* ان غياب النزعة التنظيرية في الفكر العربي ساعدت في سيطرة البعد الأيديولوجي على منتجات العقل العربي طيلة العقود الأربعة الماضية .

بيروت - الشبيبة

أقام مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت ندوة " المعرفي والأيديولوجي في الفكر العربي المعاصر" بمشاركة اكثر من 40 مفكراً وباحثاً وفيلسوفاً عربياً.. وعقدت جلسات المؤتمر بفندق البريستول

تناولت الجلسة الأولى "المعرفي والأيديولوجي في دراسات التراث، "حيث قدم د. رضوان السيد بحثه"في تحقيقات التراث العربي وقراءاته " وعرض لقراءات التراث بين الستينيات والتسعينيات من القرن الماضي ليخلص الى نتائج أبرزها: "أنه في هذه المرحلة ، ظهر التراث باعتباره جزءا من الهوية والذاتية والخصوصية وبذلك صار الموروث الثقافي اشكالية او مشكلة كتب فيها كثيرون، وناضلوا إما لتثبت الموروث بين مكونات الهويات ومراعاة مقتضياته وإما لتحرير الموروث من اطارالتقليد "

واضاف": المرحلة شهدت انفصال الناشر والمحقق عن الدارسين وهذا الأمر لا يمكن اتخاذه مقياسا للقرب او البعد عن النصوص والمصادر التراثية.

واعتبر"أن قراءات التراث العربي في هذه المرحلة جاءت من ضمن مشروعات فكرية وثقافية عامة، لكنها لا تدخل في باب التاريخ الثقافي.

وخلص إلى أن"قراءات التراث في هذه المرحلة طغى عليها صراع التأويلات، لأنها تمت في ظروف صراعية داخل الأوساط الأكاديمية والثقافية.وأن المقاربات الأيديولوجية برزت في مجالات قراءة للتراث وغلبت على المعرفي منها.

وفي الجلسة الثانية عرض د. وجيه كوثراني لبحث " الأيديولوجي والمعرفي في الخطاب التاريخي العربي" وخلص إلى أن الدراسات التاريخية المعاصرة ما زالت تحمل في قسمها الأكبر حالة من البعد عن هموم الفلسفة وعلوم الاجتماع والفكر وقضايا المجتمع .وشدد علي أنه إذا كانت الدراسات الفلسفية والفكرية هي الأكثر انفتاحا من موقعها على الدراسات التاريخية، فإن البحث التاريخي ما زال مقصرا الى حد بعيد في عملية الانفتاح لا على المسائل الفلسفية والفكرية فحسب بل ايضا على حقول العلوم الاجتماعية ولا سيما حقول الأنتولوجيا والإنتروبولوجيا وعلم النفس.

وفي الجلسة الثالثة توقف د. منير الحمش في بحثه عند "المعرفي والأيديولوجي في الدراسات الاقتصادية العربية. الذي اوضح "ان الإشكالية الرئيسية تكمن في اطار الإشكالية العامة لموضوع الندوة، من حيث ارتباطها بالجدل الدائر في الاوساط الفكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية والأكاديمية العربية، بين المعرفي والإيديولوجي، اذ قد يلتقي المعرفي والأيديولوجي في النظر الى الأمور والقضايا المعروفة وقد يختلفان، مما يولد تلك الحالة الجدلية القائمة في مختلف الميادين الفكرية ؛ إلا أن الأمر على صعيد الدراسات الاقتصادية، اكثر بروزا من حيث صلة الموضوع الاقتصادي المباشرة بحياة الناس اليومية، فضلا عن ارتباطه الوثيق بالسياسة والاجتماع والثقاقة وبقضايا التنمية والتخلف والتحرر الوطني والقومي والتوجهات المستقبلية في أن واحد.

وعرض لمفاهيم واشكالية البحث والدراسات الاقتصادية العربية وقضية التنمية والتخلف والتبعية، والدراسات الاقتصادية العربية والهولمة والاندماج بالاقتصاد العالمي، وموقف الدراسات الاقتصادية العربية من مسألة التكامل الاقتصادي العربي.

وختمت الجلسات بجلسة رابعة مسائية عرضت لمسألة "علم السياسة بين الأيديولوجيا والمعرفة" للباحث خليل العناني ؛ الذي قدّم عدة ملاحظات سريعة حول اشكالية العلاقة بين الأيديولوجيا والمعرفة، وبينهما علم السياسة في الخبرة العربية المعاصرة ولاحظ "ان غياب النزعة التنظيرية في الفكر العربي ساعدت في سيطرة البعد الأيديولوجي على منتجات العقل العربي طيلة العقود الأربعة الماضية...وكان لغياب التيار النقدي العربي، أثره الكبير في عدم قدرة العقل العربي على تلقي وهضم الجدل المعرفي الذي شهده العالم الغربي حول علاقة الأيديولوجيا بعلم السياسة .

وخلص إلى أن: "هذه الإشكاليات ما هي إلا مجرد لمحات سريعة تكشف مدى هيمنة البعد الأيديولوجي على المعرفي فيما يخص التعاطي العربي مع السياسة كعلم وممارسة، وما يجعلنا نقول ان العقل العربي كان بعيدا كل البعد عن إمكانية المساهمة في إثراء الجدل المعرفي حول طبيعة العلاقة الايديولوجية وعلم السياسة بعد أن جبت الأولى كل ما عداها في الفكر العربي المعاصر