اسميْ عائشَة . . وهذهِ حكايتيْ ! (1) - جديد عائشَة السيفي

    • اسميْ عائشَة . . وهذهِ حكايتيْ ! (1) - جديد عائشَة السيفي


      3.bp.blogspot.com/_wC1rBZ0lxfk…D1x1gs/s1600/Picture2.jpgملاحظَة للقارئ قبلَ الشّروعِ في القرَاءَة:

      حيَاتيْ . . صفحة بيضَاء جداً ! أشاركُ قليلاً من بيَاضها إيَّاك وأودعُ الباقيْ لي ولمَن أحبّ .. إذا كنتَ تحملُ مسبقاً أيةَّ "مخلّفات داخليَّة سوداء" فالرجَاء عدم القرَاءة


      اسميْ عائشَة ..
      ولدتُ قبل قرابَة الاثنين والعشرينَ عاماً . . يزيدُ أو يقلّ بقليل! حينَ أبصرتُ النّور كانَ أوّل من رآنيْ بعدَ والدتي هوَ شقيقي الكبير الذي يكبرنيْ باثني عشرَ عاماً. . يحكيْ أنّه حينَ أبصرنيْ هُرَع إلى بقيَّة اخواني وأخبرهم: زايدة لنا أخت حلوة واجد واجد!
      حينَ وضعتنيْ أمّي قالتْ أنّ وجهي يقولُ أنّ اسميْ سارَة !
      غيرَ أنّه ككثيرٍ من العائلاتِ العمانيَّة آنذَاك! حيثُ "الشور" الأوّل والأخير للأبِ .. فقد خيَّر والديْ أمّي باسمَين: عائشَة أو خديجَة !
      ولعلّ اسمَ عائشَة كانَ أقرب إلى قلبهِ لأنّه اسمُ خالتهِ . . ولأنّ أمّي لا تحبّ اسمَ خديجة لأنّها طويلةٌ كما ترَى.. وهكذَا أبصرتْ "عائشَة" النّور!
      فيْ عُمان ينادُونني "عايشَة" وفي دول الخليج ينادُونني "عاشَة"
      أمّا معلّماتي المصريَّات فكنّ ينادينني وفقاً للعرفِ لديهنّ "عيشَة" . .
      أنا نفسيْ كنتُ في البداية أتذمّر من هذا اللعب غير المبرّر باسميْ وتمنّيتُ أن يناديني أحدهُم –بشكلٍ عفويّ غير متكلّف: عائشَة !
      ينطقها بعضهُم بهذا الشّكل لكنْ تشعرُ أنّهم يتكلّفونها .. لذلك فقد سلّمتُ أمريْ من البدَاية وقررتُ أن ينادينيْ الجميعُ كما يشَاء ..
      بعضُ الأسمَاء لا يمكنُ أن تحمّل أيّ اسمِ تدليل يحملُ دلالة التدليلِ نفسها ، ومن هذهِ الأسمَاء اسميْ ..
      فأنا أكرَه أن أنادي بـ"عيّوش" ، "عوّاش" ، "عويش" . . من أيّ من صديقاتيْ !
      ولمْ أحبّ من أسماء التدليل سوَى اسمين ! أحتفظُ بهما لنفسيْ لأنّني لا أرغبُ أن ينادينيْ بهمَا سوَى صاحبيهمَا الأقرب إلى قلبيْ !
      كما أنّني بالتأكيد أستشيط غضباً حينَ يناديني أيّ من القراء أو الاخوَة الكتّاب بذلك ، بالنظرِ إلى أنّه لا ينبغيْ –وفقاً للرسمياتِ المتّبعة- أن يناديْ أحدهم فتاة ً باسمِ تدليلٍ أمام العامّة دونَ أن يثيرَ ذلك سين وجيم من سين وصَاد من النّاس..

      وأستشيطُ غضباً كذلك حينَ تفتفدنيْ أختٌ أو أخ ويبادرونَ بالاتّصال قائلين: عايشة. . انتي عايشَة ولا مايتة؟
      وأشعرُ أنّها عبارة تهكّمية تارسَة غبَار ! كما أنّ نسبة الفكاهة فيهَا أقلّ من الصفر بقليل . .




      * * * * *





      اسميْ عائشَة . .



      ويعنيْ وفقاً لقاموسِ الأسمَاء "العيشة الهنيئة" .. لكنّ العيشَة لمْ تكُن عيشة هنيئة دائماً بالنسبة ليْ !
      نشأتُ طفلة ً هادئة وحينَ أعنيْ طفلة ً هادئة فأنا أتحدّث منذ فترةِ الروضَةِ إلى يومنَا هذا ..
      أمّا ما قبلها فتخبرنيْ أمّي أنّها لم تنجِب من أشقائي طفلاً مزعجاً في البكاءِ مثليْ .. ففي أولى أعواميْ كرضيعَةٍ كنتُ أبكيْ بشكلٍ جنوني ..
      وأيّامها كانتْ أمّي تدرسُ في مدرسَة تعلِيم الكبَار. . تخبرنيْ شهاداتُ أمّي أنّها كانتْ متفوّقة ً للغاية فعلاماتها كاملة ٌ جميعاً إلا في الرياضيّات الذيْ اعتادتْ أن تنقصَ فيهِ درجتين فتحصدَ 48 من 50 . . ولأجلِ ذلكَ أعزُو في كثيرٍ من الأحيَان عدمَ حبّي للرياضيّات رغم عدمِ سوءِ درجاتي بهِ إلى ورَاثة جينيَّة عن أمّي ..
      اضطرَّتْ أمّي لتركِ المدرسَة بعدَ إنجابيْ بالنظرِ إلى أنّي كنتُ "رضيعة ً غير مزعجة إطلاقاً" . . غيرَ أنّه حتّى انقطاعها لم يشفعْ لها فقدْ كانَ بكائيْ مستمراً لا يتوقّف . .
      الجاراتُ أخبرنَ أمّي أنّ اسميْ قد يكُون "نيرَاني" بمعنَى أنّه لا يتوَاءم معيْ وأنّه لابدّ من تغييرهِ لأعُودَ "طفلة ً عاديةً تبكيْ بالقدرِ اليسير"
      بكائي جعلَ أمّي تفقدُ ملاحظَة أسباب بكائي . . فالأمّهاتُ عادة ً يتعرّفن بعدَ أمدٍ إلى أصوَاتِ أطفالهنّ .. صوتُ البكاء حينَ الحاجة للطعام يختلفُ عن صوتِ البكاءِ أثناءَ مغصِ البطن .. وهكذَا !
      قررتْ أمّي أنْ تذهَب إلى "كاتِب حرُوز" ليكتبَ ليْ حرزاً عن البكاء ! ووفقاً لهذا الحرز فإنّ الرجلَ "سيقوم بربطِ فميْ" يعنيْ بالمعنَى الأصحّ : لا بكاءَ على الإطلاق !
      إنْ كنتُ مدينةٍ لجدّي لأمي بشيءٍ فهوَ أنِّه تصدّى لتلكَ الخطوَة العتيدة التيْ كانتْ أمّي بصددها بعدَ أن أصابهَا الاكتئابُ منْ بكائيْ الشّرس!
      مانعاً إيَّاها من هذه الخطوَة التيْ قد تترتّب عليها عوَاقب وخيمَة . . ولربّما كانَ من الممكن أن أعيشَ خرسَاء أبدَ الدّهر.. لا لعاهةٍ أو مرضٍ سوَى أنّ لسانيْ عقدتْ في ورقة صغيرَة بها بعض الطلاسم..
      لا أستغربُ تماماً سببَ بكائيْ . . لعلّي منذ طفولتيْ كنتُ ناقمة ً على هذهِ الحيَاة . . لعلِّيْ حينَ ولدتُ سمعتُ أمّ كلثُوم تغنّي: "سوفَ تلهُو بكِ الحيَاة وتسخَر" فعبَّرتُ عن استيائي من سخريَّة الحياةِ بالبكاءِ، فما الذيْ تملكهُ طفلة ٌ لا يتعدّى عمرها الشهر؟
      غيرَ أنّ الأيَّام تكفّلتْ لاحقاً بأنْ تخفّف من حدّة بكائي، فيْ الرّوضة . .كنتُ كما أسلفتُ على النقيضِ تماماً ! طفلة ً هادئة للغايَة .. تحكيْ ملفَّاتي الدرَاسيَّة التيْ لا أزال أحتفظ بها أنّي كنت طفلة ً عادية ً للغاية . .
      وإليكُم بعضاً من العلاماتِ التيْ حصدتُها والتيْ أثَارت استغرابيْ:
      - التفاعل في أنشطة اللعب والرياضة (جيد)
      - التواصل مع بقية الأطفال (جيد)
      - مستوى استخدام عبارات الشكر والثناء مثل (شكرا لك) وإلقاء التحية (متوسط)
      - الإلمام بأن الله هو خالق الدنيا (مقبول)
      - القدرة على التفريق بين الخالق والمخلوق (مقبول)
      - القدرة على الاستجابة مع الموسيقى وترديد الأغاني (ممتاز)



      اطلعتُ على هذهِ العلاماتِ مع إحدَى صديقاتيْ والتيْ سحبت كشف العلاماتِ من يديْ قائلة ً أنّها ستذهبُ لتصويرهِ وتبعثُ بنسخةٍ منهُ إلى فلانة الفلاني . . مسمية ً كاتبة ً اعتادتْ على الحديثِ عنِّيْ باعتبَاري مصدَر قلقٍ على المستوَى الدينيِّ .. باعتبارِ أنّي وهيَ نختلفُ حولَ تصنيف عددٍ من الشخصيَّات التاريخيَّة الدينيَّة التيْ ظلّ المؤرخُون يلعنونها إلى يومنا إضافة ً إلى أفكارٍ معيَّنةٍ أناديْ بها على المستوَى الدينيّ وترفضها هيَ ..
      قالتْ لي صديقتيْ: يعنيْ من وانتِ صغيرة أفكارك مبيّنة أيّتها المغضوب عليكِ .. سأنسخُ الملفّ لعلّي أكسبُ شيئاً من المالِ بتسريبيْ هذا الملفّ أو لعلّي أبتزكِ عبرهُ ..
      قلتُ لها: خذيهِ . . فوالله ليس لي في هذهِ الحياةِ سوَى قولِ الجاحظ: عجبتُ من حالِ الدنيَا ! كلّما أرادُوا بي شراً أصابني من ورائهِ الخير الكثير وكلّما أرادوا خيراً أصابنيْ من ورائه الشرّ الكثير ! وما ذلكَ إلا لتقلبِ الدنيَا فلا تؤمنُ على مخلوقٍ قطّ





      * * * * * *

      اسميْ عائشَة. . كانَ من الممكنِ اليَوم أن أكونَ خرسَاء ! هلْ يا ترَى كانَ جدّي يعرفُ أنّ حفيدتهُ ستتعلّق بالشعرِ وتحترفُ إلقاءَه ربّما أكثَر من كتابتهِ؟
      حدثَ ذلكَ منذ بداياتِ دراستيْ الأولى .. في مدرستيْ ، بدأتُ منذ الصفّ الثاني الابتدائيّ كملقيةٍ في الإذاعَة المدرسيَّة..
      في تلكَ الأيَّام .. كنتُ أحبّ تقليدَ طريقَة إلقاء الشيخِ أحمَد الخليليّ .. وكانَ ذلك مصدرَ إعجاب الجميع .. ولعلّي لم أكنِ الوحِيدَة.. لكنْ لحداثَة سنّي ومواظبتيْ على التدرّب على طريقةِ إلقائهِ كنتُ الأسرع في الوصولِ إلى منصّة الإذاعة .. حيثُ كان صوتيْ يصدحُ يوماً بعدَ يومٍ في أرجاءِ الإذاعة ..
      كانتْ مديرتيْ مغربيَّة.. وفطنتْ إلى مستوَاي الجيّد في الإلقاءِ فعهدتْ بيْ إلى أستاذينِ عراقيينِ معلّمة ٌ اسمها نعمَة في نفسِ مدرستيْ وآخر اسمهُ جبَّار ولكنهُ كان يدرّس في مدرسةِ البنين التيْ كانتْ تداوم في التوقيتِ المسائيّ بعد مدرستيْ ..
      والحقيقَة أنّه لا يوجَد شعبٌ كالعراقيينَ أقدر في إلقاءِ القصَائد منهُم .. وقدْ وقفُوا بجانبيْ وواظبُوا على تدريبي الدّائم يوماً بعد يَوم .. كانا عامانِ فقط.. إلا أنّهما صنعَا فارقاً كبيراً في مستوَاي الإلقائيّ على مستوَى الشّعر .. وقرّبني الإلقاءُ إلى الشّعر وبدأت معانيهِ تنحدرُ إليَّ بسلاسَة ..
      في الصفِّ الخامسِ الابتدائيّ بدأت محاولاتي الشعريَّة الأولى .. بدايَة ساذجَة قليلاً لكنّها جديرَةٌ بالنّشر .. أوّل ما كتبتهُ هيَ أبياتٌ مكسُورةٌ في مدحِ قبيلتيْ .. أوّل ما كتبتها حملتُها إلى والدي الذي أعرفُ حبَّه للغَةِ عامة ً .. وأسمعتُه إيَّاها: فما كانَ منهُ سوَى أن نهرنيْ .. قائلاً: ما أهلكَ الناسَ إلا التغنّي بأمجادٍ لا يدَ لهُم فيها.. فما فخركِ فيْ أصلٍ لم تصنعِيه بيدك وإنّما قدّركِ اللهُ عليهِ وشاءَ أن تكُونيْ بهِ بلا حولٍ منكِ ولا قوَّة .. كانتْ مرّة ً وحيدَةً .. الأولَى والأخيرَة التيْ أسمِعُ فيها والديْ ما كتبتُ ..
      منذ ذلك الحين وبعد قرابَة الخمسَة عشرَ عاماً هوَ ما يفصلنيْ عن ذلكَ الوقتِ .. لم يسمَعْ والديْ بأذنهِ بيتاً من الشّعر من فمِيْ ..
      لقدْ خُلِقَتْ داخليْ رهبة ٌ كبيرَة . . ستكرِّسُ لها الأعوَام ، وسآتيْ على ذِكرهَا في القادمِ القريب ..




      * * * * * * *




      اسميْ عائشَة .. ولِدتُ منذ قرَابة اثنين وعشرينَ عاماً .. وما بينَهما تغيَّرت الكثير من المفاهِيم.. اندحَرت قناعاتيْ ووُلِدَتْ قنَاعات وتبنَّيتُ الكثير من المفاهِيم وبدّلتها كما يبدّل كلٌ منّا قميصهُ !
      سأخبركمْ في الحلقةِ القادمَة .. عن عائشَة ، والمدرسَة ، والجبل ، والدرَاجة الهوَائيَّة !




      المصدر : عائشَة السيفي


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions
    • مقاله عن الماده
      حياة صعبة تحياها فئه من الناس من هم تستهويهم المادة ..
      فأصبح فيها كل شئ مجرد بضائع قابله للبيع والشراء ..
      حتى أصبحت الضمائر تشتري بالمادة ..
      وتحولت القلوب اللينة إلى قلوب مليئة بالقسوة ..
      حياة أصبح الكل فيها ينادي لا للمودة .. لاللصداقة .. لا للإخلاص ..
      وتصرخ فيها الضمائر نعم في حدود المصلحة ..
      أصبح الناس شغلهم الشاغل جمع النقود..
      انت الغلا كله وانت نظر عينــي ... واللي تبي شله بس لا تخلينـي
    • والكل ينادي بموت المشاعر ..
      فلا بد لك أخي من أحياء الضمائر الميتة وبث فيها الروح..
      فيا اخي انتبه الآن قبل أن تنتبه وانت لا حول لك ولاقوة ..
      فأي معنى للحياة عندما قتصر على جانب واحد هو جانب المادة..
      فيايها اللاهث وراء المال انتبه فالناس لا يمكن ان تعدك من بين الأحياء ..
      بل انت ميت لا تجد من يدفنك ..
      وقد تظل جثتك جثة منسية لا قيمة لها ..
      انت الغلا كله وانت نظر عينــي ... واللي تبي شله بس لا تخلينـي
    • عائشة السيفية من الأسماء التي لفتت انتباهي مذ كنت جامعية
      أحب القراءة لها كثيراً فهي تعكس مابداخلها بأسلوب واقعي شفاف ممزوج بشيء من الطرافة
      لديها طريقة في الكتابة تجبر القارئ متابعتها للنهاية
      كقارئة عمانية أشعر بالفخر وأنا اقرأ لكاتبة عمانية لديها هذا القلم الراقي في التعبيرعن النفس ، المجتمع ... الخ
      تمنياتي لها بالتوفيق والنجاح$$9