وحوش مفترسة تحت مسمى بشر!
أطفال يقعون كل يوم فريسة لمن لا يرحم ولا يخاف الخالق سبحانه، نراهم ولا يخترقنا ألمهم، نسمعهم ولا نصغي إليهم، منا ولا نعرفهم، بيننا ولا نعيرهم أي اهتمام! أي نوع من البشر نحن حين نقرأ في الصحف عن قصصهم ثم نطوي الورق ونرفعهم معها على الرف؟! هل هذا دورنا في الحياة، ألا نرى ألا نسمع ألا نتكلم!
طفل يأتمنه أبوه بين يدي مربّ يعتقد أنه فاضل في المدرسة أو حلقة تحفيظ أو مخيم، فيختلي به بعد أن يستميله بكل طرق الإقناع ويحفزه على الابتعاد عن كل من حوله راسما له عالما من المحبة والسعادة والتفهم لما يعانيه من أصدقائه وأهله، مغرقا إياه بالهدايا من الحلويات واللعب، لينقض عليه فيما بعد ويفترسه، ولمن يشتكي المسكين حينها وهو المعتدى عليه والمهدد بأن يستمر أو يشاع خبره بين أهله وأصدقائه!
أرجوكم لا تتركوا صلب القضية وتبدؤوا بالهجوم لمجرد أني أشرت إلى هذه النوعية من البشر أو تلك، فالأمر محسوم والحالات كثيرة، فأنا لا أعمم ولكن أشير إلى تواجد هذه النوعية من الوحوش حتى في أكثر الأماكن التي يجب أن تكون أمنًا وسلامًا.
طفلة تسحبها أمها يوميا إلى الدكان بجانب المدرسة وتؤجرها للعامل هناك بالفتات من المال، ثم تتركها على باب المدرسة تجتر ألمها ورعبها اليومي، وأخرى تعلم ما يجري لبناتها من أبيهم أو إخوتهم وتتغاضى خوفا على نفسها من أن يطلقها أو خوفا من الفضيحة أو أن يصاب أبناؤها بالأمراض إن هم توجهوا بأفعالهم المخزية للخارج أو أقبح من هذا كله ترفض أن تصدق وتكذب ابنتها، وثالثة تترك في رعاية السائق كي يوصلها للبيت بعد أن يتسلى قليلا قبل أن يسلمها للخادمة التي قد تكون شريكته في الجريمة وتتستر عليه لمصالح لها معه، وغيرها وغيرها وغيرها والقصص يحيكها لنا زمن الإهمال ويسطرها في صفحات الواقع وحوشه!
في أمريكا بدأت حملة أطلق عليها "Enough is Enough" من قبل أولياء الأمور والمختصين من علماء النفس والمجتمع، كما افتتح لهم موقع على الإنترنت، ومن أهدافهم بالإضافة للأفلام والحملات والمؤتمرات التوعوية والزيارات التطويعة للمدراس وأماكن العبادة والحدائق والأسواق، المشاركة في القبض على هؤلاء الوحوش والعمل على أن تغير القوانين لتصبح أكثر صرامة في الحكم والتنفيذ.
نحن لا نريد أن يوقع ولي الأمر المعتدي تعهدا ثم يُسلم الضحية ثانية، ولا نريد للمعلم المعتدي أن يحول إلى إداري ويترك له المجال مفتوحا في ساحات المدارس، ولا نريد أن تسحب البنت من أمها المهملة وتترك لها البقية لتفتري بهن، ولا نريد أيضا أن يبعد مدرس حلقات التحفيظ ويترك له بقية أبناء الحي، وبالتأكيد لا نريد أن يرحل السائق أو الخادمة لبلدهما ليفعلا هناك ما كانا يفعلانه هنا، نريد حملات توعية منظمة وقوية على جميع الأصعدة، نريد المتابعة، والقبض على كل الجناة، ونريد قوانين رادعة تصل إلى أقصى حد من العقوبة لكل من يثبت عليه الجرم، وكفانا تعاملا مع القضية على أنها شخصية مرددين: "يالله الستر، هذه فضيحة لا ستر"! إن صرخة الطفل تصل للمنتقم الجبار، متى ستصلنا؟!