إطلاق الأحكام الخطرة..
شهدت المنتديات الإلكترونية العُمانية في الآونة الأخيرة عاصفةً كَبيرةً من المداخلات، وكعادة هذه المنتديات -التي لا تشترطُ غالباً من أعضائها الكتابة بالأسماء الحقيقة- فقد اختلطَ الحابلُ بالنابل، والطرح الهادئ العقلاني المتزن، بالطرح العاطفي المؤجج أيديولوجياً، وظهرت فئات مختلفة من البشر بتفكيرٍ متفاوت ومتباين في عمقِه، وهدفه، وتركيزه، وسعي طارحيه إلى إقناع الناس به، أو إلى قسرهم على قبوله.
ما يؤسِف المرء فعلا هو استعداد البعض اللامتناهي لكسر أعناق الأفكار ولي أجسادها المرنة قسراً لكي تتوافق مع رؤاه الخاصَّة عن العالم، وفي حالة الأنواء المناخية المؤسفة التي تعرضت لها بلادنا الحبيبة وحالة الاستنفار الحكومية والشعبية التي شاهدناها أجمعين، ظهر مع هؤلاء مجموعة صغيرة من البشر ممن لم يجدوا غضاضةً أن يربطوا بينَ الحالة الطبيعية الناتجة عن الظروف الجوية، وبينَ أفعالٍ من البشر ممن يختلفون معهم في الرأي والسلوك، زاعمين أن الإعصار سببه فجور الناس وفسقهم، ورأينا بعضهم شامتين في ضحايا الإعصار والمتضررين الذين داهمت الوديان منازلهم وألحقت بها الضرر وكأن الذي حدث لهم كان ما يستحقونه.
لا يرجمُ المرء بالغيب، ولا يمكنه أن يتحدث نيابة عن ربِّ العالمين في مثل هذه الحالات الشعبية التي تستوجب على الجَميع الوقوف مع وحدة الصف والعَمل ككتلة وطنية واحدة، ففي نهاية المطاف هؤلاء الذين يتعرضون لهذه النكبة الجوية هم إخواننا في الوطن، والمؤسف فعلاً أن يجد البعضَ فرصةَ الإعصار، واهتمام الناس الشديد بما سيكتب في الإعلام غير الرسمي؛ كونَه ناقل سريع غير مرتبط بفريق عَمل محاصر بالأمطار أولا، وكونَه نسخة شعبية عن الأخبار الرصينة التي تكون في بعض الأحيان مدققة ومحررة خوفاً من إثارة حالات الهلع.
الشماتة في البشر، وإعادة تأويل الواقع بناءً على ظروفٍ جوية حالةُ البعض ممن يعتقدون أنَّ أفكارَهم يجب أن تنفلت من عقالها لأن الطبيعة فعلت ذلك مع البشر، والذين في الوقت نفسه لم يفعلوا شيئا حيالَ هذه الأصوات الشامتة، ولم يتصدوا لها بالكتابة أو بالنصح على الأقل، ولم يقوموا شفويا على الأقل بإدانة هذا السلوك السيء، الذي يشمتُ فيه المرء بعائلته وإخوانه الذين شاءت لهم أنصبتهم من الدنيا أن يسكنوا في مناطق معرضة للأعاصير.
ربما فاتَ على مجموعة الأدباء والمثقفين الكبار الذين يصمون آذاننا ليل نهار بالقيم الوطنية والوحدة الوطنية أن مثل هؤلاء الشامتين أحياناً بحاجة للنصح، وبحاجة إلى إيصال رسالة اجتماعية لهم، تقول لهم أن البشر ليسوا سواء في أفكارهم، وليسوا متشابهين كعلب الكبريت، وهم يختلفون، ومثلما يحب البعض الحياة ثمة أناس آخرون لديهم كراهية للحياة وكل مظاهر البهجة والاحتفال وهذه من الأسباب التي أعتقد أنها تفرز هذا السلوك الشامت من يكره الحياة لا يحبها لغيره. هذه الكراهية شديدة للأغاني، وللموسيقى، وللتلفاز، ولكل شيء يعتبره البعض من الحقوق البديهة والحريات الشخصية التي تُمارس ولا تُطلب، أمرٌ خطر للغاية لأنه يختصر الإنسان في مجموعة سلوكيات صغيرة لا ينبغي أن تكون هي الحَكَم الرئيسي على الشخوص الذين كما أسفلت ليسوا علب كبريت متشابهة، ولن يكونوا كذلك مهما حاولَ البعض.
بطبيعة الحال لا أقصد أحداً بعينِه من وراء هذا المقال، وإنما أشير إلى مجموعة من التصريحات الشعبية، أو الإلكترونية التي صدرت من البعض ممن وجدوا سانحةً لبث كراهيتهم في الموسيقى في اللحظة نفسها التي ربما لم يكن التلفاز العُماني في حالة تسمح له باختيار المواد التي تعرض بشكل مترف، فضلا عن حالة المذيعين الذين ظلوا ساعاتٍ طويلة مرابطين يتلقون الاتصالات من مختلف البشر والجميع يضع يدَه على قلبه لكي تمرَّ هذه الحالة الجوية وتترك عُمان وأهلها بسلام.
أعتقدُ أن المسؤولية الحقيقية للوقوف ضد هذا الخطاب الشامت والخطر، تقع على الإعلام أولا، وثمَّ على الكتاب والمثقفين الذين حتى هذه اللحظة لم يُبدِ البعض منهم أدنى ردة فعل تجاه هذه الدعوات التي أغرقت سوق الإعلام غير التقليدي المحلي، أغرقته وجعلت البعض يؤمن أن مثل هؤلاء لا يمكن مناقشتهم، ويغلقون الباب في وجههم ويتركونَهم يمارسون هذا السلوك الشامت كما لو كان هذا حقا من حقوقه. نعم إن المرء ليحترم حرية تعبير كل إنسان، ولكن حريةَ التعبير في نهاية المطاف مفتوحة من الجانبين، وما دام الطرف الأيمن يقول ما لديه بوضوح وشفافية فإن الآخرين من أصحاب الرؤى المختلفة يطرحون ما لديهم، وفي نهاية المطاف قد يكون الحوار مع هؤلاء، ومع هؤلاء، طريقاً لإيجاد حالة من التفاهم والتعايش بدلا من الصراخ المتشنج من الجانبين.
مرَّت تجربة الإعصار الثانية بعدما كان الإعصار الأول قبل ثلاث سنوات. وهذه المرَّة خلَّف الإعصار كعادته خسائر مادية يمكن تعويضها، إلا أن الروح التي أظهرها العُمانيون، والعزمَ الذي قاموا به، والجهود البطولية من قبل أفراد الدفاع المدني الذين سقط بعضهم شهداء للواجب يرفعون بالروح إلى أقصى ارتفاعِها، ويعدوننا جَميعاً بعُمان أجمل يدرك فيها الجَميع أن الوطن عندما يكون بحاجة للجميع، يجب أن نتناسى مؤقتا خلافاتنا الفكرية التي لا ينبغي بطبيعة الحال أن تتحول إلى حالة عداء بسبب أفكار خطرة مرَّت بسهولة دون رد حاسم.
المصدر : مدونة معاوية الرواحي
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions