من أوصاف السماء في القرآن الكريم أخبار الشبيبة

    • من أوصاف السماء في القرآن الكريم أخبار الشبيبة

      كتب - د. زغلول النجار

      (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ السَّمَاءِ) لمحة إعجازية لأن فيها ما يؤكد أن السماء ليست فراغاً كما كان يعتقد الناس إلى عهد قريب‏ حتى ثبت لنا أنها بنيان محكم‏ يتعذر دخوله إلا عن طريق أبواب تفتح للداخل فيها

      يقول ربنا - تبارك وتعالي في محكم كتابه: (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ * لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ) (الحجر15,14).

      وفي قوله - تعالى - :‏ (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ السَّمَاءِ) لمحة إعجازية لأن فيها ما يؤكد أن السماء ليست فراغاً كما كان يعتقد الناس إلى عهد قريب‏ حتى ثبت لنا أنها بنيان محكم‏ يتعذر دخوله إلا عن طريق أبواب تفتح للداخل فيها.‏ والسماء لغةً‏‏ هي‏:‏ كل ما علاك فأظلك‏ واصطلاحا‏ًً‏ هي‏:‏ ذلك العالم العلوي الذي نراه فوق رؤوسنا بكل ما فيه من أجرام، وعلمياً، هي: كل ما يحيط بالأرض من مختلف صور المادة والطاقة بدءاً من غلافها الغازي‏ وانتهاءً بحدود الجزء المدرك من الكون.‏

      وفي قوله - تعالى - :‏ ( فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ ) لمحة إعجازية أخرى وذلك لأن ‏العروج لغةً: هو سير الجسم في خط منعطف منحنٍ‏‏ وقد ثبت علميا أن حركة الأجسام في السماء لا يمكن أن تكون في خطوط مستقيمة‏‏ بل لابد لها من الانحناء نظراً لانتشار المادة والطاقة في كل الكون‏ وتأثير كلٍ من جاذبية المادة ‏(‏بأشكالها المختلفة‏)‏، والمجالات المغناطيسية للطاقة‏ (‏بتعدد صورها‏)‏ على حركة الأجسام في السماء فأي جسم مادي مهما عظمت كتلته أو تضاءلت وأية كمية من الطاقة لا يمكنه ولا يمكنها التحرك في السماء إلا في خطوط منحنية.

      ومن الثابت أن كل جرم متحرك في السماء ـ مهما كانت كتلته ـ محكوم بكلٍ من القوى الدافعة له، وبالجاذبية الواقعة عليه مما يضطره إلى التحرك في خط منحنٍ يمثل محصلة كلٍ من قوى الجذب والطرد المؤثرة فيه‏ وهذا ما يصفه القرآن الكريم بالعروج‏ وهو وصف قرآني لحركة الأجسام في السماء جاء في خمس آيات متفرقات، وذلك من قبل ألف وأربعمائة سنة سبقت اكتشاف الإنسان لتلك الحقيقة الكونية المبهرة وهذه الآيات جاءت وذلك على النحو التالي‏:‏

      ‏(1)‏ ( وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ ) ‏(‏ الحجر‏:14)‏

      ‏(2)‏ ( يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ ) ‏(‏السجدة‏:5)

      ‏ ‏(3)‏ ( يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الغَفُورُ ) ‏(‏سبأ‏:2)‏

      ‏(4)‏ ( وَلَوْلا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ) (‏الزخرف‏:33)‏

      ‏(5) (.. يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) (‏الحديد‏:4)

      ‏(6) ‏( منَ اللَّهِ ذِي المَعَارِجِ* تَعْرُجُ المَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) (‏المعارج‏:4,3)‏

      وقد ورد في قول الحق‏ ـ‏ تبارك وتعالى ـ :‏ " لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ" (الحجر15).

      ومعنى سكِّرت أبصارنا: أُغلقت عيوننا وسُدت‏‏ أو غُشيت وغُطِّيت لتُمنع من الإبصار‏ حينئذٍ لا يرى الإنسان إلا الظلام‏ ويعجب الإنسان لهذا التشبيه القرآني المعجز الذي يمثل حقيقة كونية لم يعرفها الإنسان إلا بعد نجاحه في ريادة الفضاء منذ مطلع الستينيات من القرن العشرين، حين فوجئ بحقيقة أن الكون يغشاه الظلام الدامس في غالبية أجزائه‏ وأن حزام النهار في نصف الكرة الأرضية المواجهة للشمس لا يتعدى سُمكه مائتي كيلو متر فوق مستوى سطح البحر‏‏ وإذا ارتفع الإنسان فوق ذلك فإنه يرى الشمس قرصاً أزرق في صفحة سوداء حالكة السواد‏ لا يقطع حلوكة سوادها إلا بعض البقع الباهتة الضوء في مواقع للنجوم‏.‏

      وإذا كان الجزء الذي يتجلى فيه النهار على الأرض محدوداً في طوله وعرضه بنصف مساحة سطح الكرة الأرضية‏ وفي سُمكه بمائتي كيلو متر‏‏ وكان في حركة دائبة دائمة مرتبطة بدوران الأرض حول محورها أمام الشمس اتضحت لنا ضآلة سُمك الطبقة التي يعمُّها نور النهار‏‏ وعدم استقرارها لانتقالها باستمرار من نقطة إلى أخرى على سطح الأرض مع دوران الأرض حول محورها‏ أمام الشمس‏ واتضح لنا أن تلك الطبقة الرقيقة تحجب عنا ظلام الكون‏‏ خارج حدود أرضنا ونحن في وضح النهار‏ فإذا جَنَّ الليل انسلخ منه نور النهار‏‏ واتصلت ظلمة ليلنا بظلمة الكون‏‏ وتحركت تلك الطبقة الرقيقة من النور بالتدريج لتفصل نصف الأرض المقابل للشمس عن تلك الظلمة الشاملة التي تعم الكون كله‏.‏

      وتتضح اللمحة الإعجازية الرابعة في قوله ـ تعالى ـ‏: (فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ). وذلك لأن (ظل) ظرف زمان لا يستخدم إلا في فترات النهار حيث يمكن للظل أن يتكون بطريقة طبيعية وعلى ذلك فالتعبير اللغوي (ظلوا) يشير إلى عموم الإظلام، وشموله، وديمومته بعد تجاوز طبقة النهار إلى نهاية الكون‏‏ بمعنى أن الإنسان إذا عُرِجَ به إلى السماء في وضح النهار فإنه يفاجأ بظلمة الكون الشاملة تحيط به من كل جانب، مما يفقده النطق أحياناً أو يجعله يهذي بما لا يعلم أحياناً أخرى من هول المفاجأة‏.‏

      وتتضح اللمحة الإعجازية الخامسة‏ في إشارة الآيتين الكريمتين إلى الرقة الشديدة لطبقة النهار، وذلك في قول الحق ـ تبارك وتعالى ـ ‏ (وَلَوْ فَتَحْنَا‏..‏ لَقَالُوا‏..) بمعنى أن القول بتسكير العيون‏ وظلمة الكون الشاملة، تتم بمجرد العروج لفترة قصيرة في السماء‏ ثم تظل تلك الظلمة إلى نهاية الكون‏ المدرك.


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions