بقلم : زينب الأنصارية

كلما ذكر أمامي اسم صلالة تهفو روحي اليها وأخال نفسي اشم رائحة اللبان المنعشة بين احضان طبيعتها الفاتنة ، فما رأيته وعشته خلال الأيام الأربعة التي قضيتها في احضان هذه المدينة الخلابة ذات الطبيعة البكر والتي تستحوذ على كل المشاعر والأحاسيس وتجعلها تنطق بلغة الجمال والفتنة بكل ماهو رائع وما يمكن ان تحمله الكلمة من معنى فيكفي ان ترى اشجار اللبان الخضراء العجيبة بجمالها وهي تخرج برأسها من بين صخور الجبال لينطق لسانك طواعية سبحان الخالق ما اروع خلقك .

فقد فاجأتنا وزارة الإعلام وضمن فقرات برنامجها الذي وضعته للدورة التدريبية الخاصة بالإعلاميين العمانيين بترتيب رحلة الى صلالة للتعرف عليها سبر اغوارها وكنت قد زرتها سابقا في مهمة عمل ونظرا لانشغالي الكثير لم يتسن لي التجوال فيها للتعرف على معالمها ولقد أتاحت لي هذه الرحلة التعرف اكثر على هذه المدينة الخلابة واصفها بهذا الوصف وهذه الكلمة لأنها فعلا تستحقه .

ان ما رأيته في صلالة من طبيعة وكنوز و طيبة لم يمرعلي في أي بلد آخر او مدينة اخرى ففي هذه الرحلة اكتشفت الكثير من كنوزها وتمنيت لو أن عقارب الزمن تتوقف وانا اسير بين الغابات الخضراء والشواطئ البكر وحفاوة واستقبال اهلها لنا سواء في صلالة او ولاية سدح والحاسك وكذلك ولاية ضلكوت الرائعة والكرم الكبير الذي اخجلونا به والعفوية والطيبة اللامتناهية والتي جعلتنا نعيش هذه الأيام بارتياح مطلق لكن وكما يقال فاللحظات الجميلة دائما تمر بسرعة لإغادر بعدها صلالة وانا احمل تلك المدينة الجميلة في كل حواسي والإنسان في صلالة حالة رائعة من العطاء ، فحيثما حللنا وجدنا استقبالا يفوق الوصف وفرش لنا الجميع قلوبهم وعطروا المكان والزمان بأخلاقهم العالية .

بعد اربعة ايام ورغم أنني لم أر خلالها صلالة كلها إلا أنني وبعد ان اطلعت على اهم المعالم وعشت صلالة واقعا ملموسا وتراثا زاخرا وكنوزا طبيعية لاحد ولا حصر لها وحقيقة تنفستها وتجولت في ارجائها بفرح وكثير من الألفة ، فالمدينة ترسم الطمأنينة في قلبك وتشعرك أنك بين أهلك وذويك وما رأيته من خلال هذه الرحلة الممتعة اكد لي بلسان الواقع ان كل ما قرأته عن صلالة قليل وان الذين كتبوا عنها لم يوفوها حقها الكامل لأنها اروع من كل وصف فالأبجديات والقوافي كلها تقف عاجزة عن وصف صلالة بدقة لأنها عميقة عمق اصالة اهلها وتشبعهم بالقيم والمبادئ .

المدينة جميلة بكل ما تحمله الكلمة من معنى وللطبيعة هناك كلمتها فالاخضرار يحاصر الانسان من كل الزوايا ليرسم في النفس حالة من الهدوء الجميل والجو الساحر يشد الانفاس وينعش الروح وحين تتجول في شوارع المدينة تشعر ان هذه المدينة تسكن عمق ذاكرتك وكأنك تعرفها منذ زمن بعيد فهي تمزج الأصالة بالمعاصرة وتعيش يومياتها في هدوء وحركة دؤوبة ، تتوالى اللوحات والمشاهد امامك ، اصالة عريقة في المظهر والجوهر تشد الإنسان وتغزو اعماقه لتعزف حواسه سمفونية انتعاش وارتياح وشعور بروعة المكان .

خلال حديثي مع اهل هذه المدينة لمست عمق الرقي في التعامل وفق الأصول والمبادئ فالبشاشة تكسو الوجوه ولا تغادرها والقلوب تنبض ترحيبا وجوهرة رحلتنا كان تشرفنا بلقاء معالي الشيخ محمد بن مرهون المعمري وزير الدولة محافظ ظفار لحظات لا تنسى حين حلق بنا فوق جميع المشاريع المقامة والمستقبلية التي ستنطلق في صلالة رسمها امامنا لوحة فسيفسائية متكاملة ورسم امامنا المشهد بكل تفاصيله ما تحقق وما سيتحقق مستقبلا فعرفنا الكثير وتكدست المشاهد والمعلومات لتزداد هذه المدينة العريقة توغلا في مشاعرنا لتستقر في الاعماق .

تمنيت كثيرا وانا في صلالة لوأن نواميس الكون تغيرت وتمردت حركة الفصول وجاء الخريف في غير موعده لنعيش تفاصيله ونحن هناك لأن كل ما قيل لنا عن ذلك الفصل شدنا اكثر ورفع حدة الشوق فينا لاكتشاف اسراره وكنوزه ولنعيش لحظاته واقعا ملموسا وقد اسهب معالي محمد بن مرهون المعمري وزير الدولة ومحافظ ظفار في الحديث عن الخريف واهميته السياحية والاقتصادية وعن الجهود المبذولة لتطوير المهرجان وتقديم اضافات جديدة في ظل النجاح الكبيرالذي يحققه مهرجان الخريف كل سنة واختتم جلستنا معه بمفاجأة رسمت البهجة على وجوه الجميع حيث وجه معاليه الدعوة لكل اعضاء الوفد الإعلامي ليكونوا ضيوفا على صلالة ايام مهرجان الخريف وكان الشكر بكل الحواس على هذا الكرم والطيب .

أدرك جيدا أن أربعة أيام لا يمكن خلالها اكتشاف مدينة خاصة حينما تكون هذه المدينة بحجم صلالة لكن اعتبرها بداية اكتشاف لمدينة عجزت الأبجديات والقوافي عن وصفها فهي رائعة بأهلها الكرماء الطيبين ورائعة بطبيعتها العذراء ومواقعها السياحية البكر ورائعة بعبق التاريخ الذي يعطر ارجاءها ورائعة بكل ما فيها .