الحكومات تتجه نحو نظام تشغيل لينكس

    • الحكومات تتجه نحو نظام تشغيل لينكس

      يحظي نظام التشغيل المجاني‏(‏ لينكس‏)‏ المخصص للعمل مع الحاسبات الخادمة حاليا بإهتمام واسع من جانب العديد من الحكومات المركزية والمحلية والوكالات والهيئات التابعة لها بالعديد من الدول فطبقا لتقرير اعده ثمانية من كبار المحللين بمؤسسة ميتاجروب لبحوث تكنولوجيا المعلومات ـ تلقت لغة العصر ملخصا له عبر البريد الإلكتروني ـ فإن حكومات الولايات المتحدة وسنغافورة وبريطانيا وفنلندا والصين وتايوان تبدي حاليا ميلا واضحا لاستخدام لينكس في الحاسبات الخادمة التابعة لها سواء في الادارات الحكومية المركزية أو الإدارات المحلية ويذكر التقرر أن هناك بعض الحكومات ـ كالصين والهند ـ اتخذت سياسات معلنة لتعزيز خبراتها في مجال لينكس داخل بلدانها من أجل تكوين ميزة تنافسية والمشاركة في الطلب المتنامي علي الكوادر والمهارات المطلوبة في مجال برمجيات لينكس فيما استخدمت بعض الحكومات الاخري ـ كالحكومة البريطانية ـ الاتجاه نحو لينكس كإداة تفاوضية قوية أمام مايكروسوفت وحققت من وراء ذلك مكاسب واضحة‏.‏
      ويقول التقرير إن القلق الدولي من التفوق الساحق لمايكروسوفت في الاسواق يعد واحدا من القضايا التي تقود للاهتمام باللينكس المخصص للعمل مع الحاسبات الخادمة بين الحكومات فالسيادة المتزايدة والمتعاظمة التي حققتها مايكروسوفت علي مستوي الحاسبات الشخصية والمكتبية في البداية ثم علي مستوي الفئتين الدنيا والمتوسطة من الحاسبات الخادمة اقلقت بعض متخذي القرار داخل الحكومات عالميا ورأت حكومات الدول الكبري ان هناك مزايا عملية في المساعدة علي تكوين منافس قوي لمايكروسوفت في بيئة الحاسبات الخادمة فعلي سبيل المثال حينما جاء وقت تجديد اتفاقية الترخيص باستخدام نظم تشغيل ويندوز المخصصة للحاسبات الخادمة بين مايكروسوفتو الحكومة البريطانية في وقت مبكر هذا العام استخدمت بريطانيا التهديد بالتحول الي لينكس المبني علي بنية معمارية من إنتل وتهميش ويندوز في حاسباتها الخادمة كأداة للتفاوض علي عقد افضل وعلي الرغم من ان هذا كان نتيجة توصل إليها فريق المشتريات الذكي بالحكومة وليس سياسة ثابتة فقد استطاعت الحكومة البريطانية توفير ما يقدر بحوالي‏150‏ مليون جنيه استرليني في طول مدة هذا العقد وعلي النهج نفسه في الولايات المتحدة فإن وزارة الدفاع ووكالة الأمن القومي ووكالة الفضاء والطيران ناسا والمعهد القومي للمعايرة والتكنولوكيا جميعهم يبحثون استخدام اللينكس والمصادر المفتوحة في حاسباتهم الخادمة‏.‏

      ويذكر التقرير أن ألمانيا لديها مدافعون أقوياء عن لينكس في الحاسات الخادمة داخل حكومتها الفيدرالية وهم يركزون اكثر علي تخفيض التكلفة اكثر من القلق من مايكروسوفت لأن الحكومة الفيدرالية الالمانية مثل الولايات التابعة لها تعاني من عجز كبير في الميزانيات وتبحث عن أي فرصة ـ مدعومة بدراسات متعددة ـ لتقليل التكاليف واكبر مروج لهذا الاتجاه هو وزارة الداخلية التي تدفع الحكومات المحلية نحو لينكس وتدعو ايضا لأن يسود لينكس مجال الحاسبات المكتبية والشخصية وإن كانت ألمانيا ككل تركز فقط علي مجال الحاسبات الخادمة علي اساس المخاوف القائلة بان المستخدمين للحاسبات المكتبية والشخصية سيجدون صعوبة في التحول الي لينكس ولأن وزارة الداخلية لديها عقود متعددة المستويات مع مايكروسوفت لا تستطيع خرقها‏.‏
      وفي الولايات المتحدة يرصد التقرير أن وكالة الفضاء والطيران‏(‏ ناسا‏)‏ تستخدم لينكس في النظم عالية التعقيد مع الحاسبات الخادمة الضخمة ووزارة الدفاع لديها برنامج مؤمن لتقييم لينكس ويستهدف البرنامج تطوير نسخة من لينكس تلبي المعايير الامنية التي تضعها وزارة الدفاع من اجل الاستخدامات العسكرية أما وكالة الامن القومي فأصدرت نسخة مؤمنة من لينكس مستندة الي مفهوم المصدر المفتوح ومستمرة في تحسين الخصائص الأمنية التي طورتها من اجل لينكس وتقوم ايضا بتطوير قدرات جديدة للينكس في مجال تجميع الحاسبات الخادمة معا بشكل عنقودي وغيرها من التفريعات والخصائص الاخري للينكس خلال السنوات الثلاث الاخيرة بينما يطبق المعهد القومي للتكنولوجيا والمعايرة تقليدا أو عرفا يطرح بموجبه ما يقوم به من تطوير وتحسين بشكل عام للجميع اعتمادا علي فلسفة ان اعماله ممولة من دافعي الضرائب ويتوقع ان يستمر المعهد في طرح تحسينات جديدة للينكس وفقا لمفهوم المصدر المفتوح تجعل منه نظام تشغيل كامل الوظائف والخصائص للحاسبات الخادمة‏.‏

      ويري التقرير أن نظام لينكس المخصص للحاسبات الخادمة يمر الآن بمرحلة‏(‏ مفترق الطرق‏)‏ التي تشبه المرحلة التي مر بها نظام يونيكس التاريخي الشهير في بداية الثمانينيات من القرن الماضي حينما تحول مصنعو الحاسبات إلي نظام يونيكس فشيء من هذا القبيل يحدث الآن فقد بدأت شركات كبري مثل آي بي إم وهيليوت باكرد وغيرهم بالتركيز علي لينكس وانتاج حاسبات خادمة مخصصة للعمل به ويري واضعو التقرير
      إن هذا الامر سيكون قضية محورية او حيوية في تطبيق لينكس بواسطة الحكومات خاصة علي مستوي الولايات والحكومات المحلية في الولايات المتحدة وغيرها وكلما كان مفترق الطرق مصحوبا بتطور في البرمجيات الخاصة بلينكس كان من السهل علي المستخدمين ادارة لينكس علي الحاسبات ومن ثم كانوا اكثر قابلية للتحول نحوه‏.‏

      ويتوقع التقرير أن الحكومات في العديد من الدول ـ مثل ألمانيا والصين والهند وتايوان وسنغافورة وفنلندة ـ التي هي مسقط رأس مؤسس لينكس لينوس تورفالدس ـ سوف تطبق وتتجه للينكس بشكل متزايد في حاسباتها الخادمة خلال السنوات القليلة المقبلةويضرب التقرير مثالا بحكومات الولايات بأمريكا التي تعاني‏40‏ ولاية منها من عجز في الميزانيات بسبب الانخفاض الحاد في الدخل من الضرائب الذي تسبب فيه الكساد الاقتصادي ويقف هاجس الامن الداخلي علي قمة اولوياتها علي الاقل خلال العامين المقبلين ولذلك فإن التحرك نحو لينكس بحكومات هذه الولايات سيكون في الحالات التي يلوح فيها توفير قدر كبير في الاموال من خلال الاحلال محل الحاسبات العاملة بنظام يونيكس‏.‏
      أما الصين فهي حالة خاصة نوعا ما فقد كشفت مجموعه شركات برمجيات صينية تعمل تحت رعاية الحكومة الصينية عن توصلها الي نسخة صينية من نظام تشغيل لينكس وقالت انه جري تطويرها لتيحل محل الويندوز واليونيكس في كل الحاسبات الشخصيه والخادمه العامله في الوزارات والادارات التابعه للحكومة الصينية وطبقا لما يقوله جوانج زي جيانج مدير مركز بكين لتطوير انتاجية صناعة البرمجيات ان النسخه الصينيه من لينكس تحمل اسم يانجفان وهي كلمه صينية تعني‏(‏ ارفع الشراع‏)‏ واستغرق تطويرها ستة أشهر وشارك في عملية التطوير كل من مركز بكين لتطوير صناعه البرمجيات وهي مجموعه انشاتها الحكومه الصينيه لتنظيم عمليه تطوير اللينكس في الصين وشركه ريد فلاج للبرمجيات وهي شركة صينية متخصصة في نظم تشغيل لينكس و شركة الصين للحاسبات والبرمجيات حيث قدمت كل من الشركتين نسخة من لينكس تقوم كل منهما بتطويرهما ثم قام مركز بكين باعادة دمج النسختين معا لتخرج منهما نسخة بانجفان التي وجدت طريقها الي‏2800‏ حاسب داخل ادارات ووزارات الحكومة الصينية وحل محل الويندوز كما حل محل بعض النسخ المبكرة من لينكس التي كانت تعمل فعليا في بعض الحاسبات بالادارات الحكوميه وقد تمت اتاحه البناء الكودي او شفرة المصدر الخاصة بنظام يانجفان باتفاقية ترخيص للاستخدام العام للجميع‏.‏

      وكانت مايكروسوفت قد أعلنت من قبل علي لسان ستيف بالمر رئيسها التنفيذي أنها ستعمل علي اضافة المزيد من القيمة والفوائد لنظم تشغيل ويندوز لتكتسب المزيد من القوه امام لينكس وان هناك العديد من الاختيارات قيد البحث وافكارا تحت المراجعة لتحقيق ذلك مشيرا إلي أنه اذا كان ويندوز لا يستطيع المنافسة سعريا مع لينكس فان مايكروسوفت سوف تستخدم مجتمع المحترفين لديها لكي تتفوق بالحيله والذكاء علي بيئه المصدر المفتوح واضاف‏:‏ علينا ان نتنافس مع البرمجيات المجانيه بتحسين القيمه ولكن بطريقه ذكيه و نحن لا نستطيع النزول بالسعر الي الصفر ولذلك نحتاج الي ان نبرر اوضاعنا واسعارنا ومهمتنا هي تقديم منتجات افضل في الاسواق فالقضيه بالنسبه للينكس ليس كونه مجانيا ولكنها قضيه مجتمع للتطوير فمجتمع لينكس ـ مستخدمين ومطورين ـ يطور البرمجيات ويشارك في الافكارومايكروسوفت لديها مبادره لاشاعه الشعور العام بقضيه المجتمع بين المستخدمين والمطورين لنظم تشغيل ويندوز وربط مطوري البرامج مع مستخدميها ليكونوا علي اتصال دائم فيما يتعلق بالموضوعات الخاصة بالمنتج ومايكروسوفت تاخذ في اعتبارها توسيع مبادرة المشاركة في الموارد لتشمل المزيد من المستخدمين بدلا من كونها مقصورة حاليا علي كبار المستخدمين مثل الحكومات والجامعات وتعطيهم جواز مرور ذكيا لغالبية المصدر الكودي أو شفرة المصدر الخاصة بنظم تشغيل ويندوز‏.‏
      في النهاية طالب المحللون الذين وضعوا التقرير مسئولي تكنولوجيا المعلومات داخل الحكومات بأن ياخذوا في اعتبارهم لينكس كنظام تشغيل محتمل سواء عند تغيير نظم التشغيل الموروثة أو القديمة لديهم أو عند شراء او تطوير تطبيقات جديدة ويجب ان يقوموا بتحديد اختياراتهم علي قاعدة التكلفة الكلية للملكية والتأمين وغيرها من القضايا المهمة الاخري اكثر منها النظر الي روح او سمعة نظام التشغيل وطالبوا شركات ومؤسسات تكنولوجيا المعلومات بأنها يجب أن تأخذ في اعتبارها ان تقديم لينكس في مراكز البيانات وتجمعات الحاسبات الخادمة سوف يزيد من مستوي التعقيد في إدارة النظم ككل بإعتباره نظام تشغيل جديدا يضاف الي الخليط القائم وعليهم التأكد من أن البرمجيات المناسبة للإدارة متاحة قبل اضافة أي حاسب خادم يعمل بلينكس الي بيئة العمل القائمة‏.‏