أحمد إبراهيم

* تدحرجت كرة الكوريتين وكادت تنحسر بينهما، وإذا بصفارات بريطاينا العجوز متمثلة بوزير دفاعها "وليام هيج" أن أعمال كوريا الشمالية ستعمق شعور عدم الثقة بها .

ui@eim.ae "بيونج يانج" و"سيول" بينهما سفينة غارقة ما هي غلا كرة مستديرة تُدار ولاتدور لا تختلف كرويتها ولايختلف دورانها شكلا ومضمونا ودحرجة عن كرة بلاستيكية مدورة في الملاعب حيث تدار ولا تدور، تديرها الركلات شمالا وجنوبا على دوى صفّارات الحكم وإنذاراته، وعلى ضجيج هتافات الجمهور وتصفيقاته ومسنودة بقرارات إقليمية إستراتيجية مباشرة من القصور وبرلمانات الدول، بأناشيدها الوطنية وأعلامها الملونة، لتنتهي معظم الأحيان على الكؤوس وفي بعض الأحيان على الفؤوس..!

وهكذا بدأنا أسبوعنا الجديد على إسطنبول وسيول وواشنطن، حيث مؤتمر في اسطنبول عن سفن تُغرقها القراصنة الصوماليون في البحر، وتهمة في سيول عن سفينة أغرقها القادة السياسيون في البحر، وإقرار في واشنطن بتصويت 59 من أعضاء مجلس الشيوخ لإصلاح النظام المالي بعمق غير مسبوق منذ عام 1930 بعد أن اتهمت واشنطن "وول ستريت" أنها أغرقت الاقتصاد الإمريكي في البحر، فأكد الرئيس الأمريكي باراك أوباما يوم الجمعة أنه لن يكون على الأمريكيين بعد الآن دفع ثمن أخطاء الأخطبوط: "وول ستريت".

وقد يتبادر إلى ذهن القارئ الكريم، ما الرابط بين واشنطن واسطنبول وسيول؟ وما العلاقة بين كل ما حصل في كل منها بالطرف الآخر وبهذا المقال من هذا الاسبوع.؟ سؤال وجيه ومعقول أراه مبطن للجواب بنفسه في ثلاثة احتمالات "الحسد والهيمنة وضيقة عين" بل وأرجّحها كلها، وآمل أن أبسطها قدر المستطاع على ان يسعفني القارئ الكريم بشيء من طول البال لنهاية هذه السطور، حيث قوة المال قد تنمو في شرق آسيا أكثر من ذي قبل بعد تحول بريق الدولار إلى تجاعيد، وريعان اليورو الى جفاف الشح، والنمور الآسيوية قد تستغل فرصة الصيد بفراسة النمر الصياد، فتتوالد وتتناسل بكوريا الشمالية من الصين دون أمريكا، وبكوريا الجنوبية من اليابان دون بريطانا العجوز وحليفتها البكر منطقة اليورو.

إن ما جاء على لسان الرئيس الكوري الجنوبي "لي مونج باك"، خلال لقاء مع اعضاء مجلس الأمن القومي الكوري الجنوبي، بان كوريا الجنوبية سترد "ردا ملائما" على كوريا الشمالية المتهمة بإغراق السفينة الحربية، متعهدا بإجراءات مضادة، هذا التصريح الرئاسي من سيول لم يعد مجرد تصريح كوري بحت، لأن المباراة تحولت وكالعادة من الملعب الداخلي بين "سيول وبيونج يانج" إلى مسرح دولي كما هو المتوقع، حيث دخل على خطي الدفاع والهجوم كل من الصين وأمريكا وبريطانيا وأستراليا والسويد واليابان، وكما خرج الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن صمته في غضون ساعات من الخبر في تعليقه على التقارير أنها "مقلقة للغاية"..

ساعات معدودة لم تفصلنا عن خبر سفينة أقامت الدنيا ولم تقعدها، في حين وفي أقاليمنا طائرات مدنية أسقطت وسفن تجارية احرقت وكان ينتهي كل شيء على مجموعة أوراق من التقارير الدولية المعتمدة والمؤرشفة اليوم بمسميات أخطاء آلية أو بشرية سيسكنها الغبار إن لم يسكنها بالفعل.

والصين دعت الى التروي وضبط النفس، تعقيبا على تهديد رئيس كوريا الجنوبية "ميونج باك" الذي رفع صوته في وجه عاصمة كوريا الشمالية بيونج يانج: "اعترفي يا القزمة..! إنك الآن في وجه رياح قوية؟".. فدعته بكين على الفور بالتهدئة والتروي وبتلك الدعوة التنينية وبابتسامة صفراء، كما ودخلت على خطى الدفاع والهجوم وكعادتها أمريكا عموديا وأفقيا بريطانيا فوق ساحة الملعب، حيث أدانت واشنطن اغراق السفينة واعتبرته على لسان وزير الدفاع الأمريكي روبرت جيتس عملا عدوانيا مشددا ان وزارة الدفاع (البنتاجون) تجري مشاورات مع سيول للتوصل إلى (...) ثم وما أن تدحرجت كرة الكوريتين وكادت تنحسر بينهما، وإذا بصفارات بريطاينا العجوز متمثلة بوزير دفاعها "وليام هيج" أن أعمال كوريا الشمالية ستعمق شعور عدم الثقة بها".

فيما الأمريكان عادوا وأكدوا ان طوربيدا اطلقته غواصة كورية شمالية أغرق في 26 مارس الفائت البارجة الكورية الجنوبية "تشيونان" وقتل فيها 46 بحارا، وانهم وجدوا جزءا من الطوربيد في قاع البحر عليه كتابة مطابقة بما تحمله الطوربيدات الكورية الشمالية الصنع، ثم وأخيرا وكعادتها اليابان الهادئة والأخيرة في مثل هذه الحالات تكلمت بتعليق مختصر ومفيد من طوكيو: "انه عمل لا يغتفر"، دون ان يؤكد الجهة التي عملت عملا لايغتفر، في حين رفضت بيونج يانج هذا الاتهام ووصفته " بـ"الملفق" حسب ما ذكرت وكالة الانباء الكورية الجنوبية (يونهاب)، وأضافت أنها هي الأخرى على أهبة الاستعداد وبل وتهدد بحرب شاملة إذا ما فرضت عليها عقوبات، مؤكدة أن تقاريرالمحققين الدوليين والتصريحات الرسمية للدول العظمى لا أساس لها من الصحة، وفي الأسبوع الفائت كانت قطعة بحرية كورية جنوبية اطلقت عدة طلقات تحذيرية على زورق كوري شمالي انتهك المنطقة البحرية المحرمة على الحدود بين البلدين، في أخطر صدام من نوعه منذ أغراق سفينة حربية جنوبية في تلك المنطقة التي تشهد توترا ملحوظا منذ السادس والعشرين من مارس، عندما غرقت سفينة حربية كورية جنوبية في ظروف غامضة.

وقبل أن يتحول مشروع القانون إلى قانون، وينظر المرء بالشك الى الشعب كله من خلال خبر سفينة، دعنا نفكر إذ لا نملك سلاحا غير سلاح التفكير، في حين أنا مُنعت شخصيا من التفكير بطلب تغيير صورتي التي كانت تنشر في إحدى الصحف المحلية مع المقالات والصورة كانت موحية بالتفكير العميق، فسألت مدير التحرير ولماذا نغير الصورة، إنها توحي بالتفكير العميق، فقال علّك لاتعلم يا سيد أحمد، ان التفكير ممنوع عندنا، ولكن الممنوع مرغوب فدعنا نفكر بصوت عال مسموع، لعل هناك في واشنطن او في بكين من يرى انه لا يجوز الإبقاء على كوريتين في إقليم واحد، إنه تفكير يقود المفكر إلى تفكير آخر وذو ارتباط مباشر بالأمة العربية، أفكر فيما أتذكر إلى ما دعى إليه حكيم العرب المرحوم الشيخ زايد بن سلطان الى توحيد شطري اليمن، وما يوم دعوة الى شق الشطرين الا هو يوم اعتداء على تاريخ اليمن، فمن يأت ومن أين تأت تلك التفجيرات التي تدعو الى شقّ اليمن فتهزّ البدن في عدن يا أهل اليمن.؟ ui@eim.ae