* يعود اهتمامهم بـ"اللون الأحمر" لأنه طرد الحيوان المفترس "نيان" أما "عيد القوارب" فلحماية شاعرهم الكبير من "التنين" .
بكين -د.حاتم جبارالربيعي
تحتفل كل الشعوب عادة بأعياد قومية و دينية ولكن الاحتفالات في الصين متميزة عن غيرها . إذ تكون معظمها نتاج الأساطير والحكايات الشعبية والأشخاص الذين لهم دور في حياة شعوبهم، لذلك فإن التطرق إليها يحمل متعة خاصة. فهي ذات مضمون ثري وتحمل تاريخاً عريقاً وهي جزء من ثقافة الأمة الصينية.
تشكلت معظم الأعياد التقليدية الصينية بأشكالها البدائية في عهد أسرة تشين (221-206 ق. م.) واتخذت هذه الأعياد طابعا مستقرا في عهد أسرة هان ( 206 ق. م.-220م) التي شهدت أول فترة تنمية عامة كبيرة بعد توحيد الصين. وفي فترة أسرة تانج (618-907 م) تحررت الأعياد التقليدية من أجواء الغموض والسحر التي سادت خلال المراسم البدائية لتقديم الاحترام للآلهة وأصبحت أعياداً أكثر ثراءً وتنوعاً. وهنالك تنوع كبير في الأعياد الصينية بين أقليم وآخر بسبب وجود 56 قومية في الصين لذلك سنركز في حديثنا على أهم الأعياد التي يحتفل بها الشعب الصيني كافة.
* عيد الربيع.
في بداية العام 2007 وهو أول عام نستقبله ونحن نعيش في الصين امتلأت شوارع بكين بالألوان الحمراء إذ علقت في كل مكان قطع من القماش الأحمر كتبت عليها كلمات صينية متكررة ونشرات كثيرة حمراء للزينة فيما شاهدنا العديد من المحلات تعرض بضاعتها من الأنواع المختلفة للألعاب النارية، حتى أن بعض الصناديق تحتوي على 4000-6000 قطعة، والمواطنون الصينيون يحملون تلك الصناديق وكأنها حصة تموينية كالتي كنا نستلمها في العراق. وخلال المساء سمعنا أصوات طلقات نارية ومتفجرات شديدة القوة فاقت كميتها وشدة انفجاراتها ما عشناه في العراق خلال حروبه الدامية منذ العام 1980 حتى العام 2003، فأعادت لذاكرتنا تلك الأصوات المفزعة, فأخذنا نستفسر عما يجري فطمأنونا وأخبروننا بأنها استعدادات لعيد الربيع , إذ ستودع الصين في فبراير سنة "الكلب" لتستقبل سنة "الخنزير" وهو أول عيد تقليدي صيني في السنة كان يدعى عيد رأس السنة القمرية الجديدة حتى العام 1911، وبعد ذلك أخذت الصين تستخدم التقويم الميلادي لذلك تغير اسمه الى عيد الربيع وهو يحل للفترة من أواخر يناير إلى أواسط فبراير.
تعود احتفالات رأس السنة القمرية أو عيد الربيع إلى العام 2600 قبل الميلاد. ويعتمد التقويم القمري الصيني السنوي على دورات القمر وتستغرق الدورة الكاملة 60 سنة وتتألف من خمس دورات مدة كل واحدة 12 سنة. ومن الغريب أن تجد تسمية كل سنة من السنوات الـ 12 بأسماء 12 حيوانا . وأول السنوات الـ 12 تبدأ بسنة "الفأر" تعقبها سنوات الثور والنمر والأرنب والتنين والثعبان والحصان والخروف والقرد والديك والكلب والخنزير. وأسماء هذه الحيوانات مشتقة من أسطورة بوذا (558 ق.م.-483 ق.م.) واسمه الأصلي "سيذهارتا جوتاما" مؤسس الديانة البوذية، الذي دعا كل الحيوانات للمجيء إليه قبل ان يرحل عن الأرض ولم يأت إليه سوى 12 حيوانا مخلصا لتوديعه، ومكافأة لهم على ذلك سمى كل سنة باسم حيوان حسب ترتيب وصوله. لذلك فإن كل صيني يحتفظ باسم الحيوان الذي صادف سنة ولادته إذ يعتقد الصينيون أن الحيوان الذي يحكم السنة التي يولد فيها الشخص له تأثير عميق عليه ويقولون له إنه الحيوان الذي يختبئ في قلبك!.
ويعد "الفأر" من الحيوانات المحببة في الصين فهم يعتقدون أنه يجمع المجوهرات والذهب فإذا مكث "الفأر" في البيت فهو نوع من التفاؤل لجمع الثروة في البيت. لذا فإن العديد من الصينيين يستعدون للإنجاب في هذا العام اعتقادا منهم بأن المولود في هذا العام سيجلب الحظ معه وسيكون سعيدا في حياته إلى الأبد! أما من يلد خلال سنة الخنزير فسيكون محظوظا طوال حياته.
ويعود اهتمام الناس باللون الأحمر وإطلاق الألعاب النارية - كما ذكره الكاتب عدنان الربيعي في كتابه "رحلة الشتات والصين" - إلى حكاية قديمة من حكايات الصين تقول الحكاية إنه خلال العصور القديمة كان يوجد في الصين حيوان مفترس على رأسه قرن، يسمى ( نيان) ، يعيش في قاع البحر، ويصعد إلى الشاطئ عشية رأس السنة الجديدة -حسب التقويم القمري الصيني - ، ليأكل المواشي والبشر، لذلك يهرب كل السكان، كباراً وصغاراً، من كل القرى إلى أعماق الجبال في هذا اليوم. وفي إحدى السنوات، بينما كان الناس في قرية "تاوهوا" مستعدين للهروب إلى الجبال ، رأوا متسولا مسنا أشيب الشعر يتوكأ على عصا قادما من خارج القرية، ويحمل على ظهره حقيبة سفر، وكانت عيناه لامعتين مثل نجمتين! وكان الناس مذعورين ومشغولين في إقفال الأبواب وحزم الحقائب وجر المواشي، فلم يستطيعوا الاهتمام بذلك المسن. فقدمت عجوز تقيم في طرف القرية الشرقي بعض الأطعمة له ونصحته بأن يسارع بالذهاب إلى الجبل فراراً من ( نيان) ، لكن المتسول قال لها مبتسماً : إذا سمحت لي بأن أقيم في بيتك ليلة واحدة سأطرد (نيان)! لم تصدقه العجوز واستمرت في تقديم نصيحتها له ، فلم ينبس المتسول ببنت شفة مبتسما، فلم تجد العجوز بداً من أن تتركه لتذهب إلى الجبل.
ودخل الحيوان (نيان) القرية منتصف الليل، ووجد أن حالة القرية تختلف عما كانت عليه خلال السنوات الماضية، حيث وجدت بيت "العجوز" شرقي القرية مضاء بالشمع وملصق على بابه ورق أحمر، فأطلق صيحة مخيفة وانقض على بيت "العجوز" . وما أن اقترب من باب البيت حتى وصل إلى أذنيه صوت تفجيرات، ارتعش الحيوان (نيان) ولم يجرؤ على الاقتراب من البيت لأنه كان يخاف من اللون الأحمر ولهيب النار وصوت الانفجارات . وعندما فتح الحيوان المذعور باب بيت العجوز، رأى مسنا يرتدي جلبابا أحمر يقهقه بصوت عال، فهرب الحيوان (نيان) فورا.
وكان اليوم التالي هو أول يوم من السنة الجديدة، حيث عاد سكان القرية من الجبل واندهشوا لاكتشافهم أن القرية لم تصب بضرر . أدركت "العجوز" فجأة الحقيقة وحكت للناس ما حدث، فاندفع الناس إلى بيوتهم ليجدوا الورق الأحمر على الأبواب وبعض سيقان الخيزران التي لم تحرق تماما ولا تزال تحدث أصواتا وبقية الشمع الأحمر.
ومن أجل الاحتفال بنزول البركة في القرية لبسوا أزياء جديدة وتبادلوا التحايا . وانتشر هذا الأمر في القرى المجاورة فعرف كل الناس طريقة طرد الحيوان (نيان).
ومنذ ذلك الوقت وفي عشية السنة الجديدة وتسمى ليلة الوداع تلصق كل أسرة شعارات حمراء خاصة بعيد الربيع على باب منزلها، وتشعل ألعابا نارية ، وتوقد شموعا طول الليل ويسهر أفراد الأسرة الى وقت متأخر من الليل. وفي صباح أول يوم من السنة الجديدة يتبادل الناس الزيارات والتهاني, وتستمر احتفالات العائلات لعدة أيام ويتحمس الجميع لإطلاق الألعاب النارية طوال الليل حتى الصباح ليس حبا في التسلية فقط بل حفاظا على النفس من الشرور وللتأمين على حياتهم خلال السنة الصينية الجديدة. ومن حسن حظنا بأنه لايسمح بإطلاق الألعاب النارية داخل المبنى الدبلوماسي الذي يسكنه الدبلوماسيون حفاظا على السلامة بعد أن تعرضت دور سكن وعمارات كثيرة إلى حرائق. وعانى كثير من الصينيين من حروق بسبب سقوط العيارات النارية عليهم، ولكن أصوات الانفجارات من المناطق القريبة كانت كافية لاستيقاظنا ولعدة ليال حتى الصباح. * عيد الموتى "الصفاء والنقاء"
النظام المتبع في الصين هو تغيير أيام الإجازات لتضم إلى إجازة الأسبوع لذلك يحل "عيد الموتى" قبل أو بعد الخامس من أبريل . وشرع هذا العيد من قبل إمبراطور صيني تخليداً لذكرى مسؤول مخلص ضحى بحياته لإنقاذ حياة الإمبراطور قبل أكثر من 2500 عام، وتدريجيا أصبح ذلك اليوم مناسبة تقليدية لتقديم الولاء للأسلاف وزيارة أفراد العائلات لرفات الموتى في مقابرهم. ويقيم الصينيون خلاله أيضا أنشطة كإحياء ذكرى الشهداء وزيارة أضرحتهم. ولأن ذلك اليوم يصادف اعتدال الجو واخضرار النباتات خلال الشهر الرابع، اعتاد الصينيون الخروج إلى ضواحي المدن المكسوة بالخضرة للتنزهه .
ويستمر احتفاء الصينيون بموتاهم حتى اليوم السابع والعشرين من شهر أبريل وهو موعد الذكرى السنوية لإعلان حرق جثث الموتى الذي أصدره الزعيم "ماو تسي تونج" العام 1956 بهدف الاقتصاد بمساحات الأراضي واستغلالها للزراعة و غيرها من الفوائد.
* عيد قوارب التنين
يسمى عيد قوارب التنين بعيد "الخمسة المزدوجة" كونه يقع في اليوم الخامس من الشهر الخامس وفقا للتقويم الزراعي الصيني "في يوليو عادة ". ويعود تاريخ ذلك العيد إلى أكثر من 2000 عام إحياء لذكرى الشاعر الصيني تشيوي يوان (340-278 ق.م.) الذي كان وزيرا وشاعرا كبيرا في مملكة تشو "مقاطعتي هوبي وهونان وسط الصين حاليا" خلال عصر الممالك المتحاربة (475-221 ق. م.).
وتتلخص معاناة ذلك الشاعر الكبير بأنه كان يدعو إلى مواجهة ضغط مملكة تشين ومقاومة اعتداءاتها على دويلته، مما وضعه في مواجهة مع الأرستقراطيين في البلاط الملكي فأقاله الملك من منصبه ونفاه من العاصمة وفي المنفى نظم قصائد عظيمة هي: "الشكوى" و" سؤال السماء " و"الأغاني التسع" وغيرها من القصائد المشهورة التي تركت تأثيرا كبيرا وممتدا على الأدب الصيني . وخلال العام 278 قبل الميلاد استولت دويلة تشين على عاصمة بلاده فألقى هذا الشاعر نفسه في نهر "ميلو " الكائن فيما يعرف اليوم بإقليم "هونان" في اليوم الخامس من الشهر الخامس حسب التقويم الزراعي الصيني ، وتسابق أبناء مملكة "تشو" إلى المكان بالقوارب للبحث عنه وأحدثوا ضوضاء عالية لإخافة الأسماك وأسقطوا كرات الأرز والبيض في النهر لإغرائها بالابتعاد عن جثة تشيوي ، فيما شرع طبيب مسن بصب إناء من الخمر في النهر لتسكر الحيوانات في النهر فلا تؤذيه. منذ ذلك ظهرت عادات سباق قوارب التنين، وتناول طعام "تسونج تسي" عند حلول ذلك العيد وهو رز ملفوف بورق الخيزران يشبه "الدولمة" المعروفة بالطبق العراقي. وكجزء من تقاليد العيد تقيم مختلف المناطق سباق قوارب التنين الذي يؤكد التعاون وقوة الجماعة في تحقيق الفوز ويخصص للسباق كأس يسمى "كأس تشيوي يوان" لقوارب التنين.
وتصنع تلك القوارب خصيصا لهذه المناسبة ، وهي قوارب ضيقة عرضا يصل طولها إلى 30 مترا في أقصاها تمثال تنين منقوش و مزين بدقة وعناية وعلى كل قارب نجد 30 مجدّفا يظلون جالسين، وفي الوسط نجد شخصين أحدهما يعزف "الدف" و الآخر الصنج الصيني "الجونج" ، وفي مقدمة القارب يعطي إشارة لبدء التجديف بواسطة راية حمراء مرددا أناشيد العمال. وعلى الضفاف يشجع جمهور المتبارين بالهتافات . و"التنين" من الكائنات الأسطورية ذو شكل أفعواني أو شبيه بالزواحف، ورد اسمه في الكثير من الثقافات والأساطير في جميع أنحاء العالم. له أجنحة وفي بعض الأساطير لا يملك أجنحة، ويقال في بعض الأساطير إنه ينفث نارا من فمه. وأكثرها شهرة التنين الأوروبي المستمد من مختلف التقاليد الشعبية الأوروبية، والتنين الشرقي، مثل التنين الصيني. ويعود سر اختيار التنين رمزاً لذلك العيد إلى معتقدات شعبية تقول إن الأنهار مسكونة به وهو المخلوق الذي يخشى منه أن يأكل جسم الشاعر "تشيوي يوان" . ومن خلال ماتبين أعلاه فإن الأعياد التقليدية الصينية تراكم لتاريخ وثقافة الأمة، حيث يظهر التراث الثقافي للأمم من خلال عادات وتقاليد الأعياد إذ تمتزج العبادة البدائية والخرافات والمقدسات والحياة الدنيوية والدينية اضافة إلى الاحتفال ببعض الشخصيات التاريخية التي كان لها دور مميز بحياة الشعب. أما في حياة الأمة العربية فلا نرى للأساطير دورا في نسج أعيادها وهذه ناحية إيجابية، والاحتفال بذكرى بعض الشخصيات المهمة قليل وقد يواجه بالنقد ويتهم بالخرافة من يحتفل بذكرى شخصية دينية مهمة.
بكين -د.حاتم جبارالربيعي
تحتفل كل الشعوب عادة بأعياد قومية و دينية ولكن الاحتفالات في الصين متميزة عن غيرها . إذ تكون معظمها نتاج الأساطير والحكايات الشعبية والأشخاص الذين لهم دور في حياة شعوبهم، لذلك فإن التطرق إليها يحمل متعة خاصة. فهي ذات مضمون ثري وتحمل تاريخاً عريقاً وهي جزء من ثقافة الأمة الصينية.
تشكلت معظم الأعياد التقليدية الصينية بأشكالها البدائية في عهد أسرة تشين (221-206 ق. م.) واتخذت هذه الأعياد طابعا مستقرا في عهد أسرة هان ( 206 ق. م.-220م) التي شهدت أول فترة تنمية عامة كبيرة بعد توحيد الصين. وفي فترة أسرة تانج (618-907 م) تحررت الأعياد التقليدية من أجواء الغموض والسحر التي سادت خلال المراسم البدائية لتقديم الاحترام للآلهة وأصبحت أعياداً أكثر ثراءً وتنوعاً. وهنالك تنوع كبير في الأعياد الصينية بين أقليم وآخر بسبب وجود 56 قومية في الصين لذلك سنركز في حديثنا على أهم الأعياد التي يحتفل بها الشعب الصيني كافة.
* عيد الربيع.
في بداية العام 2007 وهو أول عام نستقبله ونحن نعيش في الصين امتلأت شوارع بكين بالألوان الحمراء إذ علقت في كل مكان قطع من القماش الأحمر كتبت عليها كلمات صينية متكررة ونشرات كثيرة حمراء للزينة فيما شاهدنا العديد من المحلات تعرض بضاعتها من الأنواع المختلفة للألعاب النارية، حتى أن بعض الصناديق تحتوي على 4000-6000 قطعة، والمواطنون الصينيون يحملون تلك الصناديق وكأنها حصة تموينية كالتي كنا نستلمها في العراق. وخلال المساء سمعنا أصوات طلقات نارية ومتفجرات شديدة القوة فاقت كميتها وشدة انفجاراتها ما عشناه في العراق خلال حروبه الدامية منذ العام 1980 حتى العام 2003، فأعادت لذاكرتنا تلك الأصوات المفزعة, فأخذنا نستفسر عما يجري فطمأنونا وأخبروننا بأنها استعدادات لعيد الربيع , إذ ستودع الصين في فبراير سنة "الكلب" لتستقبل سنة "الخنزير" وهو أول عيد تقليدي صيني في السنة كان يدعى عيد رأس السنة القمرية الجديدة حتى العام 1911، وبعد ذلك أخذت الصين تستخدم التقويم الميلادي لذلك تغير اسمه الى عيد الربيع وهو يحل للفترة من أواخر يناير إلى أواسط فبراير.
تعود احتفالات رأس السنة القمرية أو عيد الربيع إلى العام 2600 قبل الميلاد. ويعتمد التقويم القمري الصيني السنوي على دورات القمر وتستغرق الدورة الكاملة 60 سنة وتتألف من خمس دورات مدة كل واحدة 12 سنة. ومن الغريب أن تجد تسمية كل سنة من السنوات الـ 12 بأسماء 12 حيوانا . وأول السنوات الـ 12 تبدأ بسنة "الفأر" تعقبها سنوات الثور والنمر والأرنب والتنين والثعبان والحصان والخروف والقرد والديك والكلب والخنزير. وأسماء هذه الحيوانات مشتقة من أسطورة بوذا (558 ق.م.-483 ق.م.) واسمه الأصلي "سيذهارتا جوتاما" مؤسس الديانة البوذية، الذي دعا كل الحيوانات للمجيء إليه قبل ان يرحل عن الأرض ولم يأت إليه سوى 12 حيوانا مخلصا لتوديعه، ومكافأة لهم على ذلك سمى كل سنة باسم حيوان حسب ترتيب وصوله. لذلك فإن كل صيني يحتفظ باسم الحيوان الذي صادف سنة ولادته إذ يعتقد الصينيون أن الحيوان الذي يحكم السنة التي يولد فيها الشخص له تأثير عميق عليه ويقولون له إنه الحيوان الذي يختبئ في قلبك!.
ويعد "الفأر" من الحيوانات المحببة في الصين فهم يعتقدون أنه يجمع المجوهرات والذهب فإذا مكث "الفأر" في البيت فهو نوع من التفاؤل لجمع الثروة في البيت. لذا فإن العديد من الصينيين يستعدون للإنجاب في هذا العام اعتقادا منهم بأن المولود في هذا العام سيجلب الحظ معه وسيكون سعيدا في حياته إلى الأبد! أما من يلد خلال سنة الخنزير فسيكون محظوظا طوال حياته.
ويعود اهتمام الناس باللون الأحمر وإطلاق الألعاب النارية - كما ذكره الكاتب عدنان الربيعي في كتابه "رحلة الشتات والصين" - إلى حكاية قديمة من حكايات الصين تقول الحكاية إنه خلال العصور القديمة كان يوجد في الصين حيوان مفترس على رأسه قرن، يسمى ( نيان) ، يعيش في قاع البحر، ويصعد إلى الشاطئ عشية رأس السنة الجديدة -حسب التقويم القمري الصيني - ، ليأكل المواشي والبشر، لذلك يهرب كل السكان، كباراً وصغاراً، من كل القرى إلى أعماق الجبال في هذا اليوم. وفي إحدى السنوات، بينما كان الناس في قرية "تاوهوا" مستعدين للهروب إلى الجبال ، رأوا متسولا مسنا أشيب الشعر يتوكأ على عصا قادما من خارج القرية، ويحمل على ظهره حقيبة سفر، وكانت عيناه لامعتين مثل نجمتين! وكان الناس مذعورين ومشغولين في إقفال الأبواب وحزم الحقائب وجر المواشي، فلم يستطيعوا الاهتمام بذلك المسن. فقدمت عجوز تقيم في طرف القرية الشرقي بعض الأطعمة له ونصحته بأن يسارع بالذهاب إلى الجبل فراراً من ( نيان) ، لكن المتسول قال لها مبتسماً : إذا سمحت لي بأن أقيم في بيتك ليلة واحدة سأطرد (نيان)! لم تصدقه العجوز واستمرت في تقديم نصيحتها له ، فلم ينبس المتسول ببنت شفة مبتسما، فلم تجد العجوز بداً من أن تتركه لتذهب إلى الجبل.
ودخل الحيوان (نيان) القرية منتصف الليل، ووجد أن حالة القرية تختلف عما كانت عليه خلال السنوات الماضية، حيث وجدت بيت "العجوز" شرقي القرية مضاء بالشمع وملصق على بابه ورق أحمر، فأطلق صيحة مخيفة وانقض على بيت "العجوز" . وما أن اقترب من باب البيت حتى وصل إلى أذنيه صوت تفجيرات، ارتعش الحيوان (نيان) ولم يجرؤ على الاقتراب من البيت لأنه كان يخاف من اللون الأحمر ولهيب النار وصوت الانفجارات . وعندما فتح الحيوان المذعور باب بيت العجوز، رأى مسنا يرتدي جلبابا أحمر يقهقه بصوت عال، فهرب الحيوان (نيان) فورا.
وكان اليوم التالي هو أول يوم من السنة الجديدة، حيث عاد سكان القرية من الجبل واندهشوا لاكتشافهم أن القرية لم تصب بضرر . أدركت "العجوز" فجأة الحقيقة وحكت للناس ما حدث، فاندفع الناس إلى بيوتهم ليجدوا الورق الأحمر على الأبواب وبعض سيقان الخيزران التي لم تحرق تماما ولا تزال تحدث أصواتا وبقية الشمع الأحمر.
ومن أجل الاحتفال بنزول البركة في القرية لبسوا أزياء جديدة وتبادلوا التحايا . وانتشر هذا الأمر في القرى المجاورة فعرف كل الناس طريقة طرد الحيوان (نيان).
ومنذ ذلك الوقت وفي عشية السنة الجديدة وتسمى ليلة الوداع تلصق كل أسرة شعارات حمراء خاصة بعيد الربيع على باب منزلها، وتشعل ألعابا نارية ، وتوقد شموعا طول الليل ويسهر أفراد الأسرة الى وقت متأخر من الليل. وفي صباح أول يوم من السنة الجديدة يتبادل الناس الزيارات والتهاني, وتستمر احتفالات العائلات لعدة أيام ويتحمس الجميع لإطلاق الألعاب النارية طوال الليل حتى الصباح ليس حبا في التسلية فقط بل حفاظا على النفس من الشرور وللتأمين على حياتهم خلال السنة الصينية الجديدة. ومن حسن حظنا بأنه لايسمح بإطلاق الألعاب النارية داخل المبنى الدبلوماسي الذي يسكنه الدبلوماسيون حفاظا على السلامة بعد أن تعرضت دور سكن وعمارات كثيرة إلى حرائق. وعانى كثير من الصينيين من حروق بسبب سقوط العيارات النارية عليهم، ولكن أصوات الانفجارات من المناطق القريبة كانت كافية لاستيقاظنا ولعدة ليال حتى الصباح. * عيد الموتى "الصفاء والنقاء"
النظام المتبع في الصين هو تغيير أيام الإجازات لتضم إلى إجازة الأسبوع لذلك يحل "عيد الموتى" قبل أو بعد الخامس من أبريل . وشرع هذا العيد من قبل إمبراطور صيني تخليداً لذكرى مسؤول مخلص ضحى بحياته لإنقاذ حياة الإمبراطور قبل أكثر من 2500 عام، وتدريجيا أصبح ذلك اليوم مناسبة تقليدية لتقديم الولاء للأسلاف وزيارة أفراد العائلات لرفات الموتى في مقابرهم. ويقيم الصينيون خلاله أيضا أنشطة كإحياء ذكرى الشهداء وزيارة أضرحتهم. ولأن ذلك اليوم يصادف اعتدال الجو واخضرار النباتات خلال الشهر الرابع، اعتاد الصينيون الخروج إلى ضواحي المدن المكسوة بالخضرة للتنزهه .
ويستمر احتفاء الصينيون بموتاهم حتى اليوم السابع والعشرين من شهر أبريل وهو موعد الذكرى السنوية لإعلان حرق جثث الموتى الذي أصدره الزعيم "ماو تسي تونج" العام 1956 بهدف الاقتصاد بمساحات الأراضي واستغلالها للزراعة و غيرها من الفوائد.
* عيد قوارب التنين
يسمى عيد قوارب التنين بعيد "الخمسة المزدوجة" كونه يقع في اليوم الخامس من الشهر الخامس وفقا للتقويم الزراعي الصيني "في يوليو عادة ". ويعود تاريخ ذلك العيد إلى أكثر من 2000 عام إحياء لذكرى الشاعر الصيني تشيوي يوان (340-278 ق.م.) الذي كان وزيرا وشاعرا كبيرا في مملكة تشو "مقاطعتي هوبي وهونان وسط الصين حاليا" خلال عصر الممالك المتحاربة (475-221 ق. م.).
وتتلخص معاناة ذلك الشاعر الكبير بأنه كان يدعو إلى مواجهة ضغط مملكة تشين ومقاومة اعتداءاتها على دويلته، مما وضعه في مواجهة مع الأرستقراطيين في البلاط الملكي فأقاله الملك من منصبه ونفاه من العاصمة وفي المنفى نظم قصائد عظيمة هي: "الشكوى" و" سؤال السماء " و"الأغاني التسع" وغيرها من القصائد المشهورة التي تركت تأثيرا كبيرا وممتدا على الأدب الصيني . وخلال العام 278 قبل الميلاد استولت دويلة تشين على عاصمة بلاده فألقى هذا الشاعر نفسه في نهر "ميلو " الكائن فيما يعرف اليوم بإقليم "هونان" في اليوم الخامس من الشهر الخامس حسب التقويم الزراعي الصيني ، وتسابق أبناء مملكة "تشو" إلى المكان بالقوارب للبحث عنه وأحدثوا ضوضاء عالية لإخافة الأسماك وأسقطوا كرات الأرز والبيض في النهر لإغرائها بالابتعاد عن جثة تشيوي ، فيما شرع طبيب مسن بصب إناء من الخمر في النهر لتسكر الحيوانات في النهر فلا تؤذيه. منذ ذلك ظهرت عادات سباق قوارب التنين، وتناول طعام "تسونج تسي" عند حلول ذلك العيد وهو رز ملفوف بورق الخيزران يشبه "الدولمة" المعروفة بالطبق العراقي. وكجزء من تقاليد العيد تقيم مختلف المناطق سباق قوارب التنين الذي يؤكد التعاون وقوة الجماعة في تحقيق الفوز ويخصص للسباق كأس يسمى "كأس تشيوي يوان" لقوارب التنين.
وتصنع تلك القوارب خصيصا لهذه المناسبة ، وهي قوارب ضيقة عرضا يصل طولها إلى 30 مترا في أقصاها تمثال تنين منقوش و مزين بدقة وعناية وعلى كل قارب نجد 30 مجدّفا يظلون جالسين، وفي الوسط نجد شخصين أحدهما يعزف "الدف" و الآخر الصنج الصيني "الجونج" ، وفي مقدمة القارب يعطي إشارة لبدء التجديف بواسطة راية حمراء مرددا أناشيد العمال. وعلى الضفاف يشجع جمهور المتبارين بالهتافات . و"التنين" من الكائنات الأسطورية ذو شكل أفعواني أو شبيه بالزواحف، ورد اسمه في الكثير من الثقافات والأساطير في جميع أنحاء العالم. له أجنحة وفي بعض الأساطير لا يملك أجنحة، ويقال في بعض الأساطير إنه ينفث نارا من فمه. وأكثرها شهرة التنين الأوروبي المستمد من مختلف التقاليد الشعبية الأوروبية، والتنين الشرقي، مثل التنين الصيني. ويعود سر اختيار التنين رمزاً لذلك العيد إلى معتقدات شعبية تقول إن الأنهار مسكونة به وهو المخلوق الذي يخشى منه أن يأكل جسم الشاعر "تشيوي يوان" . ومن خلال ماتبين أعلاه فإن الأعياد التقليدية الصينية تراكم لتاريخ وثقافة الأمة، حيث يظهر التراث الثقافي للأمم من خلال عادات وتقاليد الأعياد إذ تمتزج العبادة البدائية والخرافات والمقدسات والحياة الدنيوية والدينية اضافة إلى الاحتفال ببعض الشخصيات التاريخية التي كان لها دور مميز بحياة الشعب. أما في حياة الأمة العربية فلا نرى للأساطير دورا في نسج أعيادها وهذه ناحية إيجابية، والاحتفال بذكرى بعض الشخصيات المهمة قليل وقد يواجه بالنقد ويتهم بالخرافة من يحتفل بذكرى شخصية دينية مهمة.
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions