من أجل وقف احتكار تداول هذه السلعة!*
معاوية الرواحي
من السلع التي تدخل إلى الأسواق العمانية بشكل مرخص ومقنن وفقا لضوابط محددة في البيع والشراء، المشروبات الروحية التي تجد طريقها –غالبا- إلى الفنادق والمطاعم المرخصة. حيث يستطيع الأفراد –بغض النظر عن الدين أو الجنسية- استهلاك هذه السلعة في الأماكن المسموح لها بتقديمها، إلا أنه من الغير المسموح للمسلمين اقتناء الكحوليات والخروج بها خارج المنافذ التي يتم بيعها فيها، وتظل بعض النوادي التابعة لجهات معينة تتمتع بميزة استثنائية، حيث يحق لأعضائها من حاملي بطاقة العضوية شراء مقدار محدد شهريا من المشروبات وتناولها خارج أسوار هذه النوادي، بينما يحصل غير المسلمين على ترخيص من الجهات المختصة لشراء المشروبات –وفقا لضوابط محددة- من أماكن البيع المصرح لها بالاتجار بهذه السلعة، حيث يحظى هؤلاء بفرصة استهلاك مشترياتهم في منازلهم، وهو ما يمنحهم ميزة عدم الاضطرار إلى قيادة السيارة بعد تعاطي المشروبات الروحية، فضلا عن ميزة السعر المخفض الذي يشترون به بضاعتهم قياسا إلى أسعار الحانات والفنادق التي تبيع نفس البضاعة بأسعار مغالى فيها.
كنت قد كتبت مقالين سابقين نشرتهما في مدونتي الإلكترونية وفي مجموعة من مواقع الإنترنت أتحدث فيهما عن ضرورة السماح بتداول الكحول سلميا للحد من الاستخدام السيئ له ولجوء كثيرين من الفئات غير المتعلمة والواعية إلى شرب العطور والأمزجة المصنوعة محليا والتي تؤدي إلى كوارث صحية تعلم عنها جيدا وزارة الصحة، حيث يبدو أن السماح بشراء المشروبات الروحية وإخراجها خارج منافذ البيع بالتجزئة المرخص لها استيراد وبيع هذه السلع، سوف يؤدي إلى ما يمكن تسميته بـ "عدالة السوق"، التي يمكن أن تقود إلى تنظيم استهلاك الكحوليات وتحد من عمليات التهريب وتعاطي العطور، ومن شأنها أن تسهم في تخفيف حوادث المرور الناتجة عن القيادة من الفنادق إلى البيوت في ظل كون سيارات الاجرة بالفنادق لا تفرق بين تسعيرة السائح والمواطن مما يجعل المواطنين يذهبون للحانات والفنادق بسياراتهم عوضا عن ركوب سيارات الاجرة. إذ أنه من نافل القول أنْ نتجاهل حقيقة ان الكحوليات هي سلعة مرغوبة ويتم تداولها على نطاق غير بسيط، ولكن ما تفتقر إليه هو تنظيم عملية التداول بشكل مقنن يكفل للبالغين حق استهلاك هذه السلعة بعيدا عن الاستغلال السلبي الحاصل حاليا نتيجة احتكار الفنادق حق بيع هذه السلعة بداخلها بأسعار لا تجد من ينافسها لغياب المصرح لهم بالمنافسة!. لعله قد أصبح من المناسب النظر في ضوابط الاتجار بالمشروبات الروحية بحيث يُمنح الراغبون من المواطنين تصاريح مماثلة للتصاريح التي يحصل عليها غير المسلمين، مقابل شروط تنظيمية مقبولة وعقلانية مثل كون الفرد واصلا لسن الـ 21، وألا يزيد استهلاكه الشهري عن 10% من إجمالي راتبه الشهري، وهي نفس الشروط المعمول بها حاليا لحاملي تراخيص اقتناء المشروبات الروحية من غير المسلمين.
ما أثار دهشتي عند طرحي الأول لهذا الموضوع هو أن الكثيرين يقرنون تناول الكحوليات بالسجائر ويرون أنَّ المنعَ هو الخيار الأنسب (رغم أن السجائر مسموح بها وتباع في كل مكان). إلا أنّ مَن يرى الأثر الفادح لمنع الكحول في بعض الدول يجدُ أن السماح به مع وضع ضوابط لاستخدامِه هو الخيار الأنسب، ولكن الذي يحدث في عُمان شيء مختلف بعض الشيء، إذ أن دائرة مستهلكي الكحول تتسع –أو على الأقل هي دائرة واسعة حاليا- ولا يقابلها اتساع في دائرة التصريح بالشراء، فحتى هذه اللحظة فإن الأندية الخاصة رهن لأمكنة العَمل، أي لا تُعطي عضويتها إلا للعاملين في المؤسسات المالكة لهذه الأندية، مع قلة عدد هذه النوادي بالأساس، وعدم سماح معظمها لأعضائها بإخراج البضاعة خارج النادي. وقد حدثَ من قبل أنْ أُغلقت بعض من هذه الأندية بسبب قرارات فردية، ولذا فإن هذه النوادي لا تصلح بديلا عن مقترح توسيع دائرة التصاريح لتشمل المواطنين.
قد يحتج البعض على مسألة منع الكحول لأنَّ ذلك يتداخل مع الحريات الشخصية، ولا يختلف اثنان على حرمة الأمر دينياً، إلا أنَّ الجميع ليسوا في مستوى واحد من الالتزام، والمنع لن يؤدي إلا إلى زيادة الاستهلاك وفقا لقاعدة "كل ممنوع مرغوب". وبغض النظرِ عما يمكننا فعله فعلينا أن ننظر إلى الكحوليات كحقيقة واقعة ونسعى إلى تنظيمِها بدلا من الشكوى ليل نهار من دخول مشروبات مغشوشة مهربة للبلاد، واستمرار تدهور صحة البعض نتيجة تعاطي بدائل الكحوليات من عطور وما شابهها.
تخوض السلطنة حاليا بكامل فئاتها وشرائحها معركة مع حوادث الطرقات التي تزهق أرواح الكثيرين سنوياً، ولم نشهد في ندوة السلامة المرورية من يطرحُ هذه الفكرة للحد من الموت الذي يحدث بسبب السائقين الذين لا يجدون وسيلة للحصول على المشروبات الروحية سوى الحانات، ونرى أن أخذ هؤلاء في الاعتبار سبب وجيه آخر إذا أردنا تخفيف عدد الحوادث المرورية. ألم يحن الوقت كي تُمنح التصريحات للأفراد الراغبين في شراء هذه السلعة المسموح بيعُها في السلطنة؟ ألن يخفف ذلك على البشر بعض العناء ويحمينا نحن من الذين يقررون القيادة اضطرارا وهم في حالة سكر؟ ألن يحمي هذا الأفراد من استغلال المحتكِرين لهذه السلعة، ويخفف من عمليات التهريب المستمرة وإدخال الكحول –المغشوش بعضه- بدون تصريح من دول أخرى؟
* * *
لست أدري لماذا لم تنل هذه القضية حقها من النقاش في مختلف الدوائر الحكومية والاجتماعية، فالمرء يلمس المشكلة بيديه ويراها تتجسد في الهواء أمامَه إلا أن عقدةً ما في الألسنة ترفض الدخول في تحدياتٍ مع المجتمع الذي يعتقدُ أن كلَّ أبنائه الذين يسكنون في مسقط خمسة أيام في الأسبوع لا يذهبون لمرة أسبوعيا -أو أكثر- إلى الحانات!
حسناً هم يذهبون، ودعونا نتجاوز هذه الحقيقة ونسعى لتنظيمِها والخروج منها بتداولٍ سلمي وقانوني للكحوليات يراعي العدلَ في بيعِها بين ذوي الامتيازات الخاصَّة وأصحاب عضويات الأندية، والمواطنين العاديين الذين لا يرعوي بعضهم أن يدهسنا في الشارع لأنَّه لم يتمكن من إيجاد سلعته والانخماد في منزله بعدها. الهدف في نهاية المَطاف إرساء العدل بين مختلف شرائح المستهلكين، وتخليص الذين بلا تصاريح من استغلال الفنادق لهم، وحماية صحة الأفراد من بدائل الكحوليات من المشروبات الفتاكة المهربة أو تلك المنتجة محليا كعطور وليس للشرب، فضلا عن كف أذى البعض الذين لا يراعون أخلاق الشارع في حالة الصحو، فما بالكم في حالة السكر!
*المصدر: جريدة الرؤية
الأحد 30 مايو 2010
المصدر : مدونة معاوية الرواحي
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions