حسناً من الصعب تجاهل ما يفعله السلطان قابوس في عام 2010م العام الذي ينتظر فيه أن يكمل أربعين عاماً منذ أن تولى الحكم في عُمان. كنتُ ولا زلت مندهشاً كغيري أن ينزلَ السلطان قابوس بكل ثقله السياسي والإداري والقيادي من أجل المرأة العُمانية، هذه خطوة لا يقوم بها أي رجل ولا يمكن أن تتقبل بسهول في مجتمع تُعامل فيه المرأة في بعض جيوبه كما لو كانت متاعاً زائداً من أمتعة الرجل، ومع ذلك فعلها السلطان قابوس.


وصحيح أن حكومة عُمان، وجامعة السلطان قابوس تمايز بين الذكر والأنثى بشكل فادح في نسب الدخول إلى جامعة السلطان قابوس نفسه إذ يسمح للطلاب الذكور بالدخول إلى تخصصاتٍ معيَّنة بنسبٍ أقل إذ يؤخذ عدد من الذكور والإناث مفرقين في ذلك بناء على جنس، ويبدو أن جلالته سعى لتخفيف هذه الهوة من خلال اعتماد 500 بعثة سنويا للفتيات للدراسة، تعليم المرأة بأي شكل من الأشكال هو طريق خلاصها من كلِّ شيء، وأنا شخصياً سأؤيد أي قرار يعلِّم المرأة حتى لو كان ذلك بأن تعكس الحكاية وتنشأ جامعة خاصة للنساء.



بالطبع وكأي شجرة مثمرة ستخرج الآن مئات المتسلقات والدجالات والمتاجرات بقضية المرأة، سيخرجن من الولايات والقرى ويتربحن من الحكاية بطريقتهن ــ لا بأس ــ ذلك متوقع في مكانٍ مثل عُمان، وسوف تلوع أكبادنا بالمديح الذي يغث الفؤاد عن المرأة في عصر قابوس، وسوف يدخل غير الموضوعيين في الخط وهم يكيلون المديح الزائد. ليس هذا ما أريد قولَه، ما أريد قولَه أن سلطاناً من دولة عربية قد نزلَ بكلِّ ثقله لدعم المرأة في بلادِه، لا أعتقد أن ردة فعل المجتمع ستكون كبيرة لأن صاحب الأمر هذه المرة هو السلطان، ولكنني أتوقع مقاومة وممانعة، والسلطان نازل بكل ثقله في دعم المرأة، الآن أريد أن أعرف ماذا سيفعل الرجعيون والطغاة والمتسيدين على المرأة بأنفسهم؟ هل سيتحدون السلطان ؟؟؟ أبغى أشوف واحد يسويها.





إليكم نص المرسوم التاريخي:
مرسوم سلطاني رقم / 55 / 2010 / بإجراء تعديلات في بعض القوانين


نحن قابوس بن سعيد سلطان عمان .


بعد الاطلاع على النظام الأساسي للدولة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم/ 101 / 96


وعلى قانون السلطة القضائية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم / 90 / 99


وعلى قانون الإجراءات المدنية والتجارية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 29/ 2002 م


وبناء على ما تقتضيه المصلحة العامة .


رسمنا بما هو آت


المادة الأولى.. تضاف بعد كلمة/الطعون/ الواردة بالفقرة الأولى من المادة/2/ من قانون السلطة القضائية المشار إليه عبارة/ ودعاوى العضل/.


المادة الثانية.. تضاف فقرة ثانية للمادة/273/ من قانون الإجراءات المدنية والتجارية المشار إليه نصها الاتى..


" واستثناء من حكم الفقرة السابقة تختص دائرة المحكمة الشرعية بالمحكمة العليا دون غيرها بالفصل فى دعاوى العضل التي ترفع إليها وفقا للإجراءات والقواعد المنصوص عليها في هذا القانون المتبعة أمام محاكم الدرجة الأولى.


ويجوز للمرأة التظلم من الحكم الصادر برفض دعواها المشار إليها في الفقرة السابقة إلى جلالة السلطان بطلب يقدم إلى ديوان البلاط السلطاني خلال ثلاثين يوما من اليوم التالي لتاريخ صدور الحكم".


المادة الثالثة.. ينشر هذا المرسوم في الجريدة الرسمية , ويعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره .


صدر في.. 19 من جمادى الاولى سنة 1431 هـ


الموافق.. 4 من مايو سنة 2010م


سس/العمانية/سس



حسبما أعرف فإن التزويج في المحكم شيء قائم في عُمان، وأنا لست مفتيا قانونيا كي أقول كلاماً مهما عن المرسوم من الناحية القانونية، يهمني من الناحية الرمزية أن تُشعر كل النساء في عُمان أنهن لن يعضلن بسهولة، كيف يعضلن والأمر له علاقة برسالة إلى السلطان ترفع عبر ديوان البلاط !!! يا للهول وذلك من أجل عضل امرأة، الرسالة قوية وواضحة، من كان يريد أن يتحدى السلطان فليعضل بناته.


سيفكر آلاف من أولياء الأمور الذين لا يزالون يعيشون عصور الحريم والسبايا ألف مرة قبل أن يدخلوا في تحديات تفوقهم. ما يثير استغرابي هي ردة الفعل الباهتة من النساء بعض الشيء، وبالفعل الموضوع صعب الخوض فيه وستنتظر من تكتب في هذا السياق سياطا هائلة من قبل المجتمع، لا علينا ثمة رائعات مثل بسمة الكيومية وأميرة الطالعية سيفعلن بعض الكتابة عن الأمر، وثمة شيء يحلحل هذا الجمود ولا مانع أن يأتي هذه المرة بمرسوم سلطاني على سن ورمح.




لن يحدث التغيير بين ليلة وضحاها وإن كنَّ اليوم عشرات فغدا يصبحن مئات، وبعد غد يصبحن آلاف وحينها يمكن أن نسمع بوضوح عصر المرأة العُمانية الذهبي وهو يخرج رويدا رويدا من كبد هذه الظلمة الحالكة. ليس لدي ما أثرثر عنه، سعيد أن المرأة التي تشعر أن دائرة المحكمة الشرعية [خذلتها] في الحكم، أن تستطيع مخاطبة صاحب الجلالة مباشرة، وتلك رسالة رائعة أخرى من الرسائل التي يمكنني أن أؤيدها كما أقول الآن تلميحاً لا تصريحاً.