* يتناقلونه جيلا بعد جيل من خلال المحافظة على طقوسه وكلماته وإيقاعاته

قريات- محمد الدرمكي

يعد فن الشرح من أشهر الفنون الشعبية بولاية قريات حيث إنه من الفنون القديمة الحديثة التي حافظت على أصالتها طوال السنوات المنصرمة والشرح هو فن زينة جامع بين الكلمات الشعرية المعبرة عن المدح والذم وبين الأداء الحركي والإيقاعي, ويشترك في أدائه النساء والرجال كما يتشابه مع فنون أخرى وقد تختلف مسمياته في بعض الولايات ولكن الثابت أن فن الشرح بولاية قريات كان وما زال محافظا على هويته وعاصر الحداثة والتقدم, كما يتشابه فن الشرح مع فن البرعة بمحافظة ظفار وذلك بالكلمات والإيقاعات المستخدمة, ويصنف فن الشرح من فنون التطبيب الشعبي.

تتخصص فرقة " قريات لفن الشرح" بهذا الفن مع عدة فرق بالولاية ولكنها تعد الفرقة الأولى والأعرق والأقدم في مجال فن الشرح, حيث أنها فرقة متوارثة بين الأجيال ويعود تاريخها إلى سنين بعيدة بحيث أنه لا يمكن معرفة تاريخا بالتحديد, ويتناقل مورثها جيلا بعد جيل ويطور فيها بحيث يحافظ على طقوسها وكلماتها وإيقاعها المميز, فقد تم عمل إضافات تتناسب مع الفن وقيمته الشعبية حيث خصص لهذا الفن أماكن معينة يؤدى فيها, بحيث تبعد هذه الأماكن عن مواقع السكنات ويتكون المكان من صالة كبيرة تتناسب مع الأداء الحركي والرقص ومواقع الزوار.

يستقل الزائر والطارب لفن الشرح باللبان وبرشة ماء الورد وهناك طقوس لا يفهمها الزائر من الوهلة ولكن قد يستوعبها حين تتوالى الأحداث ابتداء من طريقة الجلوس إلى بدء الشرح واستقبال المضيفين والخروج بالزفة ومن ثم إكرام الضيوف. وقد يكون الشرح ليلة واحدة وقد يستمر ثلاثة أيام بلياليهن بحيث يبدأ الشرح أول النهار ويتوقف الظهر ويعود من جديد عند العصر ويتوقف عند المغرب ويبدأ من جديد بعد العشاء ويستمر حتى نهاية السهرة, وتستخدم في الشرح إيقاعات محددة وهي الرحماني وثلاثة مراويس.

يتنوع فن الشرح وكل منه له كلماته ورقصته وطقوسه ومن أنواعه ( الزفين ـ والقادري ـ والعيدروسي ـ والرفاعي ـ وفن الحلايل ـ والزفة ـ والساحلي), والزفين هو من أشهر فنون الشرح ويتميز بكلماته الرنانة والمعبرة حيث يتشابه الزفين مع فن البرعة الظفارية سواء بالإيقاع أو الكلمات وقد التقطنا بعض كلمات هذا الفن مثل:

أربع حميمات فوق رأس الجبل باتن وطايح عليهن ندى أربع يو خالقي ماتن لن كنت ناوي على مسقط ومتعني جيبلي زبادي خوخ ورماني وسكين فوري شلوها السلاطين ولن جيت عالباب أمك ما تخليني ثنينه مزافين على طولهم واحد فالسن واحد و فالطول متباين وفي كلمات أخرى من الزفين لراشد الجهضمي يقول: بالأكرام مرحبا بالأكرام رحبوا سلطاننا قابوس مرحبا بالأكرام بالأكرام مقامكم بالأكرام رحبوا سلطاننا قابوس مرحبا بالأكرام بالأكرام يا بن سعيد بالأكرام رحبوا سلطاننا قابوس مرحبا بالأكرام وتعتبر الزفة أحد فنون الشرح وهي تغنى بطريقة مغايرة ولها كلمات خاصة ولحن مختلف مع اتفاق إيقاع الطبل في جميع أنواع الشرح, حيث يكون الجميع واقفا في الزفة ويتم التحرك مع الرقص بحركة منظمة.

حدثنا رئيس فرقة قريات لفن الشرح راشد بن مرهون الجهضمي عن تاريخ الفرقة المتناقل وأهمية المحافظة على هذا الموروث الشعبي باعتباره من ثمرة الأجداد ويعد مخزوناً شعبياً وتقليدياً يفترض الاهتمام به. حيث قال : الفرقة لها مشاركات عديدة ومتنوعة سواء في المهرجانات والملتقيات والمناسبات الوطنية والشعبية, كما تمنى الجهضمي أن تحظى الفرقة باهتمام أكبر خاصة من قبل الإعلام لا سيما الإعلام المسموع حيث أن هنالك عدة برامج تعني بالفنون الشعبية ولكن لحد الآن لم تطلب الفرقة وكونه يترأس أعرق الفرق في فن الشرح قال: "كم تمنينا تمثيل الدولة سواء في الخارج أو الداخل وألا تنحصر المشاركات لبعض الفنون على حساب الفنون الأخرى كما هو حاصل اليوم", واستكمل الجهضمي: "لدينا الكثير من الفنون ونمتلك القدرة والاستعداد التام للمشاركة في جميع المناسبات لأن موروثنا الشعبي زاخر وقد ورثناه عن أجدادنا وسنورثه لأجيالنا كي يقوموا بمهمتهم من أجل ايصال تراثنا لأنه يمثل هويتنا".