إلى حشر المنذري .. - جديد معاوية الرواحي

    • إلى حشر المنذري .. - جديد معاوية الرواحي


      في بلادي ما أسهل إطلاق الأحكام .. !!

      وما أسهل الاختباء وراء أسوار الكلمات !!





      [لبيرالي ــ عقلاني ــ علماني ــ سلفي ــ رافضي ــ هلوسة ـ جنون ــ خطر ــ غباء ــ حماقة ــ تزلف ــ معارضة ــ بحث عن دور ــ ادعاء ثقافة ــ ادعاء سياسة ــ ادعاء جنون ــ ادعاء عقل ــ ادعاء تفكير ـ ناشط سياسي ــ معارض ــ عريضة دستورية ــ معارض للعريضة ــ معارض لمعارضي العريضة ــ مع المدونات ـ ضد المدونات ــ كاتب مقال ــ يكتب مقالاً ــ الخ ــ الخ ــ الخ]


      يمكنني أن أبداً من اليومِ حتى صباحِ الغدِ وأنا أضعُ أمامكم الصفات المجَّانية التي يطلقها كل المحسوبين على الأوساط الثقافية العُمانية على بعضهم البعض، كما يمكنني أيضا أن أفعلَ الأمرَ نفسَه وأطلق هذه الصفات أيضاً بشكلٍ مجَّاني، فإلغاء الآخرين والوقوف بانتقائية استعلائية كَبيرة أمام الآخر ورؤاه ومنطلقاتِه وإلقاء الكلام على عواهنه دونَ أن يعرفَ المرء ما يتحدث عنه، يعرف قشورَه وصورَه النمطية، ويعرفُ سماتَه العامَّة ولكنه يجهل جوهرَه وصميمه ويغفل عن الأثر التتابعي، وأثر الدومينو [والفعل] الحقيقي الذي تصدى له البعض يوم سكتت ألسنة وأقلام. التنميط الجاهز سمة من السمات التي يمارسها أولو العقل في بلادي.


      حادثة أولى: مشرفٌ ثقافيٌّ في مؤسسة علمية قام بشكل مدني بالتحفظِ على مشاركة أحد المدونين بحجَّةٍ من الحجج لا يمكن سوى أن تعتبر شخصيةً، ولعل علَّته أن هذا المدون قرأ في السباق في فعاليةٍ في الجامعة مجموعة من النصوص التي اعتبرها الجمهور الحاضر غير ملائمة ناسياً أن الكتابَ نُشر عبر وزارة التراث والثقافة بتصريح من وزارة الإعلام، وكأنما هذا المشرف يقول للطلاب أصحاب الفكرة [لا ترهقونا بمن ستتحفظ العمادة عن مشاركتهم] ويزيد من عنده أن الأمر ليس شخصيا، ماذا إذن؟؟


      الفكرة كلها خارج هذا السياق، والمشرف العزيز هُنا يمارس دور الرقيب ويتحفظ على آخرين أمنيا وكأنما أصبح هو من ضباط جهاز الأمن الداخلي الذي يمنحون الموافقات الأمنية عندما تطلب منهم الحكومة ذلك، حسناً ماذا يمكن أن يقول المرء في هذه الحالة سوى أن أولو العقل في بلادي يتدخلون ويدخلون، ويمارسون سلوكا قائما على رؤى شخصية باسمِ الحفاظ على الآخرين، هو بالضبط ما يسمى [مصادرة الفكر] واتخاذ الأسباب الواهية ستاراً وقناعاً، لماذا؟؟ هذا لكي لا يوضع تحته خط وظيفيا. حسنا هذه حادثة سيكون لها ما لها بعد أسبوع أو أقل.


      &&&



      الحادثة الثانية:


      هل تتذكرون مقالاً للأستاذة خولة الحوسنية تناول المدونين والمدونات؟ كغيرِه من مقالات الكتاب العُمانيين تناول التدوين بصورتِه النمطية كما لو كان هؤلاء الكتَّاب قد اخترقوا الحجب التي فرضت عليهم وكتبوا في كل القضايا التي يرددون لنا ليل نهار [تشغل بال المجتمع]، هذا الذي يريد أن يحشرهم عنوةً في زمرة المُنْتَدَيين، وذاك الذي يريد أن يحملهم بالرغم منهم رسائل سياسية واجتماعية فوق طاقة ما يكتبون، رغم ذلك فقد واصل البعض المشوار وانخذلَ البعض الآخر.


      &&&



      في مقالٍ من مقالاتِه بجريدة عُمان تلك التي اعتاد حشر أن يجعلها عن التسويق، تناول حشر المنذري بثقةٍ تامَّة ما أسماه [مشاريع عُمانية تحتمل الإعلان]، وتلك مقاربة ذكية جدا من حشر أن يجعلَ من الشبكات الاجتماعية مطيةً لكي يسردُ فيها رأيه المُعتاد والنمطي عن المدوَّنات العُمانية.


      يقول حشر المنذري في مقاله:


      " تتزايد أعداد المنضمين إلى عالم الشبكات الاجتماعية مثل الفيس بوك وتويتر يوتيوب والمدونات وغيرها من وسائل الاتصال الاجتماعية التي تعيد تشكيل وصياغة القوانين والممارسات في مجالات الاتصال والإعلام والسياسة والقانون. فنظرية الاتصال القديمة كانت تقوم على المرسل والمستقبل، هذه الشبكات الاجتماعية تجعل الكل مرسلا ومساهما في صياغة رسالة ما مهما كانت بساطة أدواته ومحدودية موارده. فالمنبر الذي تعطيك إياه هذه الشبكات الاجتماعية مثلا يمكنك من اصدار: جريدة، وإذاعة، وتلفزيون بطريقة أو بأخرى.
      حين لا تفهم الكثير من المؤسسات والمنظمات والحكومات قوة هذه الصياغة الجديدة للإعلام تفهمها الشركات الطلائعية التي تقرأ المستقبل، وتشارك في صنعه، لتفهم زبائنها بشكل أفضل، وتضمن ولائهم لفترة أطول.
      كثير من المواقع الالكترونية تبيع مساحات للمعلنين بشكل اعتباطي، دون الإلتفات إلى اهتمام الزبون الزائر لتلك الصفحة بموضوع تلك الإعلانات من عدمه. ولكن حين أتت جوجل غيرت تلك القوانين، ولم تشترط في بيع إعلاناتها على أن تكون مساحات إعلانية مربعة أو مستطيلة فوق صفحة البحث أو على جانبها أو أسفلها، بل جعلت الإعلانات في نتائج البحث نفسها وهي تتسم بالبساطة والوضوح، وتشير إلى تلك النتائج بأنها مواد إعلانية.
      فجوجل موقع يقوم على تحليل كلمات البحث إلى معادلات تعتمد قوانين الاحتمالات واستثناء النتائج غير المتوافقة لتظهر لك مواقع تتفق مع المكان الجغرافي الذي تكتب منه كلمة البحث، وإن كان لك حساب في جي ميل، فهذا يعني أن جوجل يمتلك معلومات ديموغرافية أكبر عنك فيعطيك نتائج أقرب إلى ما يمكن أن تقصده. وتسير على نفس النمط في سياستها الإعلانية، فمثلا لو كتبت في جوجل: السياحة في كلفونيا+أطفال، فقد يظهر لك موقع والت ديزني الإلكتروني في أعلى نتائج البحث (تشتهر ولاية والت ديزني الأمريكية بدزني لاند) ولكن يخبرك جوجل أن موقع دزني لاند في أعلى القائمة لأنه دفع قيمة ذلك كمادة إعلانية.
      موقع تويتر سيعتمد نفس هذه الاستراتيجية التي أوجدها جوجل في سوق الإعلان على شبكة الإنترنت، ولمن لا يعرف تويتر فهو موقع للتواصل الاجتماعي ينتشر بسرعة كبيرة هذه الأيام ويقوم على انشاء شبكة خاصة بكل مستخدم، حيث يتبع عدد من الأشخاص باضافتهم إلى قائمته، ويتبعه آخرون باضافته إلى قوائهم، ويبدأ كل مستخدم بكتابة رسالة مكونة من 140 حرف فقط في كل مرة، يتحدث فيها عن أخباره وأفكاره ويدخل في حوارات مع من هم معه في القوائم. ويقوم حاليا تويتر بتحقيق عائداته المالية من خلال الخصائص التي يقدمها إلى جوجل وياهو ومايكروسوفت، والتي ترخص لهذه المواقع رفع التعليقات المباشرة على تويتر.
      ولكن تويتر أعلن في الأسبوع الماضي أن الوقت قد حان لتجني أرباحا اضافية من خلال استراتيجية إعلانية جديدة، تدعي أنها لا تتعارض مع فكرة تويتر وعلاقته مع زواره. فقد طرح تويتر خطته الإعلانية الجديدة والتي اسماها "تعليقات تويتر الترويجية". وجاء ذلك في جريدة الشرق الأوسط اللندنية عن خدمة النيويورك تايمز. فالمشكلة الحالية التي تواجه الشركات الداخلة في تويتر أن رسائلها التي تكتبها تضيع ضمن آلاف الرسائل التي يكتبها الكثير من المشاركين، كما أن هناك الكثير من النقاط السلبية التي يثيرها بعض الزبائن المنزعجين والتي قد تؤثر على زبائن آخرين ليست لديهم مشكلة. وفي الجانب الآخر لا يريد تويتر أن يزعج زبائنه بإعلانات لا يرغبون في مشاهدتها، ولكن الاستراتيجية التي وضعها تويتر تقوم على أن المعلنين يقومون بشراء كلمات معينية، وحين يبحث أي مستخدم في تويتر عن كلمة مشابهة يظهر له الإعلان، فإن تبعه عدد كبير من الزبائن ومرروه إلى أصدقائهم فذلك يعني أنه إعلان مهم وستتوصل تويتر إلى تفاوض منخفض في قيمة الإعلان تدفعه الشركة. ولكن إن أهمل زوار تويتر الإعلان فهذا يعني أن الإعلان ليس مغريا ولا جذابا، وستتكفل الشركة المعلنة دفع قيمة أكبر. فمثلا لو كتب أحد الزبائن لمجوعة من أصدقائه على تويتر: نلتقي اليوم في ستاربكس. فسيجد وصلة لإعلان عن ستاربكس يتحدث عن قهوة كلاسيكية قديمة أعاد ستاربكس بيعها لزبائنه، فإن وجدها ذلك العميل شيئا مغريا فسيمررها إلى مجموعة من زملائه وهكذا يعتبر هذا الإعلان ذو أهمية للزبائن وسيبقى لمدة أطول. أليست هذه قوانين جديدة تدخلها الشبكات الإجتماعية في قطاع التسويق والإعلان؟ وستبدأ كبريات الشركات الإعلان في تويتر كما صرحت الشركة متضمنة ستاربكس، وبيست باي، وفيرجن أمريكا.
      وفي السلطنة يتزايد أعداد المنضمين لهذه الشبكات الاجتماعية يوما بعد يوم، وانتقلت هذه الشبكات الافتراضية إلى أرض الواقع من خلال تنظيمها لفعاليات عامة، فمنتدى سبلة عمان أقام العديد من الفعاليات الثقافية والاجتماعية. ورعت الحارة تدشين عدد من الاصدارات لكتاب عمانيين. وتجمع مستخدموا تويتر في السلطنة عدة مرات كان آخرها في رحلة بحرية على شواطئ مسقط.
      أما أحدث المشاريع التي تجمع بين الشبكات الاجتماعية الافتراضية على الانترنت والصحافة في السلطنة هو إصدار مجلة الفلق «http://alfalq.com/»، التي يرأس تحريرها المعتصم البهلاني إلى جانب مجموعة من الشباب العمانيين في التحرير والأخراج التقني. وتطرح المجلة مقالات مختلفة يكتبها كتاب معروفون في الوسط الثقافي العماني مثل خميس العدوي ود. شبر الموسوي، ود. زكريا المحرمي، وبسمة الكيومي وعبدالرزاق الربيعي، وآخرون. إن هذه المجلة علامة فارقة في التعاطي مع الشبكات الاجتماعية عمانيا، فبعد حالة العبث التي شكلتها المدونات يطغى صوت العقل هنا، وتبرز القيمة الحقيقية للشبكات الاجتماعية التي تكسر القاعدة. فكم من المال والموافقات والأوراق الرسمية وغير الرسمية التي يجب أن تحصل عليها لاصدار مجلة «طبيعية»؟! ألم تغير الشبكات الاجتماعية قوانين الإعلام؟
      اسمع بين الفينة والأخرى عن مشاريع شبابية عمانية قادمة في هذا المجال، فأحدهم والعهدة عليه أنه سيدشن مدونة تقنية قريبا، وآخر سيدشن مدونة تختص بالإعلانات. وهنا تظهر المدونات المتخصصة والتي ستساهم بشكل كبير في رفع الوعي في مجالات مختلفة، وتكسر الصورة النمطية للمدونات العمانية التي تعاني من الهلوسة والإحباط والسلبية.
      كل هذه المبادرات والمشاريع إلى جانب الأعداد المتزايدة من المستخدمين تجعل من الإعلان عبر هذه الشبكات الاجتماعية خيارا مثاليا للكثير من المنتجات والخدمات التي تستهدف جمهورا خاصا من الزبائن لا يجد صعوبة في نقد السلعة أو إعلانها بكل سهولة"
      &&&



      قرأت المقال مستغرباً، ووضعت تحت عباراتٍ معيَّنة مجموعة من الخطوط العريضة
      " فبعد حالة العبث التي شكلتها المدونات يطغى صوت العقل هنا"

      " وتبرز القيمة الحقيقية للشبكات الاجتماعية التي تكسر القاعدة "

      " وتكسر الصورة النمطية للمدونات العمانية التي تعاني من الهلوسة والإحباط والسلبية."






      هذه العبارات التي كان حشر المنذري يمشي عليها بغلظةٍ وثقةٍ كما لو كان يعرفُ التدوين جيِّدا في عُمان، وكما لو كان متابعاً فعلياً لما يدور في أروقةِ التدوين، جعلتني في حالة تساؤل إن كان هذا الإنسان يعي ما يقولُه وما يطلقه في الهواء من فقاقيع كَبيرة وكلامٍ قرر هو أن يكون مساءلا عنه فور نشرِه في الجريدة.


      وإن كنت أعرف حشر المنذري معرفة شخصية وطيدة وهو صديق رائع من الأصدقاء القدامى فليس من العدل أن أؤاخذَه بما يقولُه لي في مساحتنا الشخصية، ولذلك سأغفل عن تذكِّر ما قالَه لي بعيدا عن سياق كتابته في الجرائد وأؤاخذه هُنا بما كتبَه هو نفسه في مدوَّنته [عمود إنارة].


      في رأيي الشخصي ــ الذي لا يفسد للود قضية ــ أجد أن حشر دخل إلى عالم الخطاب الاستعلائي نفسَه الذي مورسَ عليه ذات يوم، فهو عندما كتبَ مقالَه المعروف، مسقط بلا قلب رد عليه الكاتب داوود الكيومي مُعاتباً إياه على المقالة، جابهه حشر المنذري بمقالته الشرسة التي افتتحها بكلمة [ممنوع التطبيل !!!] يا لطيف الألطاف. هو الآن أيضا جاءَ لكي يمارس الدور نفسَه ولكن ضدَّ من، ضد المدونين والمدوَّنات الذين لم يكلِّف حشر نفسَه عناء ضرب أمثله.


      حركة التدوين في عُمان أوسعُ من أن يأتي حشر المنذري لكي يختصرها بجرةِ قلم، ولا أتحدث هنا عن مدونتي أو مدونات الأصدقاء وإنما عن شريحة عريضة من البشر بدأت [بالكتابة] في المدوَّنات بشكل متوازٍ وفي الفترة الزمنية نفسِها التي بدأت فيها المدونات فورتَها في عُمان في الفترة من منتصف 2008 حتى هذه اللحظة، وفي اليوم الذي كانت المنتديات غارقة حتى أذنيها في تساؤلات علاقة الإداريين بالادعاء العام، ومصير سبلة العرب كانت مجموعة من الكتاب تشقُّ الدربَ والصور النمطية السيئة التي تحاصر من يكتب خارج الإطار غير عابئين بالتصنيفات التي يطلقها مثقف استعلائي يلقي ما لديه ببساطة كما لو كان يعرف ما يقول، بالطبع في هذا السياق لا أقصد الصديق حشر المنذري الذي وقعَ في بعض هذا، ولكنني أقف وألومُه هُنا.


      اللوم يا أصدقاء ليس منبعه أن أطلبَ منها تناول التدوين بالمديح، فكما تعلمون فإن أية حركة اجتماعي إنترنتية ولا سيما في عُمان لا بدَّ لها وأن تتأثر بالواقع الإعلامي الميِّت والمريض في عُمان، لا بدَّ لها أن تتأثر بكتاب الأعمدة الذين يثيرون الغثيان بتزلفهم الواضح لوزراء عُمانيين محددين، ولا بد لها أن تتأثر بأشكال وأنساق الكتابة العُمانية التي لعبَ بعض روَّادها لعبة [الأكروبات] مع المسكوت عنه موهمين العالم [وموهمين أنفسهم ربما] أنَّ شيئا ما اسمه المسكوت عنه يورد البشرَ في السجون، ويدخل الناس في غياهب الجبِّ.


      هؤلاء الذين انطلقوا ذاتَ يوم حاملين أملاً، بعضهم لا يعرف ما يفعل، والبعض الآخر لديه رؤية واضحة، وبعضهم أكاديمي وطبيب وشاعر ومؤلف وقاص وإعلامي ومنهم حشر هذا الذي كتب مقالَه مختصرا كل هؤلاء في جملتيه التين لا يمكن سوى أن أصفهما [المجحفتين ــ غير الدقيقتين] والتين تتبنيان ــ دون قصد أو بقصد ــ الخطاب نفسه الذي يدور في الأرجاء الإعلامية، الأرجاء التي حتى هذه اللحظة لم تستطع أن تكون مقنعة ولو بنسبة مئوية بسيطة لمجموعة من البشر اسمهم العُمانيين العاديين.


      &&&



      عندما يصدر هذا الكلام الكبير من صديق قريب مثل حشر أقعُ في حالةٍ صعبة للغاية، فالصداقة وإن كانت عرضة لاختلاف وجهة النظر فإنَّ الكتابة تتأثر بهذه الصداقة. لا أستطيع أن أكون قاسياً في حقِّ حشر، ولكنه ذكَّرني بأحدهم ذاتَ يوم يتكلَّم عن التدوين وإذا به يذكر تجربتي في [الهذونة] التجربة التي توقفت منذ فترة لا بأس بها، يتحدَّث عن أحداث تعود إلى عامٍ مضى وكأنما حدثت اليوم، أعني لست ضد النقد ولكنني ضدَ الإجحاف الإنساني والإلغاء لأنَّ أحدهم لا يرى في عالم النت والكتابة العُمانية في النت [شيئا يذكر]، هذا ببساطة كلام غير مسؤول نقديا.




      قراءتي لمقال حشر جعلتني أتساءل التساؤل نفسَه، هل الموضوع بهذه السهولة كي يلخصه حشر في جملِه السريعة غير المسؤولة؟ ألم يشارك الدكتور عبد الله الحراصي في ندوةٍ مجلة العربي عن موضوع التدوين والمدونات؟ أليست الشبكات الاجتماعية العُمانية إضافة إلى الفيس بوك والتويتر متأثرة ومؤثرة في التدوين؟ هل قرأ حشر المنذري على الأقل ما يكتبه مجموعةٌ من الأشخاص غير تلك القائمة القصيرة جدا التي يضعها في يسار مدونته؟ أم فعلَ كما يفعل الآخرون يلقون الكلام على عواهنِه؟


      &&&



      لا أخفيكم يا أصدقاء، أنا نفسي أشعر بالإحباط تجاه تجربة التدوين، إحباط الممارس وبقدر ما أنا محبط لا يمكنني أن آتي وأصفها بسهولة بأنَّها حالة هلوسة جَماعية. بجرة قلم ألغي عشرات الكتاب الذين فعلوا الكثير وكتبوا كثيرا عن عُمان وعن شؤونها مخترقين الأنساق الميتة التي لم يخرج عنها الإعلام العُماني المريض.


      أقرأ مدونات مثل مدونة أحمد حسن المعيني، ومدونة التاريخ، ومدونة عبد الله الحراصي، وسابقا مدونة حمد الغيثي وأشعر أن أحداً يريد اختراق هذا العالم السكوني المتعب، أحدهم يريد أن يفكر بصوت عالٍ ويريد أن يطرح وأن يبث رؤاه عن عُمان وعن العالم وعن الإنسان. كنت أحسبُ أن الاستجابة ستكون أسرع وأنَّ انسلاخ عقدة [المسكوت عنه] ستفتح الباب للرجال وللنساء للخروج، ستفتح الباب كما فتحت بسمة الكيومية وسالم آل توية وعمار المعمري أبواباً عديدةً غيَّرت الأنساق المألوفة للكتابة في عُمان. أليس التعدد واختلاف الرؤى من الأشياء الجوهرية التي تترافق مع الحرية؟ أليس كاتب بحجم الأستاذ حشر المنذري أدرى تَماما بهذا التعدد؟ لكي يأتي اليوم ويحدد أن مجلة الفلق [التي هي في الأصل مدونة إلكترونية على الوورد برس كما أعلم] هي المشروع العُماني الوحيد الذي يستحق الإعلان؟ لا أسائلك الآن يا حشر بصفتك كاتباً، وإنما بصفتك تخصصي في الإعلان، أين مشروع الفلق الوليد من مشاريع أخرى موجودة؟ وهُنا لا أسالك ككاتب وإنما كمتخصص في التسويق؟ ولا أقصد الإساءة إلى مجلة الفلق الرائعة ولكن فعلاً هل اكتشفتً فجأة اليوم أنَّها المشروع الوحيد الذي يستحق الإعلان؟؟؟ يا سبحان الله ماذا عن مشاريع عُمان الديجيتال، والمواقع الأجنبية الأكثر قدماً وشهرةً ولها عدد أكبر من المتابعين؟؟


      أم أن هواك الثقافي ووجود أسماء رائعة مثل خميس العدوي وزكريا المحرمي وبسمة الكيومية قد جعلتك تسبغ بلا وعيٍ صفاتٍ على هذا المشروع جعلته [الوحيد مستحق الإعلان]؟؟؟ أم أن الجرائد اليومية نافذة لإطلاق الأحكام دون مساءلة؟


      &&&



      أتذكر الأستاذة خولة الحوسنية وكلامَها الخطير جدا عن [إمكانية] أن يمثل بعض الكتاب [الوطن] بينما البعض الآخر لا يمكنه أن ينسبوا إلى الوطن. أتذكر هذا الكلام وأرى ما تفعله وزارة الإعلام بأديب كبير مثل عبد الله الطائي، وأرى ما فعلَه الرواس ببشر لا مجال لذكرهم الآن، هؤلاء أيضا [مثل حشر في جملِه الواثقة] كانوا ينطلقون أيضا من رؤاهم الخاصَّة والتي يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، ينطلقون من هذه الرؤى وربما ينسون أنهم في خضم دعوتهم هذه يقعون تَماماً في عالمٍ من مصادرة الفكر ومن نبذ الحرية بحجة الخلاف، ومن الدعوة إلى إلغاء الآخر المُختلف لأنَّه ببساطة لا يروق لنا.


      نحن في عُمان على شفى مشاكل اجتماعية هائلة، لدينا مشاكل فعلية من حيث الوضع الاقتصادي ونسب التعليم، ولدينا ذلك الخوف الذي يسكن كل مواطن عُماني على مصيرنا كشعب بعد أن يشغر منصب جلالة السلطان بالوفاة ــ أطال الله عمر جلالته وأبقاه ــ قلقون حيال كلِّ شيء، يأتي هؤلاء الصحفيون الجدد ليس لديهم سوى الكيبورد وما يمكن أن نسميه [ضميراً] وثباتا على مبادئ ورؤى، يأتي هؤلاء كي يقولوا ما يؤمنون به غير عابئين بمن هم مثل حشر الذين سيصفونهم بباحثين عن بطولة أو بعلمانيين، أو بعقلانيين، أو بباحثين عن سجن، يطلقون الصفات والسمات وينسون أنفسهم وغرقهم في الصندوق الذي ربما نسوا أن يفكروا خارجَه ذات يوم.

      قد يرى حشر وجماعته التدوين كما يشاؤون، لا يعني ذلك أن يتنصلوا عن مسؤوليتهم العلمية والأخلاقية تجاه ما يكتبون. لا يختلف هذا الخطاب عن غيرِه في إلغائه، ولأنني الآن ياحشر لا ألغيك أتمنى منك ألا تلغي هؤلاء الذين تحملوا الكثير من إجل إيصال كلمةٍ حرَّة جبن عن قولها آلافٌ من البشر.














      المصدر : مدونة معاوية الرواحي


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions