"زينات".. الفن أخذها لحما ورماها عظما أخبار الشبيبة

    • "زينات".. الفن أخذها لحما ورماها عظما أخبار الشبيبة

      القاهرة - وكالة الصحافة العربية

      إذا ذبلت الورود فإن رائحتها تظل باقية، تحتفظ بعطرها القديم، لتذكرنا بالبستان الذي خطفت ألوانه القلوب. وهكذا أنجبت الأرض الفنية في الماضي باقة من المضحكين الذين رسموا على وجوهنا ابتسامات تتجدد كلما تجددت رؤيتهم في أعمالهم التي صنعوا من خلالها نظرية "الضحك مستمر حتى بعد رحيلنا" في ماضٍ كان الفن فيه من أجل الفن، فتلألأت فيه كوكبة من نجوم ورثت سماء الضحك ولم تبق سنتيمترا واحدا للمدعّين الجدد الذين يسعون إلى نزع الضحكة من الفم، فشوهوا صورة الفنان الساخر بتقديم إفيهات استهلاكية في حاضر أصبح يقاس فيه النجم بما يحصل عليه من مال.

      وتكريما لهؤلاء الذين أسعدونا بموهبتهم الكبيرة، قررنا أن نفتش في وجوههم، نتتبع دموعهم التي حبسوها في قلوب تنشع ألما بسبب حياة أخذت منهم الكثير، في الوقت الذي أصروا فيه على تقديم فنهم الراقي النبيل.

      إنهم "الضاحكون الباكون" الذين يستحقون أن نستمع لأنينهم ولو للحظات مثلما أضحكونا في كل الأوقات. بنت من بنات بحري .. برعت في الغناء فعملت راقصة رقصت فأصبحت ممثلة، مثلت "غادة الكاميليا" فصارت أشهر خادمة، لم يضحك أحد من القلب مثلما ضحك الجمهور العربي على "زينات صدقي" التي لم تتصنع في أدائها فلم يشعر أحد يوما بأنها تمثل .

      تنطلق كلماتها كالرصاص في وجه من يقف أمامها ورغم بساطة دورها، فإنها كانت في كل عمل بطلة من طراز خاص قد تكون الخادمة أو العانس أو صاحبة المنزل أو الأم إلا أنها البطلة الحقيقية. بقيت "زينات" متربعة على عرش نجمات الكوميديا بجوار الفنانة العظيمة "ماري منيب" . لم تبلغ أي كوميديانة مهما بلغت من النجاح مثل "زينات صدقي" أو "ماري منيب" .. ولكن لماذا بقيت زينات دون غيرها؟! هذا ما سنحاول معرفته . امتلكت "زينات" ملكات صنعت منها هذه الفنانة المحبوبة وتأتي في مقدمتها المعاناة التي ذاقتها منذ طفولتها حتى أصبحت فنانة لها جمهورها فدائما ما ينبع النجاح من قمة المأساة كما أن عدم إتمامها لدراستها ومكوثها بالمنزل أتاح لها التشبع من الحكايات الشعبية وعادات وأقوال الطبقة الشعبية حتى أكسبها اختلاطها بها سلاطة اللسان. بما احتوته من قاموس خاص بها انفردت به عن أقرانها ولا يستطيع أحد أن ينافسها في سرعته، أما العامل الأهم في نجاح "زينات" فهو خفة ظلها وسرعة بديهتها التي لا تضاهيها أية فنانة.

      ** تقليعات غريبة

      بجانب تلك الخفة الربانية، أضافت "زينات" لشخصيتها ولمظهرها الخارجي العديد من اللمسات التي ساعدت على اكتمال صورتها الضاحكة فقد أدركت مبكراً أن جمال ملامحها قد يقف عائقاً أمام تقبل الجمهور لها كفنانة كوميدية ومن هنا استطاعت بذكاء أن تبتكر طريقة تساعدها على تقديم الكوميديا بشكل مباشر دون المحاولة للالتفات لملامحها الجميلة فلجأت للملابس والإكسسوارات الغريبة، فمن منا ينسى فساتين زفافها التي ارتدتها في أعمالها السينمائية، وكذلك فساتين السهرات التي كانت ترتديها في المناسبات والأفراح بما تحمله من تطريزات غريبة مميزة بالورود التي كانت تتحلى بها سواء في قبعتها أو تربطها على يديها ولكن ما لا يمكن أن ننساه هو شكل قبعتها التي كانت تربي بها الكتاكيت والأرانب أو بأشكالها الغريبة، وما تحمله من ريش في كثير من الأحيان، لاشك أن الإضافات التي كانت تحرص عليها "زينات" في شكلها هي ماركة مسجلة باسمها غير قابلة للتقليد بأية طريقة كانت، لأن المشاهد لن يقبلها من سواها. فهي نابعة من داخلها وليست مجرد رتوش لصنع مهرجة تثير الضحكات دون مغزى أو موضوع. لعبت الظروف دورها في إعلاء نجومية "زينات صدقي" فقد ظهرت "زينات" في وقت كانت هناك ندرة في الفنانات التي يمكن أن نطلق عليهن لقب السنيدة تلك الشخصية التي تلعب دوراً مهماً في حياة بطلة العمل فهي إما الأم أو الصديقة أو الخادمة أو العانس وبنت الحارة وهذه الأدوار كانت لها مساحة كبيرة في كل الأعمال السينمائية المقدمة في تلك الفترة وكانت "زينات" هي الفنانة المحببة لهذه الأدوار فساعدت على انتشارها وإيجاد مساحة من التنوع ما بين الشخصيات المختلفة، وإن كانت في مضمونها شيئا واحدا الأمر الذي ظلم العديد من الفنانين ومنهم "زينات" فإمكاناتها الفنية كانت بلا شك أكبر من تنويعه الأدوار التي قدمتها ولكنها كانت بحاجة إلى من يخرجها من تلك التيمة الثابتة ورغم ذلك فإنها قد استطاعت أن تحقق نجاحاً وتنوعاً خلال الدور نفسه حتى لا تقع في دائرة التكرار بدليل أنك تجدها في كل عمل لها مذاق ورونق مختلف .

      ** بنت الساحل

      نعود إلى البداية للفنانة "زينات صدقي" لنعرف أنها من مواليد العام 1913 لأسرة متوسطة الحال في حي "بحري" الشعبي بمدينة الإسكندرية تلك المدينة التي شكلت الكثير في شخصية "زينات" التي عاشت بين أحيائها الشعبية وبين طبقة الصيادين بهمومهم ومشاكلهم فكانت خير من عبر عن بنات السواحل وطريقة مشيتهن وملابسهن وطلاقة لسانهن . اسمها الأصلي "زينب محمد سعيد" .. وقد عاشت في جو أسرة متوسطة الحال تعاني في ظل ظروف الحرب والاقتصاد والأزمة المالية التي كانت تجتاح العالم، التحقت بالمدرسة الابتدائية، إلا أنها لم تمكث بها سوى عامين فقط شأنها شأن معظم الأسر في تلك الفترة التاريخية بسبب رفضها لتعليم البنات، واعتقادها بأنهن لا يصلحن إلا للزواج وبناء الأسرة فقط، وهو المصير نفسه الذي انتظرته "زينات" فجلست في منزل والدها في انتظار العريس القادم لكنها لم تمكث كثيراً في انتظاره بل سرعان ما تزوجت بطبيب وهي في سن الخامسة عشرة من عمرها ولكن للأسف لم يستمر زواجها أكثر من أحد عشر شهراً نتيجة سوء معاملته لها حتى إنها كانت تشبّه تلك الفترة من حياتها بأنه كانت خلالها أشبه بتلميذة تعيش بمدرسة داخلية ناظرها الزوج.

      ** الراقصة الفاتنة

      ولم تكد تفيق من صدمة الطلاق حتى عاجلها القدر بلطمة أخرى خطف على إثرها والدها الذي كان عطوفاً عليها ورحيما بها فوجدت نفسها كمن ركب سفينة أشرفت على الغرق في وسط البحر وهو لا يعرف السباحة، وكادت أن تغرق في دوامة الحياة، لكن لجمال صوتها الذي اشتهرت به بين جيرانها قررت أن تحترف الغناء حتى لا تصبح عبئاً على والدتها، وبالفعل احترفت الغناء في ملاهي مدينة الإسكندرية ولكنها سرعان ما أدركت أن العمل بالإسكندرية لن يشبع طموحها الفني وهنا قررت السفر إلى القاهرة مدينة الفن والملاهي والزحام حيث لا يعرفها أحد حتى لا تتسبب في إحراج أحد من أفراد عائلتها بسبب تلك المهنة ولم تغادر "زينات" الإسكندرية بمفردها بل بصحبة إحدى صديقاتها وتدعى "خيرية صدقي" والتي اصطحبتها إلى كازينو "بديعة مصابني" في شارع عماد الدين والذي كانت تعمل به في ذلك الوقت كوكبة من نجوم الغناء أمثال: إبراهيم حمودة وفتحية أحمد، وأسمهان ورجاء عبده ومن الراقصات تحية كاريوكا وأميرة أمير وسامية جمال . وحين التقت بديعة طلبت أن تعمل بفرقتها كمطربة، إلا أن بديعة بنظرتها الفاحصة أدركت جمال "زينات" الأخاذ فأصرت أن تلحقها بالعمل كراقصة وليس كمطربة ورغم إلحاح "زينات" بطلب الغناء فإنها لم تجد مفراً من الموافقة، فقد كانت بحاجة ماسة للعمل وبالفعل وفرت بديعة السبل لتعليم "زينات" فنون الرقص التي أجادتها خلال أسبوع واحد من التدريب، لتخطر خطواتها الأولى كراقصة في شارع عماد الدين، إلا أن الجمهور لم يحسن استقبالها بسبب اخفائها لوجهها بسبب الخجل ولكن سرعان ما ذهب عنها الخجل لتظهر وجهها الحسن الذي دفع الجمهور للتجاوب معها، وليبرز اسمها في فرقة بديعة مصابني كراقصة، ويوضع اسمها على إعلانات الفرق تحت عنوان "الراقصة الفاتنة زينات صدقي"، إلى أن وصل أجرها إلى ستة عشر جنيهاً في الشهر الواحد، ورغم النجاح الذي حققته "زينات" مع فرقة بديعة مصابني إلا أنه كان بداخلها رفض دائم لم تقدمه لهذا فقد تمسكت بالفرصة حين لعبت الصدفة لعبتها في تعرفها على الريحاني .

      ** خادمة دلوعة

      وشاءت الظروف أن تذهب "زينات صدقي" إلى مسرح "الريحاني" لمقابلة إحدى صديقاتها، وحين شاهدها "الريحاني" بالصدفة أعجب بها وعرض عليها الانضمام لفرقته مقابل ثمانية جنيهات شهريا، وبالفعل وافقت "زينات" رغم الإغراء المادي الذي حاولت بديعة أن تمارسه عليها برفع راتبها إليى اثنين وثلاثين جنيهاً شهرياً، إلا أنها فضلت الانضمام لمسرح "الريحاني" والابتعاد عن الرقص الذي اضطرت لممارسته دون رغبة منها . كان مسرح "الريحاني" بالنسبة لـ"زينات" نقطة الانطلاق الحقيقية والتي بدأته خطوة خطوة حيث بدأت بتقديم أدوار بسيطة لا تتجاوز كلمة وكلمتين، إلى أن لعبت الأقدار لعبتها لتمنح لها الفرصة لإظهار موهبتها وذلك حين مرضت البطلة التي تقدم أهم أدوار الكوميديا ولم يكن الوقت يسمح بتدريب بديل فما كان من "زينات" إلا وأبلغت "الريحاني" بأنها تحفظ دور البطلة وكانت المفاجأة أنها قدمت الدور أفضل من الممثلة الأصلية، ومنذ ذلك اليوم أصبح وجود"زينات" في أي عمل تقدمه الفرقة شرطاً أساسياً بل أصبحت الأدوار تكتب لها خصيصا. يذكر أن أولى الأدوار التي قدمتها "زينات" بعد تجاوز أدوار الكومبارس كان في مسرحية "الجنيه المصري" حيث قدمت خلالها دور خادمة دلوعة وهو الدور الذي التصق بشخصيتها "زينات" سواء المسرحية أو السينمائية ولعب "الريحاني" دوراً مهماً في إلصاق تلك الشخصية بـ"زينات" وذلك حين انتبه إلى ملاءمتها لتلك الشخصية فأخذ ينميها ويدعمها من مسرحية إلى أخرى جنبا إلى جنب مع شخصية العانس التي تسعى بكل الطرق لاجتذاب رجل يقبل الزواج منها هذان الدوران لم تستطع "زينات" الفكاك من أسرهما سواء في المسرح أو السينما حتى أصبحت حكراً عليها وكانا السبب في ازدياد شعبيتها.

      ظلت "زينات" مرتبطة بفرقة "الريحاني" حتى رحيله العام 1949 وقد ساعدها هذا الاستقرار على أن تكون لها بصمتها المميزة بين فرقة "الريحاني" والفرق المسرحية الأخرى، والتي لم تكن تمانع في الاشتراك بها في الفترات التي تتوقف خلالها عروض الفرقة كفرقتي فاطمة رشدي ويوسف وهبي، كذلك انضمت "زينات" إلى فرقة "إسماعيل يس" بخاصة أنهما كانا يكونان "دويتو كوميدي" له مذاقه الخاص، إلا أنها خلال العام 1960 تركت فرقة إسماعيل يس لتنضم إلى فرقة "ساعة لقلبك"، ولكنها لم تستمر بها طويلا فلم تجد لنفسها مكاناً فيها . خلال مشوار "زينات" الفني قدمت حوالي مائة وخمسين مسرحية، ولكن للأسف لا نستطيع أن نرجع إليها لنعرف مدى التنوع الذي قدمته على خشبة المسرح، فلولا السينما لما استطعنا أن نعرف قدر هذه الفنانة وغيرها الكثيرين من عمالقة الجيل الأول من فناني الضحك .

      زينات والسينما كان من الطبيعي أن تلتفت السينما مبكراً إلى النموذج الشعبي الذي تقدمه "زينات" وانفردت به، وكان سبباً في تميزها عن الكثيرات من فنانات تلك الفترة، كما كان ندرة نجمات الكوميديا ذلك الوقت أحد أهم الأسباب في انتشار "زينات" سينمائيا حتى إنها أصبحت ماركة مسجلة في معظم أفلام فترتي الأربعينيات والخمسينيات . وقد بدأت "زينات" أولى أعمالها على شاشة السينما من خلال فيلم "الاتهام" العام 1934 من إخراج ماريو فولبي وإنتاج بهيجة حافظ، ولكن لم يكن دورها في ذلك الفيلم يمثل لها كثيراً حتى إنها كانت تسقطه من حساباتها ولا تعتبره بدايتها السينمائية، حيث اعتبرت بدايتها الحقيقية من خلال فيلم "بسلامته عاوز يتجوز" العام 1936 بطولة نجيب الريحاني وإخراج ألكسندر فاركاش، وفي العام 1937 قدمت فيلم "وراء الستار" للمخرج كمال سليم ثم تبعته بفيلمين العام 1938 بعنوان "بحبح باشا"، "وشيء من لا شيء" للتتعاقب بعد ذلك أفلامها والتي شهدت ذروتها في فترتي الأربعينيات والخمسينيات حتى بلغ رصيدها أكثر من 400 فيلم، ولعل من أشهرها أفلام: الستات ما يعرفوش يكدبو، ابن حميدو، بنات بحري، الآنسة ماما، دهب، القلب له أحكام، أيامنا الحلوة، شارع الحب، معبودة الجماهير، إسماعيل يس في البوليس، وفي الأسطول، وفي مستشفى المجانين، بنات حواء، وغيرها . إذا حاولنا حصر الشخصيات التي قدمتها "زينات" في السينما نجدها لا تتعدى الأربع شخصيات وهي الخادمة، الأم، و الحماة المتسلطة، والعانس وصاحبة العقار التي تؤجر لأبطال الفيلم . الخادمة وهو الدور الأشهر في أعمالها، فهي تحتل المرتبة الأولى لخادمات الشاشة الفضية وتأتي بعدها بمراحل عدة الفنانة "وداد حمدي" ولكن شهرة "زينات" لم تكن لأنها الخادمة بقدر ما كانت الصديقة المخلصة للبطلة والأقرب لها ومخزن أسرارها، ومن خلال هذا الدور كانت تضيف نكهة خاصة للفيلم، ساعد على انتشارها أن الخادمة كانت ولابد أن تكون في كل قصة لها دور لذا فقد أتاح دور الخادمة لـ"زينات" الانتشار والثبات على عرش الكوميديا .

      العانس: إذا ذكر لفظ العانس سرعان ما سوف نتذكر "ترتر" في فيلم "شارع الحب" و"حميدة" في فيلم "ابن حميدو" فلم تشهد السينما صورة للعانس أفضل وأطرف من الصورة التي قدمتها "زينات" في هذين الفيلمين بكل بساطتها وعفويتها وحركاتها وألفاظها ولهفتها المتدفقة على الزواج بمن تحب حتى تغدق عليه حبها وحنانها الذي يختفي وراء سلاطة لسانها.

      الحماة المتسلطة: تلك الشخصية التي برعت في تجسيدها بصفة خاصة مع الفنان "إسماعيل يس" في سلسلة الأفلام التي تحمل اسمه فهي دائما أم العروس التي لا ترضى بزوج ابنتها الذي تراه دائما لا يليق بابنتها سواء لفقره أو لوجود عريس آخر أكثر ثروة، مهما كانت به من عيوب في الوقت نفسه الذي نجد أن شخصية الأم هذه هي الشخصية القوية أما الأب فهو دائما نجده شخصية ضعيفة تتلاشى قوته أمام سطوة الأم ولعل فيلمي "إسماعيل يس في الأسطول وفي مستشفى المجانين" •• أفضل الأمثلة على ذلك.

      صاحبة المنزل: وهي الشخصية التي تكررت في عدد من أفلامها المهمة والتي تنقسم إلى نموذجين، إما نموذج صاحبة المنزل العانس والتي تطمع في الزواج من أحد سكان عقارها الأعزب كما في فيلم "شارع الحب" أما النموذج الآخر فهي صاحبة المنزل التي تستطيع أن تقول عنها إنها أم للشاب الساكن لديها كما في "أيامنا الحلوة" و"معبودة الجماهير" .

      ** ملكة الضحك الحزينة

      المتتبع لحياة "زينات" الشخصية يلمس المآسي والمعاناة التي عاشتها ملكة الضحك التي أضحكت الملايين ولكنها لم تجد من يرسم ولو ابتسامة صغيرة على وجهها أو يمسح دمعة من عينيها في أواخر أيامها، فما عاشته من معاناة في ظل ظروف معيشية صعبة سواء في كنف والديها أم بعد طلاقها وعدم توفيقها في تكوين أسرة، إلى اشتغالها بالفن، والمحاولة مرة أخرى والزواج من فنان وموسيقي وهو الفنان إبراهيم فوزي زميلها بفرقة الريحاني، لتفشل أيضا في هذا الزواج وبالتالي تفشل في تكوين أسرة فلا تجد من يهتم بها في أواخر أيامها ويخفف عنها معاناتها بسبب التجاهل الذي تعرضت له حين تقدمت بها السن، حتى انها كانت تردد دائما مقولة إن الفن أخذها لحماً وتركها عظماً فبعد أن أعطاها الكثيرون ظهورهم مع بدايات فترة الستينيات فجعلها تشعر بأن ذلك الزمن أصبح غير زمانها بخاصة بعد تجاهلها كل القائمين على المجالات الفنية سواء المسرحية أو السينمائية أو حتى وسائل الإعلام عن وجودها، لتظل حوالي خمسة عشر عاماً بعيدة عن الأضواء ولم تظهر فيها، إلا حين كرمها الرئيس الراحل السادات في عيد الفن العام 1976 ومنحها معاشا استثنائيا لتواجه به المشاق التي تعرضت لها خلال سنوات الأخيرة، والتي جعلتها تبيع أثاث منزلها قطعة قطعة من أجل لقمة العيش لتظل على هذه الحال تواجه شظف العيش في ظل أمراض الشيخوخة التي لحقتها حتى وفاتها في التاسع عشر من مارس العام 1978 عن عمر يناهز الـ 57 عاماً بعد مرض استمر ثلاثة أشهر بعد إصابتها بماء على الرئة بالإضافة إلى هبوط في القلب أدى إلي الوفاة.

      ومن الطرائف في حياة "زينات صدقي" أنها كانت إنسانة شديدة الوسوسة والتحفظ، فقد كانت تحمل في يدها حقيبة كبيرة مليئة بالأدوية والمطهرات فإذا سلمت على صديق أو زميل سارعت بإخراج زجاجة الكولونيا من الحقيبة وأغرقت يديها لتطهيرها ومن الطريف أيضا في حياتها أنها ظلت محتفظة بالكثير من العادات والتقاليد عن أهلها مثل قراءة الفنجان وضرب الودع وفتح الكوتشينة. ورغم مرور سنوات وسنوات على رحيلها فإنها ستظل بخفة دمها الملكة الشعبية المتوجة على عرش الكوميديا العربية بضحكاتها ورنين صوتها المميز وملابسها وسلاطة لسانها.


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions