ليلى والقدررررر

    • ليلى والقدررررر

      ..... بالغد سوف تعود خالتها إلى المدينة بعد أن قضت ثلاث ليال جميلة بين ربوع البلدة هي وبناتها بعدما كانت ترافقهم ليلى في زيارات أهلها ، كانت فرصة أن تتعلم منهن بعض الأمور مما زاد من فضولها لمعرفة اكثر التفاصيل عن أسلوب حياتهن ، أنهن اكثر اختلاف منها في أمور شتى ـ طريقة الأكل والملبس ولغة التعامل والجدية وحرية الحوار والنقاش دون قيود ــ ألمحت رغبتها في أن تأتي معهن إلا أنها لا تقوى على طرح هذا الأمر لعلمها برأي أبيها في هذا .

      تكفلت خالتها بإقناع أمها في أن تأتي معهم إلى المدينة ، استقبلت أمها الأمر وانتظرت كيف تستطيع أن تطرحه على أبيها دون معارضة منه وكان لها ما أرادت ، فزفت الخبر إلى ليلى والتي ظهرت عليها ملامح السعادة ، فأخذت تبني تصور عن العالم الذي سوف تراه ، جهزت حالها ورتبت حقيبتها وكل ضرورياتها وهي تفكر بالا تكون قد نست شيئا .

      في صباح يوم تال بعد إفطار سريع تودعها أمها بالدموع ، لأول مرة سوف تنام خارج بيت أبيها ضمتها وطالبتها أن تحافظ على نفسها وان تحسن التصرف ، وليلى مشاعر عدة تتصارع في مخيلتها فراق أمها وما رسمته عن أجواء المدينة وما سوف تراه ، أنها سوف تقطع مسافة طويلة بالسيارة وتنتقل من طريق ترابي إلى طريق مسفلت والذي رأته مرات عدة عندما زارت مركز قريتها أثناء بعض المناسبات والأعياد وعندما كان أبيها يأخذهم للتسوق مع هذا لم تتجاوز ابعد من ذلك الطريق .

      إن الطريق إلى قلب العاصمة بالسيارة سوف يستغرق وقت لذا عم السكون بعد أن شعر الجميع بالإرهاق فلم تعد هناك رغبة للكلام ، وهي تتفحص عالمها الجديد وترى أشكال لم تعهدها من قبل كلما اقتربت من العاصمة .. سيارات ومباني لم تكن تراها إلا في كتب الدراسة .

      كانت خالتها قد استقرت بأن يكون لليلي سرير مع ابنتيها بنفس الغرفة نظرا لتقارب السن بينهن ، وبعد مشوار طويل مضني خلال ذلك النهار وصلن ، أخذت تراقب الخارج من خلال شرفات الغرفة تسترجع دخولها للفيلا والشارع وما مرت به من معالم طوال تلك الطريق الطويلة من قريتها إلى هنا .

      على الغداء تحدد موعد المساء ذلك ما تطرقت إليه خالتها فهناك دعوة لحضور خطوبة أحد معارفهم وسيخرج الجميع للمشاركة فيها لذا سوف تجهز هي الهدايا وعليهن التجهيز لهذا الأمر . حاولت أن تعتذر فهي لم تحضر معها ما يتناسب ومثل هذه المناسبات إلا أن بنات خالتها تكفلن بحل الأمر وبدئن بتجهيزها ، لأول مرة تستخدم تلك الأدوات ، تتعامل معها باستغراب وحذر استطعن إظهارها بشكل آخر ، غطت وجهها الألوان وملابس يصعب عليها التحرك فيها كشفت أجزاء منها أصابتها بالارتباك والدهشة لولا أن رأت بنات خالتها على شاكلتها ، قبلت راضخة وإن لم تستحسنه ، طوال الطريق تتفحص حالها وتسأل هل يمكنها أن تنزل بتلك الملابس وهي التي تعودت الحشمة حملت ارتباكها معها ولم تستطع التحدث رغم أن خاطرها مشغول بذلك .

      في أجواء حديقة عامرة بالضيوف أضيئت بها الأنوار الخافتة ، يتولى الخدم فتح أبواب السيارات وبعضهم يتكفل بنقلها إلى المواقف المخصصة لها تصل السيارة وينزل الجميع ، تتعمد أن تكون وسطهم خطوة حددتها مسبقا أن تمشي بحذر لم تتعود على حذاء مقوس عالي ، مشيتها أصبحت بطيئة نوع ما فلقد تأكد لها احتمال سقوطها إذا ما فكرت بان تسرع من خطواتها ، همست لإحداهن بان تراعي ذلك وان تكون بقربها اكثر نظرت إليها وابتسمت وطالبتها بان تستعيد ثقتها في نفسها وان الأمر اسهل مما تتصور شعرت بشي من عدم الارتياح فلا أحد يشعر بمعاناتها أو يرغب في الاستماع إليها .

      ينشغل الجميع وتشعر ليلى بأنها وسط عالم غريب لم تعهده أبدا يربكها الموقف تحاول البحث عن من جاءت معهن أنهن منشغلات مع مجموعات مختلفة فتأخذ الجانب البعيد يطول بها الجلوس فتفضل المشي خارج حدود الحفل حتى تستعيد ذاتها ، تتمنى العودة إلى المنزل ، وبين ممرات تنقطع الأضواء فيها تحت الأشجار العالية تتعثر وهذا ما كانت تخشاه أصابها ألم صرخت ، كان مروره بقربها صدفة جعله يتجاوب مع صرختها رمي ما كان بيديه بدون شعور وهب لمساعدتها على الوقوف بعد أن هدأ من روعها استطاع من خلال الحوار معها أن يتبين بأنها غريبة على هذه المجتمعات إلا أن بساطة أسلوبها وجمالها وهي معه أثناء العودة لملتقى الحفل زاد من فضوله للتعرف عليها اكثر جلسوا في اقرب كرسي لترتاح التفتت إليه لأول مرة تتحادث مع شخص غريب يجالسها بهذا القرب ، بدون شعور انسحبت إلى الخلف فهم مغزى رسالتها كبرت في نظره وبدأت كلما ارتاحت من الآلام تسأل خاطرها عنه حتى أتت عيناهما ببعض كان الصمت فيصل لكل ما دار ولنظرة رسول ذهبت بهم إلى عالم أخر تقاربت معه روحيهما في هذا اللقاء السريع .

      يصل الجميع إلى الفيلا متأخرين ولا أحد يشعر بليلى أنها بوادر الحب التي تنازعها نفسها وهي لما تتعهدها بعد ، تتوسد لتنام وخاطرها يتساءل هل تفاتح بنت خالتها وتشرح لها ما صار وتبين إحساسها التي تعيش فيه ، لا أحد يستوعب أو يلتفت لما تقول هذا حال ليلى للفجر .

      استطاع أن يصل إليها فقد تتبع كل الخطوات وبعد أيام عند منتصف الليل يرن هاتف بنت خالتها وهي نائمة اربك الجميع ذلك الاتصال بأسلوب مهذب تسبقه مقدمة جميلة يعرف بنفسه ويأسف ويتعلل استطاع أن يكلم ليلى تمسك سماعة الهاتف ويدها ترجف حياء لا تعرف ما تقول تفقد صوتها يختصر معها الكلام لعلمه بما يحيط بها .. يطلبها أن تلتقيه عصرا في بقالة الحي ولم يطلب منها الرد واغلق السماعة .

      ....../ يتبع
    • اجزاء....قصة بأجزاء...

      الاخطبوط

      يالله نزل الجزء الثاني بسرعه...

      قصه حلوه...صيغت باسلوب هادئ...
      تحكي قصة كثير من الفتيات عند تغير الحال من القريه إلى المدينه...

      نتظر التكمله.........
    • ... الفصل الثاني

      لم تستطع النوم حتى الفجر تسترجع كل شي تزيدها قلق نظرات بنت خالتها وهي تسلم الهاتف إليها لا جدوى فالوقت متأخر ولم ترغب أي واحدة منهن بمناقشتها تتردد كلمته الأخيرة بأذنها وكيف يتجرأ بأن يطلب مقابلتها وهي لم تلتقي به سوى مرة واحدة صدفة وما الذي دفعه أن يتصرف هكذا ولمَ أراد أن يشوه سمعتها بين بنات خالتها .. مجموعة تساؤلات تقفز في ذهنها لا تعرف الإجابة على اغلبها .

      بعد الغداء تتحاور مع بنت خالتها الأقرب إليها وتشرح لها سر هاتف الليل والذي كان فضولها يدفعها لمعرفة ذلك وتتفقان على تأكيد الموعد فسوف تخرج معها ، يطول الانتظار عليها وهي مرتبكة أحاسيس مختلفة شعور بأنها تتجه خطأ وهاجس الفضيلة التي تربت عليه بدأ يفلت منها نوازع عدة ورغبات جعلها تتأوه وهو مسلك لمن لم يكن على طريق واضح .

      يقترب الموعد وتشعر ليلى بالتردد وتفرض التربية مقامها وترفض الخروج لولا إلحاح بنت خالتها استطاع أن يقوض من ذلك لتخرج لمقابلته بتوجس مريب يحمله إحساسها طوال الطريق.

      يضل الانتظار بالمتجر يأخذ مكانه بينهن لتأخره وأثناء الرجوع للفيلا بدأت تشعر براحة نفسية لعدم حضوره راحة لم تكتمل إذ هاهو يقف في الجانب الآخر من الشارع بمسافة ليست ببعيدة عن مسكنهن يستدعيهن معه للسيارة فتتردد وبعد إلحاح بنت خالتها تنساق لتوجهها ، لا ألومها فطريق صعب يخالف ما تربت عليه من فضيلة .

      يتحرك لوجهة ليس تعلمها ليلى في هذه المدينة العظيمة والتي لم تصلها إلا من أيام ، يحاول أن يهدي روعها بابتسامة اصطنعها ، تسأله وجهته وتتطلبه ألا يبعد كثيرا وتكرر سؤالها المباشر معه ــ تفضل ماذا تريد ــ وهو صامت صمته الرهيب جعلها تأخذ الجانب الآخر من مقعد السيارة ثم يربكها بسؤاله أأنت خائفة .. لا تعرف ما تقول فهي من جاءت بإرادتها معه إلى هذا المقعد يطالبها بالهدوء وانه على استعداد بان يعيدها حالا إذا لم تكن سعيدة معه وبدأ جاد بالأمر أقنعها بجديته وبدئت تشعر بالهدوء سألها الذهاب إلى شاطئ البحر .

      يمر الوقت سريعا في اللقاء الأول وتشعر فعلا بأنها قد تأخرت تسأله العودة حتى لا تفتقدها خالتها معه فـأراد إظهار براعته في قيادة السيارة وبتهور ودون انتباه يدخل الشارع فيما كانت سيارة أخرى قريبة يحاول قائدها أن يتفادى الأمر لكن القدر أسرع مما أراد ويحدث تصادم مروع تتعال معه الأصوات مع صوت الارتطام المدوي تتهشم وتتناثر أجزاء السيارة على الطريق ... ؟

      لقد استطاع من كان هناك وبتعاونهم تقديم الإسعافات الضرورية والإسراع بهم إلى المشفى ، لقد كان الحادث صعب حاول قسم الطوارئ جاهدا الحفاظ على أرواحهم وبعد عدة ساعات استقرت حالة ليلى وأحيلت للعناية المركزة بانتظار ما تسفر عنه الساعات القادمة .

      في الجانب الآخر لم يعد أمام ابنة خالتها أن تنتظر فقد بدأ الليل يسدل أستاره فتوجهت لامها تشرح ما كان من أمر المساء وتبين لها إنها تحاول الاتصال بها بهاتفه منذ اكثر من ساعتين إلا انه مغلق هواجس وتوتر ساد البيت عجزت الأم عن التصرف فلم يتبقى سوى الانتظار وكلما مر الوقت يزداد تأنيبها لابنتها لتصرفها وظهرت العصبية جلية بعدما أطلقت كف دوت له صالة الجلوس وأمرتها أن تعود لغرفتها وإنها سوف تتصرف .

      تتحرك خالتها في اتجاهات عدة تطلب المساعدة من أهلها ومعارفها تعطي أوصاف السيارة واسم سائقها تدب طوارئ البحث عنها سوف يشمل مراكز الشرطة والمستشفيات لم يستغرق الأمر كثير وإذا بخبر صاعق تستقبله غير مصدقة ما كان ولا تعرف له تبرير ولا كيف تفسره .

      أيام صعبة مرت وهي في غيبوبة لا تعي بما يدور حولها خلقت الأسى والإحراج أربكت العلاقات بين خالتها وعائلتها ، وبعد اشهر بدئت الزيارات تقل فلم يعد يزورها سوى أمها في زيارات متباعدة وبنات خالاتها يسترقن الفرصة للاطمئنان عليها ، اثر عليها المرض فوهنت وغاب جمالها ولم يبقى سوى جسد يقال انه لفتاة كانت في غاية الجمال غدر به الدهر وسلمه لمصائبه.
      أصبحت مع مرور الزمن تستشعر ما يدور حولها وتسترجع شي من ذكريات قريتها تتوقف عندها ولا تذكر من المدينة شي حتى القريب .

      لقد تقرر أن تخرج وان تتكيف العيش قعيدة سريرها في بيت أهلها لتعود ليلى إلى قريتها محملة بأسئلة لا يجد لها تفسير سوى أن القدر لا يترك لنا اختيار نهايتنا .
    • [TABLE='width:70%;'][CELL='filter:;']
      أستغرقت وقرأت بتمعن وأنا أتلذذ بكل كلمة طرحت وبأسلوبه الرائع ..
      وأندهشت بنهايه القصة ..
      وحزنت لحال ليلى وحظها العاثر ..
      وسترجعت أن الله لن ينسى العبد .. أبدا ..
      فنهايتها كانت أفضل وأحسن من نهايه تكون أقسى من ذالك بكثير ...
      الاخطبوط فعلا .. أخطبوط القصة .. التي تتشابك فيها أساليبك جميعها بأبداع متواصل ..
      لك تحية مخلصة .. ونرجوا أن لاتفتقدك ساحتنا الادبية ..
      [/CELL][/TABLE]