحداث لجان تخصصية دائمة أو شيء من هذا القبيل، وفي الثاني معلومات عن القراءة بشكل عام.
أجد في مقالاتك سواء كجوانب حوار في موضوعك ذاك ، أو في مواقع أخرى ذات العلاقة بالأمر ، عشرات وربما مئات التحليلات والتعقيبات والأمنيات والتوصيات ترتكز في مجملها على معطيات واضحة وسليمة 100% لكن لي عليها ملاحظتان صغيرتان وكبيرتان في ذات الوقت :
أولهما : عيب التشخيص التكراري الذي يفقد هذه التحليلات موضوعيتها من حيث إنها تقف عند حدود التشخيص للمشكلة ، وإن حملت بعضها بضع خطوات أبعد من التشخيص ولنقل "الحل" إن جاز لنا ذلك ، فإنها تنحرف عن التوصية العملية لتنخرط في زحمة النصح والإرشاد العام وننتهي بما يجب أن يكون وما يجب عمله ، لا كيف يكون ولا كيف يفعل.
ثانيهما : الكم الهائل من التحليلات(التشخيصات) تحوم في مجملها حول الحمى ، بمعنى أنها تسلك الممرات الفسيحة والبوابات الواسعة الواضحة المعالم والمسارات (In & out) حيث الضوابط والأعراف والخشية من مخالفة الذوق والاصطدام سهوا أو رعونة بأحد مرتادي تلك المسارات أو خشية إثارة ما يثير ملاحظة أحدهم من قول أو فعل.
أتمنى أن أكون قد أوضحت – ولو على عجالة – المدخل والمسار اللذان أود أن اسلكهما لوضع اليد على قضية العزوف عن القراءة ... فلست من المقتنعين بمبررات انتشار الشبكات الالكترونية والسبل السهلة والسرعة للحصول على المعلومة للعزوف عن القراءة ولست من عشاق مسك الكتاب وتصفحه من الجلد للجلد على كرسي في حديقة عامة أو في بلكون على البحر أو في صالة انتظار أو أو أو ... فبالوسائل التقنية الحديثة يفترض أن تكون حجم المعلومات المتاحة اكبر وبالتالي تلقائيا حجم المعرفة المستقاة أكثر، بمعنى آخر، يفترض أن تكون التقنيات الحديثة دافعا للقراءة وليست عائقا أمام القارئ ... الكتاب وعاء والانترنت وغيرها أوعية ... المهم أن نقرأ أخي عبدالله .. نحن .. أمة "اقرأ" ، وهل تعرف يا أخي عبدالله لم سمينا بأمة "اقرأ"
الحقيقة هي إما أننا لسنا بأمة تقرأ، أو أننا فهمنا الأمر الرباني المكرر "اقرأ" على عكس ما اريد له، باعتقادي أننا أمة جاهلة في الأصل ومنذ التكوين الأول، أمة جاهلة تاريخيا وجغرافيا وتكوينا وسلوكا، فلم ندع ونسل أنفسنا بأننا أمة العلم، ولم نعزز المعنى الحقيقي لـ ... أمة "اقرأ"
أن تكون أول آية تنزل على سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام هي "اقرأ" ، فهذا تشخيص وإقرار من ربنا عز وجل أننا أمة جاهلة ، وأول ما تحتاجه هو ان تقرأ ، حالة طوارئ لإنقاذ سكان بقعة من الأرض توشك على الإنقراض .. "اقرأ" "اقرأ" "اقرأ" ,,, تخيل حالة إنعاش استنفارية في غرفة العناية المركزة ... ولم يكن اندهاش وجواب سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام لجبريل"ما أنا بقارئ" بأسلوب النفي الاستنكاري سوى تأكيد على أنه رجل أمي لا يقرأ وليس في الأمر غرابة أو استشعار بالنقص ، فكونك عربيا أميا جاهلا لا تقرأ ، فالأمرعادي جدا، ثم تكرار "اقرأ" و "ما أنا بقارئ" بين جبريل الأمين وسيدنا محمد رسالة تأكيد بأن أولى مصائب هذه الأمة هي عدم القراءة وليس شيئا آخر ، إصرار من هنا ودفع من هناك ... فالعرب شجعان وكرماء وفصحاء ونبلاء ... لكنهم أمة جاهلة.
لنعترف إذا أننا في الأصل أمة جاهلة لا تقرأ ، وأن القراءة شيء طارئ دخيل علينا في تكويننا كعرب ... قولوا لي من كان يقرأ المعلقات التي تزين جدران الكعبة ؟
انتشر الاسلام وخرج العرب من جزيرتهم وتداخلت معارف الأمم والثقافات التي اندمجوا بها ، وإذا بنا نشهد حالة فريدة ، الكثير من الكتاب والمترجمين والفلاسفة والعلماء ، مسلمين غير عرب ، والأمر لا يحمل أية غرابة ، حب هؤلاء للقراءة والعلم والبحث والتدوين والاستكشاف جاء مدفوعا من عنصر تكويني مستمد من ثقافاتهم غير العربية بالطبع.
هذا في ما يخص علاقتنا بالقراءة في الأصل ، وردة فعلنا اللاشعورية كأمة أمرت أمرا بأن تقرأ ... كضرورة وليس كخيار وقناعة، ولأننا أمة لم تجبل على القراءة ولا على العلم ، ولأننا لسنا مصدر العلم ولا نملكه ولا نتحكم في مصدره ، أصبنا بفوبيا المعلومة ، فكل كلمة يجب أن تفحص وتوزن وتعرب وتؤول وتسقط وتقارن وتشذب حتى نتيقن من صلاحيتها لعقولنا وعقول ابنائنا ، نحن لا نريد كل المعرفة بل المعرفة التي نريد فقط ، فلم نقرأ أكثر مما ينبغي لنا ؟
لو وجدت ابنك المراهق يقرأ كتابا أو يتصفح موقعا عن فكر تنظيم القاعدة ستربت على كتفه وتقول له موفق يا بني ... ثم تدير ظهرك وتمشي ،أو لو وجدتي ابنتك تقرأ كتابا تتصفح موقعا عن العلاقات الجنسية ستشاركينها الحديث وتوضحين لها ما خفي عليها ؟
إن كنا أصبحنا - على مستوى الأفراد - أوصياء على المعلومة ، فما بال النظم وما بال المجتمع ؟ وما بالنا نصرخ ... لم لا نقرأ ؟ باختصار ...
عزوفنا عن القراءة ليست ظاهرة بل هي أمر متأصل فينا منذ الأزل .. ففعل الأمر "اقرأ" لا يقال إلا لجاهل أمي ... وهذه حقيقتنا في الأصل ، شجعان كرام اشداء نبلاء فصحاء ... الخ الخ الخ ... لكننا أميون جهلة ... فلمَ نغير طبيعتنا التكوينية ؟"
في نهاية الأمر أقول شكراً أبا صخر على هذا الثراء المعرفي .
- كاتب سعودي
Aloyaidi@gmail.com
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions